مازالت ردود الأفعال تتوالى برلمانيًا وقضائيًا على قرار الجمعية العامة لشركة الحديد والصلب بحلوان بإعلان تصفية الشركة، وسط جدل واسع حول مدى صواب القرار وتوقيت إعلانه، ومصير العمال.
إعلان تصفية الشركة تم قبل يوم واحد من انعقاد الفصل التشريعي الجديد للبرلمان، ما أثار ردود فعل واسعة حول المسائلة المتوقعة من البرلمان الجديد حول الشركة.
اقرأ أيضًا.. خالد علي يكتب: هل تعلم أن شركة الحديد والصلب المصرية…..؟
استجواب وطلب إحاطة في البرلمان الجديد
النائب مصطفى بكري أعلن تقديم استجواب برلماني حول مسؤلية الحكومة وتعمدها عدم إصلاح أو تطوير شركة الحديد والصلب، ما أدى لقرار التصفية.
بكرى وصف قرار التصفية بـ”غير المنصف والجائر” خاصة أن القرار يمس صناعة مهمة واستراتيجية. كما أنه لا يعبر عن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي في أكثر من مناسبة للحكومة بتطوير الشركات الحكومية ذات الأهمية الاستراتيجية.
النائب قال لـ”مصر 360″ إن قرار التصفية يؤكد أن وزير قطاع الأعمال جاء للخصخصة ويجب التصدي له بكل قوة. كما لفت إلى أن الوزير ذكر في أحد حواراته سعيه لإغلاق عدد من الشركات المملوكة للحكومة لعدم القدرة على تطويرها.
اقرأ أيضًا.. بعد “الحديد والصلب”.. “الدور على مين” في تصفية شركات الدولة؟
“اتضح للجميع طريقة تفكير وزير قطاع الأعمال القادم من أجل بيع أملاك الدولة”. على حد وصف بكري.
“تقدمت بطلب الاستجواب من أجل الوقوف على أسباب القرار الصادم. وأملك مستندات تؤكد أن القرار جائر وأن هناك أمال في تطوير الصناعة وعدم تشريد العمال البالغ عددهم بالآلاف. كما اعتقد أن حضور الوزير إلى البرلمان والوقوف تحت القبة سيؤكد دور المجلس في محاسبة الحكومة” يقول بكري.
وتابع: “إن كان الغرض من تصفية الشركة بيعها لصالح رجال الأعمال ليتحكموا في الصناعة، فأنا أطالب ببيعها إلى القوات المسلحة لما تملكه من قدرة على إدارة الشركات وتحقيق النجاح”.
والمعلوم أن 83% من أسهم الحديد والصلب مملوكة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، وهي واحدة من 8 شركات قابضة تستحوذ على 119 شركة تابعة، من المقرر أن تنخفض في 2021 إلى 90 فقط.
الجمعية العامة غير العادية للشركة قالت إن التصفية جاءت في ظل غياب رؤية واضحة للإدارة أو البحث عن حلول لوضع الشركة التي تأسست عام 1954 على الطريق الصحيح. كما أن الشركة خسرت أكثر من نصف رأسمالها.
الحديد والصلب.. تصفية شركة استراتيجية
الشركة لها بعد استراتيجي، فهي تنفرد بإنتاج الحديد الزهر من مناجم الواحات البحرية، وتحوله إلى منتج نهائي قادر على المنافسة في الأسواق العالمية. كما أنها تعتمد تكنولوجيا التصنيع على استخلاص الحديد من خاماته الأولية.
عضو صناعة النواب: شركة الحديد والصلب تعرضت لمؤامرة
أما أحمد بلال عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، عدد أسباب تصفية الشركة، ويأتي على رأسها رفض إلزام شركة النصر لإنتاج الكوك بتقديم الفحم اللازم لإنقاذ الحديد والصلب. كما أن القرار يهدف لرفع الدعم عن الطاقة ما يزيد قيمة استهلاك شركة الحديد والصلب بحسب ما قال.
بلال أضاف لـ”مصر 360″ أن الشركة القابضة تعمدت إلحاق الخسارة بالحديد والصلب وتوريطها في خسائر بالملايين للوصول إلى قرار التصفية.
وأوضح أن القرار يبدو في ظاهره محاولة للإنقاذ، إلا أنه في حقيقة الأمر تعمد للخسارة. إذ يبدو جليًا أن وزير قطاع الأعمال يستهدف تخصيص شركات الدولة دون أن يضع في اعتباره أن شركة الحديد والصلب تدخل ضمن الدعم الاستراتيجي للدولة المصرية.
أما عن تحركه تحت قبة البرلمان قال بلال، إنه بصدد التقدم بسؤال عن أسباب ودوافع قرار تصفية الشركة، وبعدها سيتخذ خطوة أخرى لوقف نزيف الشركات الحكومية.
