“حصلت على جائزة مؤخرًا في إحدى الحفلات، ولا أعرف كيف حصلت عليها بهذه السرعة” . هكذا علق الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني، المدير الفني للنادي الأهلي المصري، على حصوله على جائزة أفضل مدير فني ضمن حفل مهرجان “وشوشة” الأفضل 2020.

جاء استغراب الجنوب أفريقي بسبب قصر الفترة التي قضاها في مصر. فلم يقض موسيماني أكثر من ثلاثة أشهر في تدريب النادي الأهلي. صحيح أنه تمكن من حصد دوري أبطال أفريقيا وكأس مصر خلال هذه الفترة القصيرة. لكنه بالطبع ليس رجل 2020 في الرياضة المصرية، وإنما رجل الربع الأخير منها.

تساؤل موسيماني عن معايير ترشحه لهذه الجائزة والدهشة التي أبداها لم تكن مقتصرة عليه. الدهشة ايضًا امتدت إلى جمهور المتابعين والمتفاعلين عبر وسائل التواصل. وليست جوائز “وشوشة” الأخيرة فقط التي أثارت الجدل. لكن أيضًا مهرجان “نجم العرب” الذي منح الفنانة زينة جائزة أفضل ممثلة سينمائية عن فيلم “الفلوس”. وهو الفيلم الذي لم يحصد نجاح مادي كبير ولا جماهيري.

أيضًا من بين غرائب الجوائز حصول الفنان محمد عبد الرحمن على جائزة أفضل مسلسل مُذاع عبر منصة إلكترونية. وجاءت شيري عادل أفضل ممثلة عن مسلسل “إلا أنا”. وحصدت إيناس النجار جائزة أفضل ممثلة دور ثاني في السينما في استفتاء مجلة “وشوشة”. في حين أنها آخر ما قدمته من أعمال سينمائية كانت “قهوة بورصة مصر”، و”دفع رباعي”. وهي أعمال لم تلق النجاح الجماهيري الكافي.

زينة من تكريم وشوشة
زينة من تكريم وشوشة

كل هذه المهرجانات التي تم بها حصد جوائز غير متوقعة. ويظن الكثير من الجمهور أنها “هلامية”، يُرجعها القائمون عليها إلى أنها تمت بناءً على استفتاء الجمهور.

اقرأ أيضًا: أغاني المهرجانات.. حقوق مكفولة ومحاكمات شعبية 

كيف تصنع مهرجانًا فنيًا بأقل تكلفة؟

صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقاعة في أحد الفنادق الكبرى، وعدد من أطباء التجميل، وبعض المعلنين والرعاة بهذا فقط يمكنك إقامة مهرجان ودعوة فنانين وتوزيع الجوائز وفقًا للمكاسب التي تحققها، حتى تحول الأمر لموضة سنوية وموعد للسخرية من الاختيارات والمهرجانات.

تسير التكريمات الفنية على منوال “الجودة بمن حضر”. وقد بدأ هذا النوع في الازدياد، فأصبح لدينا العديد من الاستفتاءات التي تسير على المنوال ذاته. ومثال على ذلك الأوسكار العربية، ومهرجان الدراما العربية وغيرها من الاستفتاءات التي يتم وصمها بأنها بناء على تصويتات الجمهور.

بيزنس المهرجانات الفنية

الناقد الفني عبد الله غلوش، قال إن المهرجانات الفنية أصبحت بيزنس يريد الجميع التربح من وراءه، فالأمر غير مكلف على الإطلاق على من يقوم بإقامة هذه الفاعليات. وأضح غلوش أن صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، يتبعها تعاقد مع أحد الفنادق على المشاركة في الدعاية كراعي لما يُطلق عليه مهرجان. الخطوة التالية تتضمن استضافة عدد من الفنانين، ودعوة القنوات والمواقع الإخبارية لتصوير هذا الحدث والعمل على انتشاره.

وأضاف غلوش، لـ”مصر 360″ أنه يتم التعاقد مع أكثر من راعي للحدث ويكون معظم هؤلاء أطباء تجميل، باحثون عن الشهرة، وطامعين في التقاط الصور مع الفنانات لإذاعة صيتهم وزيادة شهرتهم.

