منذ صدور قرار تجميد مجلس إدارة نادي الزمالك السابق، برئاسة المستشار مرتضى منصور، نهاية نوفمبر الماضي، وتسيطر القضية على اهتمام شريحة عريضة سواء من أعضاء الجمعية العمومية بالنادي أو جماهير الزمالك. خاصة عقب تقدم المجلس السابق بطعن على القرار أمام محكمة القضاء الإداري، والتي قررت اليوم الأحد رفض الطعن وتأييد حل مجلس الإدارة بسبب المخالفات المالية والإدارية المنسوبة إليه. وهو الحكم الذي يفتح باب تساؤلات عدة حول مدى استمرارية عمل اللجنة المُعينة، ومصير القضية والسيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة. سواء بين جدران الجهات القضائية أو على مستوى إدارة النادي الأبيض.

مجلس مرتضى.. تفتيش مالي وإداري وتجميد

في 23 سبتمبر 2020 شُكلت لجنة للفحص والتفتيش المالي والإداري من المختصين من وزارة الشباب والرياضة والجهاز المركزي للمحاسبات، لمباشرة أعمال التفتيش المالي والإداري على الهيئات الرياضية والشبابية.

وفي ضوء نتائج أعمال اللجنة أصدرت الوزارة القرار رقم 520 لسنة 2020 بتاريخ 29 نوفمبر 2020. وتضمن إحالة مخالفات مالية خاصة بنادي الزمالك إلى النيابة العامة. إلى جانب وقف واستبعاد مجلس إدارة نادي الزمالك والمدير التنفيذي والمدير المالي من إدارة شؤون النادي -بصفة مؤقتة- لحين انتهاء التحقيقات أو لحين انتهاء المدة القانونية المقررة قانونًا لمجلس الإدارة. وكذلك تكليف مديرية الشباب والرياضة في الجيزة -باعتبارها الجهة المختصة بالإشراف على نادي الزمالك- بتشكيل لجنة مؤقتة لإدارة شؤون النادي واختيار من يقوم بعمل المدير التنفيذي وضمه لعضوية اللجنة.

قرار إيقاف مجلس إدارة الزمالك السابق لم يكن الوحيد الصادر من قبل وزارة الشباب والرياضة. إذ صدر بذات التاريخ قرار بوقف واستبعاد مجالس إدارات أندية دمياط الرياضي والشرقية الرياضي والقاهرة الرياضي. وأيضًا إحالة المخالفات الخاصة بها إلى النيابة العامة، وتكليف مديريات الشباب والرياضة -كل فيما يخصه- بتشكيل لجان مؤقتة لإدارتها لحين انتهاء تحقيقات النيابة.

حينها، أعلنت الوزارة أن الإجراءات تأتي في إطار الحرص على ضبط الأداء المالي والإداري لمختلف الهيئات الشبابية والرياضية في جميع المحافظات. وذلك وفقًا للأوضاع المقررة قانونًا أخذةً بعين الاعتبار حرص الوزارة على توفير كامل الدعم والرعاية للمنظومة الرياضية والشبابية المصرية بكافة مفرداتها. وأيضًا تهيئة المناخ المناسب “لتحقيق الإنجازات التي تتناسب والنهضة الشاملة التي تشهدها الدولة المصرية في شتي المجالات”.

هاني زادة ومرتضى يطعنان على الحل

صباح اليوم التالي لقرار الإيقاف، تقدم عضو مجلس إدارة الزمالك السابق هاني زادة بالدعوى رقم 13034 لسنة 75 ق. واختصم وزير الشباب والرياضة والمدير التنفيذي بوزارة الشباب والرياضة، وطالب بإيقاف قرار الإيقاف.

وفي 8 ديسمبر الماضي، أقام مرتضى منصور وآخرين من أعضاء مجلس إدارة النادي السابقين دعوى عاجلة أمام محكمة القضاء الإداري. وقد طلبوا إلغاء قرار تجميد مجلس الإدارة. وكذا إلغاء تشكيل اللجنة المؤقتة لإدارة وتسيير أعمال النادي.

4 جلسات للمرافعة وممدوح عباس يتدخل هجوميًا

عقب التقدم بالدعوتين حددت الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري جلسة 13 ديسمبر الماضي. لبدء النظر وتم تداول القضية خلال 4 جلسات تقريبًا.

خلال الجلسات تقدم رئيس الزمالك السابق بما يزيد عن 72 حافظة مستندات، تؤكد سلامة موقفه هو وباقي أعضاء المجلس. وتضمنت تلك المستندات مجموعة من النصوص القانونية والتقارير التي يستند إليها مرتضى منصور ومجلسه لإثبات سلامة موقفهم.

