“عاوزة اعتذر لزمايلي وجوزي وبناتي ولكل الناس اللي قالت لي متسافريش، وكانوا شايفين أن خلاص مبقاش في مجال، وأنا كنت معمية وشايفة أننا ممكن نشتغل حتى لو في مخاطر بس واضح أن الدولة شايفة إن الصحافة جريمة”. بهذه الكلمات ختمت كلماتها في تحقيق دام لأربع ساعات داخل النيابة التي قررت حبسها 15 يومًا على ذمة القضية 959 أمن دولة، موجهة لها اتهامات بنشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية. لكن لحسن الحظ تمكنت من الخروج بعد إخلاء سبيلها بكفالة 2000 جنيه بعد أيام قليلة من السجن.
بسمة مصطفى هي صحفية تحقيقات مهتمة بقضايا حقوق الإنسان وقضايا المرأة، عمرها في الصحافة هو عمر الثورة، التي بالرغم من كونها لم تتمكن من المشاركة فيها ميدانيًا إلا أنها شاركت فيها بكل وجدانها. حتى انتقل “الحراك من الشارع إليها على المستوى الشخصي”. وهي التي كانت مجرد فتاة تقليدية من أسرة تشبه أغلب الأسر المصرية، ترسم لبناتها خط الحياة بمجرد أن يولدن نساءً، دون إمكانية تغيير ذلك غير بدفع أثمان باهظة.
نساء ووعي وليد الثورة
“كنت في 3 جامعة ومكنتش اعرف أي حاجة عن السياسية، يوم 25 يناير بابا اتصل عليا وقالي ماليش دعوة بأي حاجة بتحصل حواليا: فضلت محبوسة طول الـ18 يوم: ساعتها عملت أكونت ع فيسبوك عشان أفهم اللي بيحصل وساعتها كانت أول مرة أعرف عن قضية خالد سعيد وإن في ناس تانية ماتت ف الميدان”. تروي بسمة لـ”مصر 360″: “أنا كنت شخص معندوش اهتمامات غير الدراسة وكنت نيرد جدًا وبسمع كلام أهلي: مقدرش أقول لأهلي ع حاجة لا: بس الثورة علمتني أقول لأ على الحاجات اللي أنا مش عاوزاها وإني أبدأ استكشف نفسي وشخصيتي”.
عرفت بسمة التدوين بعد القبض على والدها عشوائيًا وخضوعه لمحاكمة عسكرية. ثم بدأت في الكتابة عن انتهاكات حقوق الإنسان من واقع تجربتها الشخصية: “بدأت اهتم بالملف دا وأدون عنه. وقتها اللي عبر عن قضيتي وسمع صوتي وساعد أهلي: كانت الصحافة”. ومن هنا بدأت رحلتها مع الصحافة التي تؤمن تمامًا بدورها وتأثيرها على المجتمعات، رغم أنها تعتقد في الوقت الحالي أن الصحافة قد لا تستطيع أن تلعب دورها الحقيقي على أكمل وجه لكن يظل لها “مردود معنوي للضحايا وأن صوتهم مسموع وألمهم متشاف: ودا بيخفف كتير”، بحسبها.
الصحافة أنقذت والدي
كان للصحافة دور هام في قضية والدها تقول عنه: “وقت ما أبويا اتقبض عليه كان الجيش بيقول ع اللي بيتقبض عليه بواسطة الجيش أنهم بلطجية وتجار سلاح ومخدرات أنا أبويا مكنش بلطجي وده اللي الصحافة قالته وعملته معانا ومع أسرتي. كان ليها مردود معنوي علينا وأنصفتنا. بعدها بتسع شهور أبويا محاكمته اتعادت واتعمل له نقض دا مبيحصلش ف القضاء العسكري أصلاً بس الصحافة دفعت لأن دا يحصل ولأن أبويا ينعاد محاكمته ويخرج براءة”.
