“ده خطأ طبي والحل عملية تصلح الجزء ده”. عانت “جميلة” آلامًا في جهازها التناسلي وكانت اكتشفت صدفة مع تحسسها موضع الألم أنه يأتي من مكان ختانها. فتوجهت إلى طبيبتها حيث أكد التشخيص الطبي حالتها، وأوصى بتدخل جراحي يعالج آثار ما بُتر منها طفلة.

“ترميم ختان”.. إصلاح ما بُتر

تشويه الأعضاء التناسلية عادة قديمة وجرم أسقط عديد من الفتيات الضحايا ممن تأثرن بذلك الفعل صحيًا ونفسيًا. ذلك وفق التقارير الرسمية الواردة سنويًا عن تزايد حالات الوفاة بسبب عمليات الختان.

تحت شعار “يجب أن نتحد” دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” وصندوق الأمم المتحدة للسكان إلى مواجهة وإنهاء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. ومن هذا المنطق أيضًا انطلق طبيبا الجراحة ريهام عواد وعمرو سيف الدين في حملة لمساعدة الفتيات ضحايا عمليات الختان. ذلك بتأسيس مركز خيري لعلاج وجراحة تشوهات ختان الإناث، هو الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط.

تحاول الطبيبة ريهام عواد وصف ما تعانيه أغلب النساء المترددات على مركزها لعلاج تشوهات الختان، فتقول: “أنا حاسة إن أنا مش كاملة.. أنا مش زي البنات التانيين”، هي الجملة الأكثر ترديدًا على لسان هؤلاء الضحايا”.

وقد أطلقت ريهام بمساندة زميلها الطبيب عمرو يوسف مركزهما الخيري ذلك، وأطلقها عليه اسم “ترميم ختان” في يوليو الماضي. وكان ذلك سعيًا لإيجاد حلول مناسبة لمن يعانين من تشوهات ومشاكل صحية ونفسية بعد الختان.

تحسين وضع ضحايا الختان

يقول الجراح عمرو سيف الدين -صاحب الخبرة 25 عامًا في إجراء عمليات التجميل النسائي للمتضررات من الختان- إن هناك وسائل مبتكرة وطرق طبية جديدة لمعالجة آثار الختان. ذلك ببناء غطاء للبظر والشفرات التي بترت أثناء الختان، على حد قوله.

يشير الطبيب إلى الاعتقاد الخاطئ بأن البظر جزء صغير في جس المرأة. ويضيف: “في الحقيقة هو عضو طوله من 8 سم إلى 12 سم، يظل داخل الجسد، ولا يظهر منه في الكشف إلا قرابة 2 سنتيمتر”. وهنا يكون العلاج أو تحسين الشكل المشوه جراء الختان بإطالة ذلك الجزء مع الاحتفاظ بالأوردة الدموية والخلايا العصبية دون تأثر بالجراحة الجديدة للترميم.

تأثيرات نفسية وجسدية

وفق الطبيبين، فإن هذه النوعيات من العمليات التجميلية لترميم الختان تحظى بنسب نجاح تفوق 85 %. ويقاس ذلك كما يوضح الطبيبان بنسبة رضاء المرضى. “بعد 6 أشهر تخبرنا المريضة بإمكانية تحسين شعورها الجنسي وكذلك راحتها النفسية”؛ تقول الطبيبة ريهام.

اتجهت بسنت إلى مركز “ترميم الختان” لحجز موعد كشف. إذ تعاني الفتاة العشرينية أزمة نفسية لاحقتها بعد إجراء عملية ختان لها في عمر الـ 15 عامًا قسرًا. تقول: “حين أنظر لجسدي أشعر أن عقلي تجمد”.

حصلت بسنت على موعد قريب للكشف وهي في انتظاره: “انتظر استعادة ما بتر مني وأتمنى أن أعود لنفسي بشكل أفضل”.

8 أشهر هي عمر المركز الذي يستقبل يوميًا عشرات الرسائل الاستفسارية عن كيفية إجراء ترميم الختان.

تقول مؤسسة مركز ترميم أن رحلة ترميم الختان تبدأ بالفحص الدقيق للحالة مع وضع خطة علاج بعد التقييم والإدراك النفسي. على أن يحدد بعد ذلك نوع العلاج المناسب. فقد يكون غير جراحي لتحسين الإحساس والثقة بالنفس. أو جراحي يعتمد ترميمًا وتقويمًا للأعضاء الأنثوية التي تعرضت للتلف. “بنحاول نرجع للست الأعضاء التي افتقدتها وتحسين الثقة بالنفس وجودة الحياة”.

وتتفاوت تكاليف هذه النوعيات من الجراحة التجميلية، وفق ما توضح الطبيبة المتخصصة في هذه الجراحات. إلا أن المركز الذي يخضع لإدارتها يحاول تغطية مصاريف هذه الجراحات بالاعتماد على التبرعات. “لدينا قائمة بعدد من الحالات غير القادرة ماديًا وتم بالفعل إجراء عمليات دون مقابل”.

التشويه الذي يقره طبيب يظل تشويهها

أشار تحليل أجرته “يونيسف” العام الماضي إلى أن حوالي 1 من كل 4 فتيات -أي 52 مليون فتاة في جميع أنحاء العالم- خضعن لتشويه الأعضاء التناسلية على أيدي موظفين صحيين.

وتؤكد يونيسف -في تحليلها- أن هذه النسبة أعلى مرتين بين المراهقات، لافتةً إلى أن 34% من ضحايا هذه الممارسة تتراوح أعمارهن بين 15 و19 عامًا، مقارنة بـ 16% من الضحايا ممن تتراوح أعمارهن بين 45 و49 عاما، ما يشير إلى زيادة هذه الممارسة.

“التشويه الذي يقره طبيب يظل يعد تشويها. أخصائيو الرعاية الصحية المدربون الذين يقومون بإجراء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية ينتهكون الحقوق الأساسية للفتيات والسلامة البدنية والصحة”؛ تقول هنريتا فور، المديرة التنفيذية لليونيسف، والتي تؤكد أن إضفاء الطابع الطبي على هذه الممارسة لا يجعلها آمنة أو أخلاقية أو يمكن الدفاع عنها.

وفي أحدث تصريح رسمي حول انتشار حالات تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، المعروفة بـ”الختان”، توقع بيان مشترك للمديرة التنفيذية لـ”يونيسف” هنريتا فور، وناتاليا كانيم المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، أن يشهد العقد المقبل مليوني حالة إضافية من حالات الختان. بينما أرجع ذلك إلى تفشى فيروس الكورونا وما ينتج عنه من غلق المدارس وتعطيل برامج المساعدة في حماية الفتيات من هذه الممارسة الضارة.