بـ”المتقاعس” وصفت المنظمة الدولية الحقوقية “هيومن رايتس ووتش” التعامل الأمني المصري في قضية الاغتصاب الجماعي لإحدى الفتيات قبل سنوات، فيما يُعرف إعلاميًا بـ”قضية الفيرمونت”. وهو أمر أعاد الأزمة إلى الواجهة مع الحديث عن إشكالية حماية بيانات الشهود. ذلك مع مرور 6 أشهر على الكشف عن هذه الواقعة التي شهدها العام 2014 وتعرض أربعة من شهودها للاحتجاز الأمني.

وقد ذكرت “هيومن رايتس“، في أحدث تقاريرها، أن السلطات المصرية لم تحقق كما يجب مع المشتبه بهم. بينما أخضعت أربعة منهم رهن الحبس الاحتياطي، وآخرين للتحقيق.

ملاحقات لشهود فيرمونت

أشارت المنظمة إلى اتهام أربعة من الشهود واثنين من معارفهم بـ”الفسق والفجور”. وهما التهمتان اللتان قالت عنهما “هيومن رايتس” أنهما يحملان مصطلحات فضفاضة “لطالما تذرعت بهما جهات التحقيق لملاحقة النساء ومجتمع الميم”.

كما لفتت المنظمة أيضًا إلى احتجاز بعض الشهود لأشهر، وإخضاعهم لفحوصات شرجية وكشوف عذرية قسرية واختبارات للمخدرات. فضلاً عن العمل على تشويه سمعتهم، بدلاً عن دعمهم، وفق بيان “هيومن رايتس”.

وقد أكد عدد من الشهود، نقلت عنهم المنظمة، أن السلطات منعتهم من السفر، فيما تلاحقهم بعدد من التهم مثل الشذوذ الجنسي، والتحريض على الفجور، وتعاطي المخدرات، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وجميعها تهم تراها المنظمة ليست بتهم في الأساس. في حين انتظرت النيابة أسابيع قبل أن تأمر بالقبض على الرجال المتهمين بالاغتصاب الجماعي. ما سمح للعديد من المشتبه بهم بالفرار من البلاد دون مساءلة، وفق التقرير.

عزة سليمان من أوائل القانونيات التي عبرت عن قلقها بشأن الانتهاكات التي طالت شهود جريمة “الفيرمونت”. واعتبرت أن التعامل معهم جاء غير مفهوم، وغير واضح، ولا يساهم في محاسبة الجناة الأصليين.

من جانب آخر، دعت “هيومن رايتس ووتش” النيابة العامة “لإسقاط جميع التهم والتحقيقات المنتهِكة ضد الشهود في قضية فيرمونت فورًا”. ودعت السلطات إلى إجراء تحقيق سريع وشفاف. وأيضًا تقديم القضية إلى محاكمة عادلة لضمان محاسبة جميع المشتبه بهم أمام المحكمة. وليس فقط الأربعة الذين هم قيد الاحتجاز.

فيرمونت.. الحاجة لقانون جديد

في نوفمبر الماضي، أطلقت مؤسسة قضايا المرأة حملتها لقانون “تنظيم الحق فى حماية الشهود والمبلغين والخبراء”. ذلك بهدف تسليط الضوء على حماية الشهود والمبلغين من خلال البنية التشريعية. خاصة في قضايا العنف الجنسي والعنف الأسري.

وقالت رئيس مجلس أمناء المؤسسة عزة سليمان إن الحملة تسعى إلى وضع قانون تشريعي كامل، يعمل على حماية بيانات الشهود. وهي ترى في هذا الأمر ضرورة تشجع الجميع على التقدم بإفادتهم، دون ضغط أو ترويع، خاصة في ضوء الأحداث الأخيرة، ومنها قضية الفيرمونت.

أيضًا، أشارت سليمان إلى مواد القانون الحالي رقم 177 لسنة 2020 باعتبارها غير كافية ولا تدنو إلى مستوى الطموح لتحقيق الحماية المأمولة للمجني عليهم والشهود. إذ جاءت صياغة القانون مشوبة بالعيوب الشكلية والموضوعية، وفق ما توضح سليمان.

قانون معيب

وذكرت سليمان أن القانون لا يشتمل على حماية الشهود، ويكتفي بحماية المجني عليهم في جرائم التحرش الجنسي بالنساء والأطفال فقط. كما نص على سرية بيانات المجني عليهن، بينما لم يفرض حماية لهن.

ومن الناحية الموضوعية، فالقانون لا يتضمن جزاءً لمخالفته. ذلك بالمخالفة لخصائص القاعدة القانونية. كما يرد ببداية القانون كلمة “لا يجوز” التي لا تعد عبارة ناهية عن عدم إتيان فعل ما، وفق سليمان.