كطفلة في بيت به الكثير من الراديو على مدار اليوم، أحببت الراديو طبعا بس السبب الأهم إني كنت باسمع صوت أمي يجلجل في الشوارع صباح كل جمعة ببرنامجها الشهير آنذاك “انغام من بلدنا”، كأن أمي في كل مكان، وكنت بابقي عايزة أقول الست دي بتاعتي وعندي في البيت علي فكرة. أنا ابنة عايدة مرسي، ربنا يخليهالي الإعلامية التي عشقت الراديو، وكانت تجوب مصر لتجمع التراث الغنائي المصري… أحببت الراديو من حبها له، أحببت طاقتها، عشقها لجهاز التسجيل الخاص بها اللي ياما شيلته وعملت نفسي بسجل زيها وطبعا أحببت سعادتها بالمنتج النهائي.

تمر الأيام ويفقد الراديو رونقه أمام التليفزيون طبعا تطور طبيعي و ينحصر دور الراديو ومن وجه نظري يفقد العاملين به الحماس والرغبة في التطوير و مواكبة المعطيات الجديدة والتحدي الجديد والمنافسة العنيفة أما الوحش المسمي بالتليفزيون. لما جيت أفكر التحق باتحاد الإذاعة و التليفزيون في ٢٠٠٣ كان قرار أمي واحد و واضح مش راديو وإنما تليفزيون.. خلاص الراديو راحت عليه ولو عايزة تشتغلي في الإعلام فأكيد التليفزيون.،فعلا قدمت في التليفزيون واشتغلت في قناة النيل للمنوعات وقتها في ٢٠٠٣. بس حصل المتغير اللي ماحدش توقعه إن إذاعة خاصه تفتح وهي” نجوم أف ام”  وتحقق نجاح غير مسبوق وتخلي الناس ترجع تسمع الراديو تاني.. وكلمة “تاني هنا مش مقصود بيها ان اللي كانوا بيسمعوا الراديو رجعوا يسمعوه تاني لأن مش ده اللي حصل بس مقصود بيها أن الاستماع للراديو بأعداد كبيرة يرجع تاني بس المرة دي بجمهور جديد ومختلف من المراهقين و الشباب و حتي الأكبر قليلا علشان قدرت الإذاعة تقدم محتوي جديد و جذاب و ممتع لفئة كبيرة من المستمعين..

استمرت هذه الإذاعة تحقق نجاح كبير علي مدار سنين لأنها كانت الإذاعة الوحيدة الخاصة التي حصلت حق تردد أف إم في الوقت اللي لم يستطيع أي مستثمر مهما بلغ حجم استثماره ان يحصل علي تردد. لكن في ٢٠١٠ يقرر الاتحاد الإذاعة والتليفزيون ان بنشئ شبكة قنوات إذاعية برؤية حديثة و أسلوب متطور وهنا انضممت إلى احدي هذه الإذاعات كمذيعة ثم كمديرة برامج ثم رئيسة لهذه الإذاعة، وختاما عضو مجلس إدارة حتي رحلت وانضممت وأسست أحلى حاجة في حياتي “إنرجي مصر”. 

بس قبل ما أكتب عن وجهة نظري في الراديو في الوقت الحالي، عايزة اقول أني في ٢٠١٢ كان لازم اختار مابين عملي في الراديو أو التليفزيون، وكان اختياري وقتها أكيد أنا محتاجة اكتشف نفسي في الراديو أكتر.

أعتقد الراديو في الوقت الحالي في أزهي عصوره من حيث الاستماع لأسباب كتيرة أولها الزحمة المستمرة في شوارع العاصمة والساعات الطويلة اللي بنقضيها في الطرق اللي خلت الناس تسمع الراديو مش أغانيهم الخاصة فقط رغبة في التنوع. أما عن المحتوي فاصبح في عدد من القنوات الجديدة ال” اف امــ” اللي وصل عددهم حوالي ١٠بيقدموا محتوي مسلي وبيهون زحمة الطرق. الي جانب التنوع الكبير في الاغاني المقدمة؛ تتنوع القنوات في طبيعة البرامج ، المذيعين/ات والفئات المستهدفة ولكن يظل المشترك هو محاولة جذب أكبر عدد من المستمعين من خلال محتوي مختلف.

الراديو بشكل العام هو مساحة للخيال رغم أن وسائل التواصل قتلت جزء من هذا الخيال علشان بقينا عارفين أشكال المذيعين/ات بس يظل الخيال حاضر واحنا بنسمع. طبعا الراديو في شكله الحالي بالمقارنة بزمان هو انهيار لقيم الراديو الاصيلة من حيث رصانة المذيع/ة ، طبقة الصوت، الجرأة في المواضيع ، سرعة الكلام و حتي اختيار الاغاني ،لكن هذا هو قطار التغيير الذي يعتبر من العبث محاولة ايقافة. تحديدا بعد ما حققه من نجاح و قرب من المستمعين خلال السنوات السابقة.  كرئيسة الإذاعة العالمية الوحيدة في مصر وبالرغم من التطور الرهيب في الراديو مؤخرا الا أن الراديو في أوروبا لايزال يختلف عن ما هو في مصر أكثر جرأة، اقل برامج، أكثر سرعه ولو عايز رغي ورحرحة نسمع بودكاستس. 

حاليا في جيل من المذيعين\ات له شخصية مختلفة و قدرة علي التواصل بشكل كبير مع المستمعين/ات لأن من وجه نظري مذيع/ة الراديو مهنة صعبة جدا لأن كل أدواتك هي الصوت فجمال الشغلانة من صعوبتها… في اليوم العالمي للراديو أحب أقول شكرا للجيل العظيم اللي بدأ الراديو واللي خلق وعينا السمعي، وشكرا للجيل الجديد اللي فيه منه كتير مـؤثرين بشكل كبير في أجيال أخرى. وأقولهم/ن انتم/ن مسؤلين/ات عن الجيل القادم، مش هاتشارك في وعي يليق ب٢٠٢١ سمعهوم مزيكا متنوعة حلوة علي الأقل.. كل يوم إذاعة وأنتم طيبين.

 

عايدة سعودي

رئيسة إذاعة إنرجي مصر