شهد مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، أول واقعة طرد لأحد الأعضاء من قاعة المجلس، بعدما قرر رئيس المجلس المستشار حنفي الجبالي طرد النائب الوفدي محمد عبدالعليم داوود وتحويله لهيئة مكتب المجلس. بعدما تسبب في إحداث أزمة داخل المجلس.
كان عبدالعليم طالب خلال كلمته بالجلسة العامة، اليوم، بإعادة المصداقية للإعلام المصري قائلا: “لا يصح أن يسيطر الإعلام الإثيوبي على نظيره المصري خلال مفاوضات سد النهضة في الولايات المتحدة، ولم تكن هناك تغطية مصرية”، مضيفا: “لا يمكن أن أتحدث عن إقامة مائدة حوار سياسي مع حزب دخل المجلس بالكراتين”، وهو ما أثار غضب نواب الأغلبية، وأحدث اعتراضات واسعة، ليعقب عليه رئيس المجلس، بقوله: “سيادة العضو يجب عدم التعرض للدول الأخرى، وإذا ارتكب المتحدث ما يخالف اللائحة من المساس بمؤسسات الدولة أو هيبتها أو ما يمس كرامة المجلس أو نوابه، فيجب أن يتعرض للجزاء”.
وقرر المستشار حنفي الجبالي طرد النائب من القاعة وإحالته لهيئة المكتب، مع حذف كلمته من المضطبة، قائلا: “أقرر إخراج النائب من القاعة وإحالته لهيئة المكتب، وهذا النص من اللائحة ينطبق أيضا على من اعترضوا في الجلسة الماضية على إغلاق باب المناقشة، وينطبق أيضا على ما حدث في جلسة مناقشة قانون صندوق الشهداء، ولن أسمح بذلك مرة أخرى وسأطبق اللائحة”.
كما حذر الجبالي من الاحتجاج بصوت عالي قائلا: “أرفض المساس بكرامة أي نائب”، مؤكدا أنه سيطبق اللائحة الداخلية على الجميع.
عبدالعليم داوود: لم أخرج عن اللائحة والدستور في كلمتي
من جهته، كشف النائب محمد عبدالعليم داوود، تفاصيل المشادة التي تسبب في أزمة مبكرة، إذ بدأت بطلبه الكلمة أثناء الجلسة العامة تعقيبا على بيان وزير الدولة الإعلام أسامة هيكل، بهدف تحسين الإعلام بدلا من لجوء المصريين للإعلام الغربي.
وأضاف عبد العليم، في تصريحات لـ “مصر 360، أنه حتى يتم المناقشة بالمنطق والعقل لابد من عقد مائدة حوار تناقش إفساد الحياة السياسية والتي أفسدها حزب جاء بالكراتين، مؤكدا أنه لم يذكر اسم الحزب خلال حديثه في البرلمان، مستعينا بالمثل الشعبي القديم: “من على رأسه بطحه يحسس عليها”.
ماذا يقصد عبد العليم بحزب الكراتين؟
ولا يخفى على أحد أن المقصود من كلمة عبد العليم داوود “حزب جاء بالكراتين” هو حزب مستقبل وطن الذي اتهمه نشطاء في وقت سابق باستخدام أساليب الحزب الوطني المنحل من خلال الحصول على أصوات الناخبين المصريين مقابل كرتونة مواد غذائية، كما جرت العادة في انتخابات ما قبل 25 يناير.
ويحتل حزب مستقبل وطن أغلبية مقاعد المجلس الحالي بـ 316 مقعدا، ما منحه لقب حزب الأغلبية البرلمانية، وذلك بعد أن تأسس قبل الانتخابات البرلمانية المصرية 2015، وحصل على 53 مقعدا داخل مجلس النواب الماضي.
وكان الحزب وزع خلال جائحة كورونا العديد من الكراتين المحملة بالمواد الغذائية وأدوات التطهير والكمامات على المواطنين في مختلف المحافظات، انطلاقا من دوره المجتمعي، كما فعل الحزب مبادرة لدفع عن المواطنين غير القادرين تنفيذا لقانون التصالح في مواد البناء خلال الفترة السابقة، وهو الأمر الذي يصب في غرض الدعاية غير المباشرة لوصول أعضاءه إلى البرلمان.
