نشرت نعمة هشام، زوجة المحامي الحبوس “محمد الباقر” مقطع فيديو على صفحتها الشخصية بـ”فيسبوك”، تحت عنوان “باقر 500 يوم في السجن”، تذكر به الأصدقاء بزوجها، الذي يقضي عامه الثاني في السجن.

الباقر.. 500 يوم وراء القضبان

“نعمة” قالت في الفيديو: “باقر إنهاردة فات عليه 500 يوم حبس، 500 يوم في ظروف مذرية جدًا، ممنوع من التريض ومن التهوية حتى. ممنوع يطلع من الزنزانة ممنوع من المياه الساخنة ومن الجرايد ومن الكتب أو من حتى مرتبة. ممنوع من حاجات كتير جدًا منصوص عليها في لائحة السجون. كل ده عشان كان بيقوم بشغله كمحامي حقوق إنسان، كان رايح في النيابة مع متهم وأتقبض عليه. بعدها بسنة تقريبًا فوجئنا أن محمد متهم في قضية تانية”.

الزوجة أضافت: “الاتهامات في القضية الجديدة كلها عملها أثناء فترة حبسه. الموضوع مرعب وكوميدي جدًا، في الفترة اللي اتقال إنه قام بالحاجات دي، كان في سجون مصر كلها من شهر مارس ولحد أغسطس الزيارة ممنوعة بسبب كورونا. رغم كدة الاتهامات حاجات قام بها وقت الزيارات”.

اقرأ أيضًا.. بينهم ماهينور والعليمي وباقر.. “جائزة حقوق الإنسان تذهب لمحامين جلبوا الشرف للمحاماة”

استنكرت نعمة استمرار زوجها في الحبس الاحتياطي حتى الآن، وقالت “القضية ممكن تقع بالمعلومات البسيطة دي، لكن هو لسه برضه على ذمتها، ومن كام شهر اتفاجئنا تاني إنه باقر اتحط على قوائم الإرهاب، وهي كان بيدخل كل محاكم كصر لحد يوم متقبض عليه”.

المتهم يتحول إلى إرهابي

في نبرة تحمل حزنًا وسخرية، قالت الزوجة: “فجأة باقر اتحول من متهم لإرهابي، هو إيه تعريف الإرهابي أصلًا؟. باقر إزاي يتقال عليه إرهابي، كلمة كدة بسهولة تتقال على أي حد بيقوم بشغله. أهله إحساسهم إيه، أصحابه، باقر نفسه. لحد دلوقتي مش قادرة استوعب الكلمة”.

“نعمة” عجزت عن محاولات الشرح لزوجها: “لغاية دلوقتي مش عارفه أشرحله ولا أبررله ليه ده بيحصل معاه، وليه الوضع عمال يسوء كدة، وبعد مكان عندنا أمل في أول قضية إنه خلاص هيطلع، بقى في قضية تانية”.

الزوجة دعت لتدشين حملة تدوين عن زوجها، للتذكير به وبما يحدث معه، مختتمه حديثها: “باقر مالوش غيركم”.

اقرأ أيضًا.. قانون «الكيانات الإرهابية» يثير جدلا في مصر

من هو محمد الباقر؟

محمد الباقر” محامي ومدافع عن حقوق الإنسان في مصر، ومدير مركز عدالة للحقوق والحريات، لتقديم المساعدة للمحتجزين السياسيين وسجناء الرأي، ألقي القبض عليه في سبتمبر 2019، على خلفية التظاهرات التي دعى إليها المقاول محمد علي، بينما وُجهت له تهم نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.

في فبراير 2020، قررت المحكمة إخلاء سبيله قبل الاستئناف على القرار، بينما قبلت محكمة جنايات طرة استئناف النيابة ضد قرار الإفراج، وجددت حبسه.

اقرأ أيضًا.. محمد سعد عبد الحفيظ يكتب: الحبس الاحتياطي.. ثقب مصر الأسود

وفي 31 أغسطس 2020، ظهر “باقر” في نيابة أمن الدولة، على ذمة القضية 855 لسنة 2020 أمن دولة، مع استمرار حبسه على ذمة القضية 1356 لسنة 2019 أمن دولة. كما وجهت له النيابة الانضمام لجماعة إرهابية، والاشتراك في اتفاق جنائي بغرض ارتكاب جريمة من جرائم الإرهاب.

محضر تحريات القضية، والمحرر بتاريخ أغسطس 2020، يقول إنه أثناء الزيارات والتريض تواصل “باقر” مع عناصر إثارية من أفراد الجماعة الإرهابية لضم العديد من العناصر. كما اتهم بنشر أخبار كاذبة بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.

