قبل مباراة إشبيلية يوم 5 ديسمبر الجاري في الجولة الـ12 من الدوري الإسباني، كان ريال مدريد في وضع يرثى له باحتلاله المركز السادس في ترتيب الليجا. أيضًا لم يكن يضمن مركز مؤهل لثمن نهائي دوري أبطال أوروبا في مجموعته. وكان يواجه شبح الخروج والذهاب للدوري الأوروبي؛ البطولة الأصغر.
كذلك كان الفرنسي زين الدين زيدان مدرب الميرنجي على أعتاب الإقالة في حال الخسارة من إشبيلية. لكن تغيير في كل شيء بين ليلة وضحاها في النادي الأبيض الشهير، بانطلاقة تصحيح رائعة وتحقيق 4 انتصارات متتالية بكل المسابقات والأداء المقنع بدل المعادلة تمامًا.
الانتصارات الأخيرة جعلت الفريق يتصدر مجموعته، ويصعد أول في دوري الأبطال بشكل غريب لكل المتابعين. كذلك تصدره الليجا ثانية بالتساوي مع ريال سوسيداد، بـ26 نقطة لكل فريق، بطريقة أذهلت كل المتابعين. حينها، خرج زيزو بجبين عال بعد فترة كاحلة الظلام عليه وعلى الملكي. الأمر الذي جعل الجميع يعود للسؤال الدائم: هل زيدان مدرب محظوظ والتوفيق يسانده دائمًا؟ فيما يطلق عليه جمهور مواقع التواصل مصطلح “مسبحة زيدان”. أم أنه قوي يعمل بشكل خاص على الجانب الفني والنفسي مع لاعبيه، ويظهر نتيجة ذلك في أحرج اللحظات فيخرج فائزًا؟
إقالة تتبع خسارة إشبيلية
ليس من السهل ذهنيًا على مدرب فريق كبير مثل ريال مدريد، أن يتعرض لكل هذه الضغوط التي تصل لتحديد البديل له، والتلويح بالإقالة حال الخسارة من إشبيلية خارج ملعبه. وهو لقاء صعب أمام منافس ثقيل بطلاً للدوري الأوروبي الصيف الماضي.
مثل هكذا لقاء، أن تخرج منه سالمًا بدون أي خسائر وتعود فائزًا بهدف نظيف أمر يزيل كل الشكوك والانتقادات والضغوط برحيل زيزو في فترة عصيبة للغاية. وأيضًا أمر يثبت مدى قوة الجانب الذهني للنجم الكبير سابقًا والمدرب الرائع حاليًا مع اللوس بلانكوس.
الأول المثير في مجموعته بدوري الأبطال
بعد أن ارتاح قليلاً من ضغوط الإقالة والرحيل وتركيز عدسات الإعلام عليه بالفوز على إشبيلية. كانت لدى زيدان مأمورية أكثر صعوبة، الفشل بها كان سيطيح بالملكي -أكثر الأندية فوزًا بدوري أبطال أوروبا برصيد 13 مرة- البطولة المحببة لجماهيره ولاعبيه على حد سواء. وهو أمر يمثل كارثة كروية بكل المقاييس للفريق الأبيض العريق، ويضع شبح الاستقالة مرة أخرى أمام أعين زيزو، المهدد بغضب جماهير لا ترضى بغير الانتصارات والفوز بكل المباريات.
أتي التحدي الثاني الصعب بعد حوالي 72 ساعة فقط من عنق زجاجة مباراة إشبيلية، بمواجهة أمام روسيا مونشنجلادباخ الألماني المتصدر مجموعة الريال. لكن الملكي تحت قيادة زيدان حقق فوزًا هو الأغلى في تاريخ مدربه -على ما يبدو- بهدفين نظيفين. وذلك بالتزامن مع تعادل شاختار الأوكراني في التوقيت نفسه مع إنتر ميلان. الأمر الذي جعل الملكي متصدرًا مجموعته بشكل أدهش كل المتابعين. كيف بعد كل هذا التراجع والسقوط والضغوطات يعود الملكي وزيدان من بعيد بهذا الشكل الدرامي؟ نجح الفرنسي الجزائري الأصل بشكل مذهل في ثاني اختباراته القوية خلال فترته القصيرة والعصيبة للغاية.
انتصارات متتالية وتصدر الدوري
بعد الاستفاقة العظيمة التي حققها الملكي في مباراتي إشبيلية وجلادباخ، هدأت حدة الانتقادات كثيرًا بالصحافة. وكذلك دعمت الجماهير والإدارة المدرب والفريق، لتعود الأمور لنصابها شيئًا فشيئًا. وذلك في ظل معنويات متصاعدة للاعبين الذين تجاوزا محنتهم.
