بنسبة انتشار تصل إلى 70% أسرع من السلالات القديمة، ظهرت في بريطانيا مؤخرًا سلالة جديدة من فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). الأمر الذي دفع بالعديد من بلدان العالم إلى دخول مرحلة جديدة من حالة الطوارئ. وأعلن تشديد الإجراءات في مواجهة الجائحة التي أصابت 76 مليونًا و871 ألفًا و762 شخصًا حول العالم. بينما أنهت حياة أكثر من مليون ونصف المليون شخص. وفق آخر إحصاءات لجامعة “جونز هوبكنز” الأمريكية، مسجلة صباح اليوم الإثنين.

ما نعرفه عن السلالة الجديدة

علميًا، من “الشائع جدًا” أن تتحور الفيروسات. فعندما تحدث العدوى، يدخل الفيروس إلى داخل الخلايا ويسيطر عليها. ثم يعد نسخًا أكثر من نفسه للتكاثر. وفي كل مرة يفعل ذلك، يتم صنع مجموعة جديدة من المواد الجينية لكل فيروس جديد، كما يوضح سايمون كلارك، الأستاذ المساعد في علم الأحياء الدقيقة الخلوية بجامعة ريدينج بالمملكة المتحدة.

أما فيما يتعلق بالسلالة الجديدة، فإن أبرز ما لاحظه العلماء أن الفيروس قد اكتسب سرعة انتشار أكبر. لكنه لا يوجد دليل إلى الآن على أن السلالة الجديدة أقوى في أعراض المرض أو الوفاة. وذلك حسبما أشار كريس ويتي، كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا، الذي لفت إلى أنه لا دليل أيضًا على أن هذه السلالة تؤثر على اللقاحات والعلاجات.

مصر تقر بإصابات تفوق المعلن وترجح انتشار السلالة الجديدة

في مصر، أكد عضو اللجنة القومية لمواجهة كورونا، الدكتور محمد النادي، أن العدد الحقيقي للإصابات يفوق “عشرة أضعاف المُعلن” رسميًا. وأضاف في تصريحات تلفزيونية أن “لو أجرينا دراسة جينية لفيروس كورونا قد نجد السلالة الجديدة في مصر”. بينما حذَر من أن الفيروس سيكون أسرع انتشارًا في الفترة المقبلة. وقال إنه رُغم اتخاذ معدل الانتشار منحنى متصاعد إلا أن مضاعفاته ليست مختلفة عن ما حدث في الموجة الأولى.

وأشار الدكتور محمد النادي إلى أن مصر أتاحت موقعًا إلكترونيًا تابعًا لوزارة الصحة لبدء لتسجيل بيانات المواطنين الراغبين في الحصول على اللقاحات. وأوضح أن الأولوية لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والمقاتلين.

وأشار الدكتور محمد النادي إلى أن مصر أتاحت موقعًا إلكترونيًا تابعًا لوزارة الصحة لبدء لتسجيل بيانات المواطنين الراغبين في الحصول على اللقاحات. وأوضح أن الأولوية لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والمقاتلين.

إجراءات مصرية لمواجهة تزايد الإصابات والسلالة الجديدة

تصريحات النادي جاءت مفسرة لتزايد حالات كورونا المسجلة في مصر مؤخرًا. إذ وصلت الإصابات حتى يوم أمس إلى 125 ألفًا و555 إصابة، بينها 106 آلاف و817 حالة تماثلت للشفاء، و7 آلاف و98 حالة وفاة. وذلك بنسب إصابة يومية تتخطى 600 حالة.

هذا الأمر دفع بوزارة الصحة المصرية إلى تحويل نحو 30 مستشفى في القاهرة، إلى عزل لحالات كورونا. بينما عقدت الوزيرة الدكتورة هالة زايد، اجتماعًا مساء أمس، لمناقشة توفير مخزون استراتيجي من الغازات الطبية (الأكسجين) بالمستشفيات في جميع المحافظات. ووجهت أيضًا بتدريب الأطقم الطبية على كيفية التعامل مع أجهزة الأكسجين.

كما أعلنت وزارة التربية والتعليم عن قرارات جديدة في هذا الشأن. حيث تقرر رفع الغياب في الأيام المتبقية من الترم الأول -لمن يرغب في ذلك. مع استمرار فتح المدارس أمام الطلاب الراغبين في الحضور، واستمرار العمل بمجموعات التقوية.

