تراهن المنشآت السياحية المصرية على السائح المحلي لإنقاذ الموسم الشتوي المتداعي جراء الموجة الثانية لجائحة كورونا. وتحاول بكل السُبل حاليا إغرائه للقدوم إليها. وذلك عبر سلسلة إغراءات مالية وصلت إلى درجة تخفيض سعر الغرفة لـ600 جنيه؛ شاملة الإقامة الكاملة.
اضطرت غرفة المنشآت الفندقية إلى تعديل موعد مبادرة “شتي في مصر” الساعية إلى تنشيط حركة السياحة الداخلية. لتصبح من 16 يناير الجاري، بدلاً من موعدها السابق في أول فبراير. وذلك للاستفادة من تعديل مجلس الوزراء بتغيير موعد إجازات منتصف العام.
تغيرت قناعة الفنادق السياحية على مدار العقد الأخير. وأصبح السائح المحلي هو السند دائمًا للقطاع السياحي. دائمًا الحاضر في أعقاب الثورات والانفلات الأمني والحوادث الإرهابية وحتى في الموجة الأولى من جائحة كورونا التي شهدت ارتفاعًا بالرحلات الداخلية بنسبة 26%، ما قلص خسائر العديد من الفنادق والقرى الساحلية.
تتضمن العروض في “شتي في مصر” أسعار تصل إلى 600 جنيه للغرفة المزدوجة لليلة الواحدة بإقامة كاملة في مختلف الأماكن. لتكون التسعيرة واحدة في الأقصر وأسوان وشرم الشيخ والغردقة ومرسى علم في الوقت ذاته وللمرة الأولى.
تكشف لغة الأرقام أسباب تبكير مبادرة “شتي في مصر” التي تحمل اسمًا يشي بأنها كانت مخصصة في البداية للسائح الأجنبي. قبل أن تنتقل دفتها للمحلي. إذ أن نسبة الحجز في فنادق الأقصر ليلة رأس السنة لم تتجاوز 20%، وفي مقاصد جنوب سيناء لم تتجاوز 40%.
وضع سيئ تطور لأسوأ
لم تعلن الحكومة حتى الآن دراسة كاملة حول تأثير كورونا على حركة السياحة. لكن وزير السياحة خالد العناني قال، في تصريحات صحفية أخيرًا، إن مصر استقبلت أكثر من 3 ملايين سائح أجنبي خلال العام 2020. وبين هؤلاء 400 ألف فقط في الفترة من منتصف مارس وحتى نهاية يونيو الماضي.
يقول مدير بإحدى فنادق شرم الشيخ إن ليلة رأس السنة كانت تمثل له ذروة الموسم السياحي في كل عام. لكن الأمر تغير في الموسم الحالي. حتى أن غالبية الفنادق لم تتجاوز في استعداداتها وضع شجرة كريسماس ولافتة ضوئية ضمن الاحتفال بالعام الجديد.
ويضيف لـ “مصر 360″، أن نسبة الإشغال في فندقه لم تتجاوز 8% رغم ذروة الموسم في موسم إجازات بداية العام. وأن أقصى فندق في محيط منشأته السياحية لم يحقق إشغالاً يتجاوز 25% سواء بالسائح الأجنبي أم المحلي. ما يمثل أزمة كبيرة على العمالة التي يتم تشغيلها دوريًا لعدم الحاجة لها جميعًا بسبب ندرة الزبائن.
كما لم يحل الأزمة قرار الحكومة الإعفاء من سداد رسوم التأشيرة للسائحين الوافدين إلى محافظات جنوب سيناء والبحر الأحمر والأقصر وأسوان من يونيو 2020 حتى 30 أبريل 2021. وأيضًا تطبيق التخفيض على رسوم الهبوط والإيواء والخدمات الأرضية بنسب 20% على الخدمات الأرضية، و50% على رسوم الهبوط والإيواء في مطارات المحافظات السياحية الأربعة.
يقول ماجد الجمل، رئيس جمعية مستثمري طابا للتنمية السياحية، إن الوضع كان سيئًا قبل كورونا وتطور بعدها للأصعب. فالمنطقة شبه مغلقة إلا في عد قليل من الفنادق، بعدما تكالبت عليها المشكلات من أحداث الثورة، ثم السيول، فسقوط الطائرة الروسية، وحتى كورونا.
مشكلات أعقد من حلها بمبادرات
يرى الجمل أن مشكلات السياحة في بعض المناطق أعقد بكثير من حلها بمبادرة “شتي في مصر”؛ فالمنطقة تحتاج دعمًا كبيرًا من الدولة، وحلاً لأزمة الاستثمار بها حتى تعود لسابق عهدها قبل كورونا.
ووافق مجلس إدارة البنك المركزي المصري في 29 نوفمبر على مد فترة سريان مبادرة دعم قطاع السياحة لمدة عام إضافي لتنتهي بنهاية شهر ديسمبر 2021. على أن يتم خلال تلك الفترة قبول أي طلبات تأجيل لاستحقاقات البنوك لمدة حدها الأقصي 3 سنوات.
أيضًا أعلنت الحكومة أخيرًا تخصيص 50 مليار جنيه لمبادرة إحلال وتجديد فنادق الإقامة والفنادق العائمة وأساطيل النقل السياحي بدلاً من 5 مليارات جنيه. وخصصت قرضًا بقيمة 2 مليار جنيه لمساندة قطاع الطيران المدني في مواجهة جائحة كورونا. على أن تتحمل الخزانة العامة للدولة الأعباء إلى حين تحقيق الشركة معدلات تشغيل تُعادل 80% من حجم تشغيل عام 2019.
كما أطلقت الحكومة مبادرة “ضمانة” لدعم المنشآت السياحية والفندقية ذات العمالة الكثيفة. وتصدر خلالها وزارة المالية ضمانة بقيمة 3 مليار جنيه للبنك المركزي لصالح البنوك الوطنية. ويصل سعر العائد لإقراض المنشآت السياحية والفندقية 5% على أساس متناقص. وذلك لمدة تصل إلى 3 سنوات.
قبل أزمة كورونا، أسست الحكومة مجموعة وزارية خاصة بالسياحة تضم وزراء السياحة والآثار والطيران والثقافة والبيئة والتنمية المحلية والاتحاد العام للغرف السياحية للإسراع في تنمية وتنشيط السياحة والقضاء على البيروقراطية والتعقيدات الروتينية في القطاع. لكن هذه المجموعة لم تفعل إلى الآن بسبب الجائحة وتطوراتها.
سياسة ترويجية جديدة
في أواخر ديسمبر الماضي، أعلنت وزارة السياحة عن استعدادها لإطلاق استراتيجية ترويجية وتسويقية وإعلامية متكاملة، بالاتفاق مع شركة دولية كبرى، تهدف إطلاق حملة دولية للترويج للسياحة المصرية في الخارج، تستمر لمدة 3 سنوات.
هذه الخطوة يشير الخبراء إلى ضرورتها للسياحة المصرية. إذ أن إشكالية حملات التسويق السابقة تكمن في الاعتماد فقط على الإعلانات والحملات الدعائية دون التركيز على الفكر التسويقي الابتكاري للبرامج السياحية والتداخل مع منظمي الرحلات ومكاتب الطيران، إلى جانب اللقاءات المباشرة، التي قد تدعمها بشكل كبير الاكتشافات الأثرية المهمة الأخيرة في مصر على سبيل المثال. إلى جانب مجموعة كبيرة من الافتتاحات المتحفية الأخيرة.