مظاهرة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي قادتها حركة “خارجات عن القانون” المغربية، والتي تشكلت في أعقاب قضية اعتقال الصحافية المغربية هاجر الريسوني، ضد المادة 490 من القانون الجنائي، وهي مادة تجرم العلاقات الجنسية الرضائية بين البالغين، والتي بموجبها تم القبض على عدد كبير من النساء ومحاسبتهم.

في ديسمبر 2020 تحولت حياة سيدة تدعى “هناء” إلى جحيم بيّن بعد أن تداول عدد من المستخدمين على السوشيال ميديا موقع فيديو مسرب لها مع حبيب سابق لها صور عام 2015 دون علمها، ليُدمر حياة أم لطفلين.

“مولات الخمار”

 بعد أسابيع من الحادث، امتلأت صفحات السوشيال ميديا بصور حمراء تحت هاشتاج” #STOP 490″ خاصة بعد أن تم القبض على هناء الأم كمجرمة بدلًا من التعامل معها كضحية تستحق الحماية مما طالها من تشهير بها وبعائلتها، وحكم عليها في يناير بالسجن شهرًا، وما زاد الطين بلة هو تداول الإعلام المغربي الأمر كقضية رأي عام لأنها سيدة محجبة، حتى أنها ولُقبت بـ “مولات الخمار”، وكأن المحجبات ممنوعات من ممارسة الجنس.

الطلب الأساسي للحركة أو المشاركين في التدوين هو إسقاط المادة 490 من القانون الجنائي المغربي، فضلًا عن حماية النساء مما يتعرضن له من تسريب لحياتهن الشخصية وسقطن ضحايا للانتقام، في الوقت الذي لا يُسأل الطرف الآخر الشريك عن أي جُرم ويمارس حياته بشكل طبيعي.

ووفقًا لبيان صادر عن الحركة، فبدلًا من اللجوء إلى الفصل 448-1 من القانون الجنائي الذي “يعاقب على الاستغلال الجنسي لأغراض إباحية بالسجن من خمس إلى 10 سنوات والفصل 447-1 الذي يعاقب على نشر مقاطع فيديو خاصة دون موافقة الشخص المعني من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات سجناً” استُعمِل الفصل 490 ليزيد من المتاعب النفسية والاجتماعية للضحية.

عدد كبير من المشاركين في الحملة ضد المادة القانونية أرجعوا أنه يتم استغلالها بدوافع انتقامية لـناشطين وصحافيين في تصفية الحسابات خاصة للنساء التي يتم اعتبارهم الطرف الأضعف في المعادلة.

تكريم حركة خارجات عن القاون

حصل ائتلاف “خارجة عن القانون” على “جائزة سيمون دي بوفوار” من أجل حرية المرأة لعام 2020، تتويجا لحملة التعبئة التي قام بها الائتلاف للمطالبة بإلغاء الفصول القانونية المكبلة للحريات الفردية في المغرب.

تدعو الحركة، من خلال الائتلاف الذي يحمل اسم “ائتلاف 490″، إلى إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي الذي يعاقب على العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج وعلى الإجهاض.

قبل قصة هنا، تعرضت الصحافية المغربية هاجر الريسوني، للحبس والمحاكمة بتهمة الإجهاض ممارسة علاقة جنسية خارج الزواج، الأمر الذي أرجعه عدد من النشطاء لأسباب سياسية تتعلق بقرابتها من قيادي إسلامي بارز وعملها الصحفي في إحدى جرائد المعارضة المغربية.

وحينها تم كتابة عريضة دولية وقع عليها عدد كبير من الشخصيات العامة والبارزة تحت عنوان “لم أعد أحتمل جسدي ملكي وليس ملك أبي ولا زوجي ولا المحيطين بي ولا لأعين رجال في الشارع، ولا للدولة”، وأطلق حملة شارك فيها نساء من كل الفئات، مدرسات وموظفات مصارف وربات بيوت وطالبات وفنانات ومثقفات.

