واصل الملك المصري محمد صلاح نجم ليفربول الإنجليزي والمنتخب الوطني صيامه عن التهديف. وذلك في المباراة الرابعة على التوالي بمسابقة الدوري الإنجليزي الممتاز “البريميرليج”. بعد تعادل الريدز مع غريمه التقليدي مانشستر يونايتد بدون أهداف. في المباراة التي جمعتهما مساء الأحد في قمة مباريات الجولة الـ19 من الدوري.

لم يتمكن الفرعون من التسجيل في آخر 4 مباريات بواقع 360 دقيقة دون هز شباك. وذلك في مواجهات وست بروميتش ثم نيوكاسل يونايتد ثم ساوثهامبتون، وأخيراً مان يونايتد. ويرجع آخر هدف أحرزه صلاح في البريميرليج إلى يوم 19 ديسمبر الماضي. حين هز شباك كريستال بالاس بثنائية في الجولة الـ14. في مباراة انتهت بفوز ليفربول بسباعية نظيفة. رغم خوضه 33 دقيقة فقط كبديل.

مع ذلك، يبقى صلاح في صدارة قائمة هدافي البريميرليج برصيد 13 هدفًا. وذلك بفضل تألقه في المراحل الأولى من الموسم، بفارق هدف واحد عن كل من هاري كين وهيونج مين سون نجمي توتنهام هوتسبير.

فلماذا يغيب صلاح عن التسجيل في شباك المنافسين كل هذه المدة؟ خاصة وأن الأمر  تكرر معه في أكثر من مناسبة بالمواسم الماضية مع فريقه ليفربول.

تركيز خارج الملعب

بلا شك أهم الأسباب وأولها غياب التركيز الكامل للنجم المصري في أرضية الميدان. مثلما كان الحال في بداية الموسم. خاصة في الشهر الأخير بعد حديثه عن احتمالية رحيله وفتحه الباب لعملاقي إسبانيا ريال مدريد وبرشلونة لضمه في الصيف المقبل. ثم انشغاله وتشتت ذهنه بتوابع ذلك الأمر من تصريحات مدربه وجماهير فريقه ضده ونجوم الليفر السابقين عنه. ما أخرجه تمامًا عن أجواء الكرة وتسجيل الأهداف في المباريات.

محمد أبوتريكة نجم الكرة المصرية والمقرب من صلاح وزميله السابق بالمنتخب، قال إن اللاعب صاحب الـ28 عامًا أبلغه بأنه غير سعيد داخل قلعة الريدز. ويفضل أبوتريكة نفسه رحيل صلاح إلى برشلونة حال بقي ليونيل ميسي قائدًا للفريق هناك. أو انتقاله إلى ريال مدريد كونه مستقرًا أكثر وبيئته ملائمة لتألق الفرعون.

أزمة خفية مع كلوب

رغم أن الألماني يورجن كلوب مدرب ليفربول، نفى في أكثر من مناسبة وجود خلاف بينه وبين صلاح. إلا أن صيام النجم المصري عن التهديف في الفترة الماضية أعاد فتح هذه القضية مجددًا. ويبدو أن هناك شيئًا تحت الرماد بينهما. خاصة مع هجوم صلاح الضمني عليه في حواره الشهير. حيث اعترف بأنه خاب أمله بعدما رفض كلوب منحه شارة قيادة الفريق في مباراة ميتلاند الدنماركي بدوري أبطال أوروبا، وفضل منحها لألكسندر أرنولد.

بعد هذا الحوار بساعات قليلة، استبعد كلوب الفرعون من المشاركة أساسيًا بمباراة كريستال بالاس. فيما أشركه لاحقًا قبل نحو نصف ساعة من اللقاء، ليسجل ثنائية ويصنع هدفًا. وقد ظهرت علامات الغضب بوضوح على وجه صلاح أثناء جلوسه على مقاعد البدلاء وقتها.

صلاح ومدربه الألماني
صلاح ومدربه الألماني

هذه ليست المرة الأولى التي يعبر فيها النجم المصري عن غضبه بسبب الابتعاد عن المستطيل الأخضر. فسبق أن خرج غاضبًا حين استبدله كلوب بزميله ساديو ماني في مباراة برايتون في وقت سابق من الموسم الجاري. حيث يريد صلاح خوض كل مباريات ليفربول كاملة. وهو ما صرح به في مقابلة مع شبكة “بي إن سبورتس” قبل أيام. ويبدو أن نظام المداورة الذي يتبعه المدرب الألماني قد سبب بعض المشاكل في العلاقة بين الطرفين.