كما قرر الوزير طارق شوقي استمرار الدراسة لمدة 3 أسابيع اعتبارًا من أمس الأحد. على أن تكون امتحانات الفصل الدراسي الأول لصفوف النقل بدءًا من يوم الأحد 10 يناير المقبل وحتى نهاية الفصل الدراسي الأول. وذلك لإتاحة مساحة كافية لإعداد جداول امتحانية تتناسب مع تطبيق الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي المفروض محليًا.

وتستعد وزارة الصحة لبدء برنامج التطعيم بلقاح كورونا. والذي تقرر له منتصف الأسبوع المقبل، وفق ما صرح به رئيس اللجنة العلمية المصرية لمكافحة كورونا، حسام حسني. وقد تقرر أن تكون الأولوية لفئات معينة. تشمل العاملين في خطوط الدفاع الأمامية بالقطاع الطبي، وكبار السن.

أيضًا قررت الكنائس الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية إلغاء كافة الاحتفالات والصلوات الخاصة بأسبوع الآلام وعيد القيامة. وذلك على ضوء ارتفاع معدلات الإصابة بـفيروس كورونا المستجد.

خروج عن السيطرة

أمس الأحد، أظهرت بيانات رسمية أن عدد إصابات “كوفيد-19” في بريطانيا سجلت قرابة 36 ألف حالة جديدة. وهو أعلى معدل ارتفاع يومي منذ بدء تفشي الوباء في المملكة. كما سجلت 326 وفاة. وهي أقل من حصيلة السبت، التي بلغت 534 وفاة، حسب ما ذكرت وكالة رويترز.

وقال المستشار العلمي للحكومة البريطانية باتريك فالانس: “قد تكون هذه السلالة ظهرت في منتصف سبتمبر في لندن أو كنت (جنوب شرق)”. بينما قال كريس ويتي كبير المسؤولين الطبيين بإنجلترا، في بيان: “نبهنا منظمة الصحة العالمية ونستمر في تحليل البيانات المتاحة لتحسين فهمنا”.

السلالة الجديدة تغلق المطارات مجددًا

الإعلان البريطاني الأخير بشأن كورونا دفع بالعديد من الدول إلى اتخاذ إجراءات فورية، تجنبها تكرار “سيناريو ووهان” الصينية. إذ أعلنت 14 دولة من الاتحاد الأوروبي توقيف الرحلات الجوية إلى المملكة المتحدة، بشكل مؤقت. وشملت تلك الدول فرنسا التي حظرت دخول جميع الوافدين من المملكة المتحدة لمدة 48 ساعة. وأيرلندا والحكومة الألمانية التي حظر الرحلات الجوية من بريطانيا. وكذلك جميع الرحلات باستثناء رحلات الشحن.

وحظرت هولندا الرحلات الجوية من المملكة المتحدة لبقية العام على الأقل. بينما أصدرت بلجيكا حظرًا على الطيران بدءًا من منتصف الليل. وأوقفت أيضًا رحلات القطارات إلى بريطانيا. وطبقت إيطاليا حظرًا للرحلات من وإلى بريطانيا. وطالبت إسبانيا دول الاتحاد الأوروبي، بالتوصل إلى “رد منسق” بشأن الرحلات مع المملكة المتحدة.

وعلى صعيد الدول العربية، أعلنت هيئة الطيران المدني الكويتية حظر رحلات الطيران القادمة من بريطانيا. وأدراجتها ضمن الدول ذات الخطورة العالية. كما أعلنت شركة “طيران الإمارات”، تعليق رحلاتها الجوية من وإلى السعودية. وذلك اعتبارًا من اليوم الإثنين وحتى إشعار آخر.

وقد فرضت السلالة الجديدة من الفيروس على بريطانيا عزلة تامة، تحاول دول العالم الحيلولة دون الدخول فيها، بإجراءات منع السفر من وإلى المملكة، التي ألغت خطط تخفيف القيود على الاختلاط في فترة أعياد الميلاد في أجزاء كبيرة من جنوب شرقي إنجلترا. بينما تعقد حكومتها اجتماع أزمة، اليوم الإثنين، لبحث إمدادات البلاد بعد قرار تعليق الرحلات.

اقرأ أيضًا: أكثر نقلاً للعدوى.. سلالة جديدة من “كورونا” تجتاح العاصمة الصينية

القلق يحتفل وحيدًا بالكريسماس

في إيطاليا، فُرض الإغلاق العام في جميع أنحاء البلد في معظم فترة أعياد الميلاد والسنة الجديدة. ووفق “بي بي سي” سيكون البلد ضمن فئة “اللون الأحمر” من إجراءات الحظر خلال الأعياد. إذ ستكون المحلات التجارية غير الأساسية والمطاعم والبارات مغلقة. وسيُسمح للإيطاليين بالسفر في حالات محدودة.

