لم يكن أكثر المتشائمين من جماهير ليفربول أو حتى المتابعين للدوري الإنجليزي الممتاز بصفة عامة، يتوقع ما حدث لحامل اللقب في آخر 3 مباريات له بالبريميرليج. فبعد الفوز الكاسح على كريستال بالاس بسباعية نظيفة في الجولة الـ 14 من المسابقة، واحتلال الصدارة بفارق 3 نقاط عن أقرب ملاحقيه أن يتوقف القطار الأحمر بعد ذلك.

3 مباريات فشل ليفربول في تحقيق الفوز على على وست بروميتش، ونيوكاسل وساوثهامبتون بواقع تعادلين وهزيمة. ليمنح منافسيه فرصة الاقتراب من الصدارة. فتساوى مانشستر يونايتد مع ليفربول ويقترب مانشستر سيتي من الصدارة ويشتعل الدوري الإنجليزي من جديد.

مخاوف جماهير ليفربول باتت متزايدة في ظل تراجع الفريق، وعدم قدرته على تسجيل أي هدف في المباريات الثلاثة الأخيرة. إضافة إلى اقتراب مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي من الصدارة وهو ما قد يهدد “الريدز” بفقدان اللقب. كما أن أسباب التراجع ما تزال قائمة، ونرصدها في التقرير التالي.

إصابات وغيابات مؤثرة

بلا شك هو حامل اللقب وبطل أوروبا النسخة قبل الماضية، فلا يمكن أن يكون لديه عذر من هذا النوع، خاصة وأن تلك الفرق الكبيرة يكون لديها البديل بمستوى قريب من اللاعب الأساسي. لكن إذا استعرضنا القائمة الطويلة من الغيابات للريدز ستدرك حجم النقص والأزمة التي يعيشها الفريق ومدربه الألماني يورجن كلوب.

خط الدفاع للريدز هو أهم خطوطه بآخر موسمين وكان أحد أسباب تفوقه ووصوله للألقاب الثمينة والغالية تلك التي حققها بعد غياب طويل عن خزينته. لكن كل لاعبيه تقريبًا تعرضوا للإصابات، فأفضل مدافع في العالم وأوروبا وقائد هذا الخط فيرجيل فان دايك، يغيب لفترة طويلة بسبب قطع في الرباط الصليبي وغضروف الركبة.

اقرأ أيضًا: محمد صلاح يصنع التاريخ ويثير الجدل: أرقام أسطورية ورحيل وشيك عن ليفربول

ثم يتبعه شريكه بمركز قلب الدفاع جو جوميز والذي أصيب مع منتخب بلاده ويغيب لنهاية الموسم، ثم الكاميروني جويل ماتيب الخيار الثالث في هذا المركز يصاب. فيما يضطر المدرب لإشراك لاعبين شباب لأول مرة في هذا المركز الحساس وكذلك يعيد لاعبي وسط للعب في الدفاع مثل فابينيو بغير مركزه. وصل الأمر للبدء معه بهيندرسون لاعب الوسط الآخر كقلب دفاع باللقاء الأخير بسبب هذا النقص الحاد والمؤثر.

بالإضافة لذلك فالنادي فقد بسبب الإصابة كذلك لنجوم أخرى ساهمت في تراجع مستواه ومن ثم نتائجه أيضًا. مثل المتألق هذا الموسم دييجو جوتا كحل هجومي قوي للغاية وفي وسط الميدان تياجو ألكانتارا واحد من أفضل نجوم العالم بمركزه. وأيضًا بديله نابي كيتا ومن قبلهم أوكسلايد تشامبرلين، هذه الغيابات العديدة والمؤثرة قللت بالتأكيد من مستوى وجودة الفريق ككل. وأدت مع عوامل أخرى لفقدان الصدارة مع النتائج المخيبة الأخيرة.

الفريق تائه وصلاح وماني خارج التركيز

مع كل تلك الإصابات المؤثرة لم يجد كلوب نفسه في وضع مريح أبدًا، خاصة مع نزول مستوى أغلب النجوم بشكل ملحوظ فنيًا وبدنيًا في المباريات الثلاثة الأخيرة. بخلاف اختفاء تام لثلاثي الهجوم المدمر صلاح وماني وفيرمينو، وهو ما يفسره عدم تسجيل الريدز سوى لهدف وحيد في 3 مباريات كاملة. أي أكثر من 270 دقيقة كاملة شهدت هدف وحيد، وهو أقل معدلات ليفربول التهديفية منذ وصول كلوب في 2015 لتدريب النادي.

