ثلاثة أسهم فقط نجت من مقصلة الهبوط بالبورصة المصرية، الإثنين. والتي شهدت هبوطًا عنيفًا أفقد رأسمالها السوقي 26.5 مليار جنيه من قيمته. ما دفع مجلس إدارتها لاتخاذ قرار بوقف التداول مؤقتًا. وذلك للمرة الأولى منذ 9 أشهر.
تفاعلت البورصة المصرية بقوة مع الحديث عن ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا في لندن، وإعادة العديد من الدول فرض حظر السفر على مواطنيها. ما جنح بها نحو البيع العنيف، ليسجل المستثمرون الأجانب مبيعات إجمالية بقيمة 727.1 مليون جنيه، والعرب بقيمة 82.6 مليون جنيه، والمصريون بنحو 1.6 مليار جنيه.
نتج عن ذلك، هبوط مؤشر ” إيجي إكس 30″، الذي يقيس أداء أنشط ثلاثين شركة في السوق، بنسبة 2.83%، ليصل إلى مستوى 10581 نقطة. بينما هبط مؤشر الشركات المتوسطة والصغيرة “إيجي إكس 70” بنسبة 7.1%، ليصل إلى مستوى 1958 نقطة. وكذلك مؤشر “إيجي إكس 100″، بنسبة 6.67%، ليصل إلى مستوى 2852 نقطة.
كورونا تضرب البورصة مجددًا
هذا الهبوط الكبير يعزيه المحلل المالي نادي عزام إلى مخاوف كورونا. فيقول إنه لا يمكن عزله عن موجة هبوط انتابت بورصات العالم، خاصة منطقة الشرق الأوسط. وذلك بسبب مخاوف الموجة الثانية من كورنا وظهور سلالة جديدة ببريطانيا.
إذ انخفض مؤشر البورصة السعودية بنسبة 1.7 % ليسجل 8539 نقطة. وأيضًا هبط مؤشر بورصة أبوظبي بنسبة 0.8 % ليسجل 5073 نقطة. وسجلت بورصة دبي هبوطًا بنسبة 3.9 % إلى 2461 نقطة، وقطر بنسبة 0.4 % إلى 10540 نقطة، والبحرين بنسبة 0.3 % إلى 1493 نقطة. وتراجعت بورصة سلطنة عمان بنسبة 0.2 % لتسجل 3604 نقاط، والكويت بنسبة 0.9 % لتسجل 6122 نقطة.
لكن نادي عزام يعود ويؤكد أن البورصة المصرية عانت من قرار للرقابة المالية يتعلق بإجبار الشركات على وضع قائمة بالعملاء الحاصلين على “مارجن” (آلية الشراء بالهامش). مع احتمالية وجود عملاء لديهم حسابات “مارجن” كبيرة، تفوق الضمانة، ما يخالف لوائح سوق المال.
اقرأ أيضًا: طرح “الوطنية للبترول” بالبورصة.. الدولة تحرر اقتصادها وتلقي بالكرة إلى ملعب المستثمرين
وأجبر تراجع السيولة المالية منذ ظهور جائحة كورونا العملاء على اللجوء إلى “المارجن” لتمويل عمليات تداولهم فى السوق. إذ يتيح ذلك النظام للعميل شراء الورقة المالية بدفع جزء من قيمتها نقدًا، على أن يسدد الباقى بقرض من شركة السمسرة التي يتعامل معها. وذلك بضمان الأوراق محل الصفقة.
يقول عزام إن قرار الرقابة المالية دفع عملاء كثيرين إلى البيع من أجل الحصول على عائد مالي يتيح لهم تسديد مديونياتهم لشركات السمسرة. الأمر الذي ساهم في زيادة موجوة الهبوط التي شهدتها البورصة اليوم.
ويستطيع المضارب في البورصة المصرية الحصول على المارجن بفائدة لا تتجاوز 4% في تسعين يومًا فقد. ويتم ردها حال تحقيق أرباح من بيع الأسهم. لكن أداء السوق طوال العام الحالي وهبوطها بنسبة 24.21% حال دون تحقيق الكثيرين للأرباح المطلوبة.
يثير “المارجن” خلافًا بين المحليين، فالبعض يقول إنه آلية عالمية وحجمها بمصر محدود لا يتجاوز 10% من الأسواق العالمية. بينما يرى فريق آخر أن كثير من المستثمرين الأفراد بالبورصة لديهم قدر منخفض من ثقافة التعامل معها.
قرار في توقيت حساس
ويرى محللون أن توقيت قرار الرقابة المالية جاء في وقت صعب، فالأيام الأخيرة من كل عام تشهد دائمًا تخارجًا للمستثمرين الأجانب من أجل تسوية مراكزهم المالية قبل أعياد الميلاد. على أن يعودوا مجددًا مطلع العام الجديد.
وانخفضت 165 شركة تم التداول عليها بإجمالي 572.1 ألف سهم بقيمة 1.6 مليون جنيه. ولجأت إدارة البورصة لتعطيل الجلسة نصف ساعة مع منتصف التعاملات. وذلك بعد تسجيلها انخفاض بنسبة 5% للمرة الأولى منذ مارس 2020، حينما بدأ فيروس كورونا في الانتشار حول العالم.
ولم يرتفع في جلسة تداولات الإثنين سوى أسهم “أصول E.S.B. للوساطة في الأوراق المالية”، و”مصر للأسواق الحرة”، و”القاهرة للاستثمار والتنمية العقارية” بنسبة 9.87% و0.49% و0.14% على التوالي. وهي نسبة ارتفعت لأسباب تتعلق بالنشاط وليس سياق السوق بوجه عام، كتوزيعات أرباح على المساهمين أو إصدار صكوك.
وخالف هبوط السوق أمس توقعات خبراء باستفادة البورصة من الأخبار الإيجابية الخاصة بعزم جهاز الخدمة الوطنية طرح شركتي “الوطنية للبترول” و”صافي للمياه المعدنية”، إلى جانب تأكيد هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال، لوكالة بلومبرج، على تجهيز 5 شركات حكومية لطرحها أمام المستثمرين، بالتزامن مع عودتهم الأجانب للسوق مجددًا في الشهور الأخيرة.
اقرأ أيضًا: خيارات المودع الصغير بعد خفض الفائدة: كيف تبقى مستورًا؟
هل نتجاوز كورونا؟
عمم مجلس الوزراء، في بيان صحفي أمس “تقرير مستكشف الأعمال فى مصر 2020” الصادر عن بنك “إنش إس بي سي”. والذي استطلع آراء 209 شركات، 83% منها توقعت العودة لمستويات الأرباح التي كانت قبل انتشار كورونا، أو لمستويات أعلى بنهاية 2022، ما يخلق آفاق إيجابية عن الاستثمار بمصر.
وقال المحلل المالي ريمون نبيل، إن البورصة ظلت تتحرك بصورة عرضية بين نقطتي 10800 و11200 نقطة حتى جاءت الموجة الثانية من كورونا لتجعلها تكسر منطقة 10800 وتتجه صوب استهداف منطقة 10 آلاف.
وأضاف أن البورصة تواجه مشكلة أخرى تتمثل في توقف البورصات العالمية في الفترة بين 25 ديسمبر وحتى 2 يناير بسبب إجازات أعياد الميلاد. وتشهد هذه الفترة عدم ضخ استثمارات جديدة بأسواق المال. وقال إن نتائج أعمال الشركات التي تظهر بعد السابع من يناير هي التي ستظهر مستقبل المؤشر الرئيسي. خاصة للشركات الكبيرة المدرجة بالمؤشر الرئيسي للبورصة المصرية.