بعد 30 يومًا من انطلاق مجلس النواب في حلته الجديدة، شهد البرلمان حضور وزراء حكومة مصطفى مدبولي في مشهد يعيد للأذهان دور المجلس في مسائلة الحكومة. كما لم يخلو المشهد من الدراما عندما خرج الدكتور علي عبدالعال من الباب الصغير بعد أن كان رئيسًا للبرلمان في الفصل التشريعي المنقضي.
البرلمان شهد نقاشات ساخنة بين النواب من جهة والوزراء من جهة أخرى، في محاولة لتجميل وجه البرلمان وإيصال رسالة أنه يدعم المواطن في مواجهة الحكومة، إلا أن الصورة التي حاول النواب جاهدين تمريرها سقطت أمام الاختبار الأول عبر قانون المرور الذي فضّل البرلمان فيه زيادة الرسوم المقترحة من الحكومة.
في السطور التالية يستعرض “مصر 360” أبرز مشاهد 30 يوم برلمان وكيف تعامل المجلس مع القضايا التي طرحت عليه..
خروج عبدالعال من الباب الصغير
يوم 12 يناير شهد أول جلسات البرلمان في الفصل التشريعي الجديد، حاملًا العديد من المفاجآت التي مثلت صدمة للبعض.
كانت أول مفاجأة خروج الدكتور علي عبدالعال من الباب الخلفي للمجلس بعد أن كان رئيسًا لمجلس النواب في الدورة البرلمانية الماضية ليتولى خلفًا له المستشار حنفي جبالي.
كان مشهد حلف “عبدالعال” اليمين بصفته عضوًا وليس رئيسًا، جديدًا على الساحة السياسية، وقف “عبدالعال” وهو ينطق بالقسم ويكاد صوته يختنق بالدموع. الرجل بين ليلة وضحاها فقد كل شيء، بعدما فقد رئاسة المجلس.
اقرأ أيضًا.. من علاء عابد لطارق رضوان.. البرلمان يجدد جلد لجنة حقوق الإنسان
بداية مختلفة ومفارقة عجيبة
بدأ مجلس النواب في ثوب جديد يستعرض قدرته على مساءلة الحكومة ومحاسبتها، واستدعى المجلس برئاسة المستشار حنفي جبالي كافة وزراء حكومة المهندس مصطفى مدبولي وتم عرض بيان لكل وزارة على حدى.
مثلت تلك الخطوة تطورًا كبيرًا في أداء مجلس النواب عن سابقه الذي لم يتطرق إلى محاسبة الحكومة بشكل جاد، وتوسم البعض أن البرلمان جاء في ثوبه الجديد منحازًا للشعب وواضعًا الحكومة أمام مسئوليتها.
المفارقة كانت في اختبار المجلس الأول حيث قدمت الحكومة قانون المرور للعرض على البرلمان، وكان من ضمن مواد القانون أن يكون رسم الملصق الإلكتروني 50 جنيهًا سنويًا، قبل أن تطلب لجنة النقل على عكس المعتاد زيادة الرسوم على المواطنين.
جرت العادة، أن تقدم الحكومة القانون وأن يعيد المجلس قراءة القانون ويسعى إلى خفض النفقات التي يتحملها المواطن، فضلًا عن رفع المجلس الحالي شعار الدفاع والانحياز الكامل للمواطن والاستجابة لنداءاته في ظل الحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم في ظل أزمة كورونا وتداعياتها الاقتصادية.
غير أن النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، قال في تصريحات تلفزيونية، إن أداء اللجان البرلمانية ليس مسرحيًا ونسعى لتقديم حلول منطقية لكافة الأزمات، خاصة أن معظم توصيات مجلس النواب السابق للحكومة ظلت حبيسة الأدراج رغم أنها ملزمة. التاريخ لن يحاسب الوزراء على النية والجهد ولكن على النتائج.
قانون الأغلبية
حملت أولى جلسات البرلمان ما يمكن وصفه بـ”دستور العمل” تحت قبة البرلمان، في الوقت الذي يرفع فيه حزب “مستقبل وطن” شعار مشاركة لا مغالبة، تكشف أن الأمر مجرد ادعاء في الاختبار الأول الذي تعرض له حزب الأغلبية.
النائب الوفدي محمد عبدالعليم داوود شن هجومًا حادًا على “مستقبل وطن” واصفًا إياه بـ”الحزب الوطني الجديد”، وقال داوود خلال كلمة له في الجلسة العامة إن مستقبل وطن أفسد الحياة السياسية في مصر.
