تراجعت نتائج فريق ليفربول بشكل كبير خلال الموسم الحالي، تحت قيادة المدير الفني الألماني يورجن كلوب. وكانت آخر الخسائر أمام ليستر سيتي بنتيجة 3-1. ليتبخر عمليًا حلم الحفاظ على لقب الدوري الممتاز هذا الموسم. لقد تلقى الريدز حتى الآن 7 هزائم بعد 24 جولة فقط من البطولة. فهل تكون هذه آخر سطور قصة كلوب السعيدة مع ليفربول؟
سُئل كلوب في المؤتمر الصحفي بعد المباراة الأخيرة: هل تستلم في الصراع على لقب الدوري الإنجليزي؟ صمت الألماني وأظهر علامات التأثر. ثم أجاب: نعم، لا أصدق ذلك، ولكن نعم، لا نفكر في اللقب، لسنا سُذج.
أضاف كلوب خلال المؤتمر: “لدينا مباراة صعبة يوم الثلاثاء، ثم سنخوض الديربي يوم السبت، وهذه هي الأمور التي تفكر فيها حاليًا، لو أردنا نهاية جيدة للموسم، فعلينا الفوز بالمباراتين المقبلتين، لا نبحث عن أعذار، حدثت الكثير من الأمور ولا بأس بذلك، كان يجب علينا تقديم ما هو أفضل، ولكن ما حدث قد حدث”.
تصريحات المدرب الألماني وضع علامات استفهام كثيرة حول استسلامه المبكر، وحول نهاية حقبة الليفر الذهبية تحت قيادته طوال المواسم الستة الماضية. ذلك بالنظر إلى عقده الذي يتبقى به عام آخر يبدو أنه أوشك على الانتهاء سريعًا مه هذه التصريحات الأخيرة. خاصة إذا ما فشل في الفوز بأي بطولة. لاسيما دوري أبطال أوروبا. وهي البطولة الوحيدة التي ينافس فيها بعد خروجه من كأس إنجلترا وتلاشي فرص الفوز بالدوري الإنجليزي.
ليفر كلوب.. نهاية القصة السعيدة
تولى كلوب ليفربول في أكتوبر من العام 2015 فريقًا ضعيفًا ليس به أي نجوم تذكر. ذلك بعد رحيل الثنائي لويس سواريز لبرشلونة ورحيم ستيرلينج لمانشستر سيتي، كان الثنائي نجما الفريق الذي نافس قبل موسم من هذا التاريخ على الدوري حتى الجولات الأخيرة. قبل سقطة جيرارد الشهيرة التي أهدت اللقب لمنافسه تشيلسي.
بعد توليه خاض كلوب تحديًا صعبًا فاستطاع تحقيق نتائج إيجابية ومهد لبناء فريق وجيل ذهبي للنادي الأحمر العريق.
وبالفعل بعد موسم ونصف، عاد كلوب بنسخة رائعة من ليفربول. كان ذلك مع انطلاقة موسم 2017-2018، حيث ضم النجم المصري محمد صلاح من روما، وقبله ساديو ماني وروبرتو فيرمينو، وكون بهم ثلاثي الهجوم الناري للريدز.
صعد كلوب أيضًا أرنولد وضم روبرتسون من فريق مغمور، وشكل ركائز الفريق القوي لناديه، ثم نافس بكل قوته بهذا الموسم ووصل لنهائي دوري أبطال أوروبا ليخسر أمام ريال مدريد في النهاية. ثم دعم فريقه أكثر وأكثر وعالج نقاط ضعفه، خاصة في الدفاع، بضم فان دايك وأليسون لحراسة المرمى.
أضاف كلوب كذلك لخط وسط الليفر فابينيو، ليقدم موسم ثاني نافس فيه حتى الرمق الأخير بالبريميرليج ليخسر في آخر جولة لقب البطولة لصالح المان سيتي. لكنه حقق دوري أبطال أوروبا بعد غياب 14 عامًا عن خزائن الفريق الأحمر.
في الموسم الماضي لامس فريق كلوب كل المجد، ففاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز لأول مرة في تاريخ ليفربول بمسماه الجديد، وأول مرة بعد غياب 30 عامًا عن آخر دوري حصده النادي الأحمر في تاريخه. بات كلوب حينها محقق أحلام الجماهير الحمراء التي انتظرت كثيرًا هذه اللحظات الفريدة في تاريخ النادي.
كان ذلك كله قبل تفشي فيروس كورونا الذي ضرب العالم كله وترك بصمة كبيرة في فريق ليفربول الذهبي. وبدا أن الفيروس تمكن من هذا الفريق الذهبي كاملاً على المستوى الفني.
كورونا تضرب أحلام كلوب
تراجع ليفربول كثيرًا مع بداية هذا الموسم؛ أداءً ونتيجةً ومستوى فردي لكل نجومه، حتى على المستوى الجماعي دخل الفريق في دوامة من النتائج السيئة. فقد الريدز مع كورونا أغلب حظوظه في الحفاظ على اللقب هذا العام، مهديًا البطولة لغريمه مان سيتي. وبقى وضع الفريق يطرح مزيدًأ من التساؤلات حول دور كلوب داخل وسائل الإعلام وبين النقاد والمتخصصين.
