قطع الرئيس الأمريكي جو بايدن خطوات جادة نحو إنهاء الحرب في اليمن المستمرة منذ 6 سنوات، فبعد إعلانه وقف دعم الولايات المتحدة للعمليات العسكرية للتحالف العربي (السعودية والإمارات) في اليمن، بدأ في قرار آخر بإلغاء تصنيف جماعة الحوثيين كـ”منظمة إرهابية”، وهو العهد الانتخابي الذي قطعه على نفسه خلال الرئاسيات الأمريكية التي أقصى فيها ترامب خارج البيت الأبيض، بأنه سينهي الحرب في اليمن.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة، إن الوزارة أبلغت الكونجرس رسميا بنية وزير الخارجية أنطوني بلينكن حذف الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية.

ويأتي قرار بايدن بعد تعهده بدبلوماسية جديدة للولايات المتحدة الأمريكية بناء على معايير حقوق الإنسان، وإعلانه أثناء حملته الانتخابية بمنع استخدام الأسلحة الأمريكية في العمليات العسكرية في اليمن. ولم تمض 7 أيام على تولي بايدن الإدارة الأمريكية حتى أصدر قراراً في 27 يناير الماضي، بتجميد بعض مبيعات الأسلحة للإمارات والسعودية مؤقتا، لحين مراجعة بعض الاتفاقات.

ومنذ 2015، تقود السعودية تحالفاً عربيا يضم الإمارات، لشن عمليات عسكرية في اليمن، دعماً للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بقيادة عبد ربه منصور هادي، والتي تحارب جماعة أنصار الله “الحوثيين” المدعومة سياسياً وعسكرياً من إيران.

وتشير تقديرات أممية إلى أن ضحايا الحرب قد تجاوز 200 ألف شخص، فيما تشهد البلاد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وحسب منظمة الطفولة الخيرية، يحتاج ما لا يقل عن 80% من سكان اليمن إلى المساعدة الإنسانية والحماية.

اقرأ أيضا:

فتيات اليمن.. ضحايا الحرب والفقر والزواج المبكر

من ويلات الحروب إلى قسوة الوباء..اليمن يدفع ثمن المصالح

خلفية تاريخية عن الحرب

الحرب الأهلية بدأت في اليمن في عام 2014 عندما سيطر المتمردون الحوثيون الشيعة المرتبطون بإيران،على العاصمة اليمنية وأكبر مدنها، صنعاء، مطالبين بخفض أسعار الوقود وتشكيل حكومة جديدة.

بعد فشل المفاوضات، استولى المتمردون على القصر الرئاسي في يناير 2015، مما دفع الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته إلى الاستقالة.

ابتداءً من مارس 2015، أطلق تحالف دول الخليج بقيادة السعودية حملة من العزلة الاقتصادية والضربات الجوية ضد المتمردين الحوثيين، بدعم لوجستي واستخباراتي أمريكي.

ألغى هادي استقالته وعاد إلى عدن في سبتمبر 2015، واستمر القتال منذ ذلك الحين. توقفت جهود الأمم المتحدة للتوسط في محادثات السلام بين المتمردين الحوثيين المتحالفين والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا في صيف 2016.

اعتبارًا من ديسمبر 2017، أقام هادي في المنفى في المملكة العربية السعودية.

في يوليو 2016، أعلن الحوثيون وحكومة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي أطيح به في 2011 بعد قرابة ثلاثين عامًا في السلطة، عن تشكيل “مجلس سياسي” لحكم صنعاء وجزء كبير من شمال اليمن. ومع ذلك، في ديسمبر 2017، انفصل صالح عن الحوثيين ودعا أتباعه إلى حمل السلاح ضدهم. قتل صالح و هزمت قواته في غضون يومين.

خسائر فادحة للمدنيين

في غضون ذلك، يستمر الصراع في إلحاق خسائر فادحة بالمدنيين اليمنيين، مما يجعل اليمن يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم. وتشير تقديرات منظمة العفو الدولية إلى أن أكثر من 233 ألف يمني لقوا مصرعهم نتيجة القتال والأزمة الإنسانية.

ووثقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان قتل وجرح أكثر من 200 ألف مدني في القتال منذ مارس 2015، وهناك أكثر من 16 مليون شخص يستيقظون جوعى كل يوم بسبب الأزمة الإنسانية الناتجة عن الحرب.

وأدت حرب اليمن إلى نزوح إلى نزوح أكثر من 3.65 مليون شخص من منازلهم، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

الدور المصري حيال الأزمة في اليمن

في سبتمبر 2015، أرسلت مصر لأول مرة قوات برية إلى اليمن، حيث وصل ما لا يقل عن 800 جندي مصري إلى اليمن، حسبما نشرت وكالة رويترز للأنباء، نقلاً عن مصادر أمنية مصرية.