قوبل هجوم “داوود” برد أكثر قسوة من قبل الحزب ونائبه الأول زعيم الأغلبية البرلمانية تحت القبة المهندس أشرف رشاد، إذ شن الأخير هجومًا لاذعًا على داوود متهمًا إياه بافتعال الأزمات ومحاولة تقديم شو إعلامي.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى طرد “داود” من الجلسة وتحويله إلى لجنة القيم بمجلس النواب.
“داود” يواجّه مصيرًا مجهولًا بعد تكرار هجومه على الأغلبية وفصل عضويته من حزب الوفد ضمن 9 أعضاء اتهمهم بهاء أبو شقة بمحاولة إسقاط الحزب والتعامل مع جهات خارجية من بينها إعلام الإخوان.
وبإمكان البرلمان إسقاط العضوية عن داود حال إثبات تغيير الصفة الحزبية.
أول طلب استجواب.. ووزراء وقفوا أمام البرلمان
في أعقاب أزمة تصفية شركة الحديد والصلب والتلويح ببيع أصول الشركة في محاولة لتقليل الخسائر، شهد البرلمان حالة من الغليان، إذ أبدى العديد من النواب استيائهم من تصريحات وزير قطاع الأعمال هشام توفيق.
تلقف النائب مصطفى بكري الأزمة وكان صاحب الخطوة الأولى تحت القبة. إذ تقدم بطلب استجواب للوزير حول أسباب خسارة الشركة، فضلًا عن تصريحات الوزير حول قيمة الشركة.
وهاجم عدد من النواب الوزير وارتفعت وتيرة الانتقاد لطريقة معالجته لأزمات القطاع وتحوله إلى الخصخصة بدلًا من البحث عن حلول، كان الموقف في بدايته متميزًا، ويبشر بدور جديد للمجلس في مسائلة الحكومة إلا أنه سرعان ما تم حفظ الطلب، لتهدأ العاصفة شيئًا فشيئًا.
مصطفى بكري لوزير قطاع الأعمال: أنت بتفجر البلد
النواب صبوا غضبهم على الوزير الذي أخذ يبرأ ذمته من تهم التصفية، خاصة الحديد والصلب التي تعد أمن قومي وذات بعد استراتيجي للدولة، وفور اعتلاءه المنصة، وجه بكري، انتقادات لاذعة قائلًا: “أنت بتفجر لنا البلد يا أخي، هو فيه أيه؟”.
وراح بكري يعدد الأزمات التي يختلقها وزير قطاع الأعمال واتخاذه قرارت مصيرية دون هوادة، مطالبَا بمراجعة قرارات الوزير وألا يتم تنفيذ تلك القرارات دون تشكيل لجنة تقصي حقائق للوقوف على أسباب الأزمة.
حضور كبير للحكومة
استعد البرلمان مع بداية انطلاقه إلى استقبال كافة وزراء الحكومة ومساءلتهم عن ما حققوه، إذ شهدت تلك المواجهات لقاءات ساخنة بين النواب من جهة وعدد من الوزراء من جهة أخرى.
كانت المواجهة الأولى مع أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام، وكانت الجولة الأولى من لقاء الوزراء ساخنة للغاية، إذ وجهت أصابع الاتهام إلى الوزير في العديد من الملفات التي فشل في إدارتها.
كما اتهم الوزير بالجمع بين منصب الوزير ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي ووصل الأمر إلى مطالبته بتقديم استقالته الفورية من منصبه واسترداد الدولة الأموال التي تحصل عليها مقابل توليه الحقيبة الوزارية.
برلمان ينوب عن وزراء الحكومة
المحلل السياسي مجدي حمدان في هذا الصدد، إن البرلمان الحالي بتركيبته ينوب عن الحكومة ولا ينوب عن المواطن، واتضح ذلك جليًا في مناقشة قانون المرور إذ زاد عن متطلبات الحكومة في زيادة الضغط على المواطن لذا هو يستحق لقب برلمان الجباية. على حد قوله.
حمدان أضاف لـ”مصر 360″، أن حضور وزراء الحكومة واحدًا تلو الآخر ليس إلا فقاعة لامتصاص غضب الشارع في محاولة لتجميل وجه الحكومة، لافتًا إلى أن آداء بعض الوزراء سلبي ولم يقدموا نتائج اعتمادهم للاستمرار في الحكومة.
وتابع: “كان يجب على البرلمان الضغط ليتم إقالة وزير قطاع الأعمال فهو رجل لم يقدم شيء في ملفه، وكذلك وزير الري وآخرون من رجال الحكومة الذين فشلوا في ملفاتهم، على البرلمان وضع روشتة للحكومة، ولا يجب أن يكون البرلمان داعمًا للحكومة ولكن عليه مساءلتها طوال الوقت”.