انطلق عدد من كبار الكتاب في طرح التساؤلات حول أسباب وتداعيات قرار تصفية شركة الحديد والصلب المصرية، وخسارة أحد أعمدة الصناعة الاستراتيجية، ومدى أهميتها للأمن القومي المصري، فضلا عن مدى إمكانية تطوير الصناعة بدلا من قرار التصفية.
وراح الكتاب الصحفيون يعددون سبل حماية الصناعة وكيفية السعي لوضع حلول واستراتيجيات جديدة بديلا عن التصفية وتسريح العمال وخسارة صناعة هامة تعد واحدة من أعمدة الصناعات الوطنية.
حمدي يرزق يناشد السيسي لإنقاذ شركة الحديد والصلب
وروى الكاتب الصحفي حمدي رزق، في مقال له بجريدة “المصري اليوم” تفاصيل جلسة جمعته بوزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق، رجاه خلالها أن يمنح شركة الحديد والصلب فرصة أخيرة لعل وعسى، وأن يؤخر تصفيتها إلى أجل بعيد، فقلعة الحديد والصلب ليست شركة عادية بل تحتل جزءًا من التاريخ الوطني.
وذكر الكاتب الناصري أنه بالرغم من أن شركة الحديد والصلب تخسر مليارًا ونصف المليار، و٩٠٠ مليون جنيه تواليًا في العامين الأخيرين، فضلا عن تقلص إنتاجها إلى ١٠٠ ألف طن سنويًا من إجمالى ٧ ملايين طن تنتج سنويًا فى مصر.
وطالب رزق الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة التدخل لوقف أعمال التصفية الجارية، وتكليف مؤتمنين لبحث إمكانية إعادة الشركة للحياة، فى مهمة إنقاذ عاجلة.
ولفت الكاتب الصحفي إلى إطلاق الرئيس برنامجًا لتحديث الصناعة الوطنية، تشمل كافة الصناعات مثلما جرى مع شركات الغزل والنسيج من تطور تكنولوجي بأحدث الآلات ووفرة الإمكانيات والاستثمارات.
اقرأ أيضا:
خالد علي يكتب: هل تعلم أن شركة الحديد والصلب المصرية…..؟
تساؤلات زياد بهاء الدين
وفي “المصري اليوم” أيضا، طرح المحامي زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق، تساؤلات عديدة حول أسباب وجدوى القرار وحتمية تنفيذها فضلا عن التوقيت المناسب لإعلان مثل هذا القرار.
وقال بهاء الدين في مقاله المنشور بتاريخ 14 يناير: «هل كان حتميًا أن يصل المجمع إلى الحالة الراهنة التى يتكبد فيها سنويًا هذه الخسائر الباهظة، أم أن الوضع كان يمكن تداركه؟».
وانسحبت تساؤلاء بهاء الدين إلى أسباب الخسائر وما إن كانت تصنيفها مرتبطة بسوء الإدارة أو الشكل الهيكلي للشركة قائلا: «ما أسباب الخسائر الكبيرة والمتراكمة التى تحتم التصفية، هل هى أسباب هيكلية لا أمل فى إصلاحها، أم سوء إدارة يمكن تداركه، أم نقص تمويل يمكن تدبيره، أم زيادة مفرطة فى العاملين يمكن التعامل معها ببرنامج للمعاش المبكر يحافظ على حقوقهم وعلى استمرار المجمع».
ولم يفت على بهاء الدين أن هناك رجال أعمال جمعوا ثروتهم جراء العمل في مجال الحديد والصلب متساءلا: «لِمَ تحقق صناعة الحديد والصلب المملوكة للقطاع الخاص أرباحا، بينما لا تحقق سوى خسائر للقطاع العام؟».
وتابع في سرد تساؤلاته: «ما البدائل الأخرى التى جرى التفكير فيها ودراستها قبل الوصول لقرار التصفية، وما مؤشراتها وتوقعاتها التى جعلتها غير قابلة للتطبيق؟، وما أسلوب التصفية المزمع تنفيذه (بما يتجاوز ما تم الإعلان عنه بشكل مقتضب)، وهل يتضمن بيع أصول المجمع «خردة» أم آلات منتجة؟ وهل يتم استخدام الأرض الشاسعة التابعة له لسداد المديونيات فقط أم للبيع لمستثمرين آخرين؟».
السناوي يعيد سرد التاريخ
اختار الكاتب الصحفي عبدالله السناوي، مدخل التاريخ للحديث عن أزمة قرار تصفية شركة الحديد والصلب، وكيف يمثل ذلك القرار خطورة كبيرة على مكتسبات قومية وقعت أحداثها في أعقاب ثورة يوليو.
وسرد السناوي في مقاله المنشور بتاريخ 13 يناير، بجريدة “الشروق” قصة عن الفائدة المعنوية للصناعات الأساسية ومساهماتها في رفع الورح المعنوية لجيل كامل أمن بالفكرة ومنحها في المقابل حياته ثمنا لها، ويقول السناوي: «أنه بعد هزيمة يونيو (1967) أصاب اليأس رجل المخابرات «رفعت الجمال» الشهير بـ«رأفت الهجان»، الذى اخترق المجتمع الإسرائيلى، نظمت زيارة له إلى مجمع الحديد والصلب لرفع معنوياته وأن هناك ما يستحق المخاطرة بالحياة من أجله».
وتطرق السناوي إلى ما وصفها بالاسئلة الجوهرية التي طرحت على الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ورفاقه قبل أن تكتسب يوليو صفة الثورة، وكان على رأس تلك الأسئلة: «أين الأولويات التى لا ينبغى تأجيل البت فيها حتى لا تنشأ أحوال تضرب فى أى استقرار اقتصادى، أو يتولد إحباط عن مستوى الالتزام بتحسين الأحوال الاجتماعية وفق المبادئ المعلنة؟»؟
وذكر في مقاله أنه بإرادة العمل بحثا عن إنجاز ملموس شرع المجلس الجديد – في إشارة منه إلى مجلس قيادة الثورة – فى تنفيذ ما هو مؤجل من مشروعات تبنتها خطابات العرش دون أن تجد طريقها للتنفيذ كـ«حديد أسوان» و«كهربة خزان أسوان» و«خط قطارات القاهرة ــ حلوان» قبل أن يشرع فى مشروعات «الحديد والصلب» و«كيما» و«عربات السكك الحديدية».
ودلل بمشروع السد العالي الذي يعد أكبر مشروع في القرن العشرين، وكيف منح المصريين الأمل في القدرة على تغيير الواقع وتحقيق المستحيل، مشيرا إلى ضرورة البحث عن حلول وبدائل مغايرة لثقافة التصفية والإغلاق.