كلوب هو الآخر لم يصمت ووجه نقدًا ضمنيًا كذلك لصلاح من خلال تصريحاته الأخيرة. عندها أجاب على سؤال حول غضب اللاعب من عدم منحه شارة القيادة في مباراة ميتلاند. وقال: “إذا كنت قد أخطأت في هذا الأمر، فالخطأ هو أني منحت شارة القيادة لأرنولد على حساب ديفوك أوريجي، الذي كان أحق بها”. وعن إمكانية رحيل صلاح، قال كلوب إنه لا يرى سببًا لمغادرة أي لاعب قلعة ليفربول، لما يمتلكه النادي من إمكانات كبيرة. بينما شدد في الوقت نفسه على أن النادي لن يمانع رحيل أي لاعب.

لا جديد لديه وأسلوب محفوظ للخصوم

باتت طريقة لعب صلاح معتادة ومحفوظة بشكل كبير لكل المدافعين وخاصة مدربي الفرق المنافسة له بالفترة الأخيرة. ما يجعلهم يركزون جيدًا عليه بغلق المساحات ومراقبته بأكثر من لاعب. وبالتالي قلت الفرص التي تأتيه وساهمت في قلة وصوله للمرمى وهز الشباك بلا شك.

ويحتاج صلاح للعمل أكثر على نفسه في التدريبات بشكل منفرد لتغيير أسلوبه والتعود على أنماط مختلفة للاختراق والتغلغل من المدافعين ولاعبي الخصوم إذا ما طبقوا عليه رقابة صارمة وأغلقوا المساحات تمامًا. كما حدث معه بالمباريات السابقة. حيث استمر بنفس “ستايله الكروي” معتمدًا على سرعته في الانطلاقات من الجبهة اليمنى. ثم التوغل داخل منطقة الجزاء والتسديد بإتقان في الشباك. لاسيما أن صيام اللاعب المصري عن التهديف جاء بالتوازي مع تدهور حالة الفريق الأحمر ككل.

يحاول كلوب من وقت لآخر أثناء المباريات التغلب على ذلك بإعطاء التعليمات لصلاح وماني بتغيير مراكزهما، والانتقال إلى الجبهة العكسية لإرباك الخطط الدفاعية للمنافسين. ونجح لوك شاو الظهير الأيسر لمانشستر يونايتد، في إيقاف خطورة صلاح في مباراة الفريقين الأخيرة. رغم بطئه إلى حد كبير. وهو ما كان أحد أهم أسباب خروج الشياطين الحمر بالتعادل من ملعب أنفيلد.

إرهاق بدني واضح

بعيدًا عن كل ما سبق من أسباب حول الصيام التهديفي للفرعون، من تشتت ذهنه وانشغاله بمستقبله أو أزماته مع كلوب وزملائه مثل ساديو ماني أو نجوم الريدز السابقين وجماهيره الغاضبة حاليًا وأخيرًا عدم تجديده لطريقة لعبه التي باتت محفوظة من الجميع، يبقى الإرهاق البدني من تلاحم المباريات وكثرتها في أخر شهر بشكل مزعج للغاية لكل اللاعبين سببًا رئيسيًا كذلك في غياب صلاح عن التهديف طوال الفترة الماضية.

فبسبب تأخر انطلاق الموسم الجاري من الدوري الإنجليزي الممتاز جراء فيروس كورونا المستجد، تضطر رابطة البريميرليج لضغط المباريات لإنهاء الموسم في موعده المحدد سلفًا. كذلك عدم تغيير عادتهم السنوية باللعب في فترة أعياد الميلاد “البوكسينج داي” لإمتاع الشعب الإنجليزي في هذه الفترة. وقد يكون ذلك أحد أهم أسباب تراجع مستوى صلاح وباقي نجوم ليفربول.

شارك صلاح مع ليفربول أمام فولهام في الجولة الـ12 من الدوري الإنجليزي الممتاز يوم 13 ديسمبر الماضي. ثم أمام توتنهام هوتسبير يوم 16 من نفس الشهر. كما شارك في مباراة كريستال بالاس يوم 19. وتواصل ضغط مباريات ليفربول، حيث شارك صلاح في مباراة ويست بروميتش يوم 27 ديسمبر. قبل أن يواجه نيوكاسل يونايتد يوم 30 من نفس الشهر. وبعدها بـ5 أيام فقط لعب ضد ساوثهامبتون. ومباراة في كأس الاتحاد الإنجليزي ثم أمام مانشستر يونايتد الأحد وبعد ساعات قليلة قادمة أمام بيرنلي في الدوري.

كل هذا الضغط والعبء البدني والإرهاق الشديد يساهم بنسبة كبيرة بكل تأكيد في تراجع المستوى والحدة والشراسة في الأداء للاعبين. خاصة في هذا المستوى الكبير من المنافسة والتحدي والإمكانيات لكل الفرق واللاعبين بأقوى دوريات العالم.