بالرغم من أنها لم تتمكن من المشاركة في الثورة، إلا أنها تأثرت كثيرا بالحدث نفسه وصولاً إلى عملها في المجال العام كصحفية ومدافعة عن حقوق الإنسان، “الثورة علمتني اكون نفسي حتى لو ملحقتش 18 يوم وعملتني أقول لا واني يكون عندي المقدرة اني اغير مصير حياتي تمامًا”، بالرغم من الصعوبات التي واجهتها في تحقيق ذلك لكن روح الثورة كانت قد غمرتها لأبعد مدى وحولتها “من طالبة تربية فرنساوي في الشرقية، لأني أقول لأهلي إني هستقل عنكم ف القاهرة واجي لكم ف الويك ايند”، الأمر الذي تعامل معه الأهل بالرفض والعنف، لكنها “لأول مرة مكنتش خايفة وكملت ف طريقي اللي شبهي واللي مؤمنة بيه رغم الرفض المجتمعي والنبذ العائلي”.
النساء جزء من التغيير
منذ ثورة يناير 2011، استطاعت النساء أن تخلق لأنفسهن مساحة أكبر في المجال العام بداية من الحقوق المدنية والسياسية، وصولاً إلى حراك نسوي متكامل مهتم بكافة قضايا النساء وعلى رأسها حقهن في التواجد في مجال عام آمن يتيح لهن حرية الرأي والتعبير والدفاع عن حقوقهن بحرية تامة والمشاركة في كافة مناحي الحياة كحق أصيل للنساء، بحسب ما تشير إليه مؤسسة نظرة للدراسات النسوية.
تؤكد المؤسسة أنه في الوقت نفسه فإن النساء وخاصة المدافعات عن حقوق الإنسان قد واجهن العديد من الانتهاكات المتصاعدة بحقهن ما بين حملات القبض الواسعة على المتظاهرات، وعمليات قبض واختطاف واحتجاز لمدافعات عن حقوق الإنسان، واستهداف لناشطات ومنظمات نسوية. بالإضافة إلى حملات تشويه وتحريض ضد نساء ومنظمات نسوية، وذلك في إطار التضييق على المدافعات والناشطات النسويات والمجتمع المدني بشكل عام.
قادرات على التغيير
تجربة بسمة الشخصية لم تكن الوحيدة من نوعها، فهناك العديد من النساء ممن تشكل وعيهن مع الثورة وغيرن مسارات حيواتهن بالكامل. ليس بالضرورة فيما يتعلق بالسياسة وإنما على المستوى الشخصي أيضًا. ما جعلها ترى أن تجربتها “نموذج حي على أن الستات قادرات على التغيير”. وكان من الطبيعي خروجهن إلى المجال العام بعد المرور بمراحل انتقالية متعددة. كما تحولت هي في حياتها الخاصة “من ست ريفية كان مقررًا لها تتجوز وتعقد في البيت، لست استقلت عن أهلها وعاشت في وحدة ونبذ واتهامات بالانحلال والجنان، لخلق مسار حياة مختلف وبناء كارير لحد ما كويس وسمعة مهنية كويسة”.
العنف والوحدة والنبذ المجتمعي وغيرها هي ما تتعرض له أغلب الإناث اللائي يحاولن كسر القيود الأبوية والتغريد خارج السرب في المجتمع، وهي مرحلة لابد منها إن أرادت الأنثى الخروج عن الأدوار النمطية المفروضة على النساء، ذلك ما يجعل قرار المرأة لتغيير حياتها من أصعب القرارات على الإطلاق، إلا أنه في الميدان، عرفت النساء أن الأوان قد آن للثورة ليس فقط على النظام السياسي بل على الأبوية في حد ذاتها، سواء إن كانت في شكل الدولة أو المجتمع أو حتى الأسرة الصغيرة داخل المنزل.
هذا التغيير لم يكن ليأتي لولا الثورة بمفهومها الأوسع، وما تبعها من أمل وإصرار على أن تكون النساء جزءًا من التغيير لا مجرد متابعات أو مشاهدات من بعيد. خاصة وأن الأثمان التي دفعتها النساء لذلك لم تكن بسيطة وسهلة مطلقًا.
10 سنوات من الهجرة
لكن بعد مرور عشر سنوات ومن مهجرها الحالي تشعر الشابة بـ”الأسى” لنفسها بحسب وصفها. ذلك بعد أن دفعت أثمانًا كثيرة كي تتمكن من تحقيق حلمها في الصحافة. وقد شمل هذا التنازل عن الامتيازات العائلية وخسارة علاقات أسرية كبيرة، والانتقال من الريف للمدينة والمعيشة في “وحدة ومعاناة شخصية كبيرة”. وترى أن “بعد عشر سنين ثورة بسبب إني بحاول أحترم حلمي وهو إني أكون صحفية مهنية بنقل الحقايق وبكون صوت الآخرين، فكان نتيجته إني برا مصر أصلاً!”.
