ارتفع معدل تداول مصطلح قيم الأسرة المصرية بشكل كبير، خاصة بعد تداول صور لبعض سيدات يتناولن حلوى تتخذ شكل أعضاء جنسية. ليست هذه الواقعة الوحيدة التي جاءت تحت راية حماية قيم الأسرة المصرية. هذه الأسرة المصرية التي تتنوع وتختلف.

يكشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر عن ارتفاع كبير في حالات الطلاق المسجلة في البلاد العام الماضي، وذلك مقارنة بالعام 2018. وقال الجهاز إن حالات الطلاق في 2019 وصلت إلى 237.7 ألف حالة، بمعدل حالة كل 2.11 دقيقة. وهو ما يمثل ارتفاعًا بمعدل 8% مقارنة بالأرقام المسجلة سنة 2018، حسب ما تم نشره بموقع سكاي نيوز الإخباري.

حول ارتفاع معدلات الطلاق تتعدد الأسباب، دون دراسة ميدانية منشورة تكشف عن الأسباب الحقيقية وما يترتب على ذلك على كافة الأصعدة. لكن الأحاديث الجانبية، والحوارات الخاصة في أكثر من قطاع تؤكد أن عدم رضا أحد الزوجين عن العلاقة الحميمة سببًا لا يمكن التغافل عنه. ربما يكون سببًا رئيسيًا. لكن حتى الآن لا يمكن القطع بذلك دون أدوات بحثية واضحة لدراسة الأمر.

هناك شكاوى من بعض الأزواج يصفون فيها زوجاتهم بأنهن يتصفن بالبرود الجنسي. كما أن المراقب للإعلانات المعروضة على كثير من القنوات الفضائية والمخصصة للضعف الجنسي يجد تنوعًا مفرط لمنتجات يغض النظر عن تقييمها من الناحية الطبية. هذا الكم من الإعلانات يكشف عن مستخدمين كُثر وسوق لا يعرفه الكثيرون.

أزمة قيم أم أزمة مواجهة؟

كشفت واقعة سيدات نادي الجزيرة عن أزمة حقيقية نعيشها. تلك الأزمة التي تفرض على النساء التخفي وعدم البوح وإلا وصمهن بكل ما يُسئ إليهن. وقد يتطور الأمر لعقاب قانوني.

لن أطرح أزمة سيدات نادي الجزيرة للمناقشة. لكن هناك بعض مشاهد معتادة وعدد من التساؤلات:

مشهد 1

في أي سوق بأي منطقة يوجد بائع يقوم بعرض الملابس الداخلية الحريمي، حيث تحدث عملية الشراء بين سيدات وآنسات وبين البائع. وهو مشهد متكرر ولا يخفى على أحد.

مشهد 2

صورة متداولة بشكل كبير تعرض عدد كبير من حملات الصدر بأشكال وألوان مختلفة ورجل يقوم بتبخير السلع المعروضة في الشارع كنوع من البركة.

مشهد 3 

المحلات والباعة الذين يعرضون قمصان النوم بأشكالها وموديلاتها. بينما في كثير من الأحيان يكون البائع رجلاً، ينصح ويسّوق لنوع دون آخر، ويقدم استشارات لزبائنه.

مشهد 4

عشرات الأغاني التراثية تحمل كلماتها وصفًا صريحًا وأحيانًا تعليمات خاصة بالتجربة الحميمية للمقبلين على الزواج.

مشهد 5

عشرات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تبيع الألعاب الجنسية، ويتم توصيلها إلى الراغبين بها، وفق الاتفاق.

يمكن أن نذكر عشرات وربما مئات التفاصيل والمواقف التي يكمن فيها الفعل الجنسي صريحًا أو مستترًا. وعند كل أزمة حقيقية أو مفتعلة نقف صامتين والاتهامات جاهزة؛ إهانة قيم الأسرة المصرية. عن أي أسرة نتحدث؛ هذا هو السؤال الأول. ومن هم مشترو الألعاب الجنسية؟ ومن هم مشاهدو الإعلانات وزبائن منتجات الضعف الجنسي؟ ومن هم مرددو أغاني الأفراح؟ ومن هم متداولو النكات القبيحة كما يصفونها؟ ومن هم مستخدمو أسماء الأعضاء الجنسية والعملية الجنسية في السباب والمزاح؟ أكل هؤلاء خارج الأسرة المصرية؟