لجنة تقصي حقائق
النائب عبدالمنعم إمام، عضو مجلس النواب، أعلن هو الآخر التقدم بطلب إحاطة موجهًا لرئيس الوزراء حول تصفية الشركة، وقال إن التصفية ستكون لها تأثير مدمر على آلاف العاملين بالشركة. كما أنها تعمل في صناعة استراتيجية يجب أن تحقق أرباحًا تعطي قيمة مضافة كبرى للاقتصاد المصري.
رئيس حزب العدل طالب بمحاسبة من حولوا الشركة للخسارة ثم التصفية وتشريد 7500 مهندس وفني وموظف مع أسرهم، كما طالب بوقف التصفية فورًا وتشكيل لجنة تقصي حقائق، وإعادة تأهيل الشركة وتزويدها بالمعدات والكوادر القادرة.
تحرك قانوني
وفي أول تحرك قانوني لوقف قرار تصفية الشركة تلقت محكمة القضاء الإداري، أول دعوى تطالب بوقف تنفيذ قرار التصفية.
وبحسب الدعوى فأن شركة الحديد والصلب تمتلك أصولًا ضخمة غير مستغلة، منها أراضٍ تصل إلى 790 فدانًا بمنطقة التبين، فضلًا عن 654 فدانًا وضع يد بالواحات البحرية. كما أنها تمتلك 54 فدانًا مشتراه من الشركة القومية للأسمنت منذ عام و45 ألف متر مربع في أسوان.
وسردت الدعوى أهمية ودور الشركة ومدى أهميتها للأمن القومي. إذ أنها دليلًا على قوة الدولة المصرية وقدرتها على إدارة مصانع وتحقيق النجاح من خلالها.
التحالف الشعبي: مقاومة الخصخصة
وفي سياق الرفض، دعا حزب التحالف الشعبي الاشتراكي المهتمين والمهمومين بمستقبل مصر من أحزاب ونقابات وعمال للمشاركة في تأسيس “الحملة الشعبية لمقاومة الخصخصة وتصفية الشركات”.
وبحسب بيان التحالف، فإن الهدف من الحملة وقف سيل الخصخصة وبيع أصول الدولة، لافتًا إلى أن ما يحدث على أرض الواقع ماهو إلا تصفية كاملة للمصانع المنتجة وتحويلها لمشروعات عقارية لنفقد إنتاجها ويتشرد عمالها.
رد الحكومة
من ناحيتها، أصدرت وزارة قطاع الأعمال العام، بيانًا للتعليق على أزمة الشركة في عدد من النقاط كالأتي:
– رأس مال الشركة المدفوع 1.9 مليار جنيه موزعًا على 976872278 سهم بقيمة أسمية للسهم 2 جنيه.
– الجمعية العامة للشركة انعقدت في 11/1/2021 برئاسة المهندس محمد السعداوي رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، وقررت تصفية الشركة بعد محاولات كثيرة للإصلاح ووقف نزيف الخسائر.
– بلغت خسائر الشركة المرحلة في 30 يونيو 2020 حوالي 8.5 مليار جنيه.
– تؤكد الوزارة أن الأولوية الأولى هي الحفاظ على حقوق ومكتسبات العاملين وإعطاءهم كافة الحقوق المكفولة لهم قانونًا.
– الطاقة التصميمية للمصنع 1.2 مليون طن صلب/سنة وأدت الحالة الفنية المتدنية إلى إنتاج 133 ألف طن فقط في العام المالي 2017 /2018 بنسبة 11% من الطاقة التصميمية.
– وصلت الطاقة الإنتاجية إلى 10% في 30 يونيو 2020.
– انخفاض الطاقات الإنتاجية أدى إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج بالمقارنة بسعر البيع.
خسائر بمئات الملايين
– تكلفة إنتاج الطن في القطاعات الثقيلة تبلغ 34.8 ألف جنيه وبلغ متوسط سعر البيع 9 آلاف جنيه. بينما بلغ متوسط تكلفة الطن من الصاج البارد 34.7 ألف جنيه في حين بلغ متوسط سعر البيع 11 ألف جنيه.
– بلغ متوسط أرباح الشركة السنوية من 1997 إلى 2007 حوالي 31 مليون جنيه مصري. بينما حققت في العقد التالي 2008/2017 خسائر سنوية بمتوسط 440 مليون جنيه مصري، حيث بلغت الخسائر في 2017/2018 (900 مليون جنيه) وفي 2018 /2019 بلغت 1.5 مليار جنيه.
– وبلغت الخسائر في 30/6/2020 مبلغ 8.2 مليار جنيه. كما بلغت المديونيات على الشركة 8.3 مليار جنيه للغاز والكهرباء وشركة الكوك والضرائب وجهات أخرى. بينما يبلغ عدد العاملين في الشركة 7114 عاملًا، في 30/6/2020.