برأت محكمة مستأنف القاهرة الاقتصادية، اليوم الثلاثاء، حنين حسام ومودة الأدهم و3 آخرين من تهمة التعدى على القيم والمبادئ الأسرية، وإلغاء حكم محكمة جنح القاهرة الاقتصادية بمعاقبتهن بالحبس سنتين وغرامة 30 ألف جنيه، مع تأييد الغرامة لمودة الأدهم فقط، ليكون هذا الحكم بمثابة الصفحة الأخيرة في تلك القضية التي شغلت الرأي العام لفترة، وعرفت إعلاميا باسم قضية “فتيات التيك توك”.

اتهامات فتيات التيك توك

المتهمتان واجهتا 9 اتهامات قامت على إثرها النيابة العامة بإحالتهما بصحبة 3 آخرين للجنايات، وهى “الاعتداء على قيم ومبادئ الأسرة المصرية والمجتمع، اشتركا مع آخرين فى استدراج الفتيات واستغلالهم عبر البث المباشر، ارتكاب جريمة الإتجار بالبشر، تلقيا تحويلات بنكية من إدارة التطبيق مقابل ما حققاه من مشاهدة، نشر فيديوهات تحرض على الفسق لزيادة نسبة المتابعين لها، التحريض على الفسق، عضوتان بمجموعة “واتس أب” لتلقى تكليفات استغلال الفتيات، تشجيع الفتيات المراهقات على بث فيديوهات مشابهة، الهروب من العدالة ومحاولة التخفى وتشفير هواتفهما وحساباتهما”.

اقرأ أيضا:

 

“التيك توك”.. تطبيق 2020 الذي أزعج ترامب وقاد الفتيات للسجن

نسخة 2020 الأخلاقية المتشددة.. “قيم الأسرة” تطارد نساء مصر

انتصار للقانون

حسين البقار، محامي حنين حسام، قال لـ”مصر 360″، إن هذا الحكم يعد انتصارا للقانون وليس انتصارا لحنين على القانون كما يتصور البعض “القانون انتصر لنفسه على أساس قضاء عادل، وحكم بالعدل على حنين”، ولكنه لا يتفق مع المحتوى التي كانت تقدمه حنين عبر التطبيق “لا أعتبر هذا الحكم انتصارا أيضا لتطبيق تيك توك، فأنا لا أرغب في عودة حنين لهذا المحتوى ولم أؤيده منذ البداية”.

دفع محامي حنين في مرافعته عن موكلته ببطلان التهم الموجهة إليها، وقال إنه عند فحص رسائل حنين عبر الهاتف الخاص بها، لم تجد النيابة أي رسالة خاصة بمحتوى تحريضى كما وجه لها في الاتهامات.

قضية حنين حسام ومودة الأدهم نالت متابعة إعلامية كبيرة، منذ بدايتها، ما بين رفض تام للقبض عليهما من الأساس وتوجيه التهم لهما، ورفض تهمة الاعتداء على القيم الأسرية، وبين ترحبيب بالقبض عليها لتقديمهما محتوى لا يليق.

من هي حنين حسام “هرم مصر الرابع”؟

البداية كانت في أبريل الماضي، عندما ألقى القبض على حنين حسام الطالبة بكلية الآثار بجامعة القاهرة، التي يلقبها متابعوها بهرم مصر الرابع، بعد قرار الدكتور محمد الخشت، رئيس جامعة القاهرة، بإحالتها إلى التحقيقات بالجامعة، لقيامها بسلوكيات تتنافى مع الآداب العامة والقيم والتقاليد الجامعية. حينها قررت محكمة العباسية إخلاء سبيل حنين بكفالة قدرها 10 آلاف جنيه، في يونيو الماضي، واستأنفت النيابة على قرار إخلاء سبيلها.

حنين تبلغ من العمر 21 عاما، وهي واحدة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بكثرة، وخاصة تطبيق الـ”تيك توك”، ويتخطى متابعوها المليون متابع، وتشتهر يتقديم محتوى متنوع بين فيديوهات للرقص على أغاني شعبية، مع استخدام المؤثرات البصرية بها.

حنين حسام

حنين حسام هرم مصر الرابع
حنين حسام هرم مصر الرابع

وبجانب الـ”تيك توك”، استخدمت حنين تطبيق “لايكي”، وهو يتيح البث المباشر مقابل الحصول على الأموال، ويستخدم في العديد من الدول، ويقدم محتوى ترفيهي وتعليمي، وأيضا عرض وصفات طعام وتمارين رياضية.