“تفاصيل متقطعة” وابتسامه مصطنعة

القبض على “باقر” مثّل صدمة للزوجة وللأسرة. بينما تتذكر “نعمة” لحظة تلقيها نبأ القبض على زوجها: “محمد سلّم عليا الصبح وقالي أنا رايح النيابة، كان عنده جلسة تحقيق، بعدها بكام ساعة كلموني المحامين زمايله قالولي محمد هيتحقق معاه في نفس القضية اللي كان رايح يحضر كمحامي فيها وعايز يشوفك أنت ووالدته. كل التفاصيل اتمحت أنا حقيقي مش فاكرة إزاي وصلت النيابة ولا مين كان معايا ولا بلغت الخبر لأهله إزاي. أنا بس فاكرة تفاصيل متقطعة أنا هناك وأصحابي حواليا وكل شوية محامي يخرج يطمنا، والدة محمد بتعيط، وأنا داخلة نيابة أمن الدولة لأول مرة”.

محمد الباقر

وتابعت: “محمد قابلنا بالبدلة بعد ما استأذن وكيل النيابة يقعد معانا، محمد وهوه عمال يطمنا إن القضية هتخلص بسرعة ويخرج وسطنا قريب وعمال يحاول يشرح لوالدته اللي مش مستوعبة الوضع. كان بيحاول يبتسم ابتسامة مصطنعة عشان يطمنا وأنا عارفة أن دماغه شغالة في هوه رايح على فين. ووالده اللي في العناية المركزة ووالدته المنهارة والقضية اللي مش باينلها ملامح”.

رحلة “الدوامات الجنونية”

الزوجة بدأت في رحلة جديدة ما بين السجون والزيارات، ومنع دخول الكتب والملابس، ومنع زوجها من التريض أو استخدام الماء الساخن، لتصف الأمر بأنه “دوامات جنونية”.

بعد مرور عام من الحبس الاحتياطي، بدأ الأمل يراود الزوجة في عودة زوجها، وإخلاء سبيله من القضية، ليبدأ تدويره في قضية جديدة، بتهم قريبة من التهم الموجودة بالفعل في القضية الأولى.

“مكنتش مهتمة إطلاقًا بالاتهامات العبثية اللي ممكن السجن شخصيًا يرد عليها ويقدم ورق يثبت أن محمد استحالة يعمل حاجة سنة 2020 أثناء التريض والزيارة عشان ممنوع من التريض من وقت ما اتحبس. ومن الزيارة من مارس 2020 عشان أزمة كورونا، وقبلها الزيارة بمراقبة أمنية. السجن شخصيًا هيقدر يرد بالأدلة والبراهين على اتهامات محمد، أنا كنت مهتمة بس بمحمد ونفسيته وصحته وأحلامه. مفيش منطق نقدر نرجعله ونقول محمد أكيد مش هيكمل السنة وهيخرجلنا. سياستي الحالية للحفاظ على القدرة على البقاء والتعايش أن ما نحاولش نبص لبكرة. نجاحنا الوحيد أننا نعرف نعدي النهاردة على رجلينا، حلمي أن محمد ما يتكسرش وتفضل الضحكة من قلبه لحد ما يخرجلي. ده سقف طموحاتي”.

اقرأ أيضًا.. فصل بينهما جدار السجن.. محمد عادل يواجه منع زوجته من زيارته بأمعاء خاوية

قوائم الإرهاب

الصدمات توالت، واستقبلت الزوجة مجددًا نبأ وضع زوجها على قوائم الإرهاب، الذي يترتب عليه عدة آثار منها التحفظ على أموال المدرجين ومنعهم من السفر. كما يؤدي للفصل من العمل، وإسقاط العضوية في النقابات المهنية، في النهاية.

اقرأ أيضًا.. الإخوان وآخرون.. كل ما تريد معرفته عن “الإدراج في قوائم الإرهاب”

“نعمة” ترى أن الكلمة التي تتردد على الجميع فقدت معناها: “كلمة إرهابي فعلًا فقدت معناها وهي بتتقال على كل الناس المسالمين، اللي ملهمش أي علاقة بالإرهاب”.

الزوجة تعيش بالأمل، الذي منحها القوة على استكمال الرحلة الشاقة، تنتظر عودة زوجها، لتبدأ رحلة جديدة من التعافي من التجربة، التي حفرت آلامًا كبيرة، كما ذكرت.