وفرضت كل من هولندا وألمانيا حالة الإغلاق حتى يناير. وستشهد أعياد الميلاد انفراجة طفيفة في ألمانيا، إذ سيكون بإمكان العائلة الواحدة استضافة أربعة اشخاص من أفراد العائلة المقربين. بينما ستدخل النمسا إغلاقها الثالث بعد أعياد الميلاد. وستغلق المتاجر غير الأساسية ابتداءً من 26 ديسمبر. وستفرض قيودًا على الحركة خارج المنازل.

وفي السويد، اقترحت السلطات ارتداء الكمامات في وسائل المواصلات خلال ساعات الازدحام، في تعديل للتعليمات السابقة. في وقت تفيد الأنباء الواردة من فرنسا بأن حالة الرئيس إيمانويل ماكرون مستقرة بعد تشخيص إصابته بفيروس كورونا. وما زال يعاني من بعض الأعراض كالسعال والإجهاد. لكنها لا تحول دون مزاولته أعماله، حسب بيان رسمي.

وفي سلوفاكيا، أعلن رئيس الوزراء، إيغور ماتوفيتش، الذي حضر مؤتمر قمة مع ماكرون الأسبوع الماضي إصابته بالفيروس الجمعة. وقال زعماء أوروبيون حضروا القمة إنهم سيلتزمون بالعزلة المنزلية.

وفي أستراليا، أعلنت مقاطعة نيو ساوث ويلز عن فرض قيود جديدة على لقاءات العائلات ومرافق الضيافة كالمطاعم والمقاهي في منطقة “سيدني الكبرى”، في محاولة للسيطرة على انتشار الفيروس. وطلب من المواطنين البقاء في المنازل.

وفي الولايات المتحدة اعترف الجنرال، غستاف بيرنا، المسؤول عن عملية توزيع اللقاح إن هناك مشاكل في توزيعه. إذ عبرت أكثر من 10 ولايات عن قلقها بسبب حصولها على كمية أقل من المتوقع.

فاعلية اللقاح مع السلالة الجديدة

أوضح الدكتور فايد عطية، الباحث في الفيروسات الطبية والمناعة بمدينة الأبحاث العلمية بمصر وكلية الطب جامعة شانتو بالصين، أن الفيروسات التي تحتوي على الحمض النووى المفرد RNA هي فيروسات أكثر تحورًا وتطورًا في جيناتها.

وأشار عطية، في تصريحات لـ”مصر 360″، إلى أن كورونا من الفيروسات التي تحتوي على الحمض النووي المفرد. وهو فيروس على درجة عالية من التحور الجيني، كما في فيروس H1N1 والإيدز وفيروس سي. وأضاف أن ميزة التحور في تلك الفيروسات يمنحها قوة الانتشار الواسع، وإحداث أكثر مقاومة للعلاج.

وعن فاعلية اللقاحات المطروحة، أوضح الدكتور فايد عطية، أن السلالات ليس بينها اختلافات كبيرة. لكنه أشار إلى أن علماء الفيروسات يصممون اللقاح من المنطقة الأكثر ثباتًا والتي لا تتغير. ما يفرض ضرورة دراسة اللقاحات الموجودة على السلالة الجديدة الحالية. لأنها مختلفة كثيرًا عن كل السلالات السابقة وأكثر مقاومة وحدة وانتشارًا، على حد قوله.

تطور لن يكون الأخير

كما أكد الدكتور فايد عطية أن السلالة الجديدة لن تكون الأخيرة. وأن التحورات الجينية متواصلة. ومن الممكن أن ينتج الفيروس أكثر من ألف سلالة جديدة قبل انتهاء الوباء. مشيرًا إلى أن هذا سيستدعي معه تطوير سنوي للقاح، حسب السلالات المنتشرة. وأنه من المرجح أن يكون التطعيم موسميًا أيضًا. وهي احتمالات كلها وارد.

لفت عطية أيضًا إلى بحث دنماركي أكد وجود أكثر من 30 سلالة للفيروس في يونيو الماضي. وأضاف: “لكننا نكاد نجزم بوجود أكثر من 100 سلالة تم رصدها على مستوى العالم خلال العام”. وذلك نظرًا لشدة التحورات الجينية.