تسبب الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني، المدير الفني للنادي الأهلي المصري، في خسارة الفريق الأحمر نقطتين غاية في الأهمية. أمام مضيفه البنك الأهلي الصاعد حديثًا للدوري الممتاز. بالتعادل السلبي دون أهداف للفريقين مساء أمس الأحد. في مباراة أقيمت على ستاد المكس في الأسكندرية. الأمر الذي أرجعه الفنيون بدايةً إلى التشكيل الأساسي الخاطئ، وعدم قراءته الخصم جيدًا، ودراسته بالشكل المناسب. ثم إدارته السيئة والمتأخرة للقاء عبر التغييرات. ما أدى لسوء مستوى الأهلي وبعده تمامًا عن شكله المعهود، وعدم إحرازه لأهداف وتشكيل خطورة مستمرة على مرمى الخصم، الذي ارتكن للدفاع فقط وترك الملعب كله للنادي الأحمر دون فائدة أو هز الشباك طوال 97 دقيقة. هي عمر المباراة بوقتيها الأصلي والإضافي. ما أدى لفقدان الشياطين الحمر نقطتين إضافيتين بعد التعادل بالجولة قبل الماضية أمام وادي دجلة بنفس النتيجة.

هذا الأمر قد يكلف الشياطين الحمر فقدان الصدارة التي يتربع على قمتها حاليًا بـ17 نقطة بشكل مؤقت. قبل لعب الزمالك مباراته أمام الجونة. وهي المباراة التي لو فاز بها سيصعد للقمة بفارق نقطتين عن الفريق الأحمر برصيد 19 نقطة من نفس عدد المباريات. ما قد يهدده مبكرًا بفقدان الصدارة وربما لقبه المفضل في النهاية لصالح غريمه التقليدي الزمالك الطامح في كسر تفوق الأهلي هذا الموسم. ذلك بعد سنوات متتالية سابقة شهدت تفوق أبناء الجزيرة على أبناء ميت عقبة.

كان موسيماني سببًا في قلق الجماهير الحمراء على بطل أفريقيا ومستواه وشكله الفني قبل التحدي الأبرز أول الشهر المقبل بمونديال الأندية في قطر. هذا الحدث الكبير العالمي الذي سيشارك فيه الأهلي كونه بطل القارة السمراء. مع آمال وطموحات كبيرة وعريضة للجماهير بتحقيق إنجاز جديد في البطولة بالوصول للنهائي. بعدما احتل المركز الثالث من قبل في نسخة عام 2006، مع الجيل الذهبي بقيادة الساحر مانويل جوزيه. لكن الأداء الفني خلال الفترة الأخيرة وتحديدًا أمام البنك الأهلي بالأمس بات يثير شكوكًا واسعة حول قدرة موسيماني وأفكاره واختياراته وخططه. لاسيما بعد أخطائه الكثيرة والتي نعرضها في الآتي:

تشكيل موسيماني كارثي

بدأ موسيماني بتشكيل شبه ثابت باستثناء مركز واحد فقط. وهو مركز المهاجم. ورغم أن لديه اثنين من المهاجمين الأساسين بالقائمة، هما والتر بواليا ومحمد شريف. إلا أنه قرر الخروج عن المألوف ولعب بكهربا الجناح كمهاجم وهمي. مع دخول وليد سليمان في وسط الملعب كجناح بالتبادل مع كهربا. الأمر الذي أحدث بلبلة كبيرة وتشتيت لكل عناصر الفريق ذهنيًا وفنيًا وتكتيكيًا أمام فريق يدافع بكل خطوطه.

تلك البداية السيئة في التشكيل جعلت الأهلي يخسر كل شيء. خسر الأحمر الشراسة الهجومية والتناغم والانسجام. وكذلك خسر وليد وكهربا اللذين لعبا في غير مركزهما. وأيضًا الثنائي الهجومي بواليا وشريف اللذين بقيا على الدكة. وحتى مع نزولهما لم يقدما المستوى المأمول لإحباطهما الواضح. كل هذا “التأليف” الذي كان الأهلي في غنى عنه من قبل موسيماني أربك حسابات الفريق وأضاع عليه شوط كامل دون المستوى أمام فريق ضعيف فنيًا.

كما أن سليمان شعر بشد في عملية الإحماء قبل اللقاء. وكان لابد من استبداله ببواليا. لكن المدرب بدأ به رغم ذلك، وخسره كتغيير أول للإصابة بالفعل مع هطول أمطار غزيرة وسوء حالة الطقس. الأمر الذي كلف المدرب خسارة اللاعب وكذلك تغيير مبكر بعد حوالي نصف ساعة من الشوط الأول. كل هذه الأخطاء يتحملها موسيماني بمفرده بالفلسفة الزائدة عن الحد التي بدأ بها اللقاء. ربما لم يحترم الخصم واستهان به أو أراد مكافأة وليد بعد تألقه كبديل بالمباراة الأخيرة. لكن جاء في غير محله إطلاقًا ودفع الفريق الثمن باهظًا.

مباراة الأهلي والبنك الأهلي
مباراة الأهلي والبنك الأهلي

موسيماني أخفق بتغييرات نمطية ومتأخرة

في مثل هذه الأمور عندما ترى بعد نصف ساعة خطأ ما قمت به أو رأيت حالة وتكتيك الخصم الذي أمامك، لابد من إجراء تغيير سريع لتحسين وتعديل أوضاعك وقلب الأمور سريعًا دون الانتظار ساعة كاملة حتى تتدخل وتجري أولى تغييراتك. هنا تبرز قيمة المدربين الكبار حتى إذا أخطأوا يعدلون سريعًا. وهو ما كان يتميز به مانويل جوزيه كثيرًا، وقام به في عدة لقاءات.

