“هو المخلوق من طين، وأنا الذكي والمتعلم، أنا المخلوق من نار أنا أحسن منه، أنا اللي عبدتك قبله. أنا الأول”، هكذا عبر الفنان يحيى الفخراني عن شخصية الشيطان في حوار متخيل مع الله بمسلسل “ونوس” 2016، الحوار الدرامي ظهر بشكل جديد ونجح في إقناع الجمهور.
اختلف تجسيد الشيطان بين الأعمال الفنية العربية والأجنبية، ما بين المتحكم في حياة البعض الذي يقودها إلى الهلاك، وبين الإنسان الذي قرر أن يغير حياته ليشارك الشيطان فيها.
أعمال فنية كثيرة جسدت الشيطان بقصص لها دلالات عدة، لكن هناك أفلام ومسلسلات استطاعت أن تنجح في هذا التجسيد، وأخرى قدمته بشكل ساذج لم يتقبله الجمهور.
اقرأ أيضًا..
سينما إبراهيم عيسى.. التمرد وإثارة الجدل لا يكفيان
سينما البروباجندا.. أفلام صنعت «دعاية سياسية» للإرهاب
“الفن الحلال” من “الشعراوي” إلى “يوسف الشريف”.. “سينما نظيفة” وحجاب
“الفنان إبليس”.. يوسف وهبي في سفير جهنم
صورة الشيطان قدمت في أكثر من عمل مصري سواء في السينما أو التلفزيون. ومنذ عام 1945، كانت الريادة في تجسيد هذا الدور للفنان يوسف وهبي الذي كان أول ظهور للشيطان على الشاشة العربية والأجنبية معًا في فيلم “سفير جهنم”.
ظهر وهبي في الدور بشكل بدائي، فهو يرتدي عباءة طويلة ويظهر له قرنين، لكي يكون الشيطان، الذي يدخل حياة أسرة ويغوي أفرادها ويدمر حياتهم. بينما ورغم دقة الأداء، إلا أن عمل كهذا في عام 2021، سيكون مسار سخرية للكثيرين.
ممثل آخر ظهر في صورة الشيطان، كان الفنان الراحل عادل آدهم الذي أدى دور شيطان منمق، وظهر بمظهر الشيطان من خلال الحواجب والعيون لكي يظهر على أنه أكثر شرًا.
آدهم أدى الدور في فيلم “المرأة التي غلبت الشيطان” 1973، وظهر الشيطان فيه على صورة إنسان الذي يعقد صفقة مع امرأة، يجعلها ثرية وجميلة، مقابل أن يمتلك روحها. بينما تتحول السيدة إلى راقصة وبعد وصولها لأغراضها تسعى للتخلص من سيطرة الشيطان عليها.
الشيطان بشري يحاول السيطرة على من حوله
والفيلم من إخراج يحيى العلمي ومن تأليف توفيق الحكيم، وبطولة نعمت مختار وعادل آدهم والفنان الراحل نور الشريف وشمس البارودي.
صراع الإنسان والشيطان، هو الأقدم والأكثر استمرارية حتى تنتهي الحياة، وهذا ما أكده فيلم”اختفاء جعفر المصري”، الذي جسد هذه المصالح المشتركة بين الطرفين، وهنا أيضًا لم يظهر الشيطان بشكل هزلي أو غير منطقي ولكنه جاء في صورة إنسان عادي.
وشارك في بطولة الفيلم الفنان حسين فهمي ونور الشريف ورغدة ومجدي كامل ومن تأليف أليخاندرو كاسونا، وإخراج عادل الأعصر.
اقرأ أيضًا..
سينما الصحافة .. “الأفضل لم يأت بعد” في مهرجان القاهرة
أحمد زكي.. فارس “سينما المقاومة”
“ونوس”
أما على مستوى الدراما العربية، يمكن اعتبار مسلسل “ونوس”، الأصدق والأقرب إلى الصراع الدائم بين الإنسان والشيطان، والإغواء تارة والرفض تارة أخرى. كما ظهرت في المسلسل حوارات صريحة وواضحة، بها عتاب من الشيطان إلى الله. بينما استند الكاتب عبدالرحيم كمال على الأديان في رواية هذا الصراع الأبدي بين الإنسان والشيطان.
