بعد وصول العلاقة مع زوجها إلى حافة الطلاق، وجدت رشا أبو ريا ضالتها في “زواج التجربة” لاستمرار علاقتها الزوجية، بتحرير عقد مدني يضع شروطًا ملزمة للزوجين تضمن بقاء علاقتهما وتحول دون انفصالهما.

وشهدت مصر خلال الأيام القليلة الماضية حالة من الجدل حول “زواج التجربة” التي أطلقها المحامي أحمد مهران كوسيلة لتلافي ارتفاع معدلات الطلاق بمصر التي وصلت إلى حالة كل 2.11 دقيقة، وفقا لأخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

وتحكي رشا، التي تبلغ من العمر 35 عامًا، أسباب لجوئها لتلك التجربة، فتقول: «تزوجت شرعي على سنة الله ورسوله، ولكن ما حدث إنه بعد 5 سنوات وقعت بيننا مشاكل زوجية واقتربنا من الانفصال، وبمحض الصدفة رأيت مقترح أحمد مهران فذهبت إليه بعد الاتفاق مع زوجي».

أملت الزوجة شروطها التي كانت سبب للمشاكل الأسرية في عقد ملحق لوثيقة الزواج، وتتضمن شروط للصلح منها أن يعطيها الحرية في استكمال عملها، والانتقال إلى شقة أكبر حجمًا، بينما كانت شروط الزوج أن تساهم بمصروفات المنزل مادام في استطاعتها، ولم تكن تلك الشروط موضوعة في الوثيقة الرسمية.

الوعود السابقة هو المبرر للجوء «رشا» لتحرير عقد مدرج به عدد من الشروط، مشيرة إلى أن الأمر يسير جيدا وفي حال الاخلال ببنود الاتفاق يتم العودة مرة أخرى إلى المحامي. “يا هنقعد تاني نشوف حلول بديلة أو ممكن ساعتها ألجأ للطلاق”.

وتسبب تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لعقد زواج حمل اسم “زواج التجربة” هجوما من الأزهر الشريف الذي أصدر فتوى تبطل العقود التي تشترط أي مدة تحدد عقد الزواج، أو تشترط عدم وقوع انفصال بين الزوجين لمدة معينة، ودار الافتاء التي طرحت الأمر للدراسة.

لكن رشا تقول إن “العقد للصلح غير محدد المدة على عكس ما يقال، كما إنه ليس عقد زواج آخر محدد المدة أو غير شرعي، فعقد الزواج الشرعي لا يزال ساريا، كل ما حدث أن هناك عقد آخر ملحق بعقد الزواج الأصلي، ينظم الواجبات والحقوق، ويضعها في إطار قانوني”.

فرصة أخيرة

تصف الزوجة العقد المبرم بعقد “الفرصة الأخيرة لاستمرار الحياة”، نظرا لغياب التفاهم بين الأزواج، فتاتي الشروط لحفاظ بعض الحقوق التي كان للحياة الأسرية أن تحافظ عليها من جانب الزوج.

ووفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن معدلات الزواج والطلاق فى مصر، يلغ متوسط عدد حالات الطلاق بمصر في اليوم خلال الـ 10 سنوات الماضية 429 حالة عام 2010، 430 حالة عام 2011، 441 حالة عام 2012، 465 حالة عام 2013، 515 حالة عام 2014، 572 حالة عام 2015، 551 حالة عام 2016، 577 حالة عام 2017، 611 حالة عام 2018، 660 حالة عام 2019.

يقول الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون العام، إن مبادرة “زواج التجربة” الهدف منها إعطاء فرصة أخرى للأزواج بضمانات جديدة، لتقليل نسبة الطلاق في مصر، وجاءت بعد استقبال مكتبه مئات الحالات الراغبة في الطلاق.

وأضاف، لـ “مصر 360″، أن المبادرة التي أطلقها منذ 3 أشهر ترتبط بعقد اتفاق على شروط استمرار زواج، أي عقد صلح بين زوجين مشروط وليس إبرام عقود زواج جديدة.

وعن فتوى الأزهر التي خرجت محرمة ما ورد عن زواج التجربة جاء ” الزواج ميثاق غليظ لا يجوز العبث به، واشتراط عدم وقوع انفصال بين زوجين لمدة خمس سنوات أو أقل أو أكثر فيما يسمى بزواج التجربة اشتراط فاسد لا عبرة به، واشتراط انتهاء عقد الزواج بانتهاء مُدة مُعينة يجعل العقد باطلًا ومُحرَّمًا”.

