ضربت حالات الانتحار جميع أفراد الأسرة المصرية، يمختلف تنوعاتها الجندرية والطبقية، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2020 الذي شهد تفشي فيروس كورونا، حيث شمل تقرير صادر حديثا انتحار الطلاب والعمال وربات البيوت. ولم يفرق الاكتئاب كذلك بين الطبيب البشري وسائق التوك توك.

على مدار 3 أشهر، قامت المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان، برصد حالات الانتحار في مصر، والتي بلغت 94 حالة انتحار خلال أشهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر، في 17 محافظة، وشهدت محافظات القاهرة الثلاث أعلى الحالات خلال فترة التقرير بـ 38 حالة انتحار.

التصنيف الجغرافي والنوعي  

وقال شريف هلالي، المدير التنفيذي للمؤسسة إن هذا التقرير  يغطي حالات الانتحار في 3 أشهر من الفترة من أكتوبر وحتى ديسمبر 2020، حيث تم رصد 94 حالة انتحار في 17 محافظة. وحل ديسمبر في المقدمة بأعلى معدل حالات بلغت  37  حالة، يليه شهر نوفمبر بـ 35 حالة، وفي الترتيب الأخير جاء شهر أكتوبر بـ 22 حالة. 

وجاءت محافظة القاهرة في المركز الأول بمعدل 18 حالة، يليها محافظة الجيزة بـ 13 حالة، وفي الترتيب الثالث جاءت محافظة الغربية بـ 11 حالة، ثم محافظة الدقهلية في المركز الرابع بـ 10 حالات انتحار ، وفي المركزين الخامس والسادس جاءت محافظتا الشرقية والقليوبية بـ 7 حالات لكل منهما. 

وجاءت محافظة سوهاج كأعلى محافظة من الوجه القبلي بـ 6 حالات انتحار، يليها المنيا بـ 4 حالات، ثم محافظة قنا وأسوان في المركزين الثالث والرابع بحالتي انتحار على التوالي.

يليها محافظات الوجه البحري شاملة محافظة الإسكندرية بـ 36 حالة، وفي الترتيب الثالث جاءت محافظات الوجه القبلي شاملة محافظة البحر الأحمر بـ 16 حالة انتحار، وفي المركز الرابع جاءت محافظتا القناة (السويس والاسماعيلية) بـ 3 حالات انتحار.

وذكر التقرير، المستند على الرصد الإعلامي لتلك الظاهرة، أن معدل الانتحار للذكور أعلى من الإناث بـ 66 حالة بما يزيد عن الضعف تقريبا، لحالات انتحار الاناث التي بلغت 28 حالة انتحار، وكان أعلى معدل لانتحار الذكور في شهري نوفمبر وديسمبر بـ 27 حالة انتحار في كل منهما، وأقلها في شهر أكتوبر بـ 12 حالة انتحار، فيما جاء أعلى معدل لانتحار الإناث في شهر أكتوبر، ديسمبر بـ 10 حالات لكل منها.

وسائل الانتحار

وعن وسيلة الانتحار، أوضح التقرير أنه تم استخدام 10 وسائل للانتحار خلال فترة الرصد، وجاءت أعلى الوسائل انتحارا “الشنق” بـ 45 مرة، كان أعلاها في شهر نوفمبر بـ 17 حالة، يليها استخدام وسيلة تناول قرص سام أو كيماوي أو قرص غلة بـ 20 مرة، وفي المركز الثالث جاء الانتحار بإلقاء المنتحر لنفسه من مكان عال، وهو ما يشمل الطوابق العليا في المنازل أو مباني العمل أو كباري المشاة بـ 16 تكرارا 

يليها بفارق كبير الانتحار على فروع النيل سواء في القاهرة والجيزة أو باقي المحافظات بـ 4 تكرارت، وفي المركز الخامس تأتي وسيلة الانتحار بإطلاق النار للمنتحر على نفسه بـ 3 تكرارات، كما رصد التقرير عودة ظاهرة الانتحار أمام قطارات مترو الأنفاق بمعدل حالتين، خلال شهري أكتوبر، ونوفمبر.

وأوضح التقرير أن الوسيلة المفضلة للذكور في الانتحار شنقا بمعدل 31 حالة انتحار من إجمالي 45 محاولة انتحار بهذه الوسيلة، يليها القفز من مكان عال بمعدل 9 حالات انتحار، يليها تناول قرص غلة أو قرص سام بمعدل 5 حالات. 

بينما جاءت الوسيلة المفضلة للإناث في الانتحار هي تناول قرص غلة أو قرص سام بـ 15 حالة انتحار من إجمالي 20 حالة، يليها الانتحار بالقفز من مكان عال بـ7 حالات، ثم يأت الشنق في المرتبه الأخيرة بواقع  4 حالات .

