بين ساحات المحاكم، قضت سعاد ثابت، أو سيدة الكرم كما تعرف إعلاميًا، أربع سنوات بحثًا عن عدالة تدين اعتداء ذكور من قريتها عليها، وتجريدها من ملابسها على مرأى ومسمع من الجميع، بعد أن “اتهموا” نجلها بأنه على علاقة عاطفية بامرأة مسلمة متزوجة، من نفس القرية.
وبعد الأربع سنوات، صدر أمس الخميس، حكم ببراءة المتهمين، بعد تنحي القاضي لاستشعاره الحرج في المرة الأولى، ثم أدين المتهمون، وحكم عليهم بالسجن عشر سنوات، قبل أن ينتهي السجال القضائي أخيرًا ببراءتهم، بما اعتبره البعض “تواطؤًا” من الشهود الذين استندت إليهم المحكمة، لنفيهم جميعًا الواقعة، ما قدم للمتهمين حكمًا بالبراءة.
من هي سيدة الكرم التي اعتذر لها الرئيس السيسي؟
قبل عدة سنوات، وتحديدًا في مايو 2016، شغلت قضية سيدة الكرم، سعاد ثابت، الرأي العام المصري، حتى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أشار في خطاب له إلى أن “الواقعة لن تمر”، ثم التقى بعدها بالأنباء مكاريوس، أسقف عام المنيا بصحبة البابا تواضروس، للتعرف عن قرب على طبيعة ما تشهده قرى المنيا من أحداث عنف متكررة ذات صلة بالطائفية.
كان عدد من أهالي قرية الكرم بمركز أبو قرقاص جنوب المنيا، هاجموا منزل السيدة سعاد ثابت، وأشعلوا النيران فيه، واعتدوا على ثابت وعرّوها. غير أن زوجها، دانيال عطية، بلغ عن الاعتداء على المنزل ولم يبلغ عن الاعتداء على زوجته التي خافت من “الفضيحة”، فتأخرت عن الإبلاغ عما حدث لها خمسة أيام.
اقرأ أيضًا: بعد 4 سنوات.. مطالب بضبط متهمي “سيدة الكرم” والمحكمة تتنحى
وبحسب تصريحات تلفزيونية سابقة لإسماعيل سيد، محامي المتهمين، فإن انتفاء تهمة تعرية سيدة الكرم، كان بسبب عدم إثبات حدوث كدمات بجسدها كنتيجة عن الجر والتعرية. غير أن إيهاب رمزي، محامي سعاد ثابت، أكّد أن موكلته أقرت للنيابة، مرتين، بتعرضها لجريمة هتك عرض، في بلاغ قدمته يوم 25 مايو 2016.
وبدأت القصة عندما انتشرت شائعة في قرية الكرم جنوب المنيا، بأن أشرف دانيال عطية، نجل سعاد ثابت، على علاقة عاطفية بامرأة مسلمة، فتجمع عشرات من مسلمي القرية، وأحرقوا منزل ثابت وعدد آخر من منازل أسر مسيحية بالقرية. وأصيب في هذه الاعتداءات ثلاثة أشخاص، إضافة إلى ما أصاب سعاد ثابت، حيث جردت من ملابسها أمام منزلها.
المصريون الأقباط.. عودة لمربع المظالم
وفي حين برئ المتهمون بالاعتداء على سيدة الكرم وتجريدها من ملابسها، لا تزال محكمة جنايات المنيا تنظر في قضية حرق المنازل. وكان المتهمون في قضية حرق المنازل، وهم 24 شخصًا، قد صدر بحقهم حكم غيابي بالسجن المؤبد، لكنهم تقدموا بطلب لإعادة الإجراءات.
وتعيد هذه القضية برمتها، وبعد الحكم ببراءة المتهمين بالاعتداء على ثابت؛ المصريين الأقباط إلى مربع المظالم، حيث سنوات طويلة، خاصة في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، لم يصدر خلالها حكم قضائي بإدانة أي من الاعتداءات على الكنائس أو ممتلكات مصريين أقباط، فيما درجت وسائل إعلام بوصف المعتدين بـ”المضطربين عقليًا”.
وفي حين شهدت السنوات الأخيرة، بداية من أول فترة رئاسية للسيسي، أحكامًا قضائية حاسمة بحق معتدين على مواطنين مسيحيين، أبرزها الحكم بالإعدام على قاتل القس في مدينة السلام؛ فإن الحكم بالبراءة على المتهمين بالاعتداء على سعاد ثابت، قد يعيد فتح هوة من الماضي كانت قد التأمت بعض الشيء.