تدخل المدرب الجنوب أفريقي جاء متأخرًا للغاية بعد حوالي الساعة من عمر المباراة. وجاءت تغييراته كذلك نمطية دون أي مباغتة أو ابتكار أو حلول إبداعية تكسر تكتلات ودفاع البنك الأهلي الشديد أمام النادي الأحمر. باستثناء التبديل الاضطراري في البداية بخروج سليمان للإصابة ودخول بواليا.

قام موسيماني بأول تدخل فني له بالدقيقة 65 بدخول محمد شريف بدلاً من محمد هاني، وإعادة حسين الشحات كظهير أيمن. ثم لم تتعدل الأمور وتباطئ مرة أخرى المدرب بباقي التغييرات حتى الدقيقة 81 قبل 9 دقائق فقط من نهاية المباراة. ليدفع بتغيرين نمطيين مركز بمركز، بدخول طاهر والسولية بدلاً من كهربا وديانج. أيضًا لم يتغير شيء وفقد الأهلي نقطتين ثمينتين في صراع الدوري أمام فريق صاعد حديثًا للبطولة ومتواضع ومرتكن للدفاع من أول دقيقة حتى النهاية. كما أنه لم يستخدم التغيير الخامس المستحق له واكتفى بصعود بدر بانون المدافع كمهاجم ثالث لإجادته الضربات الرأسية دون فائدة.

كل هذا العبث الفني والتباطؤ والبعد الكامل عن قراءة الخصم والاستعداد له، رغم أن لديه في جهازه الفني مدربين لتجهيز صورة كاملة عن خصومه وأهم نقاط قوتهم وضعفهم. لكنه دخل المباراة بتهاون وتعالي وعدم قراءة البنك الأهلي بالشكل السليم. الأمر الذي أدى لهذا السوء الذي ظهر عليه الأهلي.

مباراة الأهلي والبنك الأهلي
مباراة الأهلي والبنك الأهلي

علامات استفهام حول أداء المدرب

يعتقد قطاع كبير من جماهير الأهلي أن المدرب يظلم بعض اللاعبين. خاصة محمد شريف، الذي كان هداف الأهلي قبل التعاقد مع بواليا. كان شريف أساسيًا دائمًا، قبل أن يجلسه موسيماني على مقاعد البدلاء 3 مباريات متتالية دون وجود مبرر لذلك سوى إعطاء الفرصة لبواليا. هذه الصفقة الجديدة التي ظهر صاحبها بعيدًا تمامًا عن المستوى وأضاع فرص سهلة كثيرة. ما حرم الأهلي من أهداف ونقاط محققة. وكذلك أطفئ توهج شريف الكبير.

كما أن إبعاد لاعبين مثل صلاح محسن وأحمد رمضان بيكهام لأسباب فنية وعدم اقتناعه بهما وتفضيل الإبقاء على مروان محسن عديم الفائدة وغير المرغوب فيه من قبل أغلب الجماهير الحمراء، على حساب رحيل أحمد ياسر ريان الشاب الواعد لسيراميكا كليوباترا معارًا، أثبت خطأ رؤية المدرب ووجهة نظره.

كما أن هناك علامات استفهام كبيرة حول وجود بعض اللاعبين في التشكيل الأساسي دائمًا رغم تراجع مستواهم تمامًا، مثل حسين الشحات وكهربا. وعدم إعطاء فرصة أكبر لطاهر محمد طاهر بدلاً من الأول رغم تقديمه لمستويات جيدة ومبشرة مع الفريق بالفترة القصيرة الماضية. وكذلك أكرم توفيق الذي قدم مباريات جيدة وخرج تمامًا من حساباته أمام البنك الأهلي. رغم تواضع مستوى حمدي فتحي وإرهاقه الفني والذهني الكبير الواضح عليه من تلاحم المباريات ولعبه أساسيًا لأكثر من 8 مباريات متتالية.

بيد أن المدير الفني لم يطبق سياسة التدوير بين اللاعبين رغم امتلاكه قائمة كبيرة مدججة بالنجوم في كل المراكز. الأمر الذي يعرض أغلبهم للإرهاق والإصابات والبعد التام عن المستوى. كما حدث مع أيمن أشرف وحمدي فتحي والشحات وكهربا وغيرهم.

سياسة التدوير هذه التي غابت عن موسيماني لاقت نجاحًا كبيرًا مع السويسري رينيه فايلر المدرب السابق للأحمر وفاز بأكثر من 17 مباراة متتالية بالدوري في الموسم الماضي بفضل ذلك وبنتائج كبيرة ومعدل أهداف مرتفع وجاهزية فنية وبدنية لكل اللاعبين بالقائمة وتفادي الإرهاق وتراجع المستوى.

على أداء موسيماني علامات استفهام حالية كثيرة. خاصة مع تلاحق المباريات وقلة الأيام بينها للراحة والاستشفاء وعدم مشاركة أغلب اللاعبين بالقائمة في المباريات والاكتفاء بالاعتماد على القوام الأساسي الذي لا يتعدى 16 لاعبًا طوال المباريات المتلاحقة الماضية إلا في حالة الضرورة القصوى للإصابات أو حالات فيروس كورونا. وهو أمر غير مبشر مطلقًا لمستقبل الأهلي في قادم المواعيد والبطولات والمباريات وما أكثرها لبطل الثلاثية التاريخية.