بزهور حمراء، وعلب مغلفة، وقف “إسلام” صباح اليوم متحمسًا أمام محال الزهور الذي يعمل به في شارع القصر العيني. ينتظر هذا الشاب عاشقين لم يأتوا، في ظل ركود كبير يعيشه سوق هدايا عيد الحب في مصر. زهور “إسلام” الحمراء أتلفها فيروس كورونا.
رغم أن عيد الحب في الأساس عيدًا كنسيًا بحسب تقويم الكنيسة الرومانية يخص الشهداء. وكان يُحتفل به في الرابع عشر من فبراير. قبل أن يحذف الاحتفال من هذا التقويم الكنسي في إحدى عمليات الإصلاح التاريخي. إلا أن الاحتفال ظل طقسًا بين العاشقين عامًا تلو الآخر. مشكلاً اقتصادًا ذي اعتبار في عدد من الدول.
في الولايات المتحدة -على سبيل المثال- تتنبئ التقديرات المتعلقة بـ الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة عام 2021 “Nrf”، بأن الإنفاق الاستهلاكي على هدايا عيد الحب والهدايا التذكارية سيزيد لـ 20.7 مليار دولار هذا العام. أي سيرتفع نصيب الفرد من الإنفاق إلى 162 دولارًا أمريكيًا. وذلك مقارنة بـ 144 دولارًا أمريكيًا في عام 2018، و103 دولارات في عام 2009. ولا يزال الإنفاق المتوقع لعام 2021 هو ثاني أعلى مستوى منذ أن نشرت NRF لأول مرة مسح إنفاق عيد الحب في عام 2009. ما يدعم نظرية أن الاحتفال يساعد على الأرجح في تعزيز الاقتصاد الأمريكي. لأن الإنفاق الاستهلاكي يقود ما يقرب من 70٪ من الناتج الإجمالي للبلاد. ما يجعله أكبر مكون في الناتج المحلي الإجمالي.
أما في فرنسا، فتمثل مبيعات زهور عيد الحب 5٪ من إجمالي مبيعاتها السنوية. وتبيع فرنسا حوالي 22 مليون زهرة كل عام. بينما في مصر ومع وجود حالة من عدم الاستقرار المادي، تشهد الأسواق حالة من الركود خلال عام 2021، لا تختلف كثيرًا في أوقات الغلق التي شهدها عام 2020، بحسب أصحاب محالات الهدايا والورود.
كورونا يضرب اقتصاد عيد الحب
“شاهين” صاحب محلات هدايا في شارع القصر العيني، يشير إلى حالة الركود تلك، فيقول: “ظهرت طوال العام الماضي.. البضاعة كما هي. لم يعد أحد يشتري الهدايا، حتى الدباديب التي تمثل شعار عيد الحب، لم يعد أحد يقبل عليها كما كان في السابق”.
رغم أن متوسط الأسعار ليس كبيرًا، ويتراوح ما بين 50 و190 جنيهًا، إلا أنه لا يوجد بيع أو شراء، حسب “شاهين” الذي صف بضاعته في أول اليوم على أمل أن يشتري الناس، لكن دون جدوى.
يبرر “إسلام” الركود الذي يشهده سوق هدايا عيد الحب، فيقول: “لم يعد أحد يحتفل كما سبق”. لا يتوافد على “إسلام” أكثر 5 أشخاص، أغلبهم من الرجال، يشترون الورد أو يطلبون بوكس عيد الحب -وهي فكرة انتشرت مؤخرًا بشكل كبير- يهدونها لزوجة أو خطيبة.
عدم قدرة الناس على الشراء أيضًا في ظل الجائحة أمر يرجع إليه “إسلام” الركود الذي يشهده سوق الهدايا حاليًا. ويقول: “شغلنا كله يعتمد حاليًا على الشركات والبنوك. أما المستهلك العادي فلم يعد موجودًا في المشهد”.
التعبير عن الحب ببطاقات الائتمان
تؤكد دراسة حديثة عن معاملات بطاقات ماستر كارد لـ عام 2020، أجريت في أكثر من 53 دولة حول العالم، عن نمو ما يسمى بـ”اقتصاد الحب”. ذلك بمعدل خمسة أضعاف مقارنة بنمو الاقتصاد العالمي.
بالنظر إلى إجمالي المعاملات ببطاقات الائتمان في الفترة التي سبقت يوم عيد الحب (11 – 14 فبراير)، فإن المصريين ينفقون بسخاء خلال عيد الحب أكثر من أي وقت آخر، حيث ارتفعت معاملاتهم الائتمانية بنسبة 46% على مدار السنوات الثلاث الماضية، لتصل إلى أكثر من 12 مليون دولار.
رغم ذلك، فقد حللت مؤسسة “we are social” للأبحاث التسويقية حجم إنفاق المستخدم المصري على التجارة الإلكترونية والتسوق عبر الإنترنت. وذكرت إنه يبلغ حوالي 79 دولارًا شهريًا. ذلك في حين يبلغ المتوسط العالمي للإنفاق على التجارة الإلكترونية حوالي 703 دولارات.
مها عبد الراضي، واحدة من أصحاب هدايا الأون لاين، وهي خريجة ليسانس آداب. تقول: “العميل هو من يقرر اختيار الهدايا وتنسيقها ونحن نقوم بالتنفيذ مباشرة، وفقًا للمبلغ الذي يرغب في دفعه”. بينما تشير إلى أن الفكرة السائدة لهدايا عيد الحب الآن هي البوكسات المكونة من ورود وشوكولاتات وعدد آخر من الهدايا.
تضيف “مها” أن الإقبال على الهدايا أكثر في فئة الشباب. وتلفت إلى أن أزمة كورونا أثرت بشكل كبير على حركة البيع والشراء، والجميع أصبح يُفضل الشراء عبر الإنترنت لكثرة المعروض وإمكانية الاختيار بسهولة ودون أي مخاطرة متعلقة بعدم التباعد الاجتماعي.
الغرفة التجارية: كورونا خلف فائضًا في الهدايا
رئيس شعبة الهدايا والمكتبات في الغرفة التجارية أحمد أبو جبل يرى انخفاضًا ملحوظًا في الإقبال على استيراد هدايا عيد الحب في مصر، يقول إنه بدأ منذ العام الماضي، بسبب الفائض الذي سُجل بفعل ركود السوق في ظل أزمة كورونا.
وبحسب الإحصائيات الخاصة بالشعبة، فقد سجل العام الماضي إنفاق قرابة 60 مليون دولار على استيراد هذه الهدايا، بفارق يقل عن 15 مليون دولار تقريبًا سُجلت عام 2019، بينما بلغ الفائض نحو 50% من احتياجات السوق العام الماضي.
وقد أصدرت الغرفة بيانًا أكدت فيه أن أزمة انتشار فيروس كورونا أثرت على كافة المناسبات والأعياد على مدار العام. وبالتالي نتج عن ذلك تراجع في استيراد الهدايا. بعد تراجع الإقبال على شرائها، ومنها هدايا عيد الميلاد وعيد الحب وغيرها من المناسبات.