تترقب أنظار ذوي المحبوسين في مصر حاليًا صدور قوائم العفو الرئاسي، التي تشمل من هم على ذمم قضايا مختلفة، بينما تدور الأسئلة جميعها حول من هم مستحقو العفو المقبل، وكيف سيتم تحديد أسمائهم، وما هي معايير اختيار من سيحالفه الحظ؟

قبل أيام، وافق مجلس الوزراء المصري على مشروع قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن العفو عن باقي مدة العقوبة بالنسبة لبعض المحكوم عليهم. بينما لم تضح بعد معالم القائمة والأسماء التي ستشملها.

وتمنح المادة 155 من الدستور المصري لرئيس الجمهورية الحق في إصدار قرارات بالعفو عن المسجونين بأحكام نهائية. وتنص المادة على أنه “يحق لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء العفو عن العقوبة، أو تخفيفها، للمسجونين المحكوم عليهم. على أن يصدر القرار في الجريدة الرسمية”.

لجنة العفو الرئاسي

تعمد دستور 2014 إلزام رئيس الجمهورية باستطلاع رأي مجلس الوزراء تجاه قرار العفو قبل اتخاذه. وذلك بعد الجدل الذى أثير في أعقاب قرار الرئيس الأسبق محمد مرسي العفو الرئاسي عن عدد كبير ممن وصموا بالإرهاب.

وقد فرقت المواد 74، 75 من قانون العقوبات بين نوعين من العفو عن العقوبة بإسقاطها كلها أو إبدالها بعقوبة أخف منها. ويكون ذلك بقرار من رئيس الجمهورية ولا يحتاج قانونًا لصدوره. أما المادة 76 من قانون العقوبات فقد حددت العفو الشامل بأنه منع أو وقف السير في إجراءات الدعوى أو محو حكم الإدانة. ويتم بموجبه الإفراج عن المحبوسين على ذمة تحقيقات النيابة أو المحاكمة. ويكون بقانون وبموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب.

وفي 27 أكتوبر 2017، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي عن تشكيل اللجنة الخماسية للعفو الرئاسي. وذلك استجابة لتوصيات المؤتمر الأول للشباب، بالعفو عن الشباب. وتوسع عمل اللجنة لإعداد قوائم تضم المحبوسين على ذمة قضايا، ولم يصدر بشأنهم أحكام.

تكهنات حول العفو المقبل

تقول المصادر بشأن العفو المقبل إنه سيضم العديد من السياسيين والصحفيين المحبوسين على ذمم قضايا مختلفة. وهو أمر لم يحدث سابقًا. إذ كانت القوائم تضم مسجونين بقضايا جنائية وليست قضايا إرهاب أو نشر أخبار كاذبة كالتي تضم السجناء السياسيين.

ويأتي القرار الذي وافق عليه مجلس الوزراء بشأن العفو عن بعض المحكوم عليهم في السجون والإفراج عنهم قبل قضاء مدة حبسهم، هذا العام، متزامنًا مع الاحتفال بعيد الشرطة وثورة 25 يناير.

شروط قوائم العفو

يبدأ تحديد قوائم العفو الرئاسي والشرطي وفق شرط أساسي يتمثل في حسن سير وسلوك المسجون وقضاء ثلثي المدة أو نصفها. بناء على ذلك يتم تحديد الأسماء من خلال لجان قانونية وفنية لفحص مستحقي العفو. بينما تتابع الأسماء من قبل لجنة مشكلة من الإدارة العامة لمصلحة السجون بوزارة الداخلية. وذلك عقب إصدار القرار من رئيس الجمهورية، وفور الانتهاء من عمل اللجنة. ليتم عرضها بعد ذلك على رئيس الجمهورية للتصديق.