أوضح مهران أن الأصل في الزواج الاستدامة فهو عقد يحكمه ميثاق غليظ، ليس هدفه التجربة بمدة محددة، ونحن نلجأ لوضع شروط عند الطلاق لمنع الطلاق، فالمأذون عند الزواج عادة ما يقوم بكتابة “لا توجد شروط خاصة” في خانة الشروط بالقسيمة.

بنود خاصة

تستند مبادرة المحامي المصري إلى ما يعتبره قياسًا على إجازة المشرع المصري والأزهر الشريف لوجود خانة للشروط بوثيقة زواج المصريين المسلمين.

كما يؤكد في تمهيد عقوده أن الزوجين قد تزوجا على يد مأذون ما يعني أنه زواج شرعي على سنة الله ورسوله وعلى مذهب أبي حنيفة النعمان، ما يجعله مكتمل الأركان وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، على أن يكون الزواج أبدي غير محدد المدة.

أوضح العقد، أن البنود المحددة لا تحل حرامًا ولا تحرم حلالاً، إنما الغرض منها التغلب على الخلافات والمشكلات الزوجية لدى حديث الزواج بهدف استمرار الزواج وعدم اللجوء للطلاق قبل استكمال مدة العقد.

جاءت الشروط مرقمة تبدأ بعدم ضرب الزوج للزوجة والتزامه بالإنفاق على تكاليف الحياة والمنزل وعمل مصروف شخصي للزوجة، كما حددت الزوجة شروط أخرى تتعلق بالدراسة والعمل، جاء بها “عدم إجباري على ترك العمل مع حقها في أن يكون لها ذمة مالية مستقلة، وزيارة أسرتها مرة كل أسبوعين على الأقل، واستكمال دراستها الجامعية والعليا”.

يتضمن العقد عدة حقوق للزوجة من بينها إخطار الزوجة حال رغبة الزوج الزواج مرة ثانية ويكون لها حق الاختيار في أن تستكمل الحياة أو تطلب الطلاق مع احتفاظها بجميع حقوقها الشرعية والمالية، وحق الزوجة في الاطلاع على المعلومات والحسابات المالية والشخصية للزوج سواء كانت بنكية او اليكترونية أو على السوشيال ميديا، مع الاشتراط في أن تكون القرارات المصيرية بالاتفاق بينهم.

وفي حال مخالفة بنود العقد، يحق للزوجة طلب التطليق أو الخلع دون الانتظار المدة المتفق عليها في العقد، كما يحق للزوج أن يطلق زوجته مع إعطائها كافة حقوقها، وحال نشوب خلافات زوجية يتم الاحتكام إلى بنود العقد وللمستشار القانوني للعقد.

رأي مغاير

كان لدى دار الافتاء رأي أخر مغاير للأزهر الشريف، والتي أوضحت بعد عرض الأمر للنقاش المجتمعي، إنه ليس معنى “زواج التجربة” أن يتم تجربة الزواج بين الرجل والمرأة لفترة محددة بوقت، فالشرع الشريف يَمْنَع هذا ويحرمه بشكل قاطع، ورغم أنَّ مجرد اسم «زواج التجربة» معناه اللفظي سيّء ؛ إلَّا أنَّ العلماء لا ينظرون إلى الاسم لكي يحكموا على عقد الزواج بكونه حلالًا أو حرامًا، بل ينظرون إلى مضمون العقد.

وتابع البيان الصادر عن الافتاء: “الواضح أن من أطلق هذا الوصف علي هذا الزواج أراد أن يحقق مكاسب دعائية علي حساب القيم المجتمعية الراسخة بشأن الأسرة “.

أما عن مضمون العقد فيما يُطلق عليه «زواج التجربة» أوضحت الدار “إنَّ الشروط التي يشتمل عليها هذا العقد نوعان: النوع الأول: اشتراط مَنْعِ الزوج مِن حقه في طلاق زوجته في فترة معينة بعد الزواج، وهذا شرط باطلٌ، فإذا وَقَع عقد الزواج به؛ فالعقد صحيح، وهذا الشرط بخصوصه باطلٌ كأنَّه لم يكن.

النوع الثاني: بعض الشروط الأخرى التي يَظُنُّ الزوجُ أو الزوجةُ تحقيق مصلحةٍ بوجودها؛ كأن تشترط الزوجة على زوجها ألا يُخرِجَها مِن بيت أبوَيها، أو أن لا ينقلها من بلدها، أو أن لا يتزوَّج عليها إلَّا بمعرفة كتابية منها؛ فهذه الشروط صحيحة، ويلزم الوفاء بها من الطَّرَفين.

ولا فرق في هذه الشروط السابقة بين كتابتها وإثباتها في وثيقة الزواج الرسمية الصادرة من وزارة العدل، أو إنشاء عقدٍ آخرٍ منفصلٍ موازٍ لوثيقة الزواج الرسمية”.