بدأ أعضاء مجلس النواب الجديد، الجدل مبكرًا، بإعلان النية لمناقشة مشروعي قانونين لتغليظ عقوبة ازدراء الأديان ووضع ضوابط للتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي. النواب برروا الأمر بالرغبة في مواجهة الخروج عن الذوق العام وانتشار سلوكيات وألفاظ تنافي المثل الدينية.

الخطوة البرلمانية جاءت بعد حوالي شهر من القبض على مدرس بالإسماعيلية اتهم بالإساءة للنبي محمد عبر مواقع التواصل الاجتماعي. قبل أن يخلى سبيله. وجاء الإفراج عنه عقب اعتذاره عن ما بدر منه وإعلانه ندمه على فعله واحترامه الرسالات السماوية والرموز الدينية.

اقرأ أيضًا.. “التهمة ازدراء الأديان”.. الحساسية الدينية تتصدى لمحاولات التغيير

مشروع العبد

رئيس اللجنة الدينية السابق البرلماني أسامة العبد كشف أن اللجنة ستناقش قانونًا يتعلّق بإزدراء الأديان ورموزها. بعد نشر مجلة فرنسية رسومًا مسيئة للرسول.

وأوضح العبد أن مشروع القانون يتضمن بنودًا تُجرِّم الاعتداء على الأديان السماوية أو رموزها ولا يُجيز لأحد ممارسة التحريض أو التشويه والإكراه ضد أصاحب الأديان والمعتقدات الأخرى، قائلًا: “هذا هو جوهر الإسلام الحنيف المنصوص فيه على عدم الإكراه في الدين”.

وأشار العبد في تصريحات صحفية إلى أنه تقدم بمشروع قانون إلى اللجنة لمناقشته في الفصل التشريعي الجديد منتصف يناير المقبل.

وأوضح أن هناك حاجة لوضع ضوابط قانونية ودينية وأخلاقية من أجل التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي أولها موقع “فيسبوك”. لافتًا إلى أن الاقتراح يأتي بعد حالات الخروج عن الذوق العام وانتشار سلوكيات وألفاظ سبٍّ تُصيب المجتمع وتجرح القيم والعادات وتُنافي المُثُل الدينية.

وأكد أن القيم المصرية الدينية والأخلاقية لن تتزحزح أمام طوفان فوضى “فيسبوك” وأنه يجب التصدّى لها بقوة وضبط الأمور قانونيًا وأمنيًا.

اقرأ أيضًا.. مساحة ممنوحة أم تضييق للخناق.. معارك حرية الإبداع مع البرلمان

العقوبات الحالية والدستور

قضايا ازدراء الأديان في مصر تقدم إلى المحكمة استنادًا إلى المادة 98 من قانون العقوبات المصري. التي تنص على “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تجاوز 5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تجاوز ألف جنيه لكل من استغل الدين للإضرار بالوحدة الوطنية”.

ويؤكد الرافضون للمواد التي تعاقب تحت ادعاء “ازدراء الأديان” معارضتها للدستور الذي يكفل حرية الاعتقاد. فيما نصت المواد “64 و65 و67” والمادة 71 من الدستور على عدم توقيع عقوبات في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية.

مشروعات قديمة

في 2017 قدم رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان اللواء كمال عامر مقترحًا لتعديل المادة 98 من قانون العقوبات والمتعلقة بتهمة ازدراء الأديان وأحيل للجنة التشريعية والدينية. ونص التعديل على”يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تجاوز 5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 1000 جنيه ولا تجاوز 10 آلاف جنيه كل من استغل الدين في أفكار متطرفة لإثارة الفتنة”.

كما تقدم النائب عمرو حمروش بمشروع قانون لتعديل مادة ازدراء الأديان ليضم إليها تجريم الإلحاد ما آثار جدلًا واسعًا حينها. لكنه تراجع عقب مناقشته بوجود وزير الأوقاف مختار جمعة بسبب مخالفة نصوص الدستور والقانون.

الكنيسة تبارك

من ناحيته علق البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية في حوار له عبر قناة أغابي القبطية على قانون ازدراء الأديان.

وقال البابا: “احترام الآخر مبدأ أساسي في العلاقات الإنسانية والمناقشات القانونية في هذه الأمور جيدة وتحتاج أن تكون محايدة لتبيطق المبدأ على الجميع”، مضيفًا أن المبادئ تحتم أن أحترم أي إنسان لأنه خليقة الله وأحترم اعتقاده ومهنته وصفاته “هذه أساسيات الحياة والعلاقات الإنسانية”.

وزاد: “أحب أنصح من يتعامل مع الميديا أن هناك مسئولية لأن كل شيء تكتبه مراقب. يجب أن يكون الإنسان حكيمًا في الفعل ورد الفعل”.

إلغاء العقوبة

وجرى خلال دوري الانعقاد الأول والثاني في مجلس النواب السابق محاولتان لإلغاء مادة “ازدراء الأديان” من قانون العقوبات. يأتي ذلك بعد أن رفضت الحكومة في دور الانعقاد الأول للبرلمان مشروع قانون إلغاء عقوبة ازدراء الأديان خلال مناقشته أمام اللجنة التشريعية بالبرلمان.

ورفضت اللجنة التشريعية مشروع قانون لإلغاء العقوبة مقدم من 3 نواب بينهم أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر الدكتورة آمنة نصير بعد اعتراض 20 نائبًا،مقابل موافقة 3 فقط. وعلقت: “اللجنة التشريعية تعاملت على أنهم حماة الدين وأنها من ستهدمه”.

اقرأ أيضًا.. حصاد البرلمان.. حضرت قوانين الحكومة وغابت احتياجات الشعب

مخالف للشريعة

نصير قالت إن الدين الإسلامي ليس به ما يقيد الحرية وأن بلاء العصر هو “التدين الشكلي”. وأضافت أن مادة ازدراء الأديان “مليئة بالعوار وتنبعث منها رائحة الأنا الغاشمة”.

وذكرت في تصريحات صحفية أن المشروع الذي سبق وقدمته تناول كل الأمور المتعلقة بـ”ازدراء الأديان” من الناحية القانونية والدستورية والناحية الشرعية، لافتة إلى أنها لاقت هجومًا من فريق من السلفيين على تقديم مشروع القانون.

اقرأ أيضًا.. بين فتوى 2006 والزواج بغير المسلم.. ما هي المحطات التي أثرت في فكر آمنة نصير؟

وأوضحت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في مذكرة لها أن نص المادة 98 (و) من قانون العقوبات يفتقر إلى الضوابط الدستورية المطلوبة في أي نص عقابي. مضيفة أن ذلك إخلالًا بمبدأي مشروعية التجريم والعقاب.

وتابعت المذكرة أن العيوب الدستورية في المادة تتسبب في تطبيقها وفقًا لأهواء القائمين على إنفاذ القانون. وأن المادة تنتقص من الحق في حرية العقيدة والرأي والتعبير، مضيفة أن المادة تدعم مناخ التعصب والتطرف الديني. ولا تقدّم تفسيرًا للازدراء ولا معايير لتحديد كون الفعل ازدراء من عدمه.

وحذرت المبادرة المصرية من وجود حالة من التربص بحرية الرأي والتعبير من قبل أفرادٍ ومؤسساتٍ تريد فرض وصايتها على المواطنين.

وقالت إن المواد القانونية التي يحاكم على أساسها المتهمون تنتهك حقوقًا دستورية راسخة واضحة. مطالبة بتغيير التشريعات المقيدة للحريات، التي تنتهك الحقوق الدستورية.