وفي جلسة 3 يناير الماضي، حضر الدكتور كمال شعيب محامي ممدوح عباس رئيس النادي الأسبق، جلسة طعن مرتضى منصور. حيث تدخل شعيب هجوميًا ضد مرتضى، وتضامن مع قرار وزير الشباب والرياضة، بالتأكيد على وجوبية قرار الوزير بحق مجلس مرتضى. بينما حضر محامي عن الدكتور مصطفى عبد الخالق عضو مجلس الزمالك الأسبق. وتقدم بطلب تدخل انضمامي مع مرتضى منصور. وساند مطلب إلغاء قرار الوزير الذي وصفه في طلبه بـ”السلبي”.

تشديدات أمنية ومنع مرتضى من التحدث للإعلام

هذه الجلسات نالت قدرًا كبيرًا من الاهتمام الأمني بقدر الاهتمام الجماهيري والإعلامي. إذ شهدت جميعها انتشارًا أمنيًا مكثف في محيط مجلس الدولة الذي استقبلها. كما وصل الأمر حد منع مرتضى منصور -نفسه- من الإدلاء بأي تصريحات وأحاديث إعلامية خارج محيط المجلس. فضلاً عن إجباره على المغادرة بسيارته عقب الانتهاء من نظر كل جلسة بالقضية.

رفض عودة مرتضى

في 3 يناير الماضي، حجزت محكمة القضاء الإداري طعن مرتضى منصور للحكم في جلسة اليوم. وفي جلسة لم تستغرق سوى بضع دقائق قضت المحكمة بقبول الدعوتين شكلاً، ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. ذلك دون حضور مرتضى منصور لأول مرة. كما أمرت المحكمة بإحالة الدعوتين إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.

سيناريوهات متوقعة

بصدور حكم رفض طعن مرتضى منصور تكون المحكمة أسدلت الستار عن حكم أول درجة بالرفض. لكن لا تزال هناك سيناريوهات متوقعة للقضية خلال الفترة المقبلة.

مدير المركز العربي للنزاهة والشفافية، شحاته محمد شحاته، قال إن الحكم الصادر اليوم ليس حكمًا نهائيًا. هذا باعتباره صادر عن محكمة أول درجة. وبالتالي فإن هناك سيناريوهات قضائية متاحة أمام مجلس إدارة الزمالك السابق. إما الطعن أو الاستسلام للحكم.

وأضاف شحاته، لـ “مصر 360″، أن مرتضى منصور بإمكانه الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا. وهي الجهة القضائية الأعلى التي يتم اللجوء إليها للطعن على أحكام القضاء الإداري. وهنا يشير شحاته إلى أنه حال تقدم مجلس إدارة الزمالك بطعن أمام الإدارية العليا فإن الحكم الذي سيصدر عنها سيكون نهائيًا وغير قابل للطعن عليه أمام أي جهة تقاضي أخرى.

استمرار اللجنة المؤقتة

وإلى جانب حقهما في الطعن أمام الإدارية العليا فور استلام مسودة الحكم الأخير، يوضح المحامي بمجلس الدولة خالد الزهيري، أن مرتضى منصور وهاني زادة قد يستفيدان من كون حكم القضاء الإداري يجوز الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، خلال 60 يومًا من صدوره. وهي المدة المقرره قانونًا، ذلك لأن الإدارية العليا هي صاحبة القول الفصل في الحكم النهائي للقضية.

ويوضح أن اللجنة المؤقتة المُعينة من قبل وزير الشباب والرياضة ستستمر في إدارة شؤون النادي. لأن الحكم يؤيد صحة قرار تشكيلها. وذلك حتى تقر الإدارية العليا الأمر أو تعيده لساحات القضاء مرة أخرى.

حيثيات الحكم

عقب صدور الحكم مباشرة، حصل “مصر 360” على نسخة من حيثيات الحكم، والذي تطرق إلى أن المحكمة أسست قضاءها بعد أن استعرضت نصوص المواد ( 7 ، 11 ، 13 ،  19) من قانون الرياضة الصادر بالقانون رقم 71لسنة 2017. وكذلك نصوص المواد أرقام (52 ، 53 ، 53 مكررا ) من اللائحة المالية للأندية الرياضية المعتمدة بقرار وزير الرياضة رقم 605 لسنة 2017. واستعراض نصوص قرار وزير الرياضة رقم 451 لسنة 2017 بشأن تحديد الجهة المختصة بتطبيق أحكام قانون الرياضة سالف البيان، بأن المشرع أخضع جميع الهيئات الرياضية وشركات الاستثمار الرياضي، وجميع أوجه النشاط الرياضي بالدولة لأحكام قانون الرياضة الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2017؛ حيث أناط بالجهة الادارية المركزية -(وزارة الشباب والرياضة )- وضع اللوائح المالية لجميع الهيئات الرياضية والجزاءات المترتبة على مخالفتها، وأناط بها أيضًا التحقق من تطبيق الهيئات والجهات الإدارية المختصة للقوانين واللوائح والقرارات المنظمة لها.