وأوضح الكاتب والناقد الفني، أنه يتم منح الجوائز للفنانين المُكرمين بناء على عدد من الأسس والتي منها، الفنان المستعد للحضور، أو من لا عمل لديه، أو لديه عدد من المتابعين على صفحات التواصل الاجتماعي. وتتضمن المعايير أيضًا من يدفع الأموال للجان الإلكترونية للتصويت له.

 

اقرأ أيضًا: من محمد رشدي إلى المهرجانات.. علاقة الفن بالثقافة الشعبية

أين المهرجانات الرسمية للدولة؟

وطالب غلوش بإشراف الدولة على هذا النوع من الفاعليات. ودعا لتنظيم مهرجان رسمي للدولة، مثلما كان هناك مهرجان الإعلام العربي، والذي كانت تقوم وزارة الإعلام بتنظيمه.

فيما عاب عبد الله غلوش على المسؤولين عن الصحافة والإعلام، تهافتهم على نقل فاعليات هذه المهرجانات. وقال “يتم دعم هذه من المهرجانات من قبل قنوات تليفزيونية حتى يقال إنها الأفضل والأكثر مشاهدة، وحتى تحقق هي الأخرى مكسب مادي لدى المُعلنين”.

في الوقت نفسه أكد غلوش رفضه التعميم المطلق. وقال “بالتأكيد توجد حالات شاذة ومهرجانات محترمة ونجوم يستحقوا تلك الجوائز”.

أما الناقد الفني رامي متولي، فيقول إن هذه الاستفتاءات،ليس لها مصداقية. وأضاف “غالبًا لم يتم إقامتها خلف موسم درامي مثل شهر رمضان، أو عقب موسم أفلام مثل الموسم الصيفي فهي غالبًا يتم التلاعب بها”.

فيما اعتبر المتولي أن هذه الاستفتاءات تعتمد على لجان إلكترونية، ويدخل بها أيضًا تصويت بالأموال، كما كان يحدث في برامج اختيار المواهب.

وبشأن آلية السيطرة على هذه الاستفتاءات، قال  المتولي: “لا يوجد آلية للسيطرة عليها أو تحقيقها للمصداقية لأنها تقوم بناء على جهات خاصة، وبالتالي هي خارج السيطرة الرسمية، فالأمر دعائي بحت “.

المستفيد من هذه المهرجانات هو المسئول عن الحفل والفنان الذي يحصل على السوكسيه، بحسب المتولي الذي قال “الجميع يعلم عدم مصداقية هذه الاستفتاءات”.

القيمة الإعلانية تحكم التكريمات الفنية

المنتج علاء الشريف يرى أن الأساس في توزيع الجوائز فيما يطلق عليه استفتاءات فنية وما شابه، يتم على أساس أن الذين سيتم تكريمهم يكونوا أسماء ذو قيمة تسويقية ودعائية، وبناء عليه يتم تصدير أسمائهم للصحافة والإعلام، إذا تسابقوا على الحضور يتم إقامة الحفل، إذا لم يحدث ذلك يتم إلغاء الحفل وينتهي الأمر.

غياب المعايير يقلل من قيمة الجائزة

وفي السياق نفسه، الكاتب محمد عبد الرحمن، ورئيس تحرير موقع “إعلام دوت أورج”، أن أي استفتاءات هادفة للربح يعقبها احتفالات مبالغ فيها وليس معروف من يقوم بتمويلها، وهي ليست دقيقة من الناحية الفنية والعلمية، وكذلك يعاني هذا النوع من الاستفتاءات التي أصبحت موضة أو تريند خلال الفترة الأخيرة، من عدم وجود معايير لتحديد أسماء الفائزين، وغياب المعيار يقلل بالطبع من قيمة هذه الجائزة، وهذا لا يعني بالتأكيد أنه لا يوجد فنانين يستحقون هذه الجوائز، ولكنها تعد باب خلفي أيضًا لحصول البعض على جوائز وألقاب لا يستحقونها.

“أنا اعتبرها هي نوع من أنواع الدعاية المؤقتة لبعض الأسماء، لكن ما يبقى في ملف الفنان، هو ما يحصل عليه من جوائز بمهرجانات رسمية بناء على أعمال فنية يتذكرها الجمهور” يضيف عبد الرحمن.

