لا تتوقف ممارسات الاحتلال الإسرائيلي عند حد التوسع على مستوى سلب الأراضي الفلسطينية، والزج بالفلسطينيين في سجونها. إنما ذهب الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك بالامتناع عن منح اللقاح لأبناء الدولة الفلسطينية في ظل جائحة كورونا التي تهدد حياة الكثير.

بدا واضحا منذ بداية أزمة انتشار فيروس كورونا (كوفيد -19)، أن الأمر أكبر من أن يتم مواجهته بشكل منفرد. لكن يحتم على كافة دول العالم التوافق والتلاحم من أجل العبور من الأزمة التي أودت بحياة نحو مليون شخص حول العالم.

مع بداية العام الحالي شرعت دولة الاحتلال إلى تقديم جرعات اللقاح لأكثر من 150 ألف جرعة في اليوم. ووصلت إلى ما يقرب من مليون مواطن تم تلقيحهم من إجمالي عدد سكانها البالغ عددهم 9 ملايين. لتكون بذلك أكثر دول الشرق الأوسط تقديما للقاح لمواطنيها خلال الفترة الحالية.

وأنشأت دولة الاحتلال مراكز اللقاحات في الملاعب الرياضية والساحات المركزية. ووضعت قواعد تشدد على تطعيم كبار السن البالغة أعمارهم 60 عاما بجانب الاطقم الطبية. فضلا عن سكان المناطق التي تعد بؤرة انتشار الفيروس.

في الوقت الذي بدأت دولة الاحتلال في تقديم اللقاحات إلى مليون مواطن، ووصل الأمر إلى توصيل اللقاحات في عمق الضفة الغربية. يعاني 2.7 مليون فلسطيني من مستقبل مجهول في ظل الضائقة المالية التي تعاني منها الحكومة الفلسطينية وعدم قدرتها على شراء اللقاح.

فلسطين تحت حصار كورونا

يعيش الفلسطينيون تحت وطأة الاحتلال والملاحقات الأمنية والحصار الكبير الذي تفرضه السلطات الاحتلال. إلا أن ذلك لا يبدو كافيا بالنسبة لدولة الاحتلال التي تتعامل مع الأمر كنوع من الانتقام في حق الدولة الفلسطينية وشعبها في آن واحد.

وحسب الجارديان بلغت جائحة كورونا ذروتها في غزة إذ سجَّل القطاع حتى يوم أول أمس 49 ألفاً و834 إصابة بفيروس كورونا “كوفيد-19″.

في الوقت ذاته تمارس سلطات الاحتلال تعنت واضح في تقديم يد العون إلى الشعب الفلسطيني.

فيما حذرت وزارة الصحة الفلسطينية من تفشي وباء فيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية وما يترتب عليه من وضع كارثي قد يضرب الدولة الفلسطينية بأكملها.

وحسب وكالة “وفا” الفلسطينية، فإن السلطات تقع ما بين مرارة العودة للإغلاق للحد من انتشار الفيروس وما يترتب عليه من أزمات مالية تضاف إلى أعباء المواطن الفلسطيني.

فيما يكون الحل الثاني هو اللجؤ إلى فتح المجال وتهيئة الأجواء في ظل انتشار الفيروس.

وزير الصحة الإسرائيلي يستند إلى اتفاقية أوسلو

في حوار لـ«بي بي سي» قال وزير الصحة لقوات الاحتلال يولي أدلستاين، إن إسرائيل ليست ملزمة قانونيا بتأمين توفير اللقاحات للفلسطينيين.

واستند أدلستاين إلى اتفاقية أوسلو التي تنص أحد بنودها على أن الفلسطينيين عن إدارة شئونهم الصحية دون تدخل من سلطات الاحتلال.

وتعد اتفاقية أوسلو اتفاق سلام وقعته سلطات الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993.

وتنص الاتفاقية على أن لكل دولة الحق في الحكم الذاتي مع توضيح للشكل الجغرافي للدولة الفلسطينية ودولة الاحتلال. وحقوق وواجبات كلا منهم تجاه الآخر، وجاء من ضمن النصوص إضطلاع فلسطيني بشئونها الصحية دون تدخل من قوات الاحتلال.

أثناء توقيع اتفاقية أوسلو في 13 سبتمبر 1993

منظمة العفو الدولية تتدخل

من جانبها، دعت منظمة العفو الدولية، المجتمع الدولي بشكل عام وسلطات الاحتلال بشكل خاص إلى ضرورة توفير اللقاح ضد فيروس كورونا للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

وحسب المنظمة، إن توقف سلطات الاحتلال عن تجاهل التزاماتها الدولية كقوة محتلة وأن تتصرف على الفور لضمان توفير لقاحات كوفيد-19 بشكل متساو وعادل للفلسطينيين الذين يعيشون تحت احتلالها في الضفة الغربية وفي قطاع غزة.

وتابعت المنظمة: «يجب على السلطات الإسرائيلية ضمان توفير اللقاحات على قدم المساواة للفلسطينيين الذين يعيشون تحت سيطرتها. من أجل الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي. ويتوجب عليها أيضًا تسهيل دخول اللقاحات وغيرها من المعدات الطبية إلى الأرض الفلسطينية المحتلة. بما في ذلك اتخاذ أي ترتيبات لوجستية ضرورية لضمان سلامة وفعالية هذه اللقاحات».

البرلمان العربي يندد

على الجانب الآخر، أدان عادل بن عبد الرحمن العسومي، رئيس البرلمان العربي، ما وصفه بتعنت سلطات الاحتلال في تقديم اللقاح للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.

وشدد العسومي على أن هذا القرار يخالف اتفاقية جنيف الثالثة التي تفرض على الدولة الحاجزة للأسرى والمعتقلين تقديم الرعاية الطبية الكاملة لهم.

وتابع: «أنّ هذا القرار المرفوض يعتبر تعدياً واضحاً على حقوق الأسرى الفلسطينيين وهم فئة محمية بالقانون الدولي، ويُعد تمييزاً عنصرياً تجاه الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية».

الحل لدى مبادرة كوفاكس

في ظل حالة التعنت من جانب سلطات الاحتلال فضلا عن الضائقة المالية التي تمر بها الدولة الفلسطينية.

أعلن وزارة الصحة الفلسطينية، أنها تتوقع الحصول على أولى جرعات اللقاح قريبا من خلال برنامج “كوفاكس” المدعوم من الأمم المتحدة.

«كوفاكس» هي آلية دولية أنشأتها منظمة الصحة العالمية تستهدف تسريع عملية الوصول العادل للقاح كورونا إلى كافة دول العالم. خاصة الدول الفقيرة التي تفتقد إلى الأموال لشراء اللقاحات بكميات كبيرة تكفي كافة مواطنيها.

منظمة الصحة العالمية تلعب دورا إخلاقيا في توزيع اللقاح

ونجحت منظمة الصحة العالمية من خلال مبادرة “كوفاكس” في الحصول على موافقة 172 بلدا حتى الآن، باستثناء الولايات المتحدة الامريكية. لدعم ومراقبة حق الحصول على اللقاح بسعر عادل ورخيص يضمن وصول اللقاح إلى كافة سكان العالم دون تمييز واضح.

ومن المقرر أن يصل عدد كاف من اللقاحات مطلع مارس المقبل إلى فلسطين. وأن يتم توزيع وتقديم اللقاح إلى الأطقم الطبية والأشخاص المتواجدون داخل بؤر انتشار الفيروس.