رحل عن عالمنا مريد “الحب” في “يوم الحب” ليجتمع أخيرا مع “قليلة الجسد” “الساعية للنصر”، رضوى “حياته” بعد أن “طال الشتات”.

عن عمر يناهز الـ 77 عاما، فارق مريد البرغوثي الحياة، في الأردن، بعد رحلة مفعمة بالحب والنضال، ليجتمع مع رفيقة العمر رضوى عاشور، تاركا خلفه مجموعة من الدواوين الشعرية، التي ترجمت للعديد من اللغات، ليعد أحد المنارات الثقافية والشعرية المهمة.

ولد البرغوثي في المدينة المقاومة رام الله، قرية دير غسانة، وقضى أغلب العمر في المنفى، بعد أن فشل في العودة إلى مسقط رأسه لأكثر من ثلاثين عاما، متنقلا بين العواصم العربية والأوروبية.

المنفى

تخرج مريد من جامعة القاهرة التي جمعته بحب العمر رضوى، تزوجا فأثمر زواجهما عن الشاعر تميم البرغوثي.

وفي القاهرة، وعقب اتفاقية “السلام” عام 1977، ألقي القبض عليه وسجنه، ثم ترحيله لاحقا، ليمنع من دخول مصر لمدة 17 عاما، وعن هذا يقول مريد ” أصبح لدي ابن واحد فقط بسبب أنور السادات الذي طردني من مصر لسبعة عشر عامًا، فكان من الجنون التفكير في إنجاب طفل ثان، وأنا أعيش في بلد وزوجتي في بلد آخر، وتتحمل العديد من الأعباء ككاتبة وأستاذة جامعية وأم وناشطة سياسية”.

عاش البرغوثي إحساسا بالاقتلاع عبر عنه في مذكراته “رأيت رام لله”، والتي حصل من خلالها على جائزة نجيب محفوظ للرواية، ووصفها المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد بأنها من أفضل الروايات التي رويت عن تهجير الفلسطينين.

تجربته الروائية

وحول تجربته في الرواية والشعر، اعتبر البرغوثي أن رواية “رأيت رام الله” تجربة عاشها لم يكن يمكن لها أن تخرج إلا بالطريقة التي خرجت بها، ورغم الاحتفاء الذي قوبلت به، يظل الشعر هو الطريق الذي يستقبل به العالم وهو أيضا الطريق الذي يعبر به عما بداخله به.

لا يستعين البرغوثي في أشعاره بالجمل الإنشائية، بل يميل إلى تكثيف المعنى، والتعبير الحقيقي، مع كثير من الدقة وعدم الأخذ بالشائع والمألوف، ليكشف عن بصمة خاصة، عرفت عنه، وعرف بها.

وللبرغوثي 12 ديوانا شعريا، وكتابان نثريان وهما “رأيت رام الله”، و”ولدت هناك، ولدت هنا”، و أول دواوينه كان “الطوفان وإعادة التكوين” عام 1972، وآخرها “أستيقظ كي ترى الحلم” عام 2018.

وقد نعاه ولده تميم بكتابة اسمه فقط على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”.

تنقل مريد بين 33 منزلا، وعاش الشتات بين رام الله الى عمان الى الكويت إلى القاهرة ثم بيروت فبغداد ثم بودابست ثم عمان ثانية ثم القاهرة، فالأردن وفي كل مرة كان للسفر ظروف مختلفة، الأمر الذي أوجد وبشكل دائم مشاعر محزنة، وبعيدا عن “رضواه”، أغلب الوقت، والآن يتحقق له ما تمناه في أربعينية رحيلها عندما قال “أخرج من أقرب بوابة يائسة أيها الحزن، ودعنى أستبدل بك ابتسامتها التى تذهب حزن الرائى”.