تحت عنوان “الطلاق الشفوي لا يقع” تتحدث منى حسين عن تجربتها التي وصفتها بـ”فتح الجرح” بعد أن طلقها زوجها شفويًا لتواجه هي وأولادها مصيرًا مجهولًا.
“منى” قالت إن زوجها طلقها شفويًا منذ عامين: “الموضوع ده خرب البيت. جرحني جرح كبير لسة بتعافي من آثاره لدلوقتي، المفروض يكون في حاجات تحافظ على البيوت من الهدم بسبب كلمة. البيت اتخرب وفيه أسر وأطفال ضاعت”.
الجدل الذي أثير منذ عدة أعوام جدده إعلان الشيخ خالد الجندي، عندما قال إنه حضر عقد قران ووجد في وثيقة الزواج شرطًا لعدم وقوع الطلاق الشفوي. وأضاف أن وثيقة الزواج حررت برضا الزوجين.
اقرأ أيضًا.. عن جدل الطلاق الشفهي
أول وثيقة ترفض الطلاق الشفوي
الشيخ أضاف أن العقد هو الأول الذي يشترط فيها الزوجان وبرضا الأهل، عدم الاعتراف بالطلاق الشفوي ووثقا ذلك في عقد. كما قال إن الأمر سيكون مفاجأة ستقلب الموازين.
من ناحية أخرى كان للرئيس عبدالفتاح السيسي، منذ عدة سنوات، تعليقًا على الظاهرة. كما أوضح تأثيره السلبي على الأسرة والأطفال، وطالب ببنود لتوثيق الطلاق حماية للحقوق والأبناء.
بينما كان للأزهر الشريف رأيًا مخالفًا. وقتها أصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر بيانًا أكدت فيه أن الطلاق الشفوي مستقر عليه منذ عهد النبي. كما أن وقوع الطلاق الشفوي المستوفى أركانه وشروطه والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة وبالألفاظ الشرعية، هو ما استقرَّ عليه المسلمون دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق.
وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن ما يقرب من الطلاق ينهي حالات الزواج في الخمس سنوات الأولى. بناء على ذلك رأى السيسي أن توثيق الطلاق ربما يتيتح فرصة لتراجع الزوجين بسبب قرار قد يصدر بسبب مشاعر مؤقتة أو قرارات متسرعة.
اقرأ أيضًا.. “الأرامل والمطلقات” مُعاناة يُضاعفها المجتمع
الأزهر يرفض
بيان الأزهر أوضح أنه عقد عدة اجتماعات لبحث عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة ومنها حكم الطلاق الشفويِ وأثره الشرعي. بينما انتهى مجلس كبار العلماء إلى رأيه الذي خالف رأي الرئيس بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصصاتهم.
وتابع البيان أن ظاهرة شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوج المستخف بأمر الطلاق لا يعيبه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه. كما أن كافة إحصاءات الطلاق المعلن عنها مثبتة وموثقة سلفًا إما لدى المأذون أو أمام القاضي.
في النهاية أرجع الأزهر الأمر لضرورة احتواء الشباب ورعايتهم، وحمايتهم من المخدرات وتقديم فن هادف، ودعوة دينية جادة، حتى يستطيع الشباب بناء القرارات السليمة.
عودة إلى “منى” التي تقول إنه بدأت رحلة من المتاعب: “بعد طلاقي جوزي رمى عليا اليمين ومشي. سابني أنا وطفلين من غير مصاريف، وأنا مبقتش عارفة هي الكلمة دي كدة خلاص معناها إن الطلاق وقع. لايزم يكون في حل لحماية الستات من الحالات دي، وحقوق الأبناء كمان. الجواز مش لعبة ممكن تنتهي بكلمة”.
وتابعت: “لو فكرت أرفع قضية عشان نفقة ولا مصاريف العيال لازم أقدم القسيمة. طيب فين القسيمة اللي بتثبت أني مطلقة، ولو فكرت اتجوز تاني مثلًا وده حقي هعمل ده إزاي؟”.
اقرأ أيضًا.. “صراع الأئمة”.. الأزهر والأوقاف خلافات مستمرة من أجل فرض السيطرة
دار الإفتاء
عاد الجدل مرة أخرى بعد تصريحات الجندي الأخيرة. كما عادت مؤسسة الأزهر للتعليق مجددًا على “الطلاق الشفوي”.
الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، قال في بث مباشر عبر الصفحة الرسمية للأزهر الشريف، إن الطلاق الشفوي يقع إذا تحققت أركانه.
أمين الفتوى أوضح أن الخلط يأتي بين الإنشاء والتوثيق. مضيفًا أن الإنشاء هو إحداث شيء لم يكن موجودًا أما التوثيق فهو إثبات ما حدث. كما يفعل المأذون عند عقد القران بإثبات لما حدث، والطلاق أيضًا كذلك. بينما الزوج الذي قال لزوجته “إنتِ طالق”، وتم التحقيق مع الزوج في الإفتاء ومعرفة الحيثيات، فيقع بالفعل ويحتاج لوثيقة لدى المأذون.