وفي تصريحات سابقة، نفى خلالها حسام الخولي نائب رئيس الحزب عن التشابه بين مستقبل وطن والحزب الوطني، مرجعا لذلك بأن رئيس الجمهورية ليس من الحزب، بالإضافة إلى حرص الحزب على العمل بجهد وليس الاتكال على الصناديق التي كانت من الممكن لها أن تتغير سابقا وتحسم العملية الانتخابية.
أما النائب عن دائرة كفر الشيخ عبدالعليم داوود يرى أن أحد حقوقه هو منحه الكلمة بدون محاسبة طالما لم يخرج عن سياق الدستور، قائلا: “أتحدى أن أكون خرجت عن اللائحة والدستور في كلمتي”.
ويرى النائب الوفدي قرار رئيس المجلس بإخراجه من القاعة مخالفا للائحة والدستور ولكل معاني الديمقراطية، واستئناف لمسيرة الحزب الوطني في مصادرة حق نواب المعارضة في إبداء آرائهم، بحسب قوله.
وأوضح عبدالعليم أن ما حدث معه اليوم هو تعنت مبكر من المجلس لنواب المعارضة، باعتباره نائبا عن حزب الوفد المعارض، مضيفا: “أنا ناجح على مقعد فردي ومن أعلى الأصوات على مستوى الجمهورية وما حدث تعنت شخصي واستبداد وقتل للحياة الديمقراطية”.
اقرأ أيضا:
مدبولي يدافع عن الحكومة.. والبرلمان يبدأ عمله بتفعيل الأدوات الرقابية
مجلس يسير على نهج عبدالعال
لا يرى المحلل السياسي مجدي حمدان أن ما حدث اليوم مع النائب محمد عبد العليم ليس غريبا في ظل ممارسات معتادة ومتكررة من حزب مستقبل وطن.
وبرأي حمدان، فإن حزب مستقبل وطن ينتهج نفس نهج الحزب الوطني وتسبب في إفساد الحياة السياسية عن طريق شراء الأصوات بالكراتين والأموال، قائلا:” استعجب أنهم غضبوا”.
الأمر الآخر الذي يستعجبه حمدان هو تصرف رئيس المجلس حنفي الجبالي من اتخاذه قرار بتحويل النائب إلى هيئة المكتب، فما ذكره لا يستوجب الإحالة، بل إنه يريد أن يثبت أن المجلس يسير على نهج رئيسه السابق على عبد العال، وذلك في حالة التحدث عن حزب مستقبل وطن أو الملفات التي تخص الحكومة ليكون الإجراء المتبع هو إحالته للجنة القيم.
“لا نستبشر خيرا من هذا المجلس فإن تغيرت الوجوه فالقلوب لم تتغير”، يتابع المحلل السياسي تصريحاته.
وأشار حمدان إلى أن ما حدث مع عبد العليم هو نفس ما وقع مع النائب محمد أنور السادات حين تحدث عن مخالفات رئيس البرلمان وتم إحالته للجنة القيم مع شطب عضويته.
إحالات سابقة
وشهد البرلمان السابق تهديدات من رئيسه على عبد العال بإسقاط عضوية عدد من نواب تكتل “25-30” المعارض، حيث تم إحالة 6 نواب للجنة القيم وجاء على رأسها النائب هيثم الحريري، والذي أحيل أكثر من مرة جاء أولها في مارس 2017 للتحقيق معه لاعتراضه على رئيس المجلس خلال وقائع الجلسة المخصصة لمناقشة قانون الهيئة الوطنية للانتخابات، لعدم حصوله على كلمته. كما تم تهديد النائب أحمد الطنطاوي للإحالة للجنة القيم بعد ألقاءه للميكرفون المجلس، والنائب إلهامي عجينه، وأسامة شرشر.
كما تم إسقاط عضوية كلا من النائب توفيق عكاشة وذلك بعد استقباله للسفير الإسرائيلي في منزله بالمنصورة، والنائب محمد أنور السادات بدعوى “الحط من قدر البرلمان”، في واقعة تزوير توقيعات النواب على مشاريع قوانين مقدمة منه وفي واقعة إرسال معلومات عن البرلمان المصري للبرلمان الدولي.
وتنص المادة 110 من الدستور على أنه”لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التي انتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها. ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه”.