تمكن نادي بايرن ميونيخ الألماني بطل أوروبا من هزيمة النادي الأهلي المصري بهدفين دون رد، بأقل مجهود يذكر، في المباراة التي جمعتهما في نصف نهائي كأس العالم للأندية. مبارة صعدت بالبافاري إلى النهائي وأزاحت الأهلي إلى مواجهة لن تقل شراسة أمام بالميراس البرازيلي بطل قارة أمريكا الجنوبية من أجل تحديد صاحب المركز الثالث في المونديال.

واجه المارد الأحمر صعوبات جمة على الصعيدين الفني والبدني وكذلك النفسي من مواجهة نجوم العالم في الفريق البافاري الأمر الذي أظهره بشكل متواضع فنيًا رغم عدم تلقيه أهداف كثيرة بالقياس بقوة بايرن وهزائمه القياسية لأكبر فرق العالم مثل برشلونة وتشيلسي وتوتنهام في وقت سابق.

ولكن رغم كل هذه المعطيات وتفوق البايرن الواضح من كافة النواحي وفوزه بهدفين فقط على الأهلي، إلا أن الجماهير الحمراء وأغلب النقاد والنجوم السابقة انتقدوا أداء الفريق بشدة خاصة المدرب الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني وعدم لعبه برأس حربة صريح من البداية، بالإضافة لحالة الخوف الشديدة التي ظهرت على الفريق في أول المباراة وحتى تلقى الأهلي الهدف الأول من ليفاندوفيسكي بالدقيقة 22 من زمن الشوط الأول، قبل أن يقدم المارد الأحمر مردود أفضل كثيرًا في الشوط الثاني ولكن دون شراسة هجومية واضحة ولا هجمات خطيرة على مرمى العملاق مانويل نوير.

ولذلك نستعرض في النقاط الآتية، أهم تلك الأمور التي أثارت حفيظة الجمهور الأحمر وأغلب النقاد للإجابة عن سؤال: هل كان بالإمكان أفضل مما كان أم لا؟

اقرأ أيضا:

عن الأهلي وجماهيره وكأس العالم للأندية: “القاضية مش دايمًا ممكن”

تفوق كامل للبايرن من الناحية الرقمية

من الناحية الرقمية نعرض أهم أرقام المباراة والتي كشفت سيطرة بالطول والعرض لبطل أوروبا وعكست أفضليته وقوته الكبيرة بالمقارنة بمستوى الأهلي ونجومه، حيث خسر الأحمر الاستحواذ في المباراة تمامًا وفاز بايرن في صراع السيطرة على الكرة بنسبة 65% مقابل 35% لبطل إفريقيا.

كما أهدر بايرن عدة فرص في المباراة، حيث حاول على المرمى 23 مرة من بينها 7 كُرات بين القائمين والعارضة، سجل منهم هدفين، بينما على الجهة الأخرى سدد الأهلي 5 كرات بينهم 3 على المرمى، ولم ينجح اللاعبون في الوصول لشباك الحارس العملاق نوير.

ليفاندويسكي أحرز هدفين في شباك الأهلي
ليفاندويسكي أحرز هدفين في شباك الأهلي

فيما حصل بايرن ميونيخ على 7 ركلات ركنية في المباراة، ولم يحصل الأهلي على أي ركلة ركنية، كذلك وقع الأهلي بمصيدة التسلل في مناسبة وحيدة كان بطلها محمود كهربا، ولم يقع أي لاعب من بايرن في التسلل.

أخيرًا ارتكب فريق الأهلي 14 خطأً إداريا في الملعب مقابل 6 أخطاء ارتكبها لاعبو بايرن ميونيخ، ولم يشهر الحكم الإماراتي محمد عبدالله أي بطاقة خلال المباراة، وكل هذه الأرقام تدل على الفوارق الكبيرة بين الفريقين وسير اللقاء في اتجاه واحد فقط لصالح البافاري المدمر.

موسيماني الحذر

قبل المباراة أكد موسيماني أن الأهلي سيلعب لقاء للاستمتاع وأنه لا يوجد فريق في العالم يستطيع مجابهة قوة بايرن ميونيخ في الوقت الحالي، وما حدث أمام برشلونة قبل شهور قليلة خير دليل على ذلك، وبالفعل باغت المدرب الجميع بتشكيل هجومي على الورق على عكس المتوقع باللعب بتشكيل دفاعي أو أكثر توازن، ولكن عندما بدأت المباراة اكتشف الجميع أنها خدعة من المدرب مع وجود تكليفات دفاعية بحتة للجميع بعدم تخطي منتصف الملعب إلا في بعض الكرات المرتدة البسيطة، مع حالة رعب شديدة وضحت على الجميع وأدت لظهور الأهلي بشكل متواضع للغاية وتلقي هدف وربما كان أكثر لولا الشناوي ودفاع الفريق.

وهنا يكمن خطأ موسيماني الرئيسي في الدفع بلاعبين بطابع هجومي وتكليفهم بمهام دفاعية لا يجيدونها بالمرة، فكان أفضل عليه البدء بتشكيل دفاعي بلاعبين تجيد هذا الشق أفضل مثل ديانج في الوسط وبواليا في الهجوم كمحطة ورأس حربة يستند عليها لاعبو الوسط، بدلاً من أفشة وكهربا على سبيل المثال واستخدامهم كأوراق رابحة هجومية أفضل في الشوط الثاني عندما تتاح له الفرصة للسيطرة كما حدث.