تضيف: “كنت بشوف إن مهنتهي مؤثرة وأنا في مجتمعي وإني في اللحظة دي أنا حاسة إني فقدت شغفي تجاه حلمي إني ع مدار عشر سنين كنت بتمسك بيه وبضحي بحاجات وبدفع أتمان باهظة عشانه وهو في الآخر اتخلي عني.. إحساس الانسلاخ اللي بمر بيه دلوقتي من أصعب الحاجات اللي مرت عليا”.
تجدر الإشارة هنا إلى أنه لا يوجد أرقام رسمية حول عدد النساء المعتقلات في السجون. لكن في إطار حملة #عام_مغلق التي أطلقتها مؤسسة “نظرة” في نهاية عام 2019. فإن “عدد النساء اللاتي تعرضن لعمليات قبض تعسفي/احتجاز/ حبس احتياطي على خلفية رأيهن أو نشاطهن 77 سيدة وفتاة على الأقل خلال العام 2018، وأكثر من 220 سيدة وفتاة في العام 2019”.
السجن موت
“لما اعتقلت حسيت إن كل حاجة ملهاش قيمة وإني مش هخرج تاني وحسيت إني مش هقدر أعيش تاني وحسيت إني هموت، في النهاية السجن أنتي بتتعاملي وسط ناس يا هيموتوا انهاردة يا هيموتوا بكرة”. تروي أسماء عبد الحميد، وهي ناشطة سياسية ومؤسسة مبادرة برة السور النسوية الكويرية لدعم الأقليات الجنسية ومناهضة التمييز القائم على نوع الاجتماعي والميل الجنسي والعرق. وقد قضت فترة اعتقال دامت لـ55 يومًا بعد أن تم القبض عليها في مايو 2018 على خلفية تنفيذها لوقفة سلمية في إحدى محطات مترو الأنفاق احتجاجًا على ارتفاع الأسعار وتاثير ذلك على الوضع الاقتصادي للنساء ورفع المعاناة على المرأة المصرية.
رأت أسماء ميدان التحرير لأول مرة في حياتها وقت الثورة في 2011، حيث كانت تمشي على قدميها عندما صادفتها التظاهرات في الشوارع المحيطة وصولا إلى الميدان الذي تعبر عن شعورها عندما رأته كذلك، ” خوفت وانبهرت وافتكرت اني توهت ومش هعرف ارجع بيتنا تاني”، إلا أنها في نهاية اليوم انت قد أدركت الحدث الضخم الذي تمر به البلاد، بل وقررت المشاركة فيه يوما بعد يوم، حتى انضمت إلى أحد الأحزاب السياسية وأصبحت مسؤولة مجموعة العمل على قضايا المرأة فيه، فيبدأ نشاطها يزدهر أكثر في المجال العام تدريجياً حتى كادت أن تبدأ عملها في إحدى المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق المرأة، لكن القبض عليها والاعتقال كان قد حال دون ذلك.
مكتسبات رغم العودة بالنساء إلى ما قبل الثورة
تسترجع الشابة العشرينية ذكريات وأحداث السنوات العشر الماضية وتحديدًا تقف عند لحظة الثورة: “وأنا في الميدان كنت شايفة إن أنا ملكت الدنيا كلها، عمري ما تخيلت أن هيتم اعتقالي وعمري ما تخيلت إن الحاجات دي هترجع تاني”. وتضيف: “أنا عرفت حكومة مبارك وياما عانيت منها كنت بشتغل في مصنع وأنا صغيرة وكنت بنزل العتبة وكنت بعاني من إهانات بشعة علشان فلان معدي وأنا ماشية المفروض ممشيش وأمشي من الشارع اللي ورا، زوار الفجر كنت حفظاهم صم. أهلي كان بيتقبض عليهم في الفجر فعمري ما كنت أتصور إن الكلام ده يرجع تاني بالشكل ده”.
