مع بداية يناير 2021 بدأ الاتحاد الأفريقي رسميًا في تفعيل الاتفاق المؤسس لمنطقة التجارة الحرة القارية، بعد تأخر عام مع تفشي وباء كورونا.
المنطقة تستهدف تحقيق التكامل الاقتصادي والدفع بمعدلات التجارة البينية بين دول القارة. إذ يتوقع أن يرتفع حجم التجارة البينية إلى 53% مع بدء سريان الاتفاق مقارنة بـ16% في 2018.
الاتفاقية تعمل على تحسين القدرة التنافسية لاقتصادات الدول الأفريقية وجذب الفرص الاستثمارية وإزالة المعوقات الجمركية وغير الجمركية من خلال خلق سوق أفريقية موحدة للسلع والخدمات.
بالإضافة إلى إلغاء التعريفة الجمركية على 90% من السلع والخدمات. إذ تنص على جمع 1.3 مليار إنسان في تكتل اقتصادي حجمه 3.4 تريليون دولار لتكون أكبر منطقة تجارة حرة منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية. بينما يتوقع البنك الدولي أن تنتشل هذه الاتفاقية عشرات الملايين من الفقر بحلول 2035.
اقرأ أيضًا.. القمة الافتراضية لمنطقة التجارة | ملامح الحلم الأفريقي في التكامل الاقتصادي
مراقبو الاتحاد الأفريقي: الاتفاقية تغير قواعد اللعبة
وصدقت على الاتفاقية 49 دولة عضو في الاتحاد الأفريقي، ويتوقع المراقبون أن تغير منطقة التجارة الأفريقية قواعد اللعبة لما لها من مميزات. على سبيل المثال ترفع الاتفاقية مكانة الاقتصادات الأفريقية وتعزز التنافسية والابتكار والنمو الاقتصادي في النهاية.
مصر كانت من بين أول 12 دولة قدمت عروضًا أولية فيما يتعلق بالفرص التجارية المتاحة، فضلًا عن تقديم جداول الامتيازات التعريفية للسلع والخدمات.
وتعتبر مصر الأولى أفريقيًا جذبًا للاستثمار المباشر، فضلاً عن المرتبة الأولى كأكبر 10 اقتصاديات في أفريقيا وفقًا للناتج المحلي الإجمالي، تليها جنوب أفريقيا والمغرب ونيجيريا وإثيوبيا.
اقرأ أيضًا.. مشروعات التعاون المائي في أفريقيا.. طموح مصري لحماية مياه النيل
تحديات التكامل الاقتصادي الأفريقي.. فرص واعدة أم معوقات
وبحسب تصريحات لمسئولين أفارقة فإن المنطقة الإفريقية الحرة بداية للانفتاح الاقتصادي وزيادة حجم التجارة البينية. بينما تواجه عددًا من التحديات لتنفيذ بنودها وتحقيق أقصى استفادة منها لصالح اقتصاد القارة.
تلك التحديات أضيف لها وباء كورونا في 2020 مع مؤشرات الدمار الاقتصادي والأزمات الصحية التي مرت بها العديد من البلدان الأفريقية.
أزمة كورونا أدت إلى مزيد من التباطؤ في معدلات النمو وارتفاع معدلات البطالة وانخفاض فرص الاستثمار.
ضعف البنية التحتية
بعيدًا عن الوباء لا تزال القارة تواجّه العديد من التحديات التي تعيق التنمية والتجارة البينية منها ضعف البنية التحتية الطرق والسكك الحديدية في أفريقيا. علاوة على الاضطراب السياسي والبيروقراطية والفساد في العديد من القطاعات الرسمية.
بنود الاتفاقية حاولت معالجة عدد من المعوقات. إذ وضعت اشتراطات لإضافة القيمة للسلع المبتادلة، خاصة وأن معظم الصادرات الأفريقية مواد خام من منتجات زراعية ومعدنية.
