عارض العاملون في الشركة المصرية للمواسير والمنتجات الأسمنتية “سيجورات” قرارا إداريا يقضي بصرف أرباح العام الماضي بما يعادل ستة أشهر فقط، وبأقل شهرين عن العام المنصرم. إلى جانب رفض الإدارة صرف الأرباح للعاملين المحالين للمعاش في أعقاب السنة المالية نفسها.
سيجوارت من شركات قطاع الأعمال ذات القيمة السوقية الجيدة. وتعمل في إنتاج الفلنكات الخرسانية المسلحة سابقة الإجهاد لخطوط السكك الحديدية، وخطوط المترو. إلى جانب إنتاج المواسير خرسانية، وغرف التفتيش، وكذلك حواجز الطرق.
محاولات التطفيش في سيجورات
إحدى عضوات النقابة العامة بالشركة الممثلة للعمال عبرت عن سخطها مما يجرى من تخفيض نسبة الأرباح، ذلك على الرغم من تخفيض سقف الخسائر بما يعادل 48 مليون جنيه عن العام الماضي، في حين كانت قيمة أرباح العام الماضي 8 أشهر، أي ما يقدر بأكثر من شهرين عما أقره رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة عماد الدين مصطفى بشأن العام الحالي.
“محاولات تطفيش العمال لا تنتهي، مرة بالتخفيض وأخرى برفض التثبيت الوظيفي”؛ وصفت النقابية -التي رفضت ذكر اسمها- حال عدد كبير من العمال الجدد في سيجورات. بينما تحدثت عن محاولة دفع العمال الأقدم إلى اللجوء للمعاش المبكر بغرض تصفية الشركة أو خصخصتها.
لمواجهة هذا الضغط حرر العمال الشكاوي وتقدموا بها إلى مجلس الإدارة. لكن دون إحراز أي تقدم أو ظهور رد فعل رسمي من الإدارة، التي اتهمها العمال بالصلف والتكبر في مواجهة مطالبهم المشروعة. ما دفع العمال إلى التقدم بعدة شكاوى إلى مختلف الجهات مطالبين بالتدخل لإنصافهم من الظلم الواقع عليهم من قبل رئيس مجلس الإدارة والشركة القابضة.
تمتلك “سيجورات” أسهمًا في شركتين أجنبيتين، إحداهما روسية والأخرى ايطالية، إلا أن أرباحها من الشركتين لا يتم إدراجها ضمن بنود الميزانية.
تقول النقابية إن تهديدات مستمرة وضغوط تُمارس على العمال سواء بالنقل أو الفصل التعسفي. هذا فضلاً عن الإشكاليات الأمنية التي يمكن أن يتعرضوا لها. ذلك في حال معارضة قرارات مجلس الإدارة، التي اعتبرتها جائرة على حقوق العمال المادية والمعنوية.
المتقاعدون الجدد
المدير الإداري على المعاش بالشركة صباح عبدالفتاح عددت أوجه الظلم التي يتعرض لها المتقاعدين حديثًا من الشركة. وتلفت إلى تأخر الشركة في صرف مستحقات نهاية الخدمة. إلى جانب استبعادهم من قوائم الأرباح عن السنة المالية الماضية، والتي كانوا متواجدين في فريق العمل خلالها.
قالت صباح إن خطاب الأرباح لم يحتوي على أي تعليمات تخص حرمانهم من الأرباح. إلا أنهم فوجئوا بإدارة الشركة تبلغهم بأن هناك قرار باستبعادهم من القوائم. قيل للعمال إن القرار وزاري لا شأن للإدارة به.
“الأمر صادر بالتليفون، وليس بقرار رسمي من قبل وزير قطاع الأعمال هشام توفيق”؛ قالت صباح وتساءلت: هل يتم تقرير مصائرنا بمكالمة هاتفية؟
لاحقًا، اتجهت صباح رفقة بعض الزملاء إلى النقابة العامة للعاملين بصناعات البناء والأخشاب، والتي لم تبد تعاونًا ورفض رئيس اتحاد العمال عماد حمدي مقابلتهم لعدد من المرات. “دعنا ننتظر حتى يتم صرف المستحقات.. لا نملك سوى تقديم مذكرة بالأمر”؛ تقول صباح.
