استمرارًا لقطار التنمر الأخذ في الصعود، تعرضت الفنانة يسرا اللوزي لواقعة قاسية تضاف إلى سجل طويل من المضايقات التي يمارسها بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي. إذ بدأت القصة على خلفية وصف أحد مستخدمي “إنستجرام” الفنانة بـ”أم الطرشة”. بعد إصابة طفلتها “دليلة” -ذات الأعوام الستة- بضعف السمع. بينما تمكنت يسرا بثقة ومحبة أم أن تحول المحنة محنة.
اعتاد بعض الفنانين تجاهل الرسائل السلبية والتركيز على الاحتفاء بكلمات التأييد والإعجاب. لكن يسرا اللوزي كان لها رأي آخر. وفي مفاجأة لمتابعيها ردت على متنمرها بأفضل أسلوب ممكن، زاد من تضامن ودعم جمهور متابعيها.
يولد في مصر كل عام ما يقرب من 5 آلاف طفل يعانون فقدان السمع، ويحتاجون إلى إجراء جراحة زرع قوقعة قبل بلوغهم سن 5 سنوات، الطفلة “دليلة” من بين هؤلاء، والتي ردت أمها الفنانةي يسرا اللوزي على متنمر حالتها، قائلةً: “شكرًا على ذوق حضرتك.. أنا قررت استغل كلامك اللطيف عشان أقدم شوية توعية بخصوص هذا المصطلح: المصطلح الصحيح والمقبول هو الصم وضعاف السمع، وليس الطرش أو البكم”.
طفلة أثرت في شعب كامل
أيضًا دافعت اللوزي عن ابنتها، وأعربت عن فخرها بكونها والدة طفلة صماء “تعلمت من تجربتها الكثير” ما جعلها إنسانة أفضل. “أحب أعبر عن فخري بكوني والدة طفلة صماء لأنها علمتني حاجات كتيرة جدًا وبقيت بني آدمة أم أحسن بسببها، وأنا متأكدة إنها هتطلع إنسانة مثقفة ومتفوقة ومش هتبقى محتاجة حد عشان تحقق أحلامها”.
في سياق ردها أيضًا، استطردت اللوزي بأن ابنتها الصماء ألهمتها أن تتحدث في البرامج وتطالب بالكشف المبكر على سمع المواليد لحل هذه الأزمة الصحية قبل تفاقهما. “اللي على أساسه كل المصريين هيتعملهم كشف سمع عند الولادة. وده المفروض يساهم بشكل إيجابي في حياة عائلات كتير وهيسمح للأطفال الصم وضعاف السمع إنهم يلاقوا الدعم منذ الصغر عشان يقدروا يتعلموا كويس وما يبقوش عبء على حد”.
برقي إذن حولت يسرا اللوزي محنتها إلى منحة، أظهرت بها كيف أن طفلة صماء بعمر ست سنوات بدلت أمها إلى إنسانة أفضل. كما حققت بقصتها إنجازًا أثر على شعب كامل. لتختتم الفنانة رسالتها إلى متنمرها الذي بُهت بتصرفه، قائلةً: “ياريت توضحلي بقى حضرتك أنجزت إيه في حياتك؟ شكرًا”.
صدفة البداية
روت يسرا اللوزي في أكثر من محفل كيف اكتشفت إصابة نجلتها بمرض ضعف السمع. إذ لم تكن تملك خبرة كافية لتعرف متى يبدأ الأطفال الاستماع للأصوات والاستجابة لها.
في البداية لاحظت اللوزي عدم استجابة نجلتها لأي صوت يصدر في محيطها. لا تلتف عندما يذكر اسمها، لذا عمدت إلى زيارة الطبيب لمعرفة معلومات أكثر عن مراحل تطور ونمو حواس الأطفال في مثل هذا العمر.
تقول اللوزي: “بدأت اسأل الدكتور قال لي مفروض تلتفت لاسمها من 10 شهور إلى سنة، وأن أناديها باسمها، أقاربى قالوا لابد أن تعرضيها على طبيب أنف وأذن”. حولها الطبيب لآخر متخصص بالسمعيات، وأجرت الاختبار، فاكتشف أنها تعاني من ضعف شديد في السمع، ولابد أن ترتدى سماعة قبل زراعة القوقعة. وذلك قبل أن تجري العملية اللازمة لحالتها.
اختتمت اللوزي حديثها: “ألوم نفسي لأن ليس لدى خبرة مع الأطفال، واكتشفنا وهى عندها سنة و3 شهور، وعملنا العملية وهى عندها سنة و8 شهور، ويقال إنه كلما اكتشفنا المشكلة بدرى كان ذلك أفضل، والحقيقة اكتشفت كمان إن العملية صعبة، والأهم ما بعد العملية”. بينما أشارت إلى ما شرحه الأطباء من كون الطفل يسمع أمه وهو في بطنها بعد 4 شهور من الحمل. ما يتطور معه المخ وينمو.