اقرأ أيضًا: بعد أزمة عمر كمال ولورديانا.. ما هي علاقة الفن بالمجتمع والقيم الأخلاقية؟

وذكر أن القاعدة الأساسية التي تقوم عليها هذه التكريمات لعدد من الفنانين المستحقين، ثم بيع باقي الجوائز، وهذا متعارف عليه، والجميع يعلم من يدفع ومن لا يدفع، ودائمًا ما تكون نسبة من يقوم بدفع الأموال أكثر كي يقومون بتغطية التكلفة.

وأكد عبد الرحمن أنه لا يوجد في مصر مراقبة على هذا النوع من الاستفتاءات، وهو أمر غير مطلوب بالأساس، ويجب أن يكون هناك مراقبة شعبية ونقدية، فالأولى الجمهور أصبح على وعي كبير بها، فالجائزة لا تجبر الجمهور على الاقتناع بالفنان.

“وشوشة”.. تدافع عن نفسها

أحمد الهواري المشرف العام على موقع وشوشة، قال في وقت سابق خلال ظهوره كضيفة على برنامج “نفسنة” المذاع على قناة القاهرة والناس، إن كل ما يقال حول أن استفتاء وشوشة يتم بناء على التلاعب في أصوات الجمهور محض كذب، وذلك لأن تصويت الجمهور يتم بناء على عداد ظاهر، وهذا قد حدث من قبل، وتم حذف الأصوات المزيفة.

وشوشة تكرم موسيماني
وشوشة تكرم موسيماني

وحاولنا التواصل مع أكثر من شخص من نقابة المهن التمثيلية للرد على هذا الموضوع ولكن دون فائدة، لتأتي الردود بعضها هي التهرب والبعض الآخر لم يجب بعد عرض طبيعية التحقيق الصحفي عليه.

مهرجان الفضائيات العربية

لا ينفي أحمد عليوة، رئيس مهرجان الفضائيات العربية، وجود شبهات كثيرة تحاصر استفتاءات المجلات والمهرجانات في مصر، لكنه لا يتفق مع تعميم لغة المجاملات على كل المهرجانات.

واحتفل مهرجان الفضائيات العربية بدورته الـ11، في الشهر الماضي، وتقسم جوائز الحفل إلى ثلاثة أنواع هي جوائز النقاد وجوائز الجمهور والأخيرة جوائز المهرجان الخاصة.

وأضاف عليوة، في تصريحات خاصة، أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن هناك عددا من التكريمات الجميع يعلم أنها مزورة ولا يوجد بها أي شفافية، وتتم للاستفادة منها، والمفاجأة أن هذه الاستفتاءات يوجد منها من يحظى بشهرة كبيرة، ولكن الجيد أن الجمهور أصبح لديه القدرة على فرز هذه الاستفتاءات ويعلم مدى مصداقيتها جيدًا.

وعن الرعاة الذين يقوموا بدعم هذه التكريمات حتى وإن كانت مشبوههة، فقال أنه لا يمكن التخلي عن الرعاة بأي شكل من الأشكال فجميع مهرجانات العالم سواء كانت رسمية أو خاصة يحظى جميعهم بوجود الرعاة حتى تظهر للنور، حتى وإن كان هؤلاء الرعاة يسعون وراء مكاسب شخصية.

مهرجان الفضائيات العربية

وأكد عليوة أنه ليس من المحبب تخفيض عدد التكريمات والاستفتاءات، ولكن لابد تنحية ما يشوه سمعة مصر، الأمر الذي جعل الفنانين في الدول المختلفة يخشون من مصداقية جميع التكريمات اتباعا لمبدأ السيئة تعم.

يرجع عليوة السبب في شهرة هذه التكريمات المشبوهة، على حد قوله، إلى وسائل الإعلام التي تغطي تلك النوعية بشكل موسع مما ساهم في زيادة شهرتها.

وعن مهرجان الفضائيات العربية بشكل خاص، قال أحمد عليوة، إن المهرجان به 3 أنواع من الجوائز منها من يعتمد على رأي نقاد ويترأسهم طارق الشناوي ومنهم من يعتمد على تصويت الجمهور، والذي يصعب التشكيك به لأن لا يوجد لدينا أي من الجوائز غير المستحقة والتي يمكن أن ندافع عنها بكل قوة.

وفي هذا السياق، حاولنا التواصل مع أكثر من شخص من نقابة المهن التمثيلية للرد على هذا الموضوع ولكن دون فائدة، حيث رفض أكثر من عضو بالنقابة المعنية التعليق على هذا الموضوع تحديدا، منعا للإحراج