دخل الريال تحديًا آخر كبيرًا، تمثل في لقاء الديربي أمام جاره العنيد أتلتيكو مدريد -متصدر ترتيب الدوري الإسباني- اختبار جديد لإثبات أن زيزو وفريقه قادرون فنيًا على الظهور بشكل جيد، وأن الفترة الماضية المتراجعة كانت لظروف خاصة وسوء توفيق. وهو أمر ولى حدوثه.
بالفعل، كان ذلك واضحًا بتحقيق الريال الفوز على غريمه وجاره اللدود الروخي بلانكوس بهدفين نظيفين. حيث لم يكتف رجال زيزو بالنتيجة وقدموا مباراة كبيرة بأداء عظيم. بينما لم يظهر المنافس بالشكل المطلوب على الإطلاق.
استعاد زيدان ولاعبوه الثقة في أنفسهم ودعم جماهيرهم والإدارة والإعلام من جديد بعد تلك المباراة. وكأن ما حدث من قبل جزء من الماضي المنسي، ومجرد زوبعة في فنجان كما يقول المثل الدارج.
بعد ذلك، كان زيزو ورفاقه مع موعد لتحقيق الانتصار الرابع على التوالي في فترة وجيزة للغاية. وذلك في مباراة واجهوا فيها خصم صعب هو أتلتيك بلباو، على ملعبه. أيضًا فاز الملكي وبثلاثة أهداف لهدف وحيد. وذلك في وقت لعب الخصم بعشرة لاعبين منذ الشوط الأول. وتصدى حارس الريال كورتوا لكرة التعادل في الوقت القاتل، والتي ارتدت بالهدف الثالث للملكي عن طريق بنزيما. ليمر زيزو وفريقه مجددًا من منحنى صعب بكل نجاح وجدارة، ويتصدر الدوري بالتساوي في عدد النقاط مع سوسيداد بـ26 نقطة لكل فريق.
الحظ أم الأداء؟
صحيفة “ماركا” الإسبانية ذائعة الصيت طرحت سؤالاً واضحًا بعد خروج الريال وزيدان من تلك الفترة الحرجة بكل ذلك النجاح و4 انتصارات متتالية. هل الحظ وقف إلى جانب زيدان ثانية وفريقه أم ما حدث نتيجة عمل شاق على المستوى الفني والذهني والنفسي للاعبين؟ خاصة وأن الحظ يذهب لمن يعمل بشكل مضني في النهاية؟.
قبل الإجابة عن ذلك السؤال، أكدت “ماركا” أن زيزو بريء من كل التهم التي تجعله يحمل كل الفشل بالنادي بالفترة الأخيرة، من عدم دعم الإدارة الفريق بلاعبين جدد وصفقات مميزة، بل وتركت نجوم مثل بيل وخاميس ترحل دون تعويضهما بالميركاتو.
بل ذلك وضع زيدان في محنة جعلته يكمل الموسم الجديد باللاعبين المتاحين بالقائمة، الذين كبروا في السن معظمهم وتشبعوا من البطولات والانتصارات ولم يعد لديهم ما يقدموه ثانية بالإضافة لشبح الإصابات لنجوم الفريق مثل الصفقة الجديدة إيدين هازارد وسيرخيو راموس.
إجابات كثيرة وصلت للصحيفة الإسبانية على سؤالها ذلك، ووصلت نسبة التصويت الأكبر لصالح المدرب وعمله الواضح مع لاعبيه خاصة من الجانب الذهني وإظهارهم لمعدنهم الأصيل وشخصية البطل في تلك الفترة الحرجة، كذلك رأى قطاع كبير من المشاركين بهذا التساؤل أو شبه الاستفتاء أن زيزو مدرب محظوظ كذلك ولكن إذا كان لا يعمل ويجتهد ولديه نوايا حسنة فيما يخص الانتصارات دائمًا مع فريقه وبثه لروح الفوز والقتالية في نفوس لاعبيه خاصة الشباب منهم، لم يكن يقف الحظ والتوفيق بجانيه.
إذًا هي معادلة صعبة وجاءت النتيجة النهائي بأن عمل المدرب الفرنسي الكبير بجانب الحظ الذي يلازمه، كانتا السبب في نجاحاته الماضية وخروجه من الأزمات بجبين ناصع دائمًا، لأن الحكمة الأساسية تقول بأن الحظ يذهب لمن يستحق ومن تعب وعمل بجد، يجد نجاح في النهاية رغم أي صعوبات أو عراقيل قد تواجه في منتصف رحلته تلك.