شهدت القاهرة، خلال الأيام القليلة الماضية، اجتماعات مهمة، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، بخصوص جلسات الحوار الوطني الفلسطيني، بمشاركة 14 فصيلاً فلسطينياً. وهو الأمر الذي يعد تمهيداً لإنهاء الانقسام السياسي الذي حدث إثر فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، عام 2006. وهي الانتخابات التي لم تعترف بها، في المقابل، حركة فتح. 

وقد ترتب على هذا الخلاف حوادث دموية، نجم عنها شرخ في الوضع السياسي الفلسطينية. ووقع الفلسطينيون تحت وطأة نظامين مختلفين، بدون برلمان أو هيئة تشريعية. فهناك السلطة الفلسطينية، برئاسة محمود عباس، في الضفة الغربية، حيث يعيش نحو 2.8 مليون نسمة، وحركة حماس في قطاع غزة الذي يضم نحو نحو مليوني نسمة.

إذ إن السلطة الفلسطينية أصدرت مرسوماً بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، ومن المزمع إجراؤها، خلال العام الحالي. وكانت حركتا فتح وحماس من بين الفصائل التي انخرطت في جلسات الحوار الفلسطيني.

ومن جانبه، يشير الصحفي الفلسطيني، طارق معمر، إلى أنه “من الواضح أن الحوار الفلسطيني الداخلي شكل نقطة تحول جديدة في السياسة الفلسطنية الداخلية، التي انعقدت، على مدار يومين متتالين، برعاية وبجهود مصرية خالصة. وهي خطوة تاريخية في المصالحة الفلسطينية”.

ويضيف معمر لـ”مصر 360″: “مصر التي استطاعت، هذه المرة، من خلال الحوار تحريك المياه الراكدة في الشان الفلسطيني، وتحديداً في ملف الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الذي ستعقد بالتوالي في تلك العام الجاري؛ يحسب لها أنها بذلت دوراً مكوكياً من أجل الضغط على الفصائل لانهاء الانقسام السياسي الفلسطيني عبر بوابة الانتخابات”.

ويتابع الصحفي الفلسطيني أنه وبينما ينظر الفلسطينيون بمختلف مكوناتهم إلى الحوار بإيجابية ويثقون في إدارة القائمة للملف سياسياً، لأنها تمثل شريك للفلسطينين، وليس وسيطاً كما يعتبرها البعض، لما لديها من رغبة حقيقية لوأد الانقسام السياسي الفلسطيني الحاصل، لكن ما يمكن قوله في هذا المسار أن “الانتخابات ليس بالضرورة هي الحل للواقع الفلسطيني الحالي؛ بقدر ما هي آلية من آليات الممارسة الديمقراطية”.

الانتخابات وحدها لا تؤسس نظاماً ديمقراطياً

الانتخابات وحدها لا تؤسس نظاماً ديمقراطياً ولا نهجاً ديمقراطياً، إلا من خلال إنهاء الانقسام السياسي الفلسطيني الداخلي. ثم معالجة ما نتجج عنه من تداعيات وانتكاسات. وهو الأمر الذي شكل مدخلاً عبر السنوات الطويلة الماضية، لتعطيل ممارسة الديمقراطية وتقييد الرأي العام، وإخضاعه لرغبة المتخاصمين. ومن ثم، أنتج واقعاً سياسياً فلسطينيناً مأزوماً”. يقول معمر

 مطلع العام الحالي، كان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قد أصدر مرسوماً بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية فلسطينية، وذلك للمرة الأولى، منذ عام 2006.

 وبحسب المرسوم الذي أصدره عباس عقب استقباله رئيس لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، حنا ناصر، في مدينة رام الله، فإن “الانتخابات العامة على ثلاث مراحل” .

وتشير وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، إلى أنه بموجب المرسوم الذي أصدره عباس “ستجرى الانتخابات التشريعية في 22 مايو المقبل. والانتخابات الرئاسية في 31 يوليو. على أن تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية”.

ومن جانبها، أصدرت الفصائل الفلسطينية المجتمعة، في القاهرة، بياناً رسمياً، في ختام الحوار الوطني، خلصت فيه إلى “عقد اجتماع للفصائل الفلسطينية في القاهرة، خلال مارس القادم، بحضور رئاسة المجلس الوطني ولجنة الانتخابات. وذلك للتوافق على الأسس والآليات التي يتم من خلالها استكمال تشكيل المجلس الوطني الجديد”.

ويضاف إلى ذلك “الالتزام بالجدول الزمني الذي حدده مرسوم الانتخابات التشريعية والرئاسة.. وتشكيل محكمة قضايا الانتخابات بالتوافق من قضاة بالضفة وغزة والقدس. بحيث تتولى دون غيرها متابعة كل ما يتعلق بالعملية الانتخابية. ويصدر الرئيس مرسوماً بتشكيلها وتوضيح مهامها”.