عشيقة من طراز رفيع

في مجتمع يريد من المرأة أن تكون عشيقة من طراز رفيع، مُطلعة على كل فنون الإغواء لتقدم المتعة لشهريار، وتُرضيه في مملكته الخاصة، حتى لا ينظر خارج البيت، وفي ذات الوقت يُطلب منها ألا تقرأ أو تتعلم أو تتحدث عن أي شيء خاص بالجنس، وإلا فالاتهام جاهز، والوصم معد سلفًا، والسيرة أطول من العمر.

لا يحق للمرأة أن تصرح أنها غير راضية عن العلاقة الحميمة. بينما يحق للرجل ذكر تلك الأسباب وجعلها ذريعة للطلاق أو التعدد. لا يحق للمرأة أن تكتب عن الجنس وإلا وصفها الجميع بأنها تكتب عن تجربة شخصية، ولا يحق للمرأة الكثير والكثير.

ربما سيجدون في المستقبل طريقة لاستنساخ الرجال. ماذا لو اكتفت المجتمعات بالرجال؟ ونتخلص من النساء اللواتي يثيرن كل هذه الزوابع في المجتمع، ويقلقن الأسرة المصرية التي لا نعرف مكوناتها!

حول أزمة سيدات نادي الجزيرة.. ما هي الأزمة الحقيقية؟ هل كونهن في جلسة خاصة صنعن كيك بشكل الأعضاء الجنسية؟ أم كونهن مارسن ما يفعله الجميع من التعامل مع الأعضاء الجنسية كمادة فكاهية؟ أم ترى أزمتهن أن أحدهم/هن قام بتسريب الصور؟

ماذا لو كان رجلاً؟

ماذا لو كان الفاعل رجال والحلوى لأعضاء تناسلية أنثوية؟ لم يكن لشيء أن يحدث. فشهريار يضع قوانينه. هو ملك البوح الوحيد، والنساء تتهامسن سرًا، وإن عُرِف بالأمر تم إقصائهن واعتبار أفعالهن مفتتة لقيم الأسرة وحياءها. تلك الأسرة التي ننسي دومًا أنها مكونة من رجل وامرأة.

إن الصور المسربة للحلوى سبب الأزمة الأخيرة كشفت أن بعض النساء يمتلكن قدرة على السخرية كما يملكها الرجال. لكن كيف يرضى المجتمع بذلك؟ النسوة الفُضلايات الحريصات على أن يظل تداول تفاصيل الغرف الخاصة سرًا، وأن نظل نحن ندفن رؤوسنا في الرمال. فكيف تجرؤ بعضهن على المزاح باستخدام حلوى لأعضاء ذكورية؟

المتحدثون باسم قيم الأسرة لا يعلنون عن قيمة واضحة، ولن يمكنهم ذلك. ما يحدث يتوافق مع سياسة التواطؤ المتبعة لقرون في مجتمعنا المصري. النكات يتم الهمس بها، والأغاني تعقبها ضحكات خجولة، ودروس الجهاز التناسلي سيتم حذفها من المنهج، والرجال يتعلمون تجاربهم الأولى عن طريق التجربة والخطأ حسب ما يتوفر لهم، والفتيات معهن الله.

كشفت صور الحلوى المتداولة أننا نخاف وبشدة الحقيقة. نخاف من الكشف والمواجهة. نتبادل كل ما يخص الجنس سرًا. لكن أن يكشف أحدهم ذلك لابد أن يُعاقب. فلنستمر في حياة التواطؤ، والانفصام التي نعيشها، الجهل بأجسادنا والمناقشة الواضحة حول مشاكلنا، وحتى السخرية العلنية، لنستمر، ولكن هذا زمن غير ما فات، وجيل قادم بآليات وثقافة أكثر انفتاحًا وأطفالاً يستوردون ثقافتهم من العالم الخارجي، الذي تجاوز الإخفاء، وطرح مشكلاته للبحث والمناقشة وإيجاد الحلول. عما قريب ستسقط ورقة الشجر، لكن المُحزن أن كثيرين قبلها ستضمهم سجون المساس بقيم الأسرة المصرية.