سيجورات تتعرض لسياسة تصفية
يندد العمال بممارسات رئيس الشركة التي وصفوها بـ”التصفوية”. ويشيرون إلى غلق مصنع الفخار، وتكهين كافة سيارات الشركة، والاستعانة بسيارات من الخارج. وهو الأمر الذي يكلف مئات الآلاف سنويًا. وبالتالي يزيد من أعباء الشركة ويدفعها نحو الخسارة المتعمدة.
يطالب العمال بعدم تصفية الشركة، والعمل على تطويرها، والحصول على متأخراتهم المالية من الأرباح. كذلك وقف نزيف إهدار المال العام بالشركة، رغم زيادة ميزانية الشركة بـ 48 مليون زيادة عن العام الماضي.
وفي عام 2017 واجهت “سيجوارت” خسائر مادية وصلت إلى نصف المال المصدر، في حين قررت الجمعية العامة الموافقة على استمرار الشركة في نشاطها، مع قيامها بإعداد دراسة تتضمن خططها المستقبلية، وعرضها علي الشركة القابضة وإخطار الجهاز المركزي للمحاسبات بالتفاصيل.
وفي أكتوبر الماضي، وافقت الجمعية العامة غير العادية برئاسة رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية، استمرار شركة سيجوارت برغم تخطى الخسائر المرحلة نصف رأس المال، وذلك وفقا لأحكام المادة رقم 38 من قانون قطاع الاعمال العام رقم 203 لسنة 1991.
وأوضح فاروق هنداوى، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب، أن صافى المبيعات بلغت نحو 133.6 مليون جنيه فيما بلغت الخسائر نحو 63.92 مليون جنيه مقابل خسائر بلغت 111.66 مليون جنيه.
ويبلغ رأسمال الشركة 2٫3 مليار جنيه، فيما تصل قيمة القروض المجمعة التى حصلت عليها من الشركة القابضة للصناعات الكيماوية 668 مليون جنيه.
وذكر هنداوي أنه تم وقف بعض خطوط الإنتاج لعدم جدواها الاقتصادية، منها مصنع الفخار ومعدات الطوب المقاوم للأحماض نظرا لعدم وجود طلبات عليها من السوق، كما تم بيع مصنع الطوب الأسمنتى ومصنع الكاوتش والأعمدة الخرسانية.
وتعمل الشركة، خلال السنوات الأخيرة، على تقليل سقف الخسائر، سعيا للاستمرار، كما قامت الشركة بالمساهمة في شركتين أجنبيتين، إحداهما فرنسية، والأخرى إيطالية، إلا أن أرباحهم من الشركتين لا يتم إدراجه ضمن بنود الميزانية، وبما يقلل الخسائر المعلنة للشركة.
حتى الآن يبدو مستقبل الشركة غامضا، فالعمال يتلقون تطمينات مستمرة من مجلس الإدارة بأن الشركة مستمرة ولا مجال لتصفيتها طالما لم يزد حجم الخسائر السنوي عن الطبيعي. لكن ما حدث خلال الأسابيع الأخيرة من تصفية لشركة الحديد والصلب ووضع شركات أخرى على قائمة الانتظار يجعلنا نتنبئ بمستقبل هذه الشركة.
وسبق أن أقر وليد الرشيد، نائب رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، بإدراج شركة سيجورات ضمن 6 شركات خاسرة هي: (راكتا، النقل والهندسة، سيجورات، محرم بك، الدلتا للأسمدة، النصر للأسمدة)، استنادا إلى تعديلات قانون 203 للشركات قطاع الأعمال العام التى أقرها مجلس النواب مؤخرًا، الذي ينص على أن الشركات التى تخسر رأسمالها تمنح مدة 3 سنوات يتم فيها اتخاذ واحدة من القرارات الثلاث إعداد دراسات للتطوير أو الدمج مع شركة رابحة أو الاتجاه نحو تصفيتها.
وبحسب وزير قطاع الأعمال هشام توفيق، توجد 53 شركة خاسرة من قطاع الأعمال العام، مؤكدا أن هذه الشركات لا علاقة لها بالدولة، بل هي مثل القطاع الخاص ولها قانون خاص بها.
وسبق أن أكد الوزير في تصريحات تكررت كثيرا في الفترة الأخيرة أن هناك بعض الشركات التي لا أمل في إصلاحها: “أي فلوس يتم ضخها لن تكون في مكانها وإنما في الأرض”.