وقد أخضع المشرع الهيئة الرياضية للرقابة والإشراف من قبل كل من الجهة الإدارية المختصة- (مديرية الشباب والرياضة التي تقع في نطاقها الجغرافي)- والجهة الإدارية المركزية -( وزارة الشباب والرياضة )- من الناحية المالية بالنسبة لجميع أموالها على أن تحدد اللائحة المالية الإجراءات اللازمة في هذا الشأن. ومنح المشرع الهيئة الرياضية الحق في مباشرة أوجه نشاطها طبقًا لأحكام قانون الرياضة سالف الذكر، ونظامها الأساسي، وقرارات الجمعية العمومية، وقرارات مجلس الإدارة في حدود اختصاصهما، ولها اتخاذ جميع الوسائل والسبل التي تراها مناسبة لتحقيق أهدافها. بما في ذلك تنفيذ برامج تنمية مواردها المالية واستثمار فائض أموالها استثماراً مناسباً على أن تحدد لائحة نظامها الأساسي كيفية الاستثمار بما لا يتعارض مع أحكام اللائحة المالية .

الأندية الرياضية والأموال العامة

وقد بينت اللائحة المالية للأندية الرياضية المعتمدة من قبل وزير الشباب والرياضة بالقرار رقم 605لسنة 2017 – بأن أموال الأندية الرياضية المشهرة وفقًا لأحكام قانون الرياضة رقم 71 لسنة 2017 تٌعد أموالاً عامة في تطبيق أحكام قانون العقوبات.

وألزمت تلك اللائحة النادي بالرد على تقارير الجهات الرقابية بالدولة وهي (مفتشو الجهة الادارية المختصة، الجهاز المركزي للمحاسبات، هيئة الرقابة الإدارية، مباحث الأموال العامة، مصلحة الضرائب، هيئة التأمينات). واتخاذ ما يلزم بشأن الرد على ما ورد بها من ملاحظات خلال شهر من تاريخ ورودها، والعمل على إزالة أسبابها؛ وأناطت هذه اللائحة بوزير الشباب والرياضة اتخاذ جميع الاجراءات القانونية تجاه مجلس إدارة النادي إذا توافرت بشأنه إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة (53) من اللائحة، ومن بينها المخالفات المالية والادارية الواردة بتقرير مراقب الحسابات والجهات الرقابية بالدولة، وأناطت بالجهة الإدارية المختصة -( مديرية الشباب والرياضة التي يقع في نطاقها الجغرافي النادي )- في حالة عدم وجود مجلس إدارة أو لجنة مؤقتة لتسيير شئون النادي تشكيل لجنة مالية لتسيير شؤون النادي المالية على أن تستمر اللجنة في مباشرة أعمالها لحين وجود مجلس إدارة أو لجنة مؤقتة لتسيير شؤون النادي.

الإخطار قبل الإجراء بالإيقاف

وأكدت المحكمة أنه متى كانت النصوص القانونية واضحة المعنى جلية المقصد فلا يجوز الأخذ بما يخالفها أو تقييدها، لمًا في ذلك من استحداث لحكم مغاير لمراد المشرع عن طريق التأويل، وهو ما لا يجوز قانونًا. ولما كان ذلك وكانت المادة (53) من اللائحة المالية سالفة البيان قد أطلقت الإجراءات القانونية المخولة لوزير الشباب والرياضة بشأن المخالفات المالية المنسوبة لمجلس إدارة النادي الواردة بتقارير الجهات الرقابية بالدولة من أي قيد، فلم تشترط تلك المادة ضرورة إخطار الوزير للنادي بالمخالفات المالية والإدارية الواردة بتقارير الجهات الرقابية للرد عليها والعمل على إزالة اسبابها. وذلك قبل اتخاذه للإجراء المناسب حيال تلك المخالفات، إذ لو أراد المشرع ذلك لنص عليه صراحة.

كما لم تحدد تلك المادة أيضًا ماهية الإجراءات التي يحق للوزير اتخاذها بشأن المخالفات المالية المنسوبة لمجلس الإدارة. ومن ثم فيحق له اتخاذ كافة الإجراءات القانونية المناسبة التي تكفل الحفاظ على أموال النادي باعتبارها أموالاً عامة. وذلك كله بما لا يتعارض وأحكام قانون الرياضة سالف البيان، الذي لم يخول للجهة الإدارية الحق في إسقاط العضوية عن كل أو بعض مجلس إدارة الهيئة الرياضية. فقد أناط المشرع ذلك بالجمعية العمومية غير العادية للهيئة الرياضية دون سواها. كما خلت نصوصه عن ثمة نص قانوني يمنح الجهة الاداري.

وذهبت المحكمة إلى إنه لا ينال من صحة القرار المطعون فيه القول بإنه كان يجب على وزير الشباب والرياضة قبل وقف واستبعاد مجلس إدارة النادي إخطاره بتلك المخالفات. ذلك لاتخاذ اللازم بشأنها والعمل على إزالة أسبابها خلال شهر من تاريخ الإخطار طبقًا لنص المادة (52) من اللائحة المالية للأندية الرياضية.

كتب – محمود السنهوري