إجابة هذه الأسئلة قد تبدو واضحة، لكنها تقتسم بين كلوب واللاعبين وكذلك الإدارة التي لم تدعم الفريق بعد الظروف التي مر بها. ذلك عقب العدد الكبير من الإصابات الذي نال أعضاء الفريق. فقد غاب فيرجل فان دايك لنهاية الموسم بعد إصابته الطويلة في بداية البطولة بقطع في الرباط الصليبي. وهو أهم لاعب في التشكيلة. ثم أصيب رفيقه في قلب الدفاع جو جوميز. ولم تسعف كلوب الحلول التي عالج بها الأمر، ليمر بنتائج صعبة وأهداف غزيرة ودفاع هش لم يكن موجودًا من قبل.
العامل الثاني وراء الأداء السلبي للريدز يتمثل في الهبوط العام في مستوى كل نجوم الفريق دون أي أسباب واضحة. يسأل في هذا كلوب نفسه. إذ لم يقدر على إخراج أفضل ما لدى لاعبيه أو يبعد المقصر عن المشاركة ويستبدلهم بالبدلاء والشباب. كان التراجع كبيرًا وفقد الأحمر نقاطًا أكثر من فرق في المتناول مثل برايتون ووست بروميتش وبيرنلي. ربما ذلك الهبوط يعود لتشتت ذهن وعدم تركيز أغلب النجوم، وتفكيرهم في المغادرة مع كثرة العروض من أكبر أندية العالم مثل ريال مدريد وبرشلونة. خاصة صلاح وماني وفينالدوم وباقي الأعمدة الأساسية بالفريق.
العامل الأخير والمنوط به كلوب كذلك، هو سوء إدارته لأغلب المباريات. خاصة الكبيرة في الدوري. سواء ببداية بتشكيل به نقاط ضعف أو غير متوازن أو سيء. ثم تدخلاته بالتغييرات الكارثية مثلما الحال أمام مان سيتي بالجولة قبل الماضية، عندما سحب أهم لاعبي الوسط جونز وتياجو ودفع بثنائي متواضع شاكيري وميلنر. تحولت الدفة حينها تمامًا للخصم، وتحولت النتيجة من تعادل بهدف لكل فريق لفوز بالأربعة للسيتي حسم القمة وربما الدوري في أنفيلد.
كلوب بعيد تمامًا عن تركيزه السابق وإدارته للفريق باتت سيئة وغير منضبطة وليس بها أي فاعلية لتحسين أوضاع فريقه ولاعبيه. يظهر تائهًا في كثير من الأحيان وينشغل بالخلافات والحديث عن مستقبل لاعبيه أكثر من التدريبات وإدارة المباريات وقراءة الخصوم.
الخروج من النفق المظلم
في أخر تصريحاته، أكد كلوب أن الأمور صعبة لكن من الممكن تداركها. قال: “الموقف صعب، وطريقنا الوحيد للخروج من هذا الوضع هو اللعب بشكل جيد، أن نقاتل، أن نعمل بجدية، لا نزال قادرين على القيام بتلك الأمور، هذه وسيلتنا لتحقيق نتائج جيدة ثم سنرى كيف سينتهي بنا الوضع”. فهل يقدر على تحسين الوضع وإنقاذ فريقه ونفسه والخروج بأفضل صورة ممكنة من الموسم؟
في هذه الحالة سيكون أمام كلوب 3 حلول ربما لا غير، إذا ما أراد الخروج من النفق المظلم:
أولاً، سيكون على كلوب ضخ دماء جديدة في التشكيل الأساسي لليفربول خلال الفترة المقبلة. خاصة في قلب الهجوم. مع إحداث تغييرات على مستوى الثلاثي محمد صلاح وفيرمينو وساديو ماني، الذين أصبحوا محل رقابة دائمة من الفرق المنافسة. هذا قد يفتح الطريق للاعتماد على الثنائي شاكيري وديفوك أوريجي في الفترة المقبلة، بالإضافة إلى البرتغالي دييجو جوتا عند عودته من الإصابة. في آخر مباراة -مثلاً- اعتمد كلوب على أوريجي وشاكيري إلى جوار محمد صلاح ضد وست هام، فقدم الفريق مستوى مميز وحقق الفوز بثلاثة أهداف لهدف.
ثانيًا، يجب على كلوب خلق دوافع جديدة للاعبين في بطولة الدوري، بعد التراجع الكبير الذي حدث مؤخرًا. لأنه إذا استمر ليفربول بنفس النتائج الحالية لن يكون قادرًا على المشاركة في البطولات الأوروبية. فقد بات مهددًا بفقدان المركز الرابع لصالح تشيلسي وإيفرتون ووست هام.
ثالثًا، عليه اللعب بقوة من أجل تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا لهذا الموسم لينقذ موسم الريدز. خاصة وأن الفريق لديه مواجهة قوية أمام لايبزيج الألماني في ذهاب دور الستة عشر من المسابقة. ستكون هذه البطولة هي الأمل الأخير للجماهير بعد ضياع فرص المنافسة على لقب الدوري، بالابتعاد عن مانشستر سيتي المتصدر بفارق 10 نقاط وقابلة للزيادة.