سبب القبض على حنين، جاء بسبب مقطع فيديو مدته 3 دقائق، قالت خلاله “قعدتنا بالبيت جات بالخراب علينا. ناس كتير أشغالها تعطلت. ناس كثيرة عندها مشاكل مادية الفترة دي. عشان كدة عملت وكالة على لايكي (..). أنا عايزة جروب بنات. بس أي شب حيدخل عشان حيعمل مشكلة أو يضايق (..) حتشوفو بعنيكو هيحصل إيه. ده أكل عيش فما تكون إنت سبب في أذى حد”.

ووضعت حنين مواصفات للفتيات المشتركات بألا تقل أعمارهن عن 18 سنة، وتوفير إضاءة جيدة وشبكة إنترنت متوفرة، وأكدت أنها لا تطلب فتيات لا يرتدين ملابس وحذرت من أي تجاوزات، لتبدأ حملة الهجوم عليها من قبل إعلاميين، بجانب تعليقات سلبية عبر مواقع التواصل تتهمها بدعوة المصريات لممارسة الدعارة.

ويعاقب قانون جرائم تقنية المعلومات (رقم 175) لسنة 2018، بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصري.

 مكاريوس لحظي، المحامي بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، قال إنه حضر مع حنين الجلسات الأولى، وحصلت على إخلاء سبيل في الجلسة الأولى لكن النيابة استأنفت على القرار “حنين كان نفسها تخش كلية إعلام، واللي حصل إنها دخلت آثار، وهي زي غيرها ليها حسابات على التواصل الاجتماعي ومتابعين، ومنهم اللي بيكون ليه فولوز أكتر مع المحتوى اللي بيقدموه، وهي مكنتش بتقلع في المحتوى اللي بتقدمه ولا بتدعي لأي فجور أو فسق زي متقال”.

وتابع لحظي: “في المحكمة الدنيا كانت بتتقلب في اليوم اللي بتيجي فيه جنين، وأجواء زي شاهد الفضيحة الآن، لدرجة إن حد من هيئة الدفاع قال لازم يشوفوها مكسورة علشان يخرجوها، وكل مرة بيتم تجديد الحبس دون أي دليل، حنين أخلى سبيلها 3 مرات وفي كل مرة كان بيتم الاستئناف، وكان بيتطلب منها من المحامين ومن أهلها انها تعتذر ومتردش قدام المحكمة، لأنها كانت بتطلع تبكي ومش فاهمة إيه اللي بيجرالها”.

مودة الأدهم

مودة الأدهم قابلت مصير مماثل، وهي واحدة من مشاهير برنامج الـ”تيك توك”، أيضا، وألقى القبض عليها بتهمة نشر مقاطع تحرض على الفسق والفجور وتخل بالقيم الأسرية، أثناء تواجدها داخل “كمبوند” في مدينة 6 أكتوبر، بعد نشرها فيديوهات ترتدي بها ملابس وصفت بأنها فاضحة، وتخدش الحياء العام.

مودة من مواليد مدينة مرسى مطروح، انتقلت للإقامة في القاهرة، وألقى القبض عليها من قبل في مارس الماضي مارس، بتهمة خرق حظر التجول بالشوارع المصرية، وتصويرها فيديو وبثه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

الإعلامية لميس الحديدي، كانت أعلنت من قبل استضافتها في برنامجها “القاهرة الآن”، ولكنها تراجعت عن استضافتها بعد حالة الجدل التي أثيرت حول الحلقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتم إبلاغها أنه تم إلغاء فقرتها في الحلقة.

مودة الأدهم
مودة الأدهم

حينها خرجت مودة في بث مباشر، وقالت خلاله “مش عارفة أعمل إيه؟.. ماعنديش مشكلة كنتم تبلغوني الصبح بتأجيل الحلقة قبل دخولي القاهرة، إزاي تعملوا كده؟.. وهو عدم تقدير وحسبي الله ونعم الوكيل فيكم”.

حكم على مودة بالحبس عامين، وغرامة قدرها 300 ألف جنيه، وقال محاميها أحمد البحقيري، إن موكلته رفضت توقيع كشف العذرية عليها، وأيضا رفضت الكشف عن “فورمة” توقيعها للكشف عن حساباتها البنكية، وأشار إلى أن هذا الأمر لم يكن ضمن سير التحقيقات في القضية، ومن حق موكلته الرفض.

وطلب دفاع مودة الأدهم، من المحكمة استخراج صورة رسمية من محضر مباحث التكنولوجيا والمعلومات في 2 أبريل الماضي، لسرقة الهاتف الخاص بموكلته ومحاولة ابتزازها بالصور الخاصة على الموبايل.