وفي 23 سبتمبر الماضي، بالتزامن مع الجلسة الرابعة لمحاكمة الصحفية هاجر الريسوني، رفض القاضي دفع هيئات الدفاع عن الريسوني والبقية بإبطال التقرير الطبي، معتبرًا أن حالة التلبس متوفرة، وأنها لا تقتصر على الضبط بالفعل المشهود وإنما تشمل الفترة القصيرة الممتدة بعد انتهائه.

كما تم اعتقال فتاة أخرى عام 2020 بعد ظهورها عارية في فيديو وثق تعرضها للتعذيب بطريقة وحشية، ما يحدث في المغرب لا يختلف كثيرًا عما تعرضت لها فتيات مصريات من الحبس تحت ما يعرف بـ الإخلال بقيم الأسرة المصرية، والتي لم تجد أي صعوبة في تحويل الضحية إلى جانٍ.

وفي 26 مايو العام الماضي تم القبض على فتاة تُدعى “منة عبد العزيز” 17 عامًا بعد ساعات من انتشار فيديو لها تحدثت فيه عن تعرضها للاغتصاب وضُربت بعنف بعد حلق شعرها وسرقة هاتفها وتصويرها في أوضاع جنسية بالإكراه للتشهير بها، على يد شاب وبه وجهه آثار للضرب والتعذيب، من دون توضيح رسمي للتهم الموجهة إليها.

ودشّن ناشطون وناشطات عبر مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج #كلنا_منه_عبدالعزيز، معربين عن رفضهم الشديد من ابتزاز أو إخراس أو عقاب ضحايا الاغتصاب وجعل ملابس النساء ذريعة لانتهاك أجسادهن، وبطء الاستجابة لاستغاثات ضحايا الانتهاكات الجنسية، وتحويل الناجيات من الاغتصاب إلى مجرمات حماية لمغتصبيهن”.

جرائم القيم الأسرية

مصر كذلك ليست بعيدة عما يحدث في المغرب، إذ اعتقلت السلطات الأمنية المدونة عبر تيك توك حنين حسام، المعروفة بـ “هرم مصر الرابع”، في أبريل الماضي ووُجّهت إليها تهم تتعلق بتهديد أمن الأسرة المصرية والاتجار بالبشر ونشر محتوى إباحي، حتى تم خروجها منذ يومين وتبرئتها مما نُسب إليها، وفي الشهر نفسه أُوقفت مودة الأدهم، بسبب فيديوهاتها، في إطار حملة “التصدي للجرائم الخادشة للحياء، والمتعدية على المبادئ العامة وقيم المجتمع العريق.

اقرأ أيضا:

نسخة 2020 الأخلاقية المتشددة.. “قيم الأسرة” تطارد نساء مصر

وجاء في بيان النيابة العامة أنه لابد من التمييز بين حق التعبير والإبداع الحر وبين الابتذال والإباحية والسعي إلى جني المال بطرق غير مشروعة.

واعتبرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، في تقريرها عن حالة التعبير في مصر، خلال الربع الثالث من العام 2020، تحت عنوان “قيم الأسرة المصرية تحاصر حرية التعبير” أن “السلطات المصرية لا تزال تقيد حرية الإنترنت”. حيث تسعى إلى السيطرة على تدفق المعلومات المتعلقة بالانتهاكات والسياسات العامة المجحفة لحقوق المواطنين.

القضية أثارت حيزا كبيرا من نقاشات المصريين في الفترة الأخيرة، بين فريق يرى أن الفتيات ارتكبن أفعالا لا تتناسب مع المجتمع المصري، بينما تضامن فريق آخر مع الفتيات بدعوى أنهن مارسن حقوقهن ولم يخرجن عن المألوف حتى لا تكرس هذه القضية وضعا جديدا يحاسب الجميع بسبب تحت شعار”خدش الحياء” و”التعدي على القيم الأسرية”.