قبل ساعات قليلة مضت، شهدت محافظة الدقهلية جريمة بشعة، تضاف إلى طابور طويل من انتهاكات الآباء تجاه الأبناء، إذ عمد أب إلى تجريد طفلته الرضيعة التي لم تبلغ عامها الثاني بعد، من ملابسها في الشارع، كما هدد جيرانه الذين حاولوا نجدتها بحرقها، وذلك نكاية في والدتها، التي طالبته بالطلاق، هربًا من قسوته.
الواقعة البشعة شهد عليها عدد من جيران الأب. فيما حاول بعضهم منعه من المضي قدمًا في إيذاء ابنته، إلا أن الأخير خاض معهم شجارًا، معتديًا على كل من سعى لإنقاذ الرضيعة.
السوشيال ميديا أنقذت الرضيعة
جريمة الأب سجلتها عدسات الكاميرات، وتم تداولها على نطاق واسع عبر “السوشيال ميديا”، من خلال مقطع فيديو لا يتجاوز الدقائق الأربع، ظهر خلاله الأب يجرد طفلته الرضيعة من ملابسها في عرض الشارع. قبل أن يقف إلى جواره أحد الأشخاص محاولاً إثناءه عن فعلته، مطالبًا إياه بعدم تعريض حياة صغيرته للخطر، دون جدوى.
خلال مقطع الفيديو ظهرت أصوات سيدات تحاولن أن تثنيه عن فعلته. وبعض أشخاص يتشاجرون مع الأب لمنعه من استكمال جريمته.
تلقفت وسائل التواصل الفيديو وتداولته بشكل واسع أفرز حالة من الغضب الكبير تجاه الأب الذي تخلى عن أبوته انتقامًا من زوجته في جسد ابنتهما. لتبدأ وسائل الإعلام بدورها في تبني القضية التي سرعان ما وصلت إلى ساحة النيابة العامة والمجالس الحكومية المسؤولة عن رعاية الأطفال.
الأمن يحدد هوية صاحب “فيديو الرضيعة”
فور انتشار مقطع الفيديو، بدأت قوات الأمن في مباشرة عملها بتكثيف البحث عن مرتكب هذه الجريمة وأسبابها ومكان وقوعها. وحسب البيانات الأولية التي حصلت عليها مباحث الدقهلية تم تحديد هوية الأب “رمضان. ح. ج” 37 سنة، مقيم بقرية بانوب التابعة لمركز نبروه. ما بدأت في عقبه جهود إلقاء القبض عليه لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضده.
حسب عدد من شهود العيان والنتائج الأولية التي كشفت عنها قوات الأمن، فإن الأب دائم الخلاف مع زوجته. وقد طالبته الأخيرة بالطلاق. لذا عمد إلى خطف ابنتهما وتجريدها من ملابسها ومحاولة حرقها، عقابًا وانتقامًا من الأم.
القومي للطفولة يتقدم ببلاغ للنائب العام
حول الفيديو الأخيرة المتداول لطفلة الدقهلية، أكدت أمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة، الدكتورة سحر السنباطي، أن المجلس اتخذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة. وأوضحت -في بيان- أنه فور رصد الواقعة تم تسجيل بلاغ رسمي حررته الإدارة العامة لنجدة الطفل 16000. مشيرةً إلى أنه بمتابعة الواقعة والتحري عنها تم التواصل مع والدة الطفلة لتقديم الدعم اللازم. وقد أفادت السيدة أن الطفلة لم تبلغ العامين، وأن والدها قام بهذا الفعل على إثر خلافات أسرية بينهما، وأنه ممتنع عن قيد الطفلة بسجلات المواليد واستخراج أوراق ثبوتية لها.
أكدت السنباطي أن هذه الواقعة تدخل في إطار تعريض الطفلة للخطر وتهديد حياتها وسلامتها وأمنها. كما تتضمن واقعة هتك عرض بتجريد الطفلة من ملابسها في طريق عام. وذلك طبقًا للمادة 268 من قانون العقوبات.
أرقام خطيرة حول العنف الأسري
حسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، فإن طفلاً يموت كل 5 دقائق حول العالم؛ نتيجة العنف. فيما يعيش ملايين الأطفال الآخرين في خوفٍ من العنف بأشكاله المختلفة؛ سواء بدني أو عاطفي أو جنسي.
في سبتمبر الماضي، عقدت شراكة بين المجلس القومي للطفولة والأمومة ووزارة التربية والتعليم، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة اليونيسف، لإطلاق المرحلة الثالثة من الحملة القومية لحماية الأطفال من العنف. تحت عنوان “أولادنا“. وهي حملة تهدف إلى زيادة وعي الوالدين ومقدمي الرعاية بالتربية الإيجابية. وأيضًا التصدي للاستخدام الشائع للعنف والعقاب البدني واللفظي كأداة تأديبية للأطفال.
وحسب دراسة أجراها المجلس القومي للطفولة والأمومة في عام 2015، كان الأهل هم الأكثر استخدامًا للعنف، يليهم الأقران ثم المعلمون. بينما كان نصف الأطفال الذين شملهم المسح (الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 سنة) تعرضوا للضرب في السنة السابقة للبحث. في حين عانى نحو 70% منهم من أحد أشكال الإساءة العاطفية.
كما أظهر المسح السكاني والصحي في مصر لعام 2014 أن 93% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و14 سنة تعرضوا لممارسات تأديبية عنيفة.
الأب الجاني يواجه اتهامات بهتك العرض والشروع في القتل
في السياق ذاته، كشف مدير خط نجدة الطفل بالمجلس القومي للأمومة والطفولة، صبري عثمان، أنه فور انتشار مقطع الفيديو الذي ظهر فيها الأب يجرد طفلته من ملابسها، تم التواصل مع النيابة وتقديم بلاغ للوقوف على ملابسات الواقعة.
أضاف عثمان، في تصريح لـ”مصر 360″، أنه من المقرر أن يتم التحقيق مع الأب ومواجهته بارتكاب عدد من الجرائم، التي تشمل هتك العرض والشروع في القتل. إذ كشفت المباحث شروع الأب في إشعال النيران بطفلته. فضلاً عن هروبه من التجنيد، ما يعرضه للسجن المشدد.
أما فيما يخص الطفلة والأم، يقول عثمان: “سيتم تقديم إرشاد نفسي للأم في كيفية التعامل مع الطفلة، فضلاً عن المتابعة الدورية للطفلة، إذ لا تحتاج الطفلة إلى دعم نفسي لصغر سنها”.