الطلاب في المرتبة الأولى يليهم العمال وربات المنازل 

وفي استمرار للظاهرة، جاء انتحار الطلاب أقل من 18 عاما، في المركز الأول بـ 20 مرة، بلغت 9 حالات شهر ديسمبر، فضلا عن حالة انتحار طالب جامعي بجامعة أسوان.

أما المركز الثاني فكان من نصيب العمال بـ 10 حالات انتحار، وربات المنازل بـ 9 حالات انتحار وهو ما يوضح العبء النفسي لدى فئات ربات المنازل خاصة بسبب الخلافات الزوجية. 

وفي المركز الرابع تأتي تصنيفات أخرى مثل السائق سيارة أجرة أو “توك توك” بـ 3 حالات، نجار بمعدل حالتي انتحار، نقاش بمعدل حالة انتحار واحدة، وفيما يتعلق بالمهنيين يرصد التقرير حالتي انتحار لمهندسة وطبيب بشري، كما رصد  التقرير وجود 15 حالة لا تعمل وأغلبها لطلاب في مرحلة الدراسة، و24 حالة غير معروف تصنيفهم المهني ضمن فترة التقرير. 

التصنيف العمري 

ورصد التقرير المراحل العمرية حيث بلغت 34 حالة للمرحلة العمرية من 21 ـ 30 عاما، تليها المرحلة العمرية حتى 18 عاما بـ 22  حالة انتحار، يليها في الترتيب الثالث من 19 ـ 20 بـ 12 حالة انتحار.

ويقول شريف هلالي، إن المتوسط السني الصغير لدى المرحلة العمرية حتى 30 عاما، يشير لظاهرة خطيرة ينبغي السعي إلى معالجتها، حيث بلغت حالات الانتحار لدى هذه الشريحة 68 حالة انتحار، ما يزيد على ثلثي حالات الانتحار في فترة التقرير. يليها المركز الرابع المرحلة العمرية من 31 ـ 40 عاما بـ 8 حالات انتحار.

وفي الترتيب الخامس جاءت المرحلة العمرية من 41ـ 50 بـ 4 حالات انتحار، وفي الترتيب قبل الأخير تأتي المرحلتين العمريتين 51 ـ 60 ، 61 ـ 71 بـ حالتي انتحار لكل منهما خلال فترة التقرير . 

أسباب الانتحار 

وعن أسباب الانتحار أوضح التقرير أن الأزمة النفسية التي يمر بها المنتحر تقف وراء أكثر الأسباب شيوعا بمعدل 34 حالة، حيث بلغت في شهر نوفمبر بـ 18 حالة، تلاها شهر ديسمبر 9 حالات، وشهر أكتوبر 7 حالات. 

في المركز الثاني جاءت الخلافات العائلية بين المنتحر وبين الأسرة بمعدل 13 حالة. بينما تأتي الخلافات الزوجية بمعدل 10حالة.

وأشار التقرير إلى أسباب أخرى تمثلت في رفض الأسرة لزواج المنتحر أو المنتحرة أو فسخ الخطوبة بمعدل 8 حالات، والضائقة المالية وتراكم الديون وخسارة مبلغ كبير في المراهنات بـ 6 مرات، وفقدان أحد الأقارب وإدمان المواد المخدرة بـ حالتي انتحار.

كما شملت الأسباب التي تدفع الأطفال للانتحار”سحب الهاتف المحمول” والذي جاء بمعدل حالتي انتحار لدى طفل وطفلة، لم يتجاوزوا الـ 18 عاما، فضلا عن حالة انتحار بسبب قرار الأسرة بمنعه من الخروج من المنزل، وتضييق الأسرة والرغبة في اهتمام المنتحر بالدراسة بمعدل حالة انتحار واحدة ، إلى جانب ذلك تأتي أسباب أخلاقية أخرى منها، تداول مقطع فيديو غير أخلاقي للمنتحرة، مشاجرة بين المنتحرة وبين القوادة التي تعمل لديها . 

وفيما يتعلق بالحالة الاجتماعية كانت أعلى معدلات الانتحار لدى غير المتزوجين بـ 49 حالة انتحار، مما يشير إلى غلبة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية على غير العائلين لأبناء، وهو مؤشر خطير أيضا في تصاعد معدلات الانتحار لدى هذه الفئة، يليها المتزوجون / ات بـ 20 حالة انتحار ، ويرصد التقرير وجود 19 حالة لم يتم معرفة حالتها الاجتماعية.