لكن تنفيذ هذه البنود وتحقيق النفع الأقصى منها يحتاج لتعديل شامل لاتفاقات التجارة التي تقلل من قيمة المنتجات المصنعة في أفريقيا لحساب المواد الخام.
ويرى مراقبون أن قوة السوق الأفريقية المشتركة تظل محل شك، خاصة وأن اللاعبين الأساسين من خارج القارة ذاتها مع زيادة المنافسة بخاصة من جانب الصين وروسيا وأمريكا ودول الشرق الأوسط من تركيا وإيران ودول الخليح.
اقرأ أيضًا.. معركة فرنسية -روسية على أرض أفريقيا الوسطى
في الوقت نفسه لا تزال قدرة اللاعبين المحليين على المنافسة محدودة، ما قد يهدد أي فرص للتكامل الاقتصادي في إطار يدفع النمو.
إلا أن هناك عدد من التوقعات لمنظمات بحثية ترى أن في الاتفاقية فرص واعدة.
وتشير إلى أن العديد من الدول الأفريقية لديها قيمة مضافة في كل مجال ما يعطي ميزة تنافسية مقابل الواردات من خارج القارة، فضلاً عن تأثيرها على المدى الطويل وتعزيز حركة البضائع المعفاة من الرسوم الجمركية.
من ناحية أخرى، يشجع ذلك بعض الدول إلى مراجعة سياسات تصدير المواد الخام وزيادة القدرات والاستثمارات في الصناعة، ما يشجع المستثمر الأجنبي من الاستفادة منها في بلد المنشأ وتصديرها داخل القارة بدون جمارك أو ضرائب.
تاريخ التعاون الاقتصادي
محاولات التكامل الاقتصادي تبلورت في 6 تكتلات اقتصادية وفق الأقاليم الجغرافية والتي قامت بهدف التكامل الاقتصادي البيني، والتحرر من التبعية الاقتصادية والتخلص من آثار الاستعمار.
وتضم القارة التجمع الاقتصادي لدول الغرب، واتحاد اقتصادي للوسط، والسوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقى (كوميسا)، ومنظمة (إيجاد) لبلدان شرق إفريقيا، واتحاد المغرب العربي، وتجمع تنمية الجنوب الأفريقي.
إلا أن التجربة أثبتت أن معظم هذه التكتلات كانت هشة وضعيفة على مستوى التسيق السياسي والاقتصادي، فيما عدا بعض التجارب والنجاحات المحدودة.
اقرأ أيضًا.. بين ناري الفقر والوباء.. التداعيات الاقتصادية لكورونا على القارة السمراء
عوامل خارجية
ووفقًا لعدد من الدراسات حول أسباب فشل التكتلات الاقتصادية الأفريقية فإن معظمها جاء لعوامل خارجية تسببت بشكل مباشر وغير مباشر في إضعاف هذه الكيانات. حيث لا تزال معظم البلدان الأفريقية مقتصرة على كونها منتج للمواد الخام وسوقًا لما ينتجه العالم المتقدم من سلع فضلًا عن سيطرة الدول المتقدمة على منابع الخام.
وتقسيم العمل الدولي في موضع المنتج للمواد الخام، وفي موضع سوق التصريف لما ينتجه العالم المتقدم من سلع وخدمات. لذلك، فإن هذا الفاعل الخارجى مسئول عن أول وأهم أسباب ضعف التكتلات الاقتصادية فى إفريقيا.
ويبقى تحقيق حلم “إفريقيا الموحدة” رهن توافر سياسات جادة لتحقيق التكامل والنمو الاقتصادي في مواجهة النهب المنظم لمواردها وثرواتها الطبيعية.
كذلك رهن تحولها لساحة صراع المصالح بين القوى السياسية والاقتصادية الدولية، وحتى لا تتحول منطقة التجارة الحرة لمجرد حبر على ورق دون سياسات تنفيذية واضحة لبنودها.