بعد أن أقالت إدارة نادي تشيلسي الإنجليزي نجمها السابق فرانك لامبارد من تدريب البلوز قبل ساعات قليلة من الآن، لسوء النتائج وتراجع النادي وأدائه هذا الموسم بشكل ملحوظ رغم الإنفاق القياسي على الصفقات وتدعيمات الفريق بالصيف المنقضي، أتت الإدارة بالألماني الصارم توماس توخيل مدرب باريس سان جيرمان السابق لتولي زمام الأمور الفنية داخل قلعة ستامفورد بريدج، تساءل البعض: هل يعيد توخيل تشيلسي إلى الطريق الصحيح؟

بنظر المحللون إلى المدرب الألماني الشاب باعتباره خليفة يورجن كلوب مدرب ليفربول. إذ أنه حذا حذوه تمامًا في مجال التدريب. بداية من ماينز ثم بروسيا دورتموند في خلافته آنذاك، عندما رحل لتدريب الفريق الأحمر الكبير، وحقق معه أكبر الألقاب الغائبة عن خزائنه.

في عام 2018، بدأ توخيل عهده في العاصمة الفرنسية مع باريس سان جيرمان محققًا 14 انتصارًا متتاليًا في الدوري. هذا الأداء دفع تشيلسي إلى منح الألماني الشاب الثقة في إدارة حلم العودة بالبلوز إلى قمة الدوري الإنجليزي والواجهة التي فقدها طوال الأسابيع الماضية. ويبدو أن هذا الحلم كبير لم يتأثر بتعادل مساء الأربعاء دون أهداف أمام ولفرهامبتون؛ فالرجل وصل قبل اللقاء بساعات فقط، ولا يزال أمامه الكثير من العمل نحو تحسين صورة الأزرق وانتشاله من محنته الحالية. والسؤال هنا: هل طريق تشيلسي توخيل في البريميرليج سيكون ممهدًا أم سيلقى الألماني مصير لامبارد قريبًا؟

فرانك لامبارد
فرانك لامبارد

وضعية تشيلسي السيئة

رغم أن تشيلسي أنفق 250 مليون يورو في سوق الانتقالات الصيفية، احتل الفريق المركز العاشر في جدول الترتيب، الأمر الذي دفع بإقالة فرانك لامبارد هذا الأسبوع. بعد أن حقق فوزًا وحيدًا في ثماني مباريات. وهو أمر سيفرض على توخيل عودة سريعة لأجواء الانتصارات واحتلال أحد المراكز الأربعة الأولى في الدوري الممتاز. إذا ما كان يريد ضمان المشاركة في دوري أبطال أوروبا. وهو أمر ضروري لن تتهاون فيه الإدارة الزرقاء أو جماهير البلوز.

توخيل جديد على أجواء الدوري الأقوى في العالم، وسيكون الألماني الثالث به بعد كلوب عرابه في مسيرته الفنية، ورالف هازنهاتل مع ساوثهامبتون، والذي يقدم مستويات رائعة. وبغض النظر عن التعادل السلبي الذي حققه مع ولفرهامبتون، يتوجب على توخيل حصد نقاط كاملة في مباريات صعبة تالية. ومن بينها لقاء بيرنلي، الأمر الذي من شأنه أن يضع المدرب في موقف جيد قبل مواجهة توتنهام منتصف الأسبوع المقبل في ديربي لندني كبير ومثير وأمام مدرب متمرس كالبرتغالي جوزيه مورينيو صانع مجد تشيلسي بالألفية الجديدة.

تشيلسي لن يقبل خروجًا جديدًا

خروج تشيلسي من دوري أبطال أوروبا في النسخة الماضية بتلقي هزيمة ثقيلة ذهابًا وإيابًا في دور الستة عشر أمام بايرن ميونيخ الذي صاحب اللقب، أزعج مالك النادي رومان أبراموفيتش كثيرًا، رغم كل الظروف المعلومة للجميع. وبالتالي، فإن التطور في الأداء سيكون مطلوبًا وبشدة هذا العام. إلا أن تشيلسي تنتظره مواجهة صعبة أخرى أمام أتلتيكو مدريد متصدر الدوري الإسباني، يومي 23 فبراير و17 مارس المقبلين. ويشير شكل الأداء الحالي إلى أن فوز البلوز على الروخي بلانكوس سيكون مفاجأة غير متوقعة. كما أنه سيمثل دفعة قوية لتوخيل مع فريقه الجديد، وسيزيد ثقته ويثبت أقدامه.