وقالت الوكالة نقلاً عن المصادر الأمنية إن إن أربع وحدات مصرية يتراوح قوامها بين 150 و 200 جندي مع دبابات وعربات نقل، وجاء القرار في ” إطار دور مصر البارز في هذا التحالف .. التحالف يقاتل من أجل الدول العربية الشقيقة ومقتل أي جندي مصري سيكون شرفًا ويعتبر استشهادًا من أجل الأبرياء”، حسب المصادر المصرية.

وهناك تصريحات للمتحدث باسم قوات التحالف العربي العميد أحمد العسيري، قال فيها إن مصر عرضت 40 ألف جندي على قوات التحالف في اليمن، ولكن منهجية العمل العمل لم تكن لتسمح بوضع قوات غير يمنية في الأراضي اليمنية، مضيفاً أن الجيش المصري ” يشارك معنا في الجهد البحري والجهد الجوي”. وبالرغم من ذلك نفى الجيش المصري وجود قوات برية مصرية على الأرض في اليمن للمشاركة في عاصفة الحزم.

لكن الجيش المصري أكد على لسان متحدثه العسكري العميد محمد سمير، إن القوات البحرية والجوية تشارك في العمليات منذ بدأها.

 

 

ماذا يعني الإعلان الأمريكي بوقف دعم العمليات العسكرية في اليمن؟

تدعم الولايات المتحدة الحكومة اليمنية وحلفائها بقيادة السعودية في حربهم ضد الحوثيين. ونتيجة للإعلان الأمريكي، ستتوقف الولايات المتحدة عن دعم العمليات الهجومية، بما في ذلك بيع الذخائر الموجهة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

ويمثل قرار بايدن تغييراً عن مسار سلفه دونالد ترامب الذي قدم للتحالف العربي دعماً كبيراً، توج بإعلان وزير خارجية ترامب، مايك بومبيو، الشهر الماضي، بأن الحوثيين تم تصنيفهم على أنهم “منظمة إرهابية.

وتقول ليز دوكت كبيرة المراسلين في هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، إن إعلان بايدن الجديد يؤكد تصريحاته بإنهاء حرب اليمن المدمرة والتي امتدت طيلة 6 سنوات أو أكثر، مضيفة أن وقف الدعم الأمريكي لن يؤدي لإيقاف العمليات الهجومية للتحالف الذي تقوده السعودية إلى إغلاق هذا الفصل الدموي، لكنه يرسل إشارة قوية إلى القادة في الرياض وأبو ظبي لإيجاد طرق لإخراج أنفسهم من هذا المستنقع.

موقف السعودية والإمارات من وقف المساعدات

لاقت تصريحات الرئيس بايدن ترحيبا من المملكة العربية السعودية، خصوصاً بعد تأكيده التزام بلاده بالدفاع عن المملكة والتصدي للتهديدات ضدها من قبل الحوثيين وإيران.

ورحب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود بالتعاون مع إدارة بايدن لحل القضايا في المنطقة، لكنه لم يعلق على قرارها إنهاء الدعم لجهود الحرب السعودية في اليمن.

وقال وزير الخارجية على تويتر: “ترحب المملكة العربية السعودية بالتزام الولايات المتحدة، الذي عبرت عنه كلمة الرئيس بايدن اليوم، بالتعاون مع المملكة في الدفاع عن أمنها وأراضيها”.

كما أبدت الإمارات ترحيباً ضمنياً بقرار بايدن، وقالت إنها أنهت بالفعل تدخلها العسكري في اليمن منذ شهر أكتوبر 2020.

وقال وزير الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، عبر تويتر: “أنهت الإمارات تدخلها العسكري في اليمن في أكتوبر من العام الماضي. حرصًا منها على انتهاء الحرب، دعمت الإمارات جهود الأمم المتحدة ومبادرات السلام المتعددة. ظلت دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أكبر مقدمي المساعدات الإنسانية للشعب اليمني”.

وفي نفس السياق، هنأ قرقاش تيم ليندر كينج مبعوث الولايات المتحدة الجديدة إلى اليمن على منصبه، وقال في تغريدة باللغة الإنجليزية ” ألف مبروك لتيم على تعيينه مبعوث خاص لليمن. ستوفر خبرة تيم ومشاركة الولايات المتحدة طاقة جديدة ومطلوبة وتركيزًا للمساعدة في حل الصراع وتحسين الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة”.