دور الشيطان أداه يحيى الفخراني، الذي حاول أن يكون في نظراته وطريقته قادرًا على الجمع بين تعالي الشيطان ورغبته في إغواء الإنسان بشكل مهاري. بينما شارك في العمل هالة صدقي و نهى عابدين ومحمد شاهين ومن تأليف عبدالرحيم كمال وإخراج شادي الفخراني.
الفنان “لوسيفر”
تجسيد الشيطان في هوليود اختلف إلى حد ما عن العربية، فكان الأشهر والذي صدر مؤخرًا هو مسلسل “لوسيفر”، وعُرض منه 5 أجزاء والذي يروي قصة الشيطان من منظور مختلف عما عاهدناه من قبل.
“لوسيفر” هو الملاك ابن الرب الذي طرده من رحمته، ونزع أجنحته، كما أن العمل يروي قصة مختلفة عن الإله وأنه له زوجة وأبناء وأنه طلّق زوجته ومن المفترض أن يظهر الإله بالجزء المقبل من العمل.
المسلسل ينتمي لفئة الدراما والجريمة، وعرض على شبكة “فوكس” لأول مرة 25 يناير 2016 من تأليف نيل جيمان، وسام كيث، ومايك درينجنبيرج، ويشارك فى بطولته عدد كبير من النجوم أبرزهم توم أليس، لاورين جيرمان، كيفين أليخاندرو.
https://www.youtube.com/watch?v=MdHR0sWb3Mc
ولكن أعمال الشيطان لم تختلف إطلاقًا عن الأعمال العربية التي سبق ذكرها فهو بتصرفاته ذات الشيطان الذي عاهدناه طريد الفردوس الراغب في غواية البشر بالإضافة إلى القدرات الخارقة.
هوليوود وصورة هزلية للشيطان
في بداية تجسيد دور الشيطان في هوليوود كانت الصورة هزلية بعيدة تمامًا عن الواقع وأقرب للكوميديا. فجاء فيلم “THE WITCHES OF EASTWICK”، بصورة للشيطان وهو عاجز أمام كيد النساء، لا يستطيع التغلب على ما يقمن به. الفيلم من إنتاج عام 1987، من بطولة جاك نيكلسون، الذي لعب دور الشيطان.
ولكن تشابه فيلم
“THE DEVIL’S ADVOCATE”، مع نظرية الأفلام العربية في عرض صورة الشيطان، فهو بشري يحاول تسخير من حوله لرغباته فقط، في الفيلم المنتج في 1997.
وإفساد الشيطان للعالم بشكل عام هو ما سيطر على أغلب الأعمال الأجنبية التي ناقشت ظهور إبليس، بأسمائه المختلفة، فكان فيلم”END OF DAYS”، حول الرغبة التي يسعى إليها الشيطان في السيطرة على العالم لإفساده.
وفيلم” Darkness legend”، الذي تم بناءه على قصص أسطورية خرافية ويرغب الشيطان فيه أيضًا أن يسيطر على العالم.
الشيطان.. صور خيالية عديدة لم يقترب أحد من حقيقتها
وما بين نظرة عربية للشيطان مستندة على الدين، وأخرى أجنبية تقوم أغلبها على الأساطير، يقول الناقد الفني إيهاب التركي، إن تجسيد الشيطان في مصر بدأ بداية ساذجة. كما أوضح أن الأمر لم يخلو من القرون والشعر المجعد والأصوات غريبة، حتى وصل إلى أن يصبح بشر عادي يعيش بين البشر ويحاول السيطرة عليهم.
وبشكل عام اعتمد البناء في البداية والنهاية على ما هو متعارف عليه في الدين حول صورة الشيطان، ولم يخرج أحد من المؤلفين والمخرجين عن ذلك الخط بحسب التركي.
التركي قال لـ”مصر 360″ إن اختلاف صورة الشيطان بين مصر وهوليوود، كان الأصل فيه البناء الدرامي للعمل، والذي جاء منه ما هو مبني على المسيحية وآخر على أساطير وخرافات لم تتواجد في أي ديانة مثل مسلسل “لوسيفر”.
وأوضح أنه حتى الآن لم يأتِ عمل يجسد الشيطان بشكل كامل، ولكن الأقرب كان مسلسل “ونوس”، والذي تناول الأمر بشكل صوفي، فكان الأقرب إلى المنطق عما تم عرضه من قبل.