في عام 2019 أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارًا بالإفراج عن 560 سجينًا بمناسبة عيد الفطر المبارك، وفي العام نفسه تم الإفراج عن 2002 من السجناء بموجب عفو رئاسي وشرطي، وأيضًا تم الإفراج عن 587 سجينًا بعفو رئاسي وشَرطي بمناسة عيد الأضحى في شهر سبتمبر من العام نفسه. كما أُفرج عن 817 سجينًا بعفو رئاسي بمناسبة السادس من أكتوبر كدفعة أولى. وفي الدفعة الثانية تم الإفراج عن 712 سجينًا. بينما تم الإفراج عن 399 سجينًا بمناسبة انتصارات أكتوبر أيضًا من نفس العام.

هنا، يوضح مصدر أمني، لـ”مصر 360″، إن هناك جرائم لا يدخل أصحابها ضمن قائمة العفو الرئاسي. وتشمل هذه الجرائم التي تمس أمن البلاد والإعدام وقضايا المخدرات بضبطيات أكتر من 10 كيلو جرامات. وأيضًا قضايا الثأر للحفاظ على الشخص السجين. وكذلك قضايا الاتجار في السلاح والإرهاب.

وتنص المادة 52 من قانون السجون والمستبدلة بالقانون رقم 6 لسنة 2018 على أنه يجوز الإفراج عن كل محكوم عليه نهائيًا بعقوبة مقيدة للحرية، إذا أمضى فى السجن نصف مدة العقوبة وكان سلوكه أثناء السجن يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه. وذلك ما لم يكن في الإفراج عنه خطر على الأمن العام. ولا يجوز أن تقل المدة التي تقضي في السجن عن 6 أشهر على أية حال.

ويكون العفو الرئاسي بعد قضاء السجين نصف المدة، أما العفو الشرطي فيخضع لنفس الشروط بعد قضاء السجين ثلثي المدة. مع إلزامه بالحضور لقسم الشرطة التابع له كمتابعة. وهي عقوبة تكميلية.

استبعاد المعارضين

في أبريل الماضي، استنكر عدد من المنظمات الحقوقية معايير العفو الرئاسي، بسبب استبعاد السياسيين المعارضين السلميين، وسجناء الرأي من الصحفيين والمحاميين والحقوقيين من قائمة المعفى عنهم، في عيد تحرير سيناء.

واعتبرت تلك المنظمات أن هذا الاستبعاد المتعمد “يعكس نظرة الحكومة المصرية للحق في حرية التعبير والذي تعتبره جريمة أشد خطرًا على الأمن العام من القتل وجرائم العنف”. وأضافت أن قرار العفو الذي جاء في موعده السنوي المعتاد بمناسبة عيد تحرير سيناء “تجاهل كافة النداءات الحقوقية المحلية والدولية للإفراج عن سجناء الرأي والمحبوسين احتياطيًا والسجناء الذين لم يثبت تورطهم في جرائم عنف، وغيرهم من السجناء كبار السن والمرضى بأمراض مناعية، وأمراض مزمنة والنساء الحوامل والأطفال تخفيفًا لتكدس السجون في ظل تفشي وباء كورونا”. وأنه اكتفى بالعفو عن متهمين جنائيين ثبت تورطهم بأحكام نهائية في جرائم قتل وعنف.

على الجانب الآخر، يرى محمد الغول، عضو لجنة حقوق الانسان بمجلس النواب السابق، أن تلك القوائم ظاهرة صحية، ونتيجة جيدة للاستفادة من النصوص الدستورية والصلاحيات لما في صالح السجناء، الذين لا يشكلون خطرًا على المجتمع.

ويضيف أن القوائم تضم الأسماء التي تستحق العفو، ويتم فحص الأسماء جيدًا. وهو ما يتفق معه البرلماني السابق، عاطف مخاليف، الذي يؤكد أن تلك القوائم تساعد في إدخال السرور على الأسر المصرية. واصفًا إياها بأنها أبلغ رد على المنظمات التي تردد أن مصر تعارض الحريات، وتنتقد ملف حقوق الإنسان في مصر.