اقرأ أيضًا: “أبدًا لن تسير وحدك”.. الأغنية الرسمية لليفربول والحماسية للآخرين

تراجع المستوى العام لكافة النجوم عن أدائهم الطبيعي بداية من أليسون وأرنولد وهيندرسون وفينالدوم وحتى فابينيو في غير مركزه مع الثلاثي الهجومي الخطير، بوجود تلك القائمة الكبيرة والمؤثرة من الغيابات للإصابة، يفسر حجم الكارثة الفنية التي عاشها الليفر في آخر 3 مباريات بالدوري. ويوضح حجم المعاناة التي عاشها المدرب الألماني بهم وبالتالي استحقاق حدوث تلك النتائج والعروض بآخر اللقاءات.

الأمر الأهم هو خروج النجم المصري محمد صلاح عن تركيزه تمامًا بعد حديثه عن رغبته في الرحيل وخوض تجربة اللعب في أحد عملاقي الليجا ريال مدريد وبرشلونة. الأمر الذي وضعه تحت ضغط إعلامي وجماهيري.

أما السنغالي ساديو ماني فعلى ما يبدو أن توتر العلاقة بينه وبين النجم المصري محمد صلاح قد أثر بالسلب على مستواه الفني، وعلى طريقة لعبة داخل الملعب، وقلة تمريره الكرة لصلاح وصناعته للفرص.

كلوب فقد السيطرة وافتقر للحلول

وجد الألماني نفسه في “خانة اليك” كما يقال بلعبة “الطاولة” الشهيرة. فمن ناحية، لاعبيه في انخفاض شديد لمستواهم الفني والبدني ربما مع تلاحق المباريات في فترة “البوكسينج داي”. ولم يجد وقت كافي ليعالج الأخطاء ويعيدهم لكامل ليقاتهم الفنية والبدنية المعهودة ليتألقون مجددًا بعد سباعية كريستال بالاس. والأمر الآخر هو فقده تمامًا للسيطرة على غرفة خلع الملابس وتحديدًا الأزمة القديمة الجديدة بين صلاح وماني، وتلويح الفرعون برحيله لعدم ارتياحه وتقديره الفني والمعنوي داخل أروقة ليفربول.

ولم يخرج كلوب للتحدث عن الأزمة الواضحة للكل ولم يصدر أي عقوبة أو حتى يلمح لوجود شيء. الأمر نفسه على قضية رحيل صلاح لم يعقب حتى ولو بشكل مقتضب. واكتفى بالدفاع عن الثنائي وأنهما في حال جيد ولا يوجد ثمة شيء بينهما نهائيًا والجميع بخير ومركز مع الفريق. ما يفسر وصوله لنقطة الصفر ومرحلة اليأس في إصلاح العلاقة بينهما. ما أدى لرغبة صلاح الواضحة في الرحيل بعد أن مل من هذا الوضع. بخلاف عدم تقدير مكانته بالنادي فنيًا وماديًا.

خاصة وأنه الهداف الأكبر بكل السنوات الماضية والمعشوق الأول للجماهير. لكن كلوب والإدارة لا تشعره بذلك وتعامل نجوم آخرين أقل منه وعلى رأسهم ماني بنفس المكانة التي تعامله بها رغم تفوقه الكامل في الأهداف والأداء وقيادته الفريق بشكل كبير إلى كل الإنجازات الأخيرة.

الأمر الأخير الذي يؤخذ على المدرب الألماني خلال الفترة الاخيرة وساهم كذلك بجزء منه في تلك الانتكاسة والنتائج السيئة، هو افتقاره الكامل للحلول لمجابهة كل تلك الصعوبات من إصابات وغيابات وتراجع كبير في مستوى أغلب لاعبيه، فجاءت حلوله نمطية وعادية جدًا دون أي ابتكار أو إبداع وأفكار جديدة وخلاقة من شأنها تحسين الوضع قليلاً والشكل العام، وتجنبه بعض تلك النتائج خاصة في التعادل أمام فريقي وست بروم ونيوكاسل كان من الممكن أن يخرج بالفوز بالمباراتين لو بدأ بتشكيل أفضل وتغييرات أكثر جرأة ومبكرة عن ما فعله بهما، وبالتالي يتحمل بكل تأكيد هو كذلك جزء كبير من هذه الانتكاسة على مستوى الأداء والنتائج بلا شك.