لا تندهش كثيرًا إذا تطلعت لجدول ترتيب الدوري الإيطالي ووجدت ميلان يتربع على الصدارة بـ34 نقطة. نعم إنه الكبير الذي عاد من جديد بعد سنوات عجاف تدهورت فيها أحوال النادي اللومباردي، ووصل لحد المنافسة على الهبوط. لكنه خلال موسمين فقط استعاد ميلان ذكريات الماضي ليقدم أفضل نسخة له منذ الفوز بـ”الأسكوديتو” في 2011.
وبخلاف ما يقدمه الروسونيري من مستويات متميزة، لم يعرف الهزيمة في الدوري طوال 25 مباراة منذ الموسم الماضي. كما أنه منذ بداية الموسم الحالي لم يخسر في 14 مباراة متتالية. وذلك بواقع 10 انتصارات و4 تعادلات. ليكون الوحيد في الدوريات الخمسة الكبرى بأوروبا الذي لم يتلق أي خسارة هذا الموسم.
أما على الصعيد الأوروبي، امتدت سلسلة اللا هزيمة طوال 5 مباريات في الدوري الأوروبي. بينما أوقف ليل الفرنسي السلسة في الجولة الثالثة من دور المجموعات، التي وصل فيها الروسونيري إلى دور الـ32 بعد تصدر المجموعة الثامنة بـ13 نقطة جمعّها من 4 مباريات. بينما تعادل في مباراة وحيدة.
كل هذه الصحوة ليست من فراغ بل جاءت نتيجة عمل كبير من قبل الإدارة والجهاز الفني واللاعبين وبالتأكيد لها أسباب أخرى كثيرة.
في التقرير التالي نستعرض عددًا من نقاط قوة ميلان وأسباب تفوقه التي جعلته يعود إلى الواجهة من جديد..
المدرب المثالي والاستقرار الإداري
بلا شك كان التعاقد مع المدرب الرائع ستيفانو بيولي في أكتوبر عام 2019، أفضل قرارات الإدارة في السنوات الطويلة الماضية. المدرب الجديد غيّر شكل الفريق تمامًا وقدم معه أقوى مستوياته خلال الموسم الماضي والحالي.
من ناحية أخرى استمر هذا النجاح من الناحية الإدارية أيضًا عندما تم التجديد له ونقض الاتفاق مع الألماني رالف رانجنيك الذي كان سيتولى المسئولية بعد نهاية الموسم المنقضي. لكن بعد أداء بيولي تم تجديد الثقة فيه لعامين بعقد جديد ينتهي 2022.
بيولي الذي قاد الفريق في 55 مباراة، فاز في 33 مباراة وتعادل في 15 أخرى، وخسر فقط في 7 لقاءات. كما أعاد ميلان في نسخة قوية للغاية ذكرت الجميع بذكريات الكبير اللومباردي في سنوات المجد والعز.
تميّز الروسونيري مع بيولي بصفات أخرى بجانب نجاحه الخططي والفني على مستوى طريقة اللعب واختيار اللاعبين الجيدين لتشكيلة الفريق وإدارته الرائعة للمباريات من التغييرات وخلافه. كما لعب الفريق تحت قيادته بروح كبيرة وقتالية شديدة وشخصية عظيمة، وهي مميزات النادي عبر تاريخه والتي افتقدها طوال السنوات العجاف الماضية.
علاوة على ذلك لعب ميلان بطريقة هجومية أبرزته بشك ممتع بالإضافة إلى ذلك كان منظم دفاعيًا. كما أجبر كافة الخصوم على التراجع أمامه طوال الـ90 دقيقة لحدته الهجومية ولعبه للأمام دائمًا. قام المدرب الجديد بأفضل شكل لنظام المداورة بين اللاعبين في ظل ضغط المباريات وإصابات فيروس كورونا، ما جعل كافة نجوم ميلان جاهزين فنيًا وبدنيًا للعب والتألق. وهكذا استمر فوز الفريق وتفوقه في سلسلة تاريخية للنادي الإيطالي العريق في النهاية.
عودة القائد الملهم “إبراهيموفيتش”
منذ انضمام النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش إلى صفوف ميلان في مطلع عام 2020، وأصبح هو كلمة السر في انتصارات الروسونيري طوال العام، حيث شارك مع الفريق في 30 مباراة بجميع البطولات استطاع تسجيل 22 هدفًا وصنع 7 أهداف أخرى.
وتكمن قوة وجود زلاتان داخل صفوف ميلان ليس في قدرته على التسجيل فقط أو صناعة الأهداف. لكن تواجد لاعب بقيمة وتاريخ “إبرا” جعل الفريق أكثر تحملًا للضغوط وامتلاك روح الانتصار، فيما وحد اللاعب غرفة الملابس.
والأهم من كل ذلك هو قيادة الفريق في المباريات الكبرى وهو الدور الأبرز للمهاجم السويدي في الموسم الحالي، حيث كان سببًا أساسيًا في الفوز على الإنتر في “ديربي الغضب” بتسجيله هدفين وحسم اللقاء لصالح فريقه، وتسجيل هدفين في مباراة نابولي التي انتهت بفوز ميلان بثلاثية.
كذلك أثبت ميلان أنه ليس فريق اللاعب الواحد، حيث فاز على فيورنتينا، وسيلتيك، وسامبدوريا، وسبارتا براج، رغم غياب إبرا للإصابة، وتعادل أمام ليل في الدوري الأوروبي، وبارما وجنوى في الدوري الإيطالي.
تراجع مستوى المنافسين
رغم قوة ميلان ونجاح إدارته ومدربه ولاعبيه في تقديم موسم استثنائي، كان هناك عوامل أخرى ساعدته على ريادته لصدارة الدوري الإيطالي هذا الموسم أبرزها تراجع مستوى ونتائج منافسيه.
يوفنتوس حامل لقب الدوري الإيطالي لمدة 9 سنوات متتالية، يغيب الموسم الحالي عن مستواه الحقيقي ويبتعد عن المنافسة على القمة بعد مرور 14 جولة في “سيريا آ”. علاوة على ذلك يبتعد ميلان عن المتصدر بفارق 10 نقاط في المركز السادس، كذلك يقدم السيدة العجوز نتائج متذبذبة محليًا تحت قيادة أندريا بيرلو آخرها الهزيمة أمام فيورنتينا بثلاثة أهداف دون رد.
أما بالنسبة لنابولي صاحب المركز الخامس فيقدم الفريق أداءً ليس مستقرًا بشكل كبير. أيضًا يمتلك 25 نقطة، متفوقًا بنقطة واحدة على يوفنتوس. وذلك بعد أن حصد نقطة واحدة في آخر 3 مباريات، بعد هزيمتين أمام لاتسيو وإنتر، قبل التعادل أمام تورينو في الجولة الماضية.
بينما يبقى الإنتر هو المنافس الأصعب. وذلك بعد خروجه من دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي باحتلاله المركز الرابع في ترتيب مجموعته بالتشامبيونزليج. حيث يحتل المركز الثاني في ترتيب الكالتشيو بفارق نقطة وحيدة عن جاره اللدود ميلان المتصدر. ويسعى مدربه أنطونيو كونتي لنيل اللقب في نهاية المسابقة. ما قد يصل به لنجاح ملموس، وإلا ستكون الإقالة في انتظار فشله الكبير في تحقيق أي طفرة تذكر مع النيراتزوري.