لا تتوقف رغبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في التفرد بالحكم وبسط قوته وسيطرته على كافة مقاليد الحكم في تركيا عند حد معين، فكلما ظن البعض أنه أحكم سيطرته جنح إلى المزيد، وهو ما تكشف في رغبته الأخيرة في إجراء تغيير وتعديل في الدستور الحالي.
وعلى الرغم من استغلاله الانقلاب العسكري الذي وقع في 2016 في إجراء تعديل في الدستور يزيد من صلاحياته، إلا أنه بدا واضحا أن التعديلات الأخيرة لم تكن كافية.
وعقب ترأسه اجتماع للوزراء، في العاصمة التركية أنقرة، الإثنين الماضي، قال الرئيس التركي في تصريحات صحفية: “ربما حان الوقت لمناقشة دستور جديد”، مشيرًا إلى أن هناك حزمة إصلاحات أعدتها وزارات الخزانة والمالية والعدل، سيتم العمل عليها خلال فترة قريبة.
وأرجع السبب الأساسي وراء دعوته لطرح صياغة دستور جديد: “رغم كل التغييرات التي قاموا بها في الدستور الحالي لم يتمكنوا من التخلص من آثار نظام الوصاية- في إشارة منه إلى الوصاية العسكرية – أنه في صلب مشاكل تركيا دساتير صاغها انقلابيون منذ التسعينات. ربما آن الأوان لتفتح تركيا نقاشا حول دستور جديد”.
وألمح إلى وجود اتفاق مسبق مع الأحزاب الحليفة على رأسهم حزب الحركة القومية لبدء الحكومة خطوات جادة في اتخاذ الخطوات اللازمة سواء في البرلمان أو الرئاسة.
مخطط أردوغان
في ظل تصاعد حدة النقاشات بين الحركة القومية من جهة وحزب الشعوب الديمقراطي من جهة أخرى. بدأت تسريبات تخرج للعلن عن اعتزام أردوغان وبهجلي، لتنفيذ مخطط حل حزب الشعوب الديمقراطي.
ووفق التسريبات التي نشرتها عدد من الصحف التركية المعارضة، فإن الخطوة الأولى التي سيتخذها تحالف أردوغان بهجلي تتمثل في الحد من أنشطة الحزب الكردي من خلال منع مساعدات وزارة المالية والخزانة عن حزب الشعوب الديمقراطي والتي تقدر بـ 57 مليون و550 ألف ليرة، من خلال اللجوء إلى المادة 68 من الدستور التي تنص على عدم التشجيع على التحريض على ارتكاب جرائم.
كما يستعد تحالف أردوغان وبهجلي إلى توجيه اتهامًا إلى حزب الشعوب الديمقراطي بالضلوع في أحداث 6-7 أكتوبر 2014، التي اندلعت احتجاجًا على هجوم تنظيم داعش على مدينة عين العرب السورية، بدعوة من الشعوب الديمقراطي والتي أسفرت عن مقتل 37 مواطنا.
هذا إلى جانب اتهام أعضاء الحزب بحضور عدد من جنازات عناصر حزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابيا، وما يترتب عليه بحكم المادة 101 من قانون الأحزاب السياسية من إمكانية إغلاق الحزب لممارسته مخالفات تنص عليها القوانين المنظمة للعمل الحزبي.
بهجلي يجس نبض الشارع
لم يكن حديث أردوغان وليد اللحظة، فقد سبقه في التمهيد للرأي العام التركي دولت بهجلي زعيم الحركة القومية، حيث قال في عدد من التصريحات الصحفية إن الآوان حان ليتم وضع دستور جديد للبلاد ويتم إقصاء الأحزاب التي تعمل بأجندة خارجية.
لم يقف الأمر عند هذا الحد بل طالب بهجلي بضرورة إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي الكردي على خلفية ما وصفها بنزعاته الانفصالية.
وقال بهجلي: “يجب عدم السماح لحزب الشعوب الديمقراطي بأيّ نشاط سياسي، ولا ينبغي السماح بتواجد أي منظمة حزبية تشير إلى الانفصال العرقي والإرهاب”.
وتابع: “إذا لزم الأمر، فلنقم بترتيبات في الدستور، وإذا لزم الأمر، نصلح قانون الأحزاب السياسية وقانون العقوبات التركي، فلنوقف هذا الجرح النازف”.
وراح بهجلي يكيل الاتهامات بحق حزب الشعوب الديمقراطي متهما إياه وكوادره وقياداته بالخيانة والعمل لصالح أجندات غربية تستهدف هدم استقرار الدولة التركية. فضلا عن سعيهم إلى تأجيج الانفصال عن الدولة التركية وخلق دولتين داخل الدولة الواحدة مما يسهل عملية تخريب تركيا بذريعة دعم الأقليات.
اقرأ أيضا:
“دولت بهجلي”.. كيف اقتسم زعيم الحركة القومية التركية النفوذ مع أردوغان؟
كيف بدأت الأزمة؟
البداية كانت عندما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على رئاسة صناعات الدفاع التركية على خلفية شراء الأخيرة منظومة الدفاع الجوي الروسية إس 400.
وترى الولايات المتحدة الأمريكية، أن الصفقة التي تمت بين تركيا من جهة وروسيا من جهة أخرى من شأنها أن تعرض أمن التكنولوجيا العسكرية الأمريكية والعسكريين الأمريكيين للخطر.
تلقفت الأحزاب التركية قرار الولايات المتحدة برفض تام وطالبت بضرورة تضافر جهود الأحزاب التركية في التصدي لما وصفوه بمحاولة أمريكا فرض سيطرتها على تركيا وتحجيم تحركاتها الدفاعية.
ودعا البرلمان التركي الأحزاب كذلك إلى توقيع بيان لمعارضة قرار الولايات المتحدة الامريكية إلا أن حزب الشعوب الديمقراطي أمتنع عن التوقيع على البيان مما زاد من وتيرة الخلاف بينه وبين حزب الحركة القومي الذي يتزعمه دولت بهجلي.
الشعب الجمهوري يطالب بمواجهة بهجلي
من جانبه، طالب حزب الشعوب الديمقراطي، بضرورة التصدي لمحاولة دولت بهجلي في توجيه القضاء التركي وخلف الأزمات من أجل الانفراد بالحكم بصحبة رجب طيب أردوغان.
وشدد الشعوب الديمقراطي أن بهجلي يريد اخراس صوت 6 ملايين كردي يعيشون داخل حدود الدولة التركية.
وقال الشعوب الديمقراطي في بيان له: “أن تصريح بهجلي يستهدف التأثير على القضاء، والضغط وإعطاء التعليمات للقضاة وهو أمر يندرج في نطاق الجرائم الدستورية والقانونية، وعلى أثره ندعو السلطة القضائية إلى العمل على وقف الانتهاكات الواضحة ضد القوانين والدستور”.
وتابع: “تواصل الحكومة ارتكاب الجرائم من خلال عدم تنفيذ قرار الإفراج عن الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب صلاح الدين دميرطاش، فإن هذه التصريحات من قبل بهجلي تتحدى القانون الدولي”.