تطورات جديدة شهدتها واقعة وفيات كورونا الأربع في مستشفى الحسينية بمحافظة الشرقية شمالي مصر، إذ استدعت أجهزة الأمن مصور الفيديو، الذي كشف تفاصيل الحادث. جاء ذلك في وقت  تقدم فيه عدد من المحامين بشكوى للنائب العام ضد وزيرة الصحة ومسؤولين بالمحافظة، للمطالبة بفتح تحقيق قضائي موسع ومحاسبة المسؤولين.

كيف بدأ القصة؟

ظهرت الواقعة إلى الرأي العام مع فيديو متداول، انتشر عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.  أظهر خلاله مصور الفيديو في مدة لم تتجاوز الدقيقة، لحظة وفاة أربعة من مصابي فيروس كورونا داخل قسم العناية المركزة بمستشفى الحسينية المركزي. بينما أخذ يردد “كل اللي في العناية مات.. مافيش إلا الممرضين”. ذلك في وقت كانت إحدى الممرضات جالسة القرفصاء في ركن داخل العناية وقد بدا عليها الهلع.

أثار هذا الفيديو موجة من الغضب والتساؤل حول أسباب وفاة الحالات الأربع. بعد أن أوضح مصور الفيديو أن الوفاة نتجت عن نقص بإمدادات الأكسجين داخل القسم. وهو السبب ذاته الذي أكدته إحدى ممرضات العناية المركزة في تصريحات لصحيفة “الوطن“.

تصريحات مسؤولي الشرقية حول الواقعة

ردًا على ذلك، نفى وكيل وزارة الصحة بالشرقية، الدكتور هشام مسعود، أن تكون الوفيات الأربع نتيجة نقص إمدادات الأكسجين أو انقطاعه. وأشار إلى احتجاز 17 طفلاً داخل حضّانات المستشفى “لم يتأثروا بشيء من هذا القبيل”. كما لفت إلى إصابة 3 من المتوفين بأمراض مزمنة، ورابعهم بجلطة. وأضاف أن حالة كورونا لديهم كانت متأخرة نتيجة أمراضهم المزمنة.

وفي السياق، قرر محافظ الشرقية الدكتور ممدوح غراب إحالة مسؤول شركة الأمن المكلفة بالمستشفى للتحقيق. وذلك للسماح لأحد الأفراد باقتحام عناية العزل وتصوير المرضى و”إثارة البلبلة”. بينما أرجع بيان أصدرته المحافظة الوفيات الأربع أيضًا إلى تردي حالتها جراء الإصابة بالفيروس. وقال إن الفيديو المتداول “لم يكن لغرض نقل الحقيقة كاملة”.

وفيما يتعلق بمخزون الأكسجين بالمستشفيات الواقعة بنطاق المحافظة، أوضح المحافظ أنه يتم إعداد تقريرين في هذا الشأن خلال اليوم. وأن التقريرين يرسلان إلى وزيرة الصحة ووزير التنمية المحلية ومجلس الوزراء. كما أضاف أنه على مستوى المحافظة لدينا 1480 أنبوبة أكسجين. وأنها تكفي لمدة 10 أيام. فضلاً عن 81 ألف لتر أكسجين يكفي لمدة 4 أيام. ما ينفي -وفق المحافظ- وجود عجر بمستشفى الحسينية.

تفاصيل جديدة.. واستدعاء مصور الفيديو

مركز شرطة الحسينية استدعى أحمد ممدوح مصور الفيديو. والذي أوضح مصدر مطلع أنه لم يخرج إلى الآن من مكان استجوابه، مشيرًا إلى إمكانية ترحيله إلى مقر الأمن الوطني بالقاهرة، لاستكمال استجوابه وسؤاله عن انتمائه.

أحمد ممدوح فقد عمته في تلك الواقعة، التي تحدث عنها في فيديو جديد نشره بالأمس. فقال: “عانت عمتي منذ فجر الجمعة من انخفاض بالأكسجين فتوجهت وآخرين إلى محبس الأكسجين حيث وجدنا أن محبس واحد فقط هو الذي يعمل. وكان قوة الضغط الخاصة به 5%، وحينها كان الخزان يحتوي على 1800 لتر”.

أضاف أحمد أنه بحث عن الموظف المسؤول لفتح باقي محابس الخزان. فيما بدأ يتابع مع أحد أقاربه نسبة الأكسجين في العدادات حتى ظهر السبت، حينما أشار المؤشر إلى وصول نسبة الأكسجين إلى  400 لتر.

هنا، تواصل أحمد مع الموظف ومدير المستشفى -وفق ما أشار في مقطع الفيديو- وطلب مساعدة آخرين في إحضار أنبوب أكسجين احتياطي لحين وصول السيارة المحملة بالأسطوانات، القادمة من الصالحية التي تبعد عن الحسينية مسافة 30 كيلومترًا. والتي وصلت للمستشفى في الساعة 10 و7 دقائق مساءً، وفقًا لرواية أحمد.

صعد أحمد ليطمئن على حالة عمته بعد ارتفاع أصوات الاستغاثات من العناية: “الحقوا الناس بتموت في العناية”. وذلك في نفس التوقيت الذي كانت تقوم السيارة بتوصيل الخرطوم لشحن أسطوانات الأكسجين بينما كان الخزان فرغ تمامًا، وفقًا لأحمد، الذي أوضح أن تصريح الدفن الصادر من المستشفى لم يذكر سبب الوفاة، وأنه قام وعائلته بتغسيل عمته وتحضيرها للدفن بمساعدة الأهالي دون تدخل إدارة المستشفى.

