“بمناسبة قرب انتهاء دور الانعقاد الأول وبمراجعة ما تم من أعمال وأنشطة اللجنة وعدم تعاون رئاسة المجلس وأمانته والحكومة في عدم الاستجابة للمذكرات والطلبات التي سبق تقدمها من اللجنة وأعضائها وتخص قضايا وشكاوى المواطنين ومظالمهم وأيضا ما يخص التواصل مع العالم الخارجي في التزامات مصر الدولية والدفاع عن صورة مصر، أرجو قبول استقالتي من رئاسة اللجنة”، كان هذا نص استقالة النائب السابق محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، من منصب رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، في أغسطس 2016، بعد عام واحد فقط من العمل.

استقالة السادات جاءت بعد إعلان علي عبد العال، رئيس المجلس آنذاك، أن أحد النواب تقدم بشكوى إلى إحدى المؤسسات الدولية ضد البرلمان، ما أثار جدلا واسعا داخل أروقة البرلمان المصري، وبدأ النظر له باعتباره يشوه صورة البرلمان والدولة المصرية. أمس وبعد مرور قرابة 4 سنوات انتخب البرلمان النائب طارق رضوان رئيسا للجنة حقوق الإنسان.

“قوالب الحرية وحقوق الإنسان الغربية لا تتناسب مع كل المجتمعات العربية أو دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكل دولة تدرك طبيعة التركيبة المجتمعية الخاصة بها”، تصريحات سابقة أطلقها النائب طارق رضوان، الذي كان يشغل وقتها منصب وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، قبل أن يرأس اللجنة ثم ينتقل للجنة الشؤون الأفريقية في البرلمان ويتولى رئاستها أيضا.

وعلى الرغم من تواجد طارق رضوان على رأس لجنة الشؤون الخارجية والأفريقية خلال البرلمان الماضي، إلا أنه هذه المرة يعود بدور جديد تمامًا ليرأس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان خلفًا للنائب علاء عابد، الذي ظل مسيطرًا على عمل اللجنة خلال دورة البرلمان الماضي.

عابد ابتعد  تماما عن الملف الذي تولاه محمد أنور السادات في الفترة الأولى من عمر مجلس 2015، بعدما انتخب رئيسا للجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب.

اقرأ أيضًا: “حقوق الإنسان في مصر”.. قراءة في توصيات الاستعراض الأخير

 

إستقالة رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري
محمد أنور السادات

الإشارة هنا للسادات هي محاولة للبحث عن كيف تدار أمور لجنة حقوق الإنسان في البرلمان وكيف يكون اختيار الشخص المسؤول عنها، فعلاء عابد قبل دخوله مجلس النواب دورة 2015 اتهم في قضايا تعذيب حينما كان ضابطا في جهاز الشرطة، وحين دخل البرلمان ورحل السادات جاء على رأس لجنة حقوق الإنسان، وهي إشارة اعتبرها البعض سلبية إلى حد كبير سواء باستقالة السادات أو بقدوم علاء عابد، فالأول تربطه علاقات وثيقة بالعاملين في المجتمع المدني، باعتباره عضوا في مجلس إدارة الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، والآخر محسوب على أعداء عمل الجمعيات الأهلية بشكل عام.

شهدت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان السابق وخلال فترة تولي علاء عابد انتقادات من داخل وخارج مصر كثيرًا مع تكرار القبض على النشطاء السياسيين والتضييق على المنظمات الحقوقية في مصر، كما أن اللجنة على لسان أعضائها اختصرت دورها الحقيقي في بعض الزيارات للسجون الجنائية وإعداد تقارير للرد أو الهجوم على أي بيان لمنظمة دولية تهاجم الملف في مصر.

علاء عابد: الدولة تكفلت بحماية حقوق الإنسان والعفو الرئاسى أكبر دليل | الموقع الرسمي للنائب علاء عابد
علاء عابد

طارق رضوان من الخارجية لحقوق الإنسان

المتابع لأداء رضوان تحت قبة البرلمان سيكون مدركا إلى حد بعيد بقراءة تصريحاته لاستراتيجيته في التعامل مع الملف الحساس، والذي لطالما نال انتقادات كبيرة من منظمات دولية كبيرة في الأشهر الأخيرة، على خلفية حبس قيادات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي القضية التي تدخلت فيها حكومات أوروبية للإفراج عن الثلاثي المحبوس بتهمة إدارة نشاط غير قانوني.

اقرأ أيضا:

الكشف عن كواليس إخلاء سبيل قيادات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية

رضوان إلى جانب أنه يفضل التفرقة في الملف ما بين “حقوق الإنسان التي يريدها الغرب”، وهي الحريات بشكل عام، وحبس المعارضين والصحفيين، وبين رؤيته هو والتي ترى أن حقوق الإنسان بمفهومها العام والأشمل والذي يتماس مع كل الملفات تقريبًا وهي “السكن والتعليم والمرافق والرعاية الصحية، وتحسين مستوى المعيشة، وتوفير أبسط حقوق الإنسان، من إصلاح للبنية الأساسية وتقديم مستوى تعليم جيد وتوفير مياه صالحة للشرب وتقديم خدمات مرفقية تؤهله لمستوى معيشة جيد”.

كما كان رضوان أشد الرافضين لتعليق أمريكا أو البرلمان الأوروبي على الملف الحقوقي في مصر، حيث صرح في وقت سابق: “إذا كانت أمريكا تتحدث عن ممارسات حقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية وربط المساعدات الأمريكية على أساس حقوق الإنسان في مصر فهذا يعد تدخلا في الشأن الداخلي المصري”.

اقرأ أيضًا: حقوق الإنسان: مصر.. خطوة للأمام وعشرة للخلف

البحث عن حل للملف الحقوقي

في نهاية ديسمبر الماضي، صوَت البرلمان الأوروبي على مشروع قرار ينتقد أوضاع حقوق الإنسان في مصر وجاء التصويت على مشروع القرار بأغلبية أصوات بلغت 434 من أعضاء البرلمان الأوروبي، في مقابل اعتراض 49 وامتناع 202.

واحتوى قرار البرلمان الأوروبي 19 بنداً، أبرزهم الدعوة إلى إجراء مراجعة عميقة وشاملة لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر، لأن “وضع حقوق الإنسان (فيها) يتطلب مراجعة جادة”، وطالب بـ”الإفراج الفوري وغير المشروط عن المحتجزين تعسفيا والمحكوم عليهم لقيامهم بعملهم المشروع والسلمي في مجال حقوق الإنسان”، من بينهم “عزت غنيم، وهيثم محمدين، وعلاء عبد الفتاح، ماهينور المصري، محمد الباقر، هدى عبدالمنعم، إسلام الكلحي، عبدالمنعم أبو الفتوح، إسراء عبد الفتاح، زياد العليمي، رامي شعث، سناء سيف وسولافة مجدي وكمال البلشي”.

ولا يعد هجوم البرلمان الأوروبي استثناء، إذ شهد  ملف حقوق الإنسان في مصر خلال السنوات الماضية العديد من الأزمات والانتقادات الدولية، لذا تبدو مهمة طارق رضوان مختلفة نوعا ما عن المهمات الأخرى التي أسندت إليه في لجان الشؤون الأفريقية والعلاقات الخارجية.