دخلت “عايدة زكي” الكنيسة برفقة الابنة ريهام والحفيدة كلوديان. أشعلن الشموع وانخرطن في الدعاء، كانت أعينهن صوب تمثال المسيح الوليد. تضرعن له بدموع لإزاحة جائحة كورونا: “يارب ارفع الوباء عن العالم. يارب أعد لنا عالمنا الذي كان”.

في الأعوام الماضية اعتادت “عايدة” على الاحتفال بعيد الميلاد في الكنيسة برفقة العائلة. كان هذا قبل أن يضرب الفيروس اللعين العالم وتحرم هي والمسيحيين من دخول الكنائس للصلاة أو الاحتفال خوفًا من عدوى كورونا.

 

عائلة ماجدة
عائلة ماجدة

اقرأ أيضًا.. عيد القيامة فرحة مختزلة.. كورونا يكسر احتفالات الأقباط ويحول بيوتهم لكنائس

بسبب جائحة كورونا.. قداسان بدل واحد

مع الساعة السادسة مساءً، كانت كنيسة القيامة بالرمل في الإسكندرية، تفتح أبوابها لاستقبال المصلين في موعد مغاير عن كل عام. هكذا قرر السنودس الكاثوليكي إقامة قداسين بدلاً من واحد. يبدأ الأول في السادسة وينتهي في الثامنة. بينما يبدأ الثاني في الثامنة والنصف بينهما فترة للتعقيم.

القداس
القداس

كمامات لمواجهة جائحة كورونا

بمجرد أن تجاوز تامر صفوت وزوجته وطفليه أبواب الكنيسة حيثما رأوا شجرة “الكريسماس” التي ترتفع لقرابة 4 أمتار. “الكمامات” أخفت بهجتهم بالعيد بسبب الجائحة التي لم تظهر إلا في ملابسهم التي حرصوا على تتناسب مع بهجة الاحتفال.

ارتدى تامر كمامة سوداء تتناسب مع جاكيت جلد أنيق. بينما ارتدى الأطفال والزوجة كمامات ذات ألوان زاهية، هكذا أصبحت الكمامة أحدث صيحة في عيد 2021.

السعادة التي علت وجوههم عبر عنها تامر: “فرحة العيد كانت مسروقة مننا لكن بمجرد ما دخلنا الكنيسة والأولاد شافوا الشجرة وجروا اتصوروا جنبها وسمعنا جرس بداية القداس، حسينا فعلًا بأننا في لحظة ميلاد المسيح”. كما أشاد بقرار السنودس الكاثوليكي بإقامة القداس بإجراءات احترازية، على عكس عيد القيامة السابق الذي ألغي فيه القداس.

تامر قال إن العيد الماضي لم يكن له مذاق أو طعم.، حيث غابت الاحتفالات والصلوات: “كنا محبوسين وأيام ربنا ما يحرمنا من دخول كنيسته تاني. يا رب تكون السنة الجديدة خير وبركة”.

أثناء الاحتفال بعيد الميلاد

أعداد قليلة في القداس الأول.. وتكدس في الثاني

رغم إلغاء الطوائف المسيحية في مصر لقداس ليلة عيد الميلاد المجيد يوم 6 يناير المقبل والاحتفال بالعيد يوم 7 يناير وفقًا للتقويم الشرقي. قررت الكنيسة الكاثوليكية إقامة القداس في الـ24 من ديسمبر لسيرهم حسب التقويم الغربي رغم تفشي جائحة كورونا.

هكذا كان قرار الكنيسة الكاثوليكية بإقامة قداسي عيد الميلاد بحضور 40% من سعة كل كنيسة بالإجراءات الاحترازية. كما يمكن إضافة قداس آخر يوم العيد صباحًا بحسب احتياج كل رعية بالتنسيق مع مطران كل إيبارشية. في النهاية انعكس على عدد الحاضرين في كل كنيسة.

لم تتجاوز نسبة حضور القداس الأول الـ30%. بينما تجاوزت نسبة القداس الثاني 50%. علاوة على التزاحم رغم التنسيق المسبق من كل كنيسة مع أبنائها.

من ناحية أخرى شدد الآباء الكهنة على تطهير الكنيسة وأدوات المذبح وكتب القراءات وقت القداسات. كما التزموا هم أنفسهم بارتداء الكمامة وتطهير أيديهم وقت التناول.

اقرأ أيضًا.. للمدافعين عن تناول الكنيسة.. هل أتاك حديث المسيح العجائبي والطاعون؟

جدة وبنت وحفيدة

مع بداية القداس الثاني تجلت أجواء العيد الحقيقية. دخلت الأسر الكنيسة متتابعين. وتصدر كبار السن الحضور رغم كثرة المخاوف التي تحيطهم بكونهم الأكثر عرضة للإصابة. بينما أنستهم فرحة العيد كل ذلك.

