تمسك بهاتفها المحمول، وتقابل منشورا يدعو لتجميل الجلد “تخلصي من جلد الوزة في ثواني وبأقل تكلفة”، فتذهب للاتصال بالصفحة، والاستفسار عن السعر والعنوان، وتحجز بالفعل موعدا في عيادة التجميل، ليكون الموعد الثاني لها خلال شهر واحد.

ياسمين عباس، البالغة من العمر 32 عاما، تهوى عمليات التجميل، لكن حبها لتلك العمليات أوصلها لما أطلقت عليه هوس عمليات التجميل، فأصبحت تبحث عن الأمر بشكل يومي ومتكرر “بدأت الموضوع بشد الجفون حسيت إنها متدلية شوية، وبعدين لقيت نفسي بتسحب للعالم ده وبدخل أدور وأسأل على عمليات تانية، زي نفخ الشفايف، أو تقشير الجلد وغيرها، وفعلا بدأت أحسن إن الموضع معايا هيقلب على هوس”.

إدمان التجميل..

لا يتوقف الإدمان عند المخدرات فقط، فتكرار الشئ بشكل شبه يومي ومستمر أيضًا إدمان. الأكل والتسوق والهاتف وأشياء كثيرة تندرج تحت المصطلح الكبير ومن بينها “التجميل”، الكثير من السيدات يقعن في ذلك الفخ ويتجاوز الأمر بمرور الوقت الرغبة في أن تكون المرأة جميلة فلا تتوقف عند عملية واحدة.

الاستشاري النفسي ناجح جمال، يقول إن لجوء النساء لعمليات التجميل أمر مباح عند الرغبة في تجميل جزء أو مكان معين، ولكن اللجوء الدائم لتلك العمليات يدل على وجود مشكلة أو أزمة نفسية، فالضغوط النفسية السبب الأول للجوء السيدات لعمليات التجميل، كنوع من تفريغ الطاقة، بشكل غير مباشر.

ويضيف جمال :”تلجأ السيدات المصابات بالاكتئاب لعمليات التجميل لإحساسها أنها مرغوبه وجميلة طوال الوقت، ويقودها مرض الاكتئاب لهذا الهوس”.

اقرأ أيضًا: “مكاسب بالمليارات”.. كيف استفادت شركات الأدوية من كورونا بالأرقام؟

ويرى الدكتور ناجح جمال أن وسائل الإعلام والإعلانات عليها دورا كبيرا في هذا الأمر، والتي تروج لمقاييس ومواصفات معينة للجمال تصبح في العقل الباطن للسيدات، وتسعي للوصل إليها.

 

عمليات التجميل الفاشلة 2021 | أسباب فشل عمليات التجميل وكيفية تجنب ذلك | تجميلي

تقول ياسمين: “أنا حياتي فعلا فاضية، مش بشتغل وطول الوقت بحس إني عاوزة أعمل حاجات كتيرة، ومختلفة، فيمكن ده سبب شغفي المستمر بعمليات التجميل، بس اللي خلاني أحس إن الموضوع بقى مرض إني بقيت لما بعمل العملية أو أروح عيادة التجميل برجع متضايقة ومش سعيدة مع إني المفروض بعمل الحاجة اللي تبسطني علشان أكون أحسن”.

تتابع ياسمين: “في البرامج دي والإعلانات بتيجي البنت الحلوة بشكل ومقاييس معينة، جسم معين وتفاصيل وش معينة، رفيعة وشعر ناعم وشفايف ممتلئة وكده فده بقى يديني إحساس إن ده هو مقياس الجمال”.

بدأت ياسمين تعاني من أزمة نفسية وبجانبها أزمة مالية: “أنا فعلا بدأت أحس إني متضايقة طول الوقت، وكمان فلوسي بتخلص، وفي الآخر أنا زي ما أنا مش بتغير ولا بتحسن، وده اللي خلاني أحس إن الأزمة بتزيد، ودخلت أدور على النت وقريت ولقيت إن الموضوع بيوصل لهوس ولازم يكون له حد”.