“القول إن ما نشأ بعقد لا ينحل إلا بعقد مغالطة لأنه ليس هناك دليل على ذلك. كما أن العقد لم ينشأ بالرسمية” بحسب أمين الفتوى. “في النهاية ينشأ العقد بإنشائه عن طريق الطرفين والرسمية والثقة، حتى أنه من اسمه يسمى توثيق أي إثبات”. يقول أمين الفتوى.
نسبة الطلاق في 2019
أخر إحصاءات “المركزي للإحصاء” توضح أن نسب الطلاق بلغت حتى 2019 ما يقرب من 62%، أغلبها تتم بشكل شفوي.
من ناحية أخرى يقول الجندي إن وثيقة الزواج تأتي بالمشاركة بين الزوجين، ووزارة العدل وضعت بندًا بها يسمى الشروط الخاصة، لوضع الزوجين ما يرغبون فيه، وهو أمر مباح. كما أن عقد الزواج يربط شخصين في علاقة قوية، ولا يمكن القضاء على تلك العلاقة بكلمة.
من ناحية أخرى يضيف الجندي أن الزوج ربما يطلق كلمة الطلاق في لحظات عضب أو عصبية. بينما وضع شرط توثيق الطلاق سيتيح فرصة لمراجعة الزوج وأخذ قرار رشيد، خاصة بين الشباب في السنوات الأولى من الزواج.
الدكتورة آمنة نصير، عميدة كلية الدرسات الإسلامية السابقة، رحبت بمراجعة الطلاق الشفوي قائلة إن إتاحة فرصة للزوجين قد يحقق تفادي العديد من العواقب ليس على الأسرة فقط، ولكن على الأبناء أيضًا. بينما ترى أنه على الزوجين قبل اتخاذ خطوة الطلاق لابد من استشارة الأهل لأخذ القرار السليم.
من ناحيته رفض الدكتور مبروك عطية، أستاذ الشريعة بالأزهر الشريف، رفض فكرة إلغاء الطلاق الشفوي. وقال إنه أمر معروف في الفقه الإسلامي وخطوة التوثيق هي خطوة تالية لإثبات حق المرأة في الزواج مجددًا. مشيرًا إلى أن الزواج يحدث بكلمة وكذلك الطلاق، فالتوثيق ضمانًا للحقوق، لكن الطلاق لا يتوقف عليه.
السعودية تقرر التغيير
في سبتمبر الماضي، قررت المملكة العربية السعودية، تعديلات على قانون الأحوال الشخصية. وبحسب التعديل يلزم الزوجين بالحضور أمام القاضي، للحصول على صك الطلاق، للحد من ضياع حقوق الزوجة أو الأبناء.
التعديلات الجديدة في السعودية، خففت العديد من المتاعب التي كانت تقع على المطلقات. على سبيل المثال مماطلة الأزواج في إثبات طلاق زوجاتهم. كما أن الزوجة لم يكن باستطاعتها الزواج في حالة الطلاق الشفهي فقط. كذلك لا يمكنها إجراء الكثير من الإجراءات التي تحتاج لتوقيع الزوج.
ووفقًا للإجراءات الجديدة، إذا ماطل الزوج في تطليق زوجته أو إثبات الطلاق، أو أرادت المرأة أن تثبت الطلاق، أو تقدمت بدعوى فسخ نكاح، فإنه يجب حضور الزوجين وتبليغهما بالأمر.
الدكتورة مايا مرسي، رئيس المجلس القومي للمرأة، ترى أن دعوة الرئيس قبل سنوات تستحق المناقشة للخروج بأمور تفيد السيدات. كما أوضحت أن حالات الطلاق في تزايد مستمر، مؤكدة أن المجلس يساند أي قوانين تدعم حقوق المرأة.
المجلس القومي للمرأة
ومرسي قالت إن السيدات بحاجة لتعديلات واضحة في قوانين الطلاق وتسهيل إجراءات التقاضي في قضايا الأحوال الشخصية عمومًا. كما أضافت أن الشريعة الإسلامية تدعو لوحدة الأسرة في النهاية.
يذكر أنه في عام 2017، تقدم المجلس القومي للمرأة بمقترح لسن تشريع يقنن إجراءات الطلاق، وتوثيق الطلاق الشفوي. وتضمن المقترح بندًا “لا يعتد في وقوع الطلاق للمتزوجين بالوثائق الرسمية إلا من تاريخ التوثيق بالإشهاد”.
اقرأ أيضًا.. عزة كامل: خطاب الدولة عن المرأة متقدم.. والواقع “حاجة تانية” (حوار)
وقالت المحامية عزة سليمان، مديرة مؤسسة قضايا المرأة، إن المؤسسة طرحت قانونين جديدين للأحوال الشخصية، يشملان قانونًا للمسلمين، وآخر للأقباط.