تشيلسي
تشيلسي

ثلاثي نجوم ألماني تائه

يرث الألماني توخيل فريقًا يضم ثلاثة لاعبين ألمان، لم يقدم أحدهم أداءً جيدًا ويظهر ثلاثتهم تائهون في الملعب. ذلك رغم أن اثنين منهم هما كاي هافيرتز وتيمو فيرنر كانا صفقتين قياسيتين في الصيف. كما أن الأول تحديدًا هو أغلى صفقة في تاريخ النادي اللندني. بينما يمكن أن ينتهي بقاء المدافع أنطونيو روديجر في الفريق الذي انضم إليه في 2017.

يبدو أن أولوية توخيل ستكون لصالح تحسين أداء المهاجم فيرنر وصانع اللعب هافيرتز، بعد أن وصل الثنائي مقابل مبالغ مالية كبيرة في الصيف، وبعد تحقيقهما بداية مذهلة، قبل أن يتراجع أداء الثنائي بشكل مخيف خاصة في الآونة الأخيرة. هذا التحدي في حد ذاته يعتبر خاصًا وشاقًا وملهمًا لتوخيل مع البلوز. فإن استطاع إخراج أفضل ما لدى هذا الثنائي بحكم معرفته الجيدة بهما سيكون قد حقق إنجازًا كبيرًا. وبالتأكيد سينعكس ذلك على أداء البلوز ككل في المباريات.

ثقافة تكتيكية مختلفة تمامًا

لامبارد كلاعب كان نجمًا عالميًا لكنه كمدرب ظل كافح من أجل الاستقرار على نظام وفلسفة خاصة مع تشيلسي. وقد اعتاد لامبارد على نمط تكتيكي معين مستوحى من شكل وأسلوب اللاعب والمدربين الذين تعامل معهم وأثروا به كثيرًا، وعلى رأسهم جوزيه مورينيو. فلعب بشكل هجومي قوي معتمد على أسلوب الاستحواذ، ثم الهجوم المرتد المباغت وبطريقة لعب ثابتة 4-3-3 دائمًا، تغيرت في بعض الأحيان إلى 4-2-3-1.

لكن توخيل الصارم تكتيكيًا كما هو معروف عنه فيأتي بثقافة مغايرة تمامًا تنبئ بتغييرات جذرية بين لاعبيه. إذ سيحاول الاعتماد على اللعب الذي يتسم بالضغط القوي وكرة القدم الهجومية السريعة، التي من المحتمل أن تكون المعيار الجديد على الأقل نظريًا لفريق تشيلسي على ملعبه ستامفورد بريدج. وربما يحول شكل وأداء البلوز بهذا الأسلوب 180 درجة لتتحسن الأمور كثيرًا. خاصة مع قلة خبرة سلفه لامبارد التدريبية وقلة درايته وتمرسه بالجانب التكتيكي.

إحدى مباريات تشيلسي
إحدى مباريات تشيلسي

الفوز بأحد الكؤوس المحلية

هناك تحد أخير ينتظر توخيل مع تشيلسي يتمثل في قدرته على الفوز بأحد الكؤوس المحلية في إنجلترا. ما قد يساعده كثيرًا في كسب الثقة ورضا الجماهير والإدارة في نهاية الموسم، ليبدأ الموسم الجديد بمعنويات مرتفعة. خاصة وأن كأس رابطة الأندية الإنجليزي المحترفة لم يعد يهم تشيلسي عقب توديعه البطولة من دور الستة عشر. هنا يبقى كأس الاتحاد الإنجليزي فرصة لتتويج ينتظره عشاق البلوز. ولا ينبغي أن تشكل مواجهة بارنسلي المنافس بدوري الدرجة الأولى “تشامبيونشيب” على أرضه في الدور الخامس يوم 10 فبراير المقبل خطرًا حقيقيًا على تشيلسي للوصول لدور الثمانية، ثم التنافس حتى الوصول لنهائي الكأس والفوز به. لاسيما وأنه يؤهل للعب في الدوري الأوروبي، إذا ما فشل البلوز في احتلال أحد المراكز الأربعة الأولى في نهاية الدوري والتي تؤهل إلى دوري الأبطال مباشرة بالموسم الجديد.