تغيرات متفاوتة شهدتها السنوات العشر الماضية في معدل انتشار الجريمة بمصر. الأمر الذي أرجعه صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، في دراسة عام 2017، إلى ارتباط وثيق بين هذه الجرائم وتعاطي المخدرات. بينما عزاه تقرير في 2018 وزارة الداخلية، إلى عوامل عدة أخرى، من بينها انتشار الأسلحة النارية. وكذلك التأثيرات الناجمة عن الأعمال الفنية من الأفلام والمسلسلات وانعكاسها على تقليد المواطنين لها.
ارتفاع في معدلات الخطف
بداية من عام 2011 الذي شهد أحداث 25 يناير، وبخلاف ارتفاع أعداد الوفيات في البلاد في هذا العام إلى أكثر من ألفي حالة سنويًا، بما في ذلك ضحايا التظاهرات. وذلك بعد أن كانت الأرقام لا تزيد عن ألف حالة سنويًا قبل الثورة، سجلت البلاد ارتفاعًا كبيرًا في عدد الجرائم المختلفة.
مثال على ذلك، شهد العام 2011 نفسه ارتفاعًا في معدلات الخطف بدافع الحصول على فدية حوالي 4 مرات، من 107 حالات سُجلت قبل الثورة إلى 400 حالة بعدها. بل وانتشرت تلك الحوادث من المناطق النائية إلى كافة بقاع مصر. وسجلت سرقات المنازل أكثر من 11 ألف حالة بعد أن كانت حوالي 7 آلاف.
وتضاعف السطو المسلح 12 مرة من 233 حالة عام 2010 إلى قرابة 3 آلاف حالة سطو عام 2012. كما ارتفعت حالات سرقة السيارات من قرابة 5 آلاف سرقة إلى أكثر من 21 ألف حالة في العام ذاته.
تراجع في معدلات القتل العمد والسرقة بالإكراه
ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة الداخلية في عام 2018، فإن جرائم القتل العمد في 2014 بلغت 2890 قضية. وفي 2015 تراجعت إلى 1711. ثم تراجعت أيضًا في 2016 إلى 1532 جريمة، ثم تراجعت مرة أخرى في عام 2017 مسجلة 1360 قضية.
أما قضايا السرقة بالإكراه، فبلغ عددها 2107 في العام 2014، وفي 2015 بلغت 1441، وفي 2016 تراجعت إلى 1022. بينما بلغت 925 في 2017. كما بلغ عدد قضايا الخطف 431 في 2014، و249 في 2015، و246 في 2016، و160 في 2017.
وفيما يخص قضايا الاغتصاب، بلغ عددها 118 في 2014 تم ضبط 109 منها، و93 في 2015 تم ضبط 90 منها، و97 في 2016، و66 في 2017.
وكشفت الوزارة خلال استعراض أبرز إنجازاتها في يناير الماضي، عن انخفاض معدلات ارتكاب الجرائم في عام 2019 بنسبة 6.5%. وذلك مقابل ارتفاع نسب الضبط من 95% إلى 97% عن العام الماضي.
وأظهرت بيانات الوزارة أنها بمجال الجرائم الجنائية، ضبطت 2741 جناية مهمة، و50917 قطعة سلاح ناري، منها 4987 بندقية آلي. وذلك فضلاً عن 9544 خرطوش، بحوزة 46193 متهمًا. كما ضبطت 1562 تشكيلاً عصابيًا، و69 ورشة تصنيع أسلحة، ونفذت 107434 حكمًا جنائيًا.
واحتلت مصر في العام 2019 المرتبة 36، بواقع 50.71 نقطة ضمن قائمة الدول الأعلى من حيث معدل الجريمة. وذلك وفق ما كشفت إحصائية مؤشر الجرائم في العالم.
اقرأ أيضًا: في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.. حكايات خلف الأبواب باللون البرتقالي
الجرائم الأسرية
كشف المركز القومي للبحوث الاجتماعية في دراسة عن العنف بين الأزواج، أجاب فيها عن التطور الإحصائي للجرائم بين الأزواج خلال السنوات العشر الماضية، أن أكثر أنواع الجرائم التي ارتكبها الزوجان ضد بعضهما هي جنايات القتل العمد. حيث بلغت نسبتها 52٪ يليها جنح تبديد منقولات الزوجية 21٪. ثم الزنى 12٪، فجنايات الضرب المفضى إلى الموت 9٪، وجنايات الضرب المحدث عاهة مستديمة 2٫5٪. ثم جنايات الشروع في القتل 1٫5٪. وأخيرًا جنح الضرب البسيط واحد في المائة.
وذكرت الدراسة أن أكثر من نصف مرتكبي جنايات القتل العمد ضد الطرف الآخر من الذكور. حيث بلغت نسبتهم 63٪ مقابل 37٪ بين الإناث. وأوضحت أن الغالبية العظمى بنسبة 93٪ من الجناة ليست لهم سوابق إجرامية، مقابل نسبة 7٪ سبق ارتكابهم جرائم وإيداعهم السجون. وهذه الجرائم بالترتيب تعاطي المخدرات ثم جنح الضرب فممارسة الدعارة والهرب من الخدمة العسكرية.
وبينت الدراسة أن الغالبية العظمى من المجني عليهم في جرائم أطرافها أزواج من الإناث. حيث بلغت نسبتهم 85٫13٪ مقابل 14٫7٪ ذكورًا، وأن 53٫3٪ من المجني عليهم تقع أعمارهم ما بين الأربعين والخمسين عامًا. يليهم وبنسبة 26٪ ما بين الثلاثين فالأربعين عامًا وباقي النسبة من باقي الأعمار.