كشف محامي مودة أن القضاء كان رحيما بموكلته، والحكم على موكلته، بعامين و300 ألف جنيه غرامة، يعد إنجاز قانوني مقابل كل تلك الاتهامات الموجهة إليها، لأن كل تهمة لها حكم مختلف، حتى حصلت على البراءة، مع دفع الغرامة، وسيتم دفع الغرامة لتنفيذ إجراءات إخلاء السبيل، ومعها سيتم التقدم بطعن على الغرامة الموقعة على المتهمين.

رفض لتقييد الحريات على الإنترنت

مؤسسات حقوقية عدة اهتمت بالقضية مع المطالبة بالتوقف عن تقييد الحقوق والحريات على الإنترنت.ودعت المؤسسات السلطات المصرية بضمان الوصول الحر إلى المعلومات من مصادر مختلفة لا يتعارض مع طبيعة الظروف الطارئة التي تمر بها مصر والعالم.

وذكرت تلك المؤسسات في بيان مشترك: “اكتسبت بعض تطبيقات التواصل الاجتماعي شعبية واسعة في مصر خلال فترة حظر التجوال ودعوات العزل الذاتي في المنازل التي صاحبت انتشار فيروس “كورونا المستجد”، خاصة بعد اتجاه العديد من الفنانين والأشخاص ذوي الشهرة إلى نشر محتويات متنوعة عبر هذه التطبيقات، مما ساهم في اتساع قاعدة متابعيها. وقد ألقت السلطات المصرية القبض على بعض مستخدمي هذه التطبيقات على خلفية استخدامها في نشر مقاطع مصورة. وتطالب المؤسسات الموقعة على البيان السلطات المصرية، بالتوقف عن فرض أي قيود على حرية استخدام الإنترنت وتطبيقات التواصل الاجتماعي أو القبض على الأفراد بسبب ممارسة حقوقهم وحرياتهم على الإنترنت”.

وأوضح البيان أن تلك الاتهامات تستند إلى مواد دستور 2014 التي مكنت من التأطير الدستوري للربط ما بين جريمتي الدعارة والإتجار بالبشر بشكل مباشر كوحدة واحدة. والذي أدى بدوره إلى تغيب دور مؤسسات الدولة الخاصة بالمرأة ومنظمات حقوق النساء في مثل هذه المواقف التي تحتاج فيها لدور مثل تلك المؤسسات المتعلق بتقديم الاحاطة والرعاية اللازمة لمعالجتها، ووقع عليها كلا من مسار (مجتمع التقنية والقانون)، ومركز دعم للتحول الديمقراطي وحقوق الإنسان، واكسس ناو، ومنظمة ويتنس، وسميكس، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.

المنظمة الموقعة أبدت مخاوفها، حول دعوة النائب العام للتوسع في السياسات التشريعية المُتعلقة بالفضاء السيبراني، وما قد يترتب على ذلك من فرض قيود على حرية التعبير أو انتهاك لخصوصية مُستخدمي التطبيقات المختلفة، وتأتي هذه المخاوف في ظل توافر دلالات على تطبيق قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الذي يفرض عقوبة الحبس وغرامة مالية لجرائم أخلاقية يصعب معرفة أركانها، أو التأكد من صحتها، مثل جريمة الاعتداء على المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري.

12 واقعة انتهاك رقمية

وفي تقريرها الربع سنوي الثالث لحالة حرية التعبير في مصر، أوضحت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، أنها رصدت  خلال الربع الثالث من عام 2020، 12 واقعة انتهاك، شملت 18 حالة منها: القبض على مستخدمي التطبيقات وملاحقتهم قضائيا وفقًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، تحت دعاوى المحافظة على الأخلاق والقيم الأسرية، وكذلك استمرار ملاحقة ناشطين سياسيين ومستخدمين للإنترنت ممن يعبرون عن آراء مناهضة للسياسات الحكومية. ورصدت المؤسسة صدور أحكام بالسجن على 8 من مستخدمي تطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي تتراوح بين سنتين إلى 6 سنوات.

تدخل صيني

تداول قضية فتيات التيك توك على نطاق واسع دفع السفير الصيني بالقاهرة لياو ليتشيانع إلى مخاطبة النيابة العامة بشأن الفتيات اللواتي قبض عليهن بسبب استخدامهن تطبيقات ترفيهية صينية.

وأكد السفير الصيني أن شركة “بيجو” الصينية، التي تنتج تطبيق لايكي، تتفهم الجرم المرتكب من قبلها، وتلتزم بكافة الإجراءات القانوينة المصرية وعادات وتقاليد المجتمع، وذلك بعد حديثه عن حنين حسام المتهمة في القضية.