وبالرغم من أنها ترى أن تضييق المجال العام في الوقت الحالي قد عاد بالنساء لسنوات ما قبل الثورة. خاصة وأن النظام السياسي يستخدم أسلحة مختلفة لقمع النساء ومحاربة وجود النساء في العمل العام كاستخدام مفاهيم “الشرف” وتشويه السمعة لعدد من الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان. إلا أنها في الوقت نفسه تؤكد أن المسار الذي خاضه الحراك النسوي بعد الثورة قد أدى إلى مكتسبات لا يمكن إنكارها ولا العودة بها إلى ما قبل يناير. منها على سبيل المثال تولي النساء لمناصب سياسية قيادية داخل الكيانات السياسية، ونقل قضية العنف الجنسي إلى مستوى أكبر وأعم بعد أن كانت أصوات النساء “غير مسموعة”. ذلك بذريعة أن “الأولوية للنضال مش لشكاوى العنف الجنسي”. لكن هذا الأمر لا ينفي أن الطريق ما يزال طويلاً أمام النساء للوصول بقضايهن إلى مراحل أكثر تقدمًا وقبولاً في المجتمع والدولة.
اقرأ أيضًا: قراءة في غضب النساء: النسوية بين الطريق الواحد والخيارات المتنوعة
إرهاب للنساء فقط
“الستات واقع عليها التزامات تمنعها من المجازفة في الدخول في المجال العام في الوقت الحالي، واحدة مثلاً عندها 3 أطفال حتى لو هي مؤمنة بالعمل العام، هتفكر ألف مرة قبل ما تشارك في أي نشاط عشان خايفة على أطفالها يتيتموا بدري أو أمهم تتسجن ويبقوا لوحدهم”، تضيف مؤكدةً أن كل هذه الكروت استخدمها النظام لإرهاب النساء ومنعهن من الوجود في المجال العام.
بعد عشر سنوات ترى أسماء أن الثورة لم تحقق تغييرًا جذريًا كما كان مطلوبًا. ولم ينتج عنها سوى انتقال للسلطة من الدولة إلى الدولة. وهي ترى في حدوث هذا الانتقال بشكل مفاجئ. ما أدى إلى هذه الممارسات القمعية التي تسعى إليها السلطات. ذلك كي تستعيد قوتها ومكانتها مرة أخرى وتتجنب العودة إلى نقطة ضعف ثانية. في مقابل ضعف المعارضة وقلة الخبرة السياسية للكيانات والأفراد والانقاسامات الداخلية الموجودة فيما بينها. “أبسط مثال على ذلك أن الرجالة اللي في المعارضة اللي بتطلع تدافع عن الحقوق والحريات هما أصلاً متحرشين ومغتصبين”، كما ظهر في الفترة الماضية، على حد قولها. مشيرةً إلى أنه “لو كانت المعارضة سوية كان يمكن الوضع يكون مختلف”.
لم تؤثر الثورة على الشباب فقط. فحتى الأطفال كان لهم نصيبًا من الوعي المرتبط بيناير 2011. وهو ما ترويه ملك الكاشف، وهي حاليًا شابة عابرة جنسيًا وناشطة نسوية. كانت ما تزال طفلة في عمر الـ11 وقت انطلاق الثورة، عندما كانت مع أهلها في زيارة لعمها في منطقة وسط البلد، ولم يتمكنوا من العودة للبيت، لتقضي أيام الثورة جوار الحدث، حتى وإن لم تكن مشاركتها فيه تتعدى الوقوف في اللجان الشعبية تحت منزل عمها. بالإضافة إلى تطور الأمر إلى إدخال لعبة جديدة إلى الأطفال في الشارع بعدها، وهي “لعبة المظاهرات”، التي لم تكن منتشرة من قبل في الشارع المصري.
رحلة العبور الجنسي
لكن بذرة الوعي كانت قد غرست في ذلك الوقت لديها. وهو ما جعل حياتها تأخذ منحى مختلفًا على الإطلاق في 2014 عندما بدأت رحلة عبورها الجنسي وما تبعه من عنف مركب من قبل أهلها. حينها اضطرت إلى الخروج من المنزل والسكن مع 3 بنات أخريات. كان العامل المشترك بينهن جميعًا هو العنف القائم على نوعهن الاجتماعي كنساء.