وأوضحت أن 48٪ من المجني عليهم حاصلون على تعليم ثانوي متوسط. ثم من حصل على مؤهل جامعي. وأعلى وهؤلاء نسبتهم 34٪ وباقي النسبة من حصلوا على مؤهل أقل من متوسط وأميون. وأشارت الدراسة إلى أن الزوجات ربات البيوت اللاتي لا يعملن هن أكثر الزوجات المجني عليهن. حيث بلغت نسبتهم 37٫9٪ تليهن الموظفات 32٫4٪ ثم عاملات الخدمات، فالعاملات في أعمال حرة صغيرة.
اقرأ أيضًا: مخدرات الاغتصاب الوجه المظلم في حفلات أثرياء مصر
الطلاق.. مؤشر آخر
نتيجة لذلك فضلاً عن سوء الأوضاع الاجتماعية، شهدت حالات الطلاق في مصر خلال السنوات العشر الماضية أيضًا ارتفاعًا كبيرًا من 149.4 ألف حالة، إلى 225.9 ألف حالة في 2019. وذلك وفقًا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء،
وبلغت حالات الطلاق في 2011 حوالي 151 ألف حالة، و155.2 ألف حالة في 2012. ثم 162.5 ألف حالة في 2013، و180.3 ألف حالة في 2014. فضلاً عن 199.8 ألف حالة في 2015، و192 ألف حالة في 2016، و198.2 ألف حالة في 2017، و211.5 ألف حالة في 2018 بمعدل طلاق سجل 2.2 حالة لكل ألف من السكان.
وأشارت البيانات الأولية لنشرة الزواج والطلاق عام 2019، إلى تراجع عدد عقود الزواج عام 2019 مقارنة بعام 2018 بعدد 8017 عقدًا. ليبلغ عدد عقود الزواج 887315 عقدًا عام 2018 مقابل 879298 عقدًا عام 2019. فضلاً عن انخفاض شهادات الطلاق بعدد 6167 شهادة مقارنة بعام 2018 مسجلة 205387 شهادة عام 2019.
وأرجع الجهاز الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع حالات الطلاق رغم جهود وزارات التضامن والأوقاف، إلى انعدام الترابط الأسري، لتصبح المحاكم هي المكان الأساسي لإنهاء الخلافات.
وأشار الجهاز إلى غياب التفاهم الذي ينتج عن الاستعجال في الزواج. وكذا عدم إحاطة كل طرف بالآخر بصورة مناسبة. بالإضافة إلى استعجال بعض الأهالي زواج بناتهم، باعتبارها أبزر الأسباب وراء ارتفاع معدلات الطلاق.
وكشف دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية العام الماضي، أن الطلاق المبكر بسبب تدخل الأهل في الزواج سواء بالإجبار على الزواج أو التدخل بين الزوجين بلغت نسبته 60%. ويلي ذلك أسباب أخرى مثل اختلاف الطباع بين الزوجين أو الخلافات المالية وقضاء أوقات طويلة على الإنترنت. وهي من الأمور التي تفتح الباب أمام الخيانة الزوجية والانفصال العاطفي بين الزوجين أو جرائم الشرف.
أسباب أمنية
في 2018، أرجع تقرير لوزارة الداخلية أسباب ارتفاع معدلات الجرائم إلى انتشار الأسلحة النارية. وأيضًا الإفراج عن عدد كبير من العناصر الإجرامية، وشيوع ظاهرة العنف الاجتماعي. فضلاً عن التأثيرات الناجمة عن الأعمال الفنية من الأفلام والمسلسلات وانعكاسها على تقليد المواطنين لها.
وتضمنت الأسباب الرسمية أن الظروف الاقتصادية والمتغيرات المحيطة بالدولة. وكذلك ظهور أنماط جديدة للجريمة، وتكوين تشكيلات عصابية جديدة من الشباب العاطلين. فضلاً عن سهولة تنفيذ البعض لجرائم السرقات بسبب قصور المواطنين في وسائل تأمين ممتلكاتهم. إلى جانب غياب الوعى الاجتماعي والثقافي. وأخيرًا استغلال البعض للحرب التي تخوضها الدولة على الإرهاب كانت جميعها أسبابًا لانتشار الجريمة في البلاد.
تعاطي المخدرات
في 2017، أصدر صندوق مكافحة وعلاج الإدمان دراسة عن علاقة المخدرات بالجرائم، أجريت على نزلاء المؤسسة العقابية بالمرج. أظهرت الارتباط الوثيق بين تعاطى مخدر الحشيش -كونه الأكثر انتشارًا- وجرائم بعينها، مبينة أن 23.7% من مرتكبى جرائم القتل العمد كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، و24.3% من مرتكبى جرائم السرقة بالإكراه كانوا يتعاطون مخدر الحشيش.
وأشارت الدراسة إلى أن 86% من مرتكبي جرائم الاغتصاب كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، وأن 58% من مرتكبي جرائم هتك العرض كانوا يتعاطون مخدر الحشيش، منوهة بأن 56.7% من مرتكبي الجرائم كانوا يتعاطون المخدرات قبل ارتكابهم للجريمة بساعات، وأن 87 % من الجرائم غير المبررة، يأتى تعاطي المواد المخدرة كمحرك أساسي لها.