لكنه بدأ المباراة بشكل خاطئ من ناحية التشكيل لكن جيد من ناحية التكتيك، وقام بتغييرات جيدة في الشوط الثاني ولكن قوة المنافس لم تجعلها تحقق المراد منها أو تظهر أي فاعلية هجومية، ففارق الجودة الكبير بين اللاعبين والفارق البدني الشاسع الذي وضح للكل حسم المسألة تمامًا منذ الشوط الأول وربما من قبل بداية المباراة كذلك، فكان بالإمكان الظهور بشكل أفضل من ذلك قليلاً ولكن لم يكن في الإمكان تحقيق الفوز أو حتى التعادل أمام هذا المستوى العالمي بأي شكل.

بايرن وأداء اقتصادي

بعد لعبه مباراة في الدوري الألماني يوم الجمعة الماضي أمام هيرتا برلين وفوزه بصعوبة بهدف نظيف، ثم تأخر إقلاع طائرته لأكثر من 7 ساعات وتأخرها في الوصول للدوحة حيث المشاركة في مونديال الأندية، وعدم أخذ فترة راحة كافية والاكتفاء بتدريبين فقط قبل اللقاء، ظهرت حالة من الإرهاق الذهني والبدني الواضحة على كافة لاعبي البايرن، ما جعل المدرب هانز فليك وهم باللعب بشكل كامل وأساسي لكل النجوم في الشوط الأول على أمل إنهاء المباراة مبكرًا لتفادي الإرهاق فيما بعد وقد حدث لهم ما أرادوا بهدف ليفاندوفيسكي المبكر ومحاولاتهم الأخرى.

ثم لعب الفريق الشوط الثاني بشكل اقتصادي واضح بدون إجهاد نفسه بلعب الكرات “على الواقف” كما يقال، ودون تدخلات والتحامات قوية حفاظًا على أنفسهم من أية إصابات، وتركوا الملعب بعض الشيء للأهلي لكي يسيطر ولكن بشكل سلبي دون إتاحة الفرصة له لشن هجمات خطرة على نوير. بثقة وخبرة كبيرة ومستوى عالٍ تمكن فليك ولاعبيه من تطبيق هذا الأمر ونجحوا في الخروج فائزين بل وإضافة هدف آخر للمهاجم البولندي المتمرس في آخر دقائق المباراة، ليخرجوا فائزين بكل شيء نتيجة ووصول للنهائي وبأقل مجهود ودون وجود أية إصابات بفريقه.

فوارق شاسعة بين المستوى الأوروبي والجميع

ظهر للجميع كم الفوارق الشاسعة في المستوى بين بايرن العالمي وبين الأهلي ولاعبيه، وهذا أمر منطقي ولا يحزن الجماهير أبدًا، فهذا هو قمة المستوى في كرة القدم الحديثة، والأهلي يحاول الوصول ومقارعة هذه المستويات الجبارة والعالمية في كرة القدم، وبالطبع ستكون تجربة مفيدة للغاية لكل اللاعبين والجهاز الفني بالاحتكاك مع هذا المستوى، سيطورهم كثيرًا فنيًا ومن ناحية العقلية، وكذلك يعطيهم خبرات جيدة تساعدهم في المرات القادمة عندما يحتكون مع مستويات من هذا النوع ثانيًا وهذه هي أهم الدروس المستفادة والإيجابيات التي خرج بها الأهلي ولاعبيه من هذه التجربة رغم الخسارة.

مستوى فني مذهل لكل لاعب على حدة في بايرن، كل لاعب يعرف مهامه جيدًا ولديه وعي ومرونة تكتيكية وخططية عظيمة ويقدرون على اللعب خلف الخطوط واللاعبين والمدافعين بشكل انسيابي للغاية يسبب مشاكل وأزمات عديدة للخصم، كما يتواجدون في كل شبر من أرضية الملعب بشكل فائق الجودة، ومستوى بدني للفرد والجماعة غير طبيعي يجعلهم في أفضل حال وشدة بدنية وفنية طوال اللقاء كاملاً، كما أن معدل الوقوع في الأخطاء ضئيل للغاية ما يمنع أي خصم من محاولة مباغتتهم في أي لحظة أو غفلة لانها نادرة الحدوث.

هذا المستوى العالمي والأفضل بلا شك في العالم بالوقت الحالي لا يستطيع أحد الوقوف أمامه سوى من نفس المستوى بين عمالقة أندية أوروبا مثلهم وليس الأهلي أو أي فريق آخر في العالم، بل قدم الأهلي وفق إمكاناته مباراة متوسطة ومناسبة أمام بايرن وخرج مستقبلاً هدفين فقط دون الوصول لنتيجة قياسية مثلما حدث مع أكبر فرق العالم كبرشلونة ومني بهزيمة تاريخية من بايرن بثمانية أهداف لهدفين في وجود سيد اللاعبين ليونيل ميسي الذي قرر بعدها الرحيل عن ناديه، لذا لم يكن بالإمكان أفضل مما كان، حتى وإن افتقدنا الشراسة المطلوبة للعب في هذه المستويات.