كما “تتولى الشرطة الفلسطينية (دون غيرها) في الضفة وغزة بزيها الرسمي تأمين مقار الانتخابات ويكون تواجدها وفقاً للقانون”. ويلفت البيان الصادر عن الفصائل الفلسطينية، في القاهرة، إلى ضرورة “إطلاق الحريات العامة. وإشاعة أجواء الحرية السياسية والإفراج الفوري عن كل المعتقلين على خلفية فصائلية أو لأسباب تتعلق بحرية الرأي. وضمان حيادية الأجهزة الأمنية في الضفة وغزة. وعدم تدخلها في الانتخابات أو الدعاية الانتخابية لأي طرف. ورفع توصية للمجلس التشريعي الجديد بمعالجة ملف النواب المعتقلين لدى الاحتلال”. 

بيد أنه سيتم “استكمال انتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس المقبل. وذلك تبعاً للنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات الوطنية، بحيث تجرى انتخابات المجلس الوطني حيثما أمكن”.

وإلى ذلك، يلفت الصحفي الفلسطين، طارق معمر، إلى أن “الانتخابات في فلسطين حق للشعب منذ أكثر من عشر سنوات. وتأخير الانتخابات أضعف النظام السياسي الفلسطيني، وأحدث هوّة في جدار الثقة بين القوى الفلسطينية، والجمهور الفلسطيني، في الداخل والخارج. ولو تم استغلال فرصة إجراء الاستحقاق الانتخابي في مواعيده، لكان الوضع الفلسطيني اليوم أكثر متانةً وقوةً، وأكثر صلابةً في مواجهة التدخلات الخارجية .”

ويردف معمر: “الواقع السياسي الفلسطيني يشير بدقة أنه لم ينتج واقعاً سياسياً جديداً. كما لم يكن باستطاعاته تقديم نخبة وطنية جديدة. بل أصبحت ماكينة انتاج النخب المجتمعية والسياسية معطوبة ومعطلة، بفعل الواقع السياسي والاجتماعي المأزوم. ورغم كل ما يقال؛ تشكل الحوارات الجارية التي ستؤسس لانتخابات ديمقراطية، تشريعية ورئاسية، فرصة لتأكيد وحدة الموقف الوطني الفلسطيني المشترك، في مواجهة مؤامرات تصفية القضية الفلسطينية. وتعزيز الديمقراطية كأساس للشراكة وللعلاقات الوطنية والإجتماعية. ولتحقيق فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. وترسيخ التعددية السياسية وحرية الرأي والتعبير”. 

ترقب شعبي

لكن لايزال الفلسطينيون يترقبون تطبيق تلك التفاهمات التي جرت، مؤخراً، والتي من المتوقع أن تضحى نتائجها ملزمة لجميع الأطراف، بحسب الصحفي الفلسطيني. إذ إن هناك ضغط  شعبي ودولي لإتمام الانتخابات. والذي تقرر استكمالها، في مارس المقبل. كما ستعقد الاجتماعات أيضاً القاهرة. وذلك بحضور رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني، ولجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، للتوافق على الأسس والآليات التي سيتم من خلالها استكمال تشكيل المجلس الوطني الجديد. وهو الأمر الذي سيؤدي بالتبعية إلى تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وتطويرها، وتعزيز البرنامج الوطني المقاوم. مع الالتزام بالجدول الزمني الذي حدده مرسوم الانتخابات التشريعية والرئاسية، مع التأكيد على إجرائها في مدينة القدس والضفة الغربية وقطاع غزة دون استثناء، والتعهد باحترام النتائج وقبولها.

إن “فلسطين تحتاج إلى قيادة سياسية موحدة لتحديد مصيرها بعيداً عن التفرد والهيمنة على السلطة، وتمثيل فلسطين من خلالها في كل المحافل. وتحتاج إلى برنامج وطني خالص يراعى مصالح الفلسطينين في كل أماكن تواجه، وربما، يمكن القول إن الفلسطينين أقرب من أي وقت مضى للعودة الى الحياة الديمقراطية وتنفيذ العملية الانتخابية. ويبقى الطريق إلى العملية الانتخابية محفوفاً بالمخاطر التي يمكن أن تنسف كل العملية الانتخابية. هناك عوامل تتعلق بالفلسطينين داخلياً على صعيد السلطات التنفيذية. وأخرى تتعلق بالاحتلال الاسرائليى والعوائق التي يمكن أن يفرضها على القدس والضفة من أجل التضييق على الفلسطينين. كما يخشى أن يكون هناك عراقيل ومخاوف من عدم تنفيذها”. يقول معمر