اقرأ أيضًا: لجنة الصحة وبيان المحافظ.. هذا ما نعرفه عن وفيات كورونا بمستشفى الحسينية والممرضة المصدومة

الصحة تنفي رواية نفاد الأكسجين

هذه الواقعة وما سبقها من حادثة ممثالة -لا تزال قيد التحقيق حاليًا- شهدت وفاة مريضين بمستشفى زفتى العام في محافظة الغربية كانت محور اجتماع عقده رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولي أمس مع الوزيرة هالة زايد. حيث أوضحت الوزيرة أنه في ضوء التقرير الوارد من مديرية الصحة بشأن مستشفى الحسينية، فإنه في يوم السبت 2 يناير 2021، كان عدد الأسرة المشغولة بمُستشفى الحسينية 7 أسرة عناية عزل. وهي أقصى حدود طاقة المستشفى. إلى جانب 3 أسرة عناية قلب. وأيضًا سريري رعاية باطنة، و11 حضانة. حيث تبين بالفحص استقرار العمل بالمستشفى.

كما أكدت الوزيرة أن خزان الأكسجين بالمستشفى كان يحوي 500 لتر في الساعة 7 مساء السبت. وأنه جرى ملء الخزان في الساعة 9 ونصف مساء، ليُصبح 5500 لتر. مشيرةً إلى أن شبكة الغازات تعمل بحالة جيدة. وأنه يوجد بالمستشفى شبكة غازات احتياطية متصلة عليها 24 أسطوانة.

مستشار الوزيرة: أمددنا جميع المستشفيات بتانكات أكسجين

أوضحت الوزيرة أيضًا أن قسم العزل كان يضم 33 مريضًا، يتم توفير الأكسجين لهم من خلال نفس الشبكة، ولم يتأثر منهم أحد. بالإضافة إلى وجود أقسام أخرى تستخدم نفس شبكة الغازات. وأن هذه الأقسام لم يتأثر أي من مرضاها. ما يؤكد عدم وجود علاقة بين حالات الوفاة وادعاء حدوث نقص بالأكسجين، بحسب تقرير مدير مديرية الصحة في المحافظة.

وكشف التقرير أن عدد المُتوفين بمستشفى الحسينية هم 4 مصابين بفيروس كورونا المستجد، سيدتين ورجلين، أعمارهم (76 ـ 67 ، 64 ـ 44). حيث تعاني سيدة ورجل منهم من مرض البول السكري. وكانت أسباب الوفاة توقف القلب، إثر احتمالية حدوث جلطة بالشريان الرئوي. وأنه بمراجعة علاج تلك الحالات، تبين اتباع بروتوكولات العلاج المتفق عليها مع تلك الحالات.

وقد أصدرت وزارة الصحة بيانًا -مساء الاجتماع- أكدت فيه تصريحات الوزيرة. بينما أكدت مستشار الوزيرة الدكتور خالد مجاهد سعي الدولة لتوفير مخزون كاف من الأكسجين الطبي بجميع مستشفيات الجمهورية منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد. وأشار إلى زيادة عدد “تانكات” الأكسجين والأسطوانات بجميع المستشفيات. فضلاً عن القيام برفع كفاءة جميع شبكات الغازات الطبية بالمستشفيات والصيانة الدورية لمنع حدوث أي أعطال أو تسريبات.

نقابة المحامين تطلب التحقيق

من جانبها، تقدمت نقابة محامين الحسينية الفرعية في الشرقية بشكوى للنائب العام. اختصمت فيها وزيرة الصحة ومحافظ الشرقية ووكيل أول وزارة الصحة ومدير مستشفى الحسينية. وطالب المحامون بفتح تحقيق قضائي موسع ومحاسبة المسؤولين والمقصرين في هذه الواقعة. وكذلك معاينة المستشفى على أرض الواقع لبيان ما بها من “إهمال وتقصير”.

المستشار محمد الشودافي -أحد الموقعين على شكوى النقابة- قال إن 40 من زملائه المحامين وقعوا على مطالبة النائب العام بضرورة مساءلة وزيرة الصحة ومسؤولي المحافظة. وذلك فضلاً عن تضامن أكثر من 400 محامي آخر، على حد قوله. بهدف فتح تحقيق عاجل فيما جرى.

وفي تصريحاته لـ “مصر 360″، أضاف الشوادفي إنه بالتحري حول الواقعة تبين أن هناك تحذيرات سابقة بغلق محابس الأكسجين منذ 5 أيام مضت تقريبًا. وأنه بالفعل وقعت الكارثة بالأمس، بعد عدم التعامل مع هذه التحذيرات بجدية.

وأوضح المحامون -في شكواهم- أن فصل أنابيب الأكسجين الموصلة للمرضى بالعناية المركزة في المستشفى أدى إلى حدوث ما يرتقي إلى القتل العمد. بينما أشار الشوادفي إلى “وفاة طفل بعناية الأطفال، إلى جانب الـ 5 الآخرين الذين ظهروا في الفيديو المتداول”. وذلك في إشارة إلى أن المتوفين ليسوا 4 فقط كما ذكرت التقارير الرسمية.

تحركت النيابة العامة وتم التحفظ على بعض الأحراز بالمستشفى، إلى جانب عدد من الموظفين، وفق ما أوضح الشوادفي. بينما أشار إلى شهادات الوفاة التي صدرت للمتوفين الأربعة بأنها لم تذكر سبب الوفاة الحقيقي، واكتفت بتدوين “التهاب رئوي حاد” سببًا للوفاة.