كان مشهد الجدة التي تصطحب ابنتها وحفيدتها جاذب للعين. مررن بسرعة من أبواب الكنيسة بعد قياس درجة حرارتهن فسمح لهن بالدخول، كان يعرفن وجهتهن إلى الجانب الأيسر في نهاية الكنيسة حيث ذلك الركن الذي يحوي مزود الميلاد. الركن عبارة عن مجسمات وتماثيل لمكان ميلاد المسيح داخل مزود بقر فيما يوضع أمامه الشموع الذين يعلونها ويصلون أمامه متضرعين إلى الله لرفع وباء كورونا.

تقول الجدة عايدة زكي: “العيد ناقصه حاجات كتير زي الابتسام والأحضان. لكنا للأسف كل دا مينفعش بسبب كورونا. إحنا عمومًا متقبلين. أهم حاجة عندنا أن الكنيسة تكون مفتوحة ونصلي فيها”.

وافقتها الرأي ابنتها “ريهام فؤاد” التي رأت أن أصعب ما في هذا العيد هو غياب المشاعر الإنسانية بين أبناء الكنيسة. “صعب جدًا تشوف ناس بتحبها وبقالك كتير مشوفتهاش بس مش قادر تسلم عليهم. كما أن الأصعب أن ابتسامتك وفرحتك محبوسة تحت الكمامة”.

قداس عيد الميلاد
قداس عيد الميلاد

راعي الكنيسة: جائحة كورونا مثل هيرودس

إن كان هيرودس الملك حاول إعاقة المجوس من زيارة المسيح. كذلك يكرر فيروس كورونا الأمر ذاته بعد ألفي عام. هكذا ربط الأب يوحنا جورج راعي كنيسة القيامة للأقباط الكاثوليك بالإسكندرية.

وأضاف جورج لـ”مصر 360″ أن الكنيسة التزمت بالإجراءات الاحترازية من ارتداء الكمامة والتباعد. بينما سبب ذلك ألمًا شديدًا للجميع خاصةً في وقت العيد الذي يحتضن فيه الجميع بعضهم البعض بحسب ما قال.

ولفت إلى أن الأمر يجعل الإنسان يقف وقفة مع نفسه ليدرك أن علاقته مع أخيه الإنسان أعمق من مجرد التلامس بالسلام أو الأحضان. بينما تتمثل العلاقة الحقيقية في التضامن مع المحتاج ومساعدته. كما أضاف أن أبناء الكنيسة يقدمون العون للمحتاجين. المظاهر الخارجية مطلوبة لكن الأهم هو مضمونها.

كنيسة الرمل بالإسكندرية
كنيسة الرمل بالإسكندرية

وأوضح أن إقامة القداسيّن جاء نتيجة الظروف الراهنة حتى يتثنى للجميع الاحتفال بالمسيح المولود. بينما اختلف هذا العيد عن سابقيه من حيث مظاهر الاحتفال والوقوف بين المصلين بعضهم البعض عقب انتهاء القداس. كما أن الجميع مضطر للانصراف سريعًا خوفًا من الإصابة بالفيروس.

وأكد راعي الكنيسة إقامة الصلوات من أجل رفع الوباء عن مصر والعالم أجمع. راجين الله أن يعطي للعلماء طرق صناعة اللقاح لوقف ذلك المرض.

اقرأ أيضًا.. تحريف “إنجيل المسيح”.. 4 كتب للعهد الجديد تشعل الغضب بالكنيسة

الأطفال لا يعرفون التباعد

من ناحية أخرى استطاع الجميع تحجيم أنفسهم عن لقاء أحبائهم والسلام عليهم واحتضانهم. بينما لا يعرف الأطفال التباعد ولن يقتنعوا بتلك الإجراءات. الطفلان “نوفير” و”جيوفاني” 5 سنوات يجريان في الكنيسة ويحتضان بعضهما البعض. الثنائي لم يريا بعضهما طيلة الأشهر الماضية.

أطفال الكنيسة
أطفال الكنيسة

الطقوس تغيرت

لم يقتصر التغيير في هذا العيد على العادات الاجتماعية. بينما جاءت التغيرات على مستوى الطقوس أيضًا، إذ لوحظ تغيير طريقة التناول نتيجة للظروف الاستثنائية، حيث أصبح الأب الكاهن يضع المناولة للمؤمن في يده ومن ثم ينتظر الأب الكاهن حتى يتأكد أن المؤمن تناولها مباشرة في فمه. بينما يمتنع الآباء الكهنة عن مناولة الأطفال دون 6 سنوات.

اقرأ أيضًا.. من وباء كورونا لوباء الإرهاب.. هل يستهدف “داعش” الكنائس المصرية مجددا؟