كيف زرعت اللوزي ثقافة جديدة؟
استغرقت “اللوزي” في محنتها إلى أن حولتها لمنحة تنطلق من خلالها لبث ثقافة جديدة على الشعب المصري. لتنشر ثقافة الوعي بمرض ضعاف السمع، وكيفية الكشف المبكر. وتنطلق عقب ذلك المشاركة في حملات توعية مختلفة في هذا الشأن.
فضلت اللوزي في أعقاب إنجابها طفلتها الأولى الابتعاد عن الأضواء والإنكفاء على دورها في تربية طفلتها. خاصة أنها رزقت بطفلتها بعد مرور نحو 5 سنوات على زواجها. ومع اكتشاف مرض ابنتها رأت أن الخروج إلى الإعلام والظهور في البرامج والمؤتمرات والحملات أحد أهم أدوارها في المرحلة الحالية.
بدأت اللوزي ظهورها الإعلامي بعد أزمة ابنتها بلقاءات في القنوات الفضائية ومقابلات صحفية عديدة، روت فيها تفاصيل تجربتها مع “دليلة”، وضرورة توعية الأمهات بخطورة فقدان السمع على الرضع.
استغلت اللوزي شهرتها في تعريف الناس بطبيعة المرض وكيفية التعامل مع الأطفال من هذه الفئة. وكانت من أولى السيدات اللاتي طالبن بضرورة إجراء الكشف والعلاج المبكر للأطفال. وخاضت في سبيل ذلك حملة موسعة للتوعية بمخاطر ضعف السمع عند الأطفال. كما شاركت ضمن حملة “اسمعني” التي عملت على علاج آلاف الاطفال ممن يعانون هذا المرض.
أعظم أم
سياسة يسرا اللوزي في التعامل مع واقعة التنمر التي وقعت ضحيتها تواصلت ردود الفعل عليها حتى فنيًا. إذ قالت الفنانة إيمي سمير غانم معلنةً دعمها زميلتها: “أجمل أم في العالم ..ربنا يقويكي”. بينما نشر الفنان أحمد صلاح السعدني صورة لـلوزي في حملها. وكانت قد ظهرت بها على غلاف مجلة “vogue”. وكتب عبر حسابه الرسمي على “إنستجرام”: “ربنا يبارك لك ولطفلتك”.
أيضًا، وجهت الفنانة نجلاء بدر رسالة قالت فيها: “أعظم وأجمل أم في الدنيا.. ربنا يحفظك ويحفظك أولادك ويبعد عنك”. وشنت الفنانة “زينة” هجومًا حادًا على المتنمر، وأعادت نشر رسالة التنمر ورد يسرا اللوزي عليه.
وعلقت، عبر “إنستجرام”: “عارفين يعنى إيه أم، يعنى حب وتضحية ومعاناة وعطاء وتعب ومسئولية وحاجات كتير مالهاش وصف، عارفين يعنى إيه طفل أو طفلة، يعنى مستقبل وحياة وعمر جاى وتفاؤل وحب، عارف يعنى إيه تعاير طفلة يعنى الشيطان نفسه يخجل إنه يعمل كدة، يعنى أنت لا شيطان ولا بنى آدم، أنت حاجة مالهاش وصف”.
أرقام دولية عن فقدان السمع
وفق الأمم المتحدة، يعاني 466 مليون شخص على الصعيد العالمي من فقدان السمع المسبب للعجز. و34 مليون شخص منهم هم من الأطفال. كما تشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2050 سيعاني أكثر من 900 مليون شخص من فقدان السمع.
قد ينجم فقدان السمع عن أسباب وراثية، ومضاعفات عند الولادة، وأمراض معينة معدية، وبعض أنواع عدوى الأذن المزمنة، واستخدام عقاقير معينة، والتعرض للضوضاء المفرطة والشيخوخة
أيضًا، يمكن الوقاية من 60% من حالات فقدان السمع لدى الأطفال عن طريق اتخاذ الإجراءات في مجال الصحة العمومية.
تنجم عن حالات فقدان السمع غير المعالجة تكاليف عالمية سنوية قدرها 750 مليار دولار أمريكي. وتعتبر التدخلات الرامية إلى الوقاية من حالات فقدان السمع وتحديدها والتصدي لها عالية المردود. ويمكن أن تعود بفوائد كبيرة على الأفراد. ويمكن أن يستفيد الأشخاص الذين يعانون من فقدان السمع من معينات السمع، وزرع القوقعة وغيرها من الأجهزة المساعدة. وأيضًا الشروح النصية ولغة الإشارة؛ وغيرها من أشكال الدعم التربوي والاجتماعي.