اقرأ أيضًا: نقص الأدوية المستوردة.. الحل في المادة الفعالة

نشرت بي بي سي تقريرا حول فتاة بريطانية تبلغ من العمر 17 عاما، أنفقت 15 ألف جنيه استرليني على 30 عملية تجميل، بعد إصابتها بمرض فقدان الشهية في بداية فترة المراهقة، وعولجت بنجاح في عيادة مختصة باضطرابات الأكل، لكن هوسها انتقل من الطعام وتحول إلى شكلها، وتحديدا أنفها، وقالت والدتها إن هوسها بأنفها دفعها إلى تجريب كل أنواع مواد الحقن التجميلية، كما أن بعض عيادات التجميل حاولت تشجيع المراهقة على حقن شفتيها أيضا، وزعمت الفتاة أن عمرها 20 عاما لتتمكن من إجراء تلك العمليات، التي كانت تدفع ثمنها من البطاقات الائتمانية الخاصة بوالديها.

الوصل لشكل أنف مريح

الوصل للجمال، الهدف الأساسي لعمليات التجميل، ولكن في العديد من الأحيان تصبح النتيجة غير مرضية، كما حدث مع ندى ربيع، التي بدأت رحلة البحث عن أنف مثالي، وأجرت 7 عمليات في الأنف، وصلت في نهايتها لمشاكل مزمنة في التنفس وفي الشكل أيضا.

ندى البالغة من العمر 48 عاما، بدأت رحلة تجميل أنفها منذ عامين “من سنتين حسيت إن مناخيري كبيرة، ومن زمان عندي مشكلة نفسية وأزمة فيها، فروحت أعمل عملية تصغير، وفي أول عملية ملقتش أي نتيجة، فقررت أعمل التانية في مركز تاني”.

وتضيف ندى :”ووصل الأمر إني عملت 6 عمليات ومش برتاح ولا بحس إن شكلها عجبني لحد ما بدأت أحس إني كمان بقابل مشكلات في التنفس، وروحت مركز تجميل جديد قالي إن ده من سبب العمليات الكتير الغلط، ومحتاجين نعمل عملية كمان، علشان تضبط، وبعد العملية السابعة الموضوع زي ما هو، مش عارفة أتنفس بشكل طبيعي، ولا حتى وصلت للشكل اللي نفسي فيه”.

مستشفيات مغربي الأفضل في جراحات تجميل الأنف والأذن | مستشفيات مغربي

عيادات تجمع الأموال فقط

الرحلة التي بدأتها ندى منذ عامين لم تنتهي بها بمحطة ترضيها، وهنا يوضح الدكتور أحمد مكي طبيب التجميل، أن هناك عيادات لا تنصح المرضى المترددين عليها، وتسعي لكسب الأموال فقط، وفي النهاية المريض هو من يدفع الثمن، إما بفقدان أمواله، أو بنتائج غير مرضية في العمليات.

تقدير الطبيب لحاجة المريض للعملية هي الخطوة الأولى التي تتم في العيادات التي ينصح الطبيب في الذهاب إليها، وتصبح عمليات التجميل ضرورية عند إخفاء العيوب، أو الخبطات الناتجة عن الحوادث وغيرها، أو الرغبة في تجميل الجلد مثل شده عند كبر السن، وشد الترهلات، وشد البطن والتخسيس للتخلص من السمنة، لكنه لا يرحب دائما بعمليات تصغير الأنف، أو تكبير وتصغير الثدي عندما لا يوجد ضرورة أو حاجة طبية للأمر.

ويشير مكي إلى أن التقنيات المستخدمة في عمليات التجميل لها دور كبير في نجاحها، وهنا يجب البحث عن عيادة معروفة ومشهورة، وليس الانسياق وراء الإعلانات المجهولة، حتى لو كانت تقدم خدمات بأسعار رخيصة لأنها تكون مضرة.

وتابع مكي أن تقبل النفس هو الأساس الذي يجب التأكيد عليه سواء في عيادات الطب النفسي، أو عيادات التجميل، وعند تعامل الطبيب مع مريضة تترد عليه بكثرة وشعوره إصابتها بهوس عمليات التجميل، عليه نصحها بزيارة الطبيب النفسي للعلاج من الأمر.

اقرأ أيضًا: عمليات التجميل والفنانات.. نهايات مأساوية واحتجاب عن الأضواء

أكثر العمليات التجميلية انتشارا

نشرت الجمعية الدولية للجراحة التجميلية (ISAPS) يوم السابع والعشرين من شهر يونيو لعام 2017 دراسة استقصائية بخصوص العمليات التجميلية الجراحية والغير جراحية التي تم إجراءها خلال عام 2016، وهي الدراسة التي أظهرت ارتفاع بمقدار 8% في عدد العمليات الجراحية مقارنة بعام 2015 وارتفاع بمقدار 11% في عدد العمليات غير الجراحية.

