قررت الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع بالسعودية، إيقاف مسلسل “ضحايا حلال”، الذي يُبث عبر تطبيق “شاهد” المشفر، بعد شكاوى من الجمهور لاحتواء العمل على مشاهد تروج للتحرش الجنسي ضد الأطفال، من شأنها أن تهدم قيم المجتمع السعودي، وهو ما اعتبره نقاد مصريون خطوة للوراء في ظل سياسة الانفتاح التي تنتهجها المملكة في السنوات الأخيرة.  

وأعلنت الهيئة أنه تبين عدم إجازة المسلسل من قبل الهيئة، وعدم مراعاة ضوابط المحتوى الإعلامي، ما يعد مخالفة لنظام الإعلام المرئي والمسموع ولائحته التنفيذية، وقد تواصلت مع منتج المسلسل ومسؤولي القناة لإيقاف بث المسلسل وإزالة جميع الإعلانات الخاصة به على مواقع التواصل الاجتماعي كافة.

الهيئة قررت تطبيق الإجراءات النظامية المتعلقة بالمخالفة على المؤسسة المنتجة للمسلسل والقناة التي قامت ببثه عبر المنصة التابعة لها، وذلك بعد عرض 5 حلقات منه على منصة شاهد السعودية، بعد حملة قادها رواد مواقع التواصل الاجتماعي ضد المسلسل، باعتباره أنه يحض على الرذيلة، و يهدم من قيم المجتمع السعودي، ويدعو للفُحش ويُظهر جانب من البيدوفيليا، والتحرش بفتيان صغار السن، وما شابه ذلك من التهم التي تضرب في صميم أي عمل فني يظهر مشكلة إجتماعية على السطح، وذلك مع مناقشة المسلسل لزواج المسيار، وعالم المراهقة للشباب السعودي.

وبينما لاقى المسلسل اعتراضات، أيد آخرون الجمهور السعودي ورأوا أنه يدق ناقوس الخطر للانتباه إلى طرق جذب الفتيات إلى الدخول في لعبة زواج المسيار، وجذبهم للعمل لكسب المال أو التخلص من الكفيل أو تجديد الإقامة.

ضحايا خلال.. قصة زواج المسيار

ناقش مسلسل “ضحايا حلال”، قصة سيدة تدير منزلها لزواج المسيار بمساعدة مأذون شرعي يقوم باجتذاب الزبائن لها، وتتم عملية التزويج.

لم يقتصر المسلسل الذي قام بتأليفه السورية نور شيشكلي وأخرجه المصري أحمد مدحت، على الفنانين السعوديين فقط، أو تمت مناقشة الأمر ومدى تأثيره على الفتيات السعوديات فقط، بل تعرض العمل للسوريات المغتربات في المملكة، كما تضمن قصة أخرى لفتاة مغربية اضطرها ظروف كسب المال للعمل في زواج المسيار وغيرها من الحكايات المختلفة، التي اعترض السعوديونن على إظهارها على أيدي أغراب كما تم التلميح له وفقًا للمخرج والكاتبة وبعض الفنانين.

صناع العمل وحيرة المنع

قرار المنع كان مفاجئا للمخرج المصري أحمد مدحت، مؤكدا أنه تلقى الخبر مثله مثل الجمهور بالضبط، ولم يكن لديه أية خلفية عن الأمر مسبقًا، خاصة مع الأصداء التي كان يتلقاها المسلسل ما بين الإيجاب والسلب وهو أمر معتاد لأي عمل فني.

وأضاف مدحت، في تصريح خاص، أن المسلسل كان يتم عرضه على منصة يتم دفع قيمة اشتراكية لها، لكي تتم مشاهدة وبالتالي فمن أراد المشاهدة له ذلك ومن لم يرد فالبطبع من حقه.

وأوضح  أن المسلسل وما دار حوله من جدل كان من المتوقع حدوثه، فأي عمل يواجه انتقادات وتشجيع، ولكن هذه المرة، نحن أمام حالة مختلفة وخاصة أن المجتمع السعودي في حالاته الأولى من الانفتاح، وبالتالي فالكشف عن قضايا المجتمع بشكل صريح، كان لابد وأن يواجهه بالهجوم الذي غلب التأييد.

ورد المخرج عن تعدد الجنسيات بالعمل والذي أثار غضب البعض من الجمهور السعودي، قائلًا: “أمر طبيعي أن نرى جنسيات متعددة في عمل واحد وهو ليس الأول في المنطقة العربية فأنا مصري والمؤلفة سورية ويوجد بالمسلسل فنانين من جنسيات متعددة وهو أمر ليس بالحديث على المشاهد شكل عام”.

التعنت ليس حلًا للمواجهة

وفي تعليقه، قال الناقد طارق الشناوي إن قرار منع “ضحايا حلال” من العرض لا يتناسب مع السياسة الجديدة التي تتبعها المملكة العربية السعودية في اتجاه الانفتاح الفني الذي بدأ منذ عامين، ولكن الصدمة التي واجهت الجمهور السعودي من الواضح أنها كانت أقوى من موجة الانفتاح الجديدة ومناقشة الواقع بجرأة.

وأضاف الشناوي، في تصريح خاص، أن المسلسل تم عرضه على منصة وبالتالي فهي لمن يقوم بدفع الاشتراك فقط، وبناء عليه، لا يمكن التحكم في محتوى المنصات بهذا الشكل، وإذا تكرر هذا الأمر مرة أخرى سيؤدي إلى تراجع المملكة إلى الخلف فيما تقوم به من خطوات.

وأوضح أن العمل وإن كان يناقش قضية حساسة بالوطن، فالدراما المصرية ناقشت تلك القضايا منذ زمن بعيد، وتناولت ما هو أشد منها في المجتمع بكل جرأة، وواجهت أيضًا مثل هذه الاعتراضات، ولكنها بإصرار من القائمين على العمل وصناعه واتجاه الفنانين في مصر بشكل عام، استطاعت أن تستمر هذه الأعمال وتُكمل طريقها الذي بدأته، وبالتالي فلابد أن يكون هناك إصرار من المنصة والقائمين على الفن السعودي بالمحاربة من أجل الاستمرار في الحفاظ على ما اتخذوه من خطوات وضعت السينما قبل الدراما السعودية على الطريق الذي جهلته منذ سنوات.

السينما السعودية.. الحرية المرجوة وفرص الأحلام الضائعة

الوقت هو الحل

ويرى الناقد عصام زكريا أن السينما السعودية أصبحت في حالة من الانفتاح بشكل أكبر من الدراما التي تدخل في كل منزل، وبالتالي يمكنها مناقشة بعض القضايا بصورة أكبر جرأة من غيرها، وحتى إن كان عرض المسلسل على منصة رقمية فهذا لا يعني أن الأمر أصبح أكثر سهولة، فالمنصات متواجدة في أغلب المنازل السعودية عوضًا عن الغياب الذي عانت منه لسنوات وبالتالي فهي تشبه قنوات التلفاز ووجدنا أن مشاهديها كثر.

وأوضح أن مسلسل “ضحايا حلال”، ناقش قضية حساسة وهي زواج المسيار المقنن و البيدوفيليا وهي قضايا لا توجد في المجتمع السعودي فقط، فهي حالات عامة متواجدة في جميع الدول، وما أثر على الجمهور السعودي هو الصدمة فقط، ومع الوقت سيتلاشى هذا الأمر وسيتصبح الأمور أسهل.