تمر علينا الذكرى العاشرة لثورة يناير المجيدة، التي تشرفت أن أكون أحد المشاركين والمنظمين والداعيين لها مع زملائي وأصدقائي ورفاق الدرب من محافظة الإسكندرية.
هذه الثورة التي تكالب عليها وحاربها كل من رفض أن تكون مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة ينعم فيها الشعب بالعدل والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فلا يوجد مصري وطني عاشق لمصر وشعبها وترابها يرفض أن تتحقق هذه المطالب التي خرج من أجلها ملايين من المصريين، وضحى من أجلها آلاف المصابين والشهداء.
خرجنا ضد فساد واستبداد الحزب الوطني وديكتاتورية نظام مبارك ومحاولات التوريث وممارسات لجنة السياسات والخصخصة وبيع ممتلكات الشعب والممارسات الأمنية الغليظة، فلا يوجد عاقل يمكن أن يدعم الظلم والاستبداد والديكتاتورية.
أتفهم جيدا أن من يهاجم الثورة وشبابها حزين على ما وصلت إليه أوضاع مصر الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والإعلامية بعد ثورة يناير، وخاصة بعد ٣٠ يونيو، ولكنه ليس من التعقل أن نحاسب الثورة وشبابها على ما آلت إليه الأمور الآن، فالثورة لم تحكم لكي نحاكمها ومطالب الثورة لم تتحقق لكي ندينها، بل على العكس تماما مازالت مطالب الثورة وأهدافها يطالب بيها المصريون الآن وأكثر مما سبق.
ولكن نظام الحكم الآن يرى الأمور من زاوية مختلفة: إغلاق تام لكل وسائل الإعلام الفضائية والإلكترونية في ظل أحكام القبضة الأمنية؟، لا توجد نقابات مهنية أو عمالية، ولا توجد مجالس منتخبة تعبر عن إرادة المصريين بشكل ديمقراطي، وكلنا تابعنا انتخابات مجلس النواب ومجلس الشوري التي أطلق عليها المصريون انتخابات الكراتين، الكثير من المصريين الشرفاء في السجون بدون محاكمات وفي ظل اتهامات غير حقيقية ومنهم قيادات حزبية وطنية يعلم القاصي والداني أنها ترفض العنف وتدينه وتحاربه بالكلمة، وبصدورها العارية، وتصدت لكل دعوات الإرهاب قبل وبعد ٣٠ يونيو.
أليس من حقنا كشباب أن نعيش في وطننا في أمن وأمان؟، أليس من حقنا أن نستمع إلى الرأي والرأي الآخر في وسائل الإعلام وخاصة المملوكة لأجهزة الدولة؟، أليس من حقنا حرية اختيار ممثلينا في مجالس النواب والشيوخ والنقابات، أليس من حقنا أن نتحدث بحرية في التليفونات والمواصلات وعلى وسائل التواصل بدون أن نخشي من ملاحقات أمنية واتهامات غير صحيحة؟
اقرأ أيضا:
«شاهد ملك» على السقوط في بئر التزوير
لم نر في التاريخ الحديث دولة عظمى أو قوية اقتصاديا أو حتى رياضيًا في ظل ممارسات غير ديمقراطية وإعلام الصوت الواحد وسجون تهدد استقرار كل من تسول له نفسه المشاركة في العمل العام والتعبير عن الرأي بشكل سلمي تحت مظلة القانون والدستور.
ندائي إلى النظام المصري: ألم يحن الوقت لكي نتشارك معا في بناء الوطن؟، ألم يحن الوقت لتحقيق بعض من مطالب ثورتي يناير ويونيو العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطني، الثورة كانت وسيلة استثنائية في وقت استثنائي، ما نريده الآن زرع الأمل في قلوب المصريين، إصلاح سياسي حقيقي يؤمن استقرار النظام السياسي ويحافظ على مقدرات الوطن ومستقبل شبابها.
في ظل نقابات مهنية وعمالية قوية ومجالس منتخبة معبرة عن إرادة الشعب يصوب ويدعم النظام السياسي ستكون الحكومة أكثر قدرة على اتخاذ الخطوات الصحيحة، لأن هناك من يراجعها ويحسن توجيهها، ستكون إرادة مصر حرة وقرارها من شعبها وحكومتها وقيادتها ولن تجرؤ أي دولة على التدخل في شؤوننا، نصبح معا شعبًا وحكومة وقيادية سياسية قادرين على المواجهة والتصدي لكل المخاطر المحيطة بتراب هذا الوطن الغالي شمالا وجنوبا وشرقا وغربًا.
كثير من المصريين يتمنون النجاح لمن يحكم مصر لأن في نجاحه نجاح لكل المصريين ورفعة وازدهار لوطننا.
المخلص لهذا الوطن هو من يصدق القول، المحلص في هذا الوطن هو الناصح الأمين، المعارضة لم تكن مغنمًا ولكن ثمنها باهظ ندفعه من أمننا وحياتنا وأرواحنا ومستقبلنا، نحن مؤمنون أن الوطن يحتاج لكل أبنائه المعارضين والمؤيدين المصريين المخلصين.
لا يمكن أن ننسي أن نوجه التحية لشهداء الوطن من أفراد وضباط وقادة الجيش والشرطة الذين يدافعون عن أمن واستقلال مصر وشعبها، وتحية إلى قوات الشرطة المصرية في ذكرى موقعة الإسماعيلية ١٩٥٢، كل هذه التحيات نقدرها ونثمنها وستظل محفورة في تاريخ مصر.