لماذا تشهد أسعار الخضروات والفاكهة بمصر ارتفاعات موسمية؟ وما مدى ارتباط الأمر بالتصدير؟ وكيف يمكن المستهلك التعامل مع مشكلات التسعير؟ تبدو تلك الأسئلة ملحة حاليًا لمن يقوم بجولة سريعة في أسواق التجزئة. 

تشهد أسعار الليمون حاليًا مستوى قياسي للأسعار، بعدما بلغ الكيلو مستوى ٢٠ جنيهًا (١،٣ دولار) بعد أسابيع قليلة من تسجيل الطماطم أعلى مستوى في تاريخها، بمتوسط ١٨ جنيهًا للكيلو، بينما لن تنخفض الموالح رغم ذروة المنتج عن ٦.٥ جنيه للكيلو الواحد. 

تتحدث روابط التجار في مصر عن مستويات سعرية مختلفة تمامًا، لا تجعل سعر أي سلعة يتجاوز الخمسة جنيهات. لكن الأمر يرتبط في المقام الأول بالفوارق الواسعة بين سعر الجملة والتجزئة. فإن كان سعر كيلو الطماطم في سوق العبور ٣ جنيهات، يتطلب شراء قفص كامل أو الشراء من التجزئة متوسط ٥.٥ جنيه. 

الخضروات والفاكهة.. أزمة انتهاء الموسم الصيفي

وفقًا لحاتم نجيب، نائب رئيس غرفة الخضروات والفاكهة بالغرف التجارية، فإن الأزمات تحدث باستمرار مع انتهاء الموسم الصيفي وبداية الشتوي، وارتفاع الطلب في الأخير، فيما يرجع نجيب إلى فيروس كورونا رفع نسبة الاستهلاك مؤخرًا ليتجاوز المعروض.

صحيح أن “الليمون” سجل قبل عامين مستوى ١٠٠ جنيه للكيلو، لكن يبقى الوقت هو  المحك، فالأزمة حينها ارتبطت بشهر يونيو أو بالأحرى انتهاء الموسم الذي يبدأ في شهري أكتوبر ونوفمبر من كل عام. وينتهي مع نهاية فصل الشتاء. والأزمة الحالية جاءت في وسط الموسم. 

يعود نجيب ويكشف عن سبب آخر لارتفاع أسعار الليمون ويربطه بالتصدير، خاصة السوق اليمنية التي استوردت كميات كبيرة من المحصول خلال الشهرين الماضي والحالي، مع تناقص الكميات المنتجة هناك.

ورغم بدء موسم إنتاج الموالح، فإنها تحافظ على مستوى سعري يتجاوز الخمسة جنيهات للكيلو، وهو ضعف المعتاد في ديسمبر ويناير عند مستوى 2.5 جنيه للكيلو. 

يقول أحد أعضاء المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، إن الأمر يرتبط بالتصدير، فالبرتقال واليوسفي المصري أصبح لهما سمعة عالمية حاليًا، والتصدير عاد إلى الصين بعد الاتفاق على الاشتراطات الجديدة بإجمالي ٢٣٠ ألف طن. 

بلغ إجمالي صادرات مصر من الموالح 1.4 مليون طن/ وفتحت الحكومة أسواقًا جديدة لها خلال الفترة الأخيرة، لتضم اليابان وروسيا ودول الخليج مثل السعودية والإمارات والكويت وبيلاروسيا وأوزبكستان وكازاخستان.

يقول المصدر لـ “مصر 360″، إن أسعار تصدير البرتقال المصري ارتفعت حتى بالنسبة للتصدير بمقدار 50%. ذلك مع ارتفاع الطلب عليه عالميًا في خضم جائحة كورونا، واعتباره العنصر الأول لتوفير فيتامين “سي” وتعزيز المناعة. 

اختفاء بعض الأصناف من السوق المحلية

مع تنامي التصدير اختفت بعض الأصناف المصرية بصورة واضحة من السوق المحلية، ومنها البرتقال المر “النارنج” و”أبو دمه”، كما ارتفع صنف البلدي “الذي يمتع لدرجة حمض مرتفعة، بعدما كان الكيلو منه لا يتجاوز 90 قرشًا في موسمه. 