وأظهرت دراسة أن أكثر العمليات التجميلية الجراحية انتشارا هي عملية تكبير الثدي حيث كانت نسبتها من مجموع العمليات 15.8% يليها عملية شفط الدهون بنسبة 14%، فيما كانت عمليات حقن البوتكس هي الأكثر انتشارا بين العمليات التجميلية الغير جراحية بعدد عمليات 4,627,752 تم إجراءها خلال عام 2016 حول العالم.

كما أوضحت الدراسة أن البلدان الشرق أوسطية التي تستحوذ على الجزء الأكبر من سوق عمليات التجميل هي على الترتيب تركيا (المرتبة 8 عالميا)، مصر (المرتبة 14 عالميا)، إيران (المرتبة 20 عالميا) ، لبنان (المرتبة 22 عالميا). وفيما تعتبر تركيا الوجهة الأكثر شهرة في مجال السياحة العلاجية خاصة لأغراض تجميلية على مستوى الشرق الأوسط كانت أيضا واحدة من الوجهات الأقل تكلفة مادية، وأجرى على الأراضي التركية خلال عام 2016 عدد 38,484 عملية تكبير ثدي، 43,140 عملية تجميل أنف، 37,560 عملية شفط دهون، 221,808 عملية حقن بالبوتكس وهي ما تعتبر العمليات التجميلية الأكثر طلبا في تركي.

عمليات التجميل غير الضرورية لها العديد من الأضرار، كما قال طبيب التجميل، منها التجمعات الدموية التي تتكون بسبب كثرتها، بجانب الإصابة بالعدوى، وهي من المضاعفات الشهيرة للعمليات الجراحية عمومًا، وتبلغ نسبة الإصابة بالعدوى والالتهابات في جراحات الثدي نحو 2- 4%، وحدوث ندبات مكان الجروح المتكررة.

وتابع أنه في عمليات شفط الدهون قد يحدث الجهاز تلفا في الأجهزة الداخلية في البطن، وأيضا في عمليات تجميل الأنف قد ينتج ثقب في الحاجز الأنفي، وتصحيح مثل هذا الأخطاء غالبًا ما يحتاج إلى تدخل جراحي جديد، بجانب مشاكل التخدير، أو النزيف الذي قد يحدث أثناء العملية أو بعد الانتهاء منها.

المشاهير والتجميل

المشاهير منهم من تعرض لتجارب سيئة مع عمليات التجميل، على رأسهم الفنانة الراحلة سعاد نصر، التي فقدت حياتها أثناء إجرائها عملية شفط الدهون، ودخلت في غيبوبة فقدت حياتها على إثرها بسبب التخدير، وأيضا الفنانة الراحلة ناهد شريف كانت من أولى ضحايا عمليات التجميل في السبعينات، وأجرت جراحة تجميل في صدرها، ولجأت إلي جراح تجميل لوضع مادة سليكون تمنع ترهل الثدي، وكانت تلك المادة سببًا في إصابتها بمرض السرطان، وفقا لما تناقلته الصحف ووسائل الإعلام.

الفنانة اليسا أيضا واحدة من أشهر النجمات هوسًا بعمليات التجميل، فبعدما خضعت لحقن الشفاه وتكبيرها وقامت بحقن وجهها، وتضررت عضلات فمها من ناحية اليسار ونتج عن عنه اعوجاج في عضلات الفم.

صورة لأليسا قبل 17 عاماً تثير الجدل.. كم تغيرت ملامحها؟ - أخبار صحيفة الرؤية

الحل في عيادات الطب النفسي

علاج هوس عمليات التجميل، ينصح للدكتور ممدوح عبد العزيز استشاري جراحة التجميل والحروق والليزر، في حالات الهوس بعمليات التجميع زيارة الطبيب النفسي لمعرفة الدوافع وراء ذلك الهوس.

ويضيف عبد العزيز: “يمكن للمريض مقاضاه العيادات والمراكز التي أجرى خلالها عمليات تجميل تسبب في تشوهات له، لأن على تلك المراكز مسؤولية كبيرة، في تقييم حالة المريض، وهل يحتاج للعملية فعلا أم أنه يحتاج للعلاج، فالهدف الأساسي هو حماية المريض، وليس جلب الأموال فقط”.