“25 يناير كانت الحدث الأكبر والأهم واللي مرتبط بفكرة الثورة بمعناها الحقيقي بالذات اني عشت جنب الحدث وشفته رغم إني مشاركتش فيه ومأدركتوش لكن شفته بعيني”. تصف ملك التي تعمل ضمن فريق أحد المواقع الإلكترونية المعنية بحقوق الأقليات جنسيًا، وأحد مؤسسي مبادرة برة السور. بينما تشير إلى أن روحها قد تشبعت بالثورة وجعلتها تشق طريقها في المجال العام من خلال المشاركة في أنشطة متعددة لمناهضة العنف والتمييز القائم على النوع الاجتماعي. فضلاً عن مشاركتها من خلال رسم الكاركاتير لمناهضة التحرش بفضل ما تعلمته من يناير، وأن هناك أدوات مختلفة للنضال ومن ضمنها الأعمال الفنية كما وثق فن الجرافيتي للثورة على سبيل المثال.
لطالما أثار تكرار القبض على الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان دهشة ملك خلال السنوات الماضية، إلى أن باتت هي نفسها واحدة منهن عندما ألقي القبض عليها في مارس 2019 بعد مشاركتها في وقفة احتجاجية على خلفية حريق السكة الحديد، لتقضي بعدها 120 يومًا في زنزانة انفرادي بسجن الرجال بطرة ممنوعة من التريض والأدوية واستعارة الكتب من المكتبة.
الحركة النسوية.. مكتسبات ما بعد الثورة
رغم ذلك، تعتقد ملك أنه وبعد مرور عشر سنين منذ انطلاق ثورة يناير، استطاعت الحركة النسوية المصرية تحقيق بعض المكتسبات التي ناضلن من أجلها على مدى سنوات طويلة. منها تمكنها هي شخصيًا من تأسيس مبادرة لدعم الأقليات الجنسية. بالإضافة إلى تبني النسويات لخطاب مختلف عن العنف الجنسي واستخدام الأدوات الرقمية الحديثة والسوشيال ميديا في تعميم الحديث عن العنف ضد النساء. وهي قضايا -في رأيها- لم تكن مطروحة من قبل الأجيال النسوية الأقدم. إلا أن نسويات الثورة سواء شاركن فيها أو لم يشاركن ” فالثورة شكلت عندهن حاجة واكتسبنا المعرفة والوعي وعرفنا يعني ايه حراك من 25 يناير وبقينا عايزين نكون جزء من ده وقدرنا نأسس حراكنا الخاص”.
اقرأ أيضًا: “العابرون جنسيًا” في ساحات المحاكم .. إشكالية “الاحتجاز” تبحث عن حل
بالفعل، حتى وإن كانت الهزيمة عنوان المرحلة الحالية، إلا أن الحركة النسوية المصرية حققت عدة مكتسبات بعد الثورة، على رأسها مثلاً دستور 2014 الذي لأول مرة يلزم الدولة بحماية النساء من العنف، وإنشاء مفوضية للمساواة وعدم التمييز. فضلاً عن تبني المجلس القومي للمرأة لاستراتيجية مناهضة العنف ضد المرأة 2015-2020. حتى وإن لم يتحقق ذلك حتى الآن. إلا أنه على الأقل فتح بابًا للتفاوض مع الدولة والمطالبة بتنفيذ الاستحقاقات الدستورية الخاصة بإنهاء العنف والتمييز ضد المرأة.
كذلك إقرار مادة تجريم التحرش، وتغليظ عقوبة تشويه الأعضاء التناسلية المعروف بختان الإناث. وغيرها وصولاً إلى إقرار قانون لحماية سرية البيانات لتشجيع الناجيات على التبليغ عن جرائم العنف الجنسي التي يتعرضن لها. وهي جميعها إنجازات نسوية جاءت بعد نضالات طويلة.
تختتم ملك حديثها قائلة إن الثورة وإن لم تحقق أهدافها بالكامل إلا أنها “خلتنا نشوف الحلم من بعيد حتى لو محققتوش بس فهمنا إننا نقدر نحلم أحلامنا الخاصة ويبقى عندنا أمل تتحقق في يوم من الأيام او نعيش لحظة فيها”.