يمكن ضرب المثل بمحصول الفاصوليا  الذي صدرت مصر منه في يوليو 2020 بقيمة 10.8 مليون دولار. ونسبة زيادة قدرها 46 % عن الشهر ذاته في العام 2019. بينما سجل سعره في السوق المحلية مستوى 29 جنيهًا للكيلو الواحد. والأمر انقلب للنقيض تمامًا مع محصول السمسم، الذي تسبب تراجع كميات التصدير منه لانخفاض أسعاره من مستوى 34 جنيهًا إلى 18 جنيهًا. 

يقول حسين عبدالرحمن، نقيب الفلاحين، إن الأزمة تحدث مع الليمون لأن المساحات المزرعة به لا تتعدى 10% من إجمالي مساحات الموالح. وذلك مع تقليص المزارعين مساحاته قبل سنوات، لعدم الجدوى  الاقتصادية منه. قبل أن ترتفع أسعاره بعد تراجع المساحات. 

تبلغ المساحات المزرعة من الليمون 40 ألف فدان، بينها 14 ألف فدان بالشرقية 6 آلاف بالفيوم. إلى جانب ٣ بالبحيرة و٨ آلاف فدان بالنوبارية في البحيرة أيضًا. لكن الأمر يختلف بالنسبة الموالح، الذي تبلغ المساحة المثمرة منها 300 ألف فدان. مع زيادة المساحة المزروعة بالأراضي المستصلحة حديثًا وتحملها الملوحة والمناخ الجاف. خاصة في مناطق النوباربة والقليوبية والإسماعيلية والشرقية والبحرية، حسبما يقول أبو صدام لـ”مصر360″.

أزمة كورونا وسوق الخضروات والفاكهة

في دراسة صدرت العام الماضي، كشف المركز المصري للدراسات الاقتصادية أن أزمة كورونا أثرت بصورة إيجابية على محصول البرتقال. وذلك بخلاف جميع المحاصيل الأخرى المنتجة في البلاد. ويرجع ذلك إلى عدم قدرة إسبانيا حاليًا على المنافسة في ظل أزمة الجائحة. وهي المنافس القوي لمصر في تصدير البرتقال في الأسواق العالمية. 

اتهمت نقابة الفلاحين أكثر من مرة التجار الكبار بالتحكم في أسعار السوق وفرض زيادات على أسعار غالبية المنتجات التي تخرج بأسعار زهيدة من الأراضي الزراعية. رغم تحمل المزارعين مستلزمات الإنتاج مثل الأسمدة والمخصبات والمبيدات.

تراهن الحكومة على البورصة السلعية لكسر الحكومة حلقات الاحتكار، التي تعاني منها السوق على مدى عقود نتيجة غياب الآليات التي تضمن أسعارًا عادلة للمنتجات. وتبدأ عماها في الربع الأول من العام الجديد. على أن يتم البدء بتداول 6 سلع، هي: القمح والأرز والذرة والبطاطس والبصل والبرتقال.

وسجل البصل مستوى 8 جنيهات بالسوق المحلية، منذ إعلان الهند ثالث أكبر مصدر للمحصول عالميًا، حظرت تصديره ‏البصل بداية من منتصف سبتمبر نتيجة تناقص ‏المعروض، وقفز سعر الطن بنحو 2000 جنيه للطن يبلغ 6 آلاف جنيه، مقابل 4 آلاف جنيه في الفترة نفسها من العام ‏الماضي.‏

أصبح البصل المصري قيمة كبيرة في أسواق التصدير بعد انضمام بنجلاديش وإندونيسيا لقائمة مستورديه ليحتل المركز الثالث في قائمة الصادرات الزراعية المصرية بنحو ٤٣٠ ألف طن من إجمالي صادرات مصر الزراعية التي تبلغ 5 ملايين طن في 2020. كما ووقعت مصر اتفاقيات مع 11 سوقًا جديدة لتصدير